الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة

مهدي بندق

2012 / 8 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



ماذا يحدث لو أن الدين والفلسفة والفيزياء الحديثة تداخلت حقائقها ؟ إذن لصارت جديلة واحدة لا سبيل إلى تفكيكها . حينئذ تفقد مصداقيتها الفلسفةُ "العلماوية" التي تزعم أن " الفكر" محض انقداح عصبويات مصدره الطاقة المستخلصة من الطعام والشراب والأوكسجين!
لقد برهنت فلسفة العقل ( تحديدا ً عند جون سيريل وجون بول كنجهام ) على أن الدلالة الرقمية للمدخلات الكهروكيمائية في المخ إنما توجد بينها وبين المخرجات الشعورية فجوة ٌ محال اجتيازها إلا ... بماذا ؟ إلا بأمر ٍ من كائن أعلى هو وحده المؤلف والمترجم .
وآية ذلك أن الحياة لو كانت مجرد تطور " مادي " للطبيعة للزم أن نكون كائنات " ماتركسية " Matrix لا تشعر ولا تفكر ، ولو قيل : بل الطبيعة أرادتنا مفكرين وشعراء ، لقلنا : إذن فالطبيعة كائن حي قيوم . وهكذا نعزو لها صفاتٍ لا ُتثبت إلا للإله !
للموت أن يستصفي الجسد َ الذي هو من تراب ليعيده إلى موطنه " التراب" ولا تثريب عليه إذ يفعل . تلك تجربة الجسد مع أمه الطبيعة ، وهي تجربة متسقة مع جبلتها . أما الروح التي تحب وتعشق وتكابد الشوق ، الروح التي تراها في لمعة العين حين تتذكر وحين تهفو ، الروح التي سمـًيَ بها عيسى وجبريل والقرآن ، فلا مندوحة من أن نسأل عنها خارج أنساق الذرات والإلكترونات والفوتونوات والكواركات.. علاوة على أن هذه المسميات هي في التحليل الأخير محض تصورات ذهنية . وحين يصل سؤالنا إلى نهاية رحلته ؛ نجد الجواب حاضرا ً مهيمنا ً معبرا ً أجمل وأحكم تعبير : قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.
للحاسوب السوبر أن يترجم إلى اللغة الصينية قصيدة أمل دنقل عن الزهور التي تتمنى له العمر وهي تجود بأنفاسها الآخرة ، نعم سوف يترجمها بدقة لو ُأعطى شفرة اللغتين العربية والصينية ، ولكنّ المحال هو أن يشعر الحاسوبُ بمعانيها أو يرق لها أو تدمع أمامها عيناه.
فما هو منبع هذا الشعور المنبثق من التجربة الروحية العابرة للفجوة .. والتي تهزم الموت أن يكون نهائيا ً ؟ يقول يسوع : إن الخالق ليس إلهَ موتي ، بل هو إلهُ أحياء . وهو ما يعني أننا ما دمنا قد ُمنحنا نعمة الحياة فلا شك في أن المعطي كان كريما ً كرما ً مطلقا ً، وما دام هو قد متع هذه المخلوقات مرةً بهذه النعمة ، بل وأضاف إليها نعمة الأمل في ألا تفنى ؛ فما من شك في أنه سوف يواصل نعماءه للأبد دون انقطاع .
لو كنت أنا مجرد حاسوب مبرمج فيزيقيا وبيولوجيا مزودا ً بنظام نيورولوجي فائق القدرة مما يسمح لي أن أفكر بهذا النحو؛ إذن لشكرت المبرمج على ما أوصلني إليه . بيد أن كلاما عن حاسوب له هذه المشاعر الفياضة لا ريب يحمل تناقضات أقلها أنه هو نفسه لا يشعر بأنه حاسوب ، بل إنسانا يعي ويدرك ويألم ويحب ويعرف أن الاشتراكية هي أفضل الفلسفات الاجتماعية لحل التناقض بين رأس المال والعمل المأجور وإن احتاجت إلى جدلها بغايات دين النبوة ( وليس دين الدولة ) حيث المحبة والسلام وليس القهر والمغالبة .
في الفتوحات المكية يقول ابن عربي عن الحضرة الإلهية إنها ذات وصفات ، أما الإنسان فالذات لديه ضد على الذات الإلهية التي هي وجود مطلق ، بينما الذات الإنسانية عدم مطلق ، ولهذا ُتري الذات الإنسانية وكأنها تأتي من العدم وتذهب للعدم ، لكن الإنسان قد يتشبه بصفات الإله فيماثله مماثلة الصورة للأصل عندئذ يصبح العدم ممتنعاً إطلاقا ً فليس ثمة عدم مع الله ، فالله هو الظاهر والباطن دون فصل بينهما ، ويتبدي الله ظاهراً في الطبيعة من نواة الذرة وما دونها إلى الإنسان الكامل ، وأما الباطن فلا ُيعرف في حد ذاته وإن اطمأن إليه القلب وسلـّم بوجوده ، فالعلم والفكر واللغة وقوانين الكون جميعا ً لا تجد لها من مرجعية وتبرير سوي في الإيمان بالباطن.
ما سبب رفع فاعل الجملة ؟ وما سر الأعداد؟ ومن أين تأتي قوة الجاذبية ؟ ما الذي يجعل الخير أفضل من الشر؟ والحب أجمل من الكراهية ؟ وما سر الجمال في ذاته وليس في صفاته حسب ُ ؟
تكاد الفيزياء الحديثة أن تقول : هكذا شاء الموجد. أما التصوف فيؤكد أنه ما دامت تلك المشيئةُ محجوبةً عنا أسرارُها فليس أمامنا غير التسليم والرضا والقبول .. شاء الموجد أن كل من يولد يموت ، ففيم إذن الاعتراض علي صاحب الحق الذي أحيا وأمات ؟ بيد أن المشيئة الإلهية أيضا غرست فينا حب البقاء كما غرست فينا كذلك الرغبة في البعث بعد الموت لنلقى الأحبة الذين سبقونا إلى دار الحق. علمنا بالظاهر وحده ربما لا يمنحنا اليقين في أن رغائبنا سوف تتحقق . بينما اليقين يأتينا من الإيمان بأن وراء الظاهر ( أي عالم ما دون الذرة ) باطنا ً صادق الوعد، وهذا هو الفيصل بين الإيمان وبين الكفر . فالكفر يثبت حين يفصل المرء بين الظاهر والباطن ، مكتفيا بالأول معرضاً عن الثاني ، أما الإيمان فهو طوق النجاة للعقل الإنساني ، لأنه يساير الحقيقة ، التي هي الوحدة بين الظاهر والباطن .
تؤكد إحدى نظريات الفيزياء الحديثة ( وهي نظرية الأوتار الفائقة Super String ) بالمعادلات الرياضية أن الكون مؤلف من احد عشر بعداً ، منها ستة أبعاد مطويات Implicated والعلم – بهذا – لا يمكنه أن ينكر إمكانية إعادة بعث الكائن الذي اخترمه الموت في واحد من تلك الأبعاد المطوية - بينما في الفلسفة سنرى نيتشة يتحدث عن العود الأبدي بواقع ما يقال عن الدورة الكبرى ، وتلك في الحقيقة رؤية مفزعة لأن معناها الرجوع إلى نفس الحياة وتكرار ذات الأخطاء وتجرع نفس الآلام . أما الدين فيفسح للأمل طريقا لبعثنا في عالم جديد فيه يثاب الأخيار ويعاقب الأشرار .
*** *** ***
على نقيض ابن عربي يرى "جاكوب بوهم" أن الموت يفضح توهم المرء بأنه حر " فلو أتيح لي – والقول هنا لبوهم - أن أختار بين توجهي للحياة وبين التوجه للموت لاخترت الحياة طبعا لأنها تبقيني بما أنا عليه ، ولكن بما أنني لست حرا ً فأنا لست حيا ً " وتلك رؤية إلحادية ناجزة لا غش فيها . مقابلها يقول التصوف إن الموت ليس عدواً بل يقظة من حلم الدنيا، فهو إذن مجرد عتبة تنقلنا إلى حياة أخرى . ومع ذلك فحلمنا الدنيوي حقيقة وليس وهما ً خاصة حين نختار ما اختاره لنا الخالق من ضرورات النضال من أجل حياة أفضل. وبهذا الوعي تحل مشكلة الحرية ، وآية ذلك أنني - بوصفي ملكا ً لله - أعتبر نفسي حرا ً سياسيا ً واجتماعيا ً لي كل صلاحيات الاختيار بين المواقف، قبولا ً لاستحقاقات الثورة ، ورفضاً للزائف من الخطابات( خاصة ما يذيعه المتاجرون بالدين ) تلك التي تضلل الشعوب وتغطرش على الحقائق .
فما أشد حاجة العقل العربي والإسلامي إلى تجديد خطابه الديني في ضوء هذه المنجزات العلمية والعقلية والروحية لجنس الإنسان !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العلم والروحانيات
[email protected] ( 2012 / 8 / 2 - 17:14 )

اعجبني موضوعكم الذي يحتاج الى جرءة وقناعة ...سابقا المفسرون للقران كانوا يقفون في ( وقد يسئلونك عن الروح قل من امر ربي ) .. وبعد ذلك بعض المفسرين الجدد المعاصرون كانت قناعتهم بان في القران اعجازات علمية ولاتوجد متناقضات له .. وفعلا ظهر بعض الاحداث المذكورة في القران مدى تطابقها مع قوانين العلم والفيزياء .. وبعض الباحثين فسروا ان الروح ايضا لابد انها نوع من الطاقات التي صعبة خضوعها الى الاختبارات الفيزيائية .. وهذه تنطبق مع ( وقد يسئلونك عن الروح قل من امر ربي ) .. اما علم الفيزياء لحد الان لم ينجح في معرفة طاقات التخاطر ولي الملاعق بالنظر ورؤية الغرفة المغلقة بالبصيرة .العلماء لم يرع ربعرفو لحد الان ماهية الهالة الضوئية التي تحيط بالانسان وكل الكائنات الى ان صورها ...صدفة ( العالم الروسي كرليان .. المتصوفون الاوائل من حقهم بعدم القناعة بالعقل في معرفة كل الامور الابالقناعة ....لان عقل الانسان العادي ليس في حالة يمكنه كشف بعض الامور التي خارج قوانين الفيزياء الا في حالة ( تغيير وعيه ) ويرى ببصيرته ابعادا اخرى .. لربما تعيش معنا كائنات لانراها باعيننا ولانحس بوجودها ..


2 - ما دخل الدين في الحكاية؟
أحمد التاوتي ( 2012 / 8 / 3 - 05:41 )
أستاذي الكريم صباح الخير

نحن يا سيدي سلمنا بكل هذه المعطيات العلمية الجديدة.. أليس العلم أولى بها من الدين؟ يمكن بل من المنطقي للعلم أن يجدد بها خطابه بدون حاجة الى الدين
بمعنى آخر، نحن نسلم تأسيسا على هذه المعطيات بوجود مطلق كلي تقوم به جميع كائنات الحياة.. طيب هذا جميل و لا يتعارض مع العلمانية و لا مع العلم..، فما دخل الدين في الحكاية؟؟؟؟

لقد عودنا الفكر الديني منذ ترسب جينا ثقافيا بدمائنا على نسبة الماديات للعلم و نسبة الروحيات للدين، و الحال أن هذا خطأ علمي و الدليل هو ما تفضلتم به من بداية فتوح بالمجال و ما تفضلتم به ايضا من اشارة الى الفكر الصوفي الذى اعتبره في كماله لادينيا و انسانيا عند أبرز الصوفية و على راسهم ابن العربي
هذا الفكر الصوفي الروحاني العلمي و اللاديني ما هو في حقيقته سوى المقدمات أو الفرضيات الفلسفية تمهيدا لدخول العلم بالمجال

لماذا نحن مستعجلون؟ لندع العلم يطرق خطواته بالمجال بشكل طبيعي و ليس ثمة
أي اشكال اذا لم يسعفنا قصر العمر للوقوف عند منجزاته بالموضوع
صناع الدين يعرفون طبيعة الاستعجال لدى الانسان و لذلك استغلوا هذا الضعف ليشربونا خرافاتهم بالموضوع


3 - قد
نمرس ( 2012 / 8 / 3 - 10:40 )
ولكن بما أنني لست حرا ً فأنا لست حيا يالها من جملة عظيمة جدا


4 - هناك اولويات يا استاذ !
استاذ فلسفة ( 2012 / 8 / 3 - 20:28 )
اخي الكاتب
ارى انه هناك اولويات عند التطرق للمسالة الدينية ! لذلك اعتقد جازما انه من الافضل اولا ان نعري وننقض ونهدم القيم والافكار الدينية الشريرة والمتخلفة القائمة حاليا والتي يؤمن بها غالبية المؤمنون ثم ننتقل بعد ذلك الى الحديث والنقاش حول ما اذا كان هناك اله/ الهة, خالق/ خالقون.... الخ. الا تتفق معي حول هذه النقطة التي اعتبرها بالغة الاهمية?
فيما يتعلق بي اعتقد ان من يؤمن بالشر ويقدسه فهو بالضرورة شرير!
اذن فلنتخلص اولا من هذه الاساطير والخرافات الشريرة التي بين ايدينا والمسماة بالاديان ثم ننتقل بعد ذلك للبحث والحديث والنقاش عما اذا ما كان هناك اله/ خالق/ الهة / خالقون لهذا الكون!
فلا يمكن تجديد الخطاب الديني بدون نقد وهدم الخرافات والاساطير الشريرة القائمة .


5 - سؤال منطقي!
استاذ فلسفة ( 2012 / 8 / 3 - 20:51 )

بما انك تطرقت الى العلم في مقالك واقصد الفيزياء الحديثة! لي لك سؤال! اقتباس من المقال:
( لقد برهنت فلسفة العقل ( تحديدا ً عند جون سيريل وجون بول كنجهام ) على أن الدلالة الرقمية للمدخلات الكهروكيمائية في المخ إنما توجد بينها وبين المخرجات الشعورية فجوة ٌ محال اجتيازها إلا ... بماذا ؟ إلا بأمر ٍ من كائن أعلى هو وحده المؤلف والمترجم ).

سؤالي: هل عنك دليل علمي واحد على ان هذا الكائن الاعلى والذي هو وحده المؤلف والمترجم والذي يطلق عليه المؤمنون اسم الله, هو خالق هذا الكون والحياة ,غير ذلك المذكور في الكتب المكدسة ( المقدسة!) والتي عمرها الاف السنين??!!
يبدو ان الانسان القديم والذي عاش قبل الاف السنين كان اذكى من الانسان المعاصر بكثير! حيث انه اكتشف ( بعلمه!!! ) وجود هذا الاله قبل الانسان المعاصر بالاف السنين !!!!!!!!!!!!!!!!!!
الا يبدو ذلك غير معقولا?


6 - المقصود بالروح والنفس في القران
الدكتور سعيد غنيم ( 2012 / 8 / 4 - 00:12 )
لم يثبت حتي الان ان كلمة الروح التي تكرر ذكرها في القران كان القصد منها الطاقة او القبس المحرك للانسان في حياته . لم تذكر كلمة الروح الا وكان القصد منها هو جبريل (ملك الحياة) او مااصطلح علي تسميته بالروح القدس في الانجيل والقران . حتي الاية المذكورة (ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي ومااوتيتم من العلم الا قليلا) كان من اسباب نزولها هو سؤال اتباع موسي من الذين هادوا لمحمد عن جبريل (الروح القدس) كعهدهم آنذاك بدليل تكراركلمة ويسالونك . اقرا معي : وروح من امرنا . نزل به الروح الامين . فارسلنا اليها روحنا . تنزل الملائكة والروح فيها . فنفخنا فيه من روحنا . فاذا سويته ونفخت فيه من روحي . ويسالونك عن الروح . .. وهكذا كان جبريل هو المقصود دائما بالروح والامر . اما طاقة الحياة التي تسلب عن طريق (ملك الموت) بالوفاة والموت فقد اطلق عليها القران : النفس . اقرا معي : الله يتوفي الانفس . كل نفس ذائقة الموت ...الخ . اما لفظ الروح الشارح لهذا المعني فقد دخل الي الخطاب الاسلامي بتاثره باللاهوت المسيحي من باب اعزاء الحدث (تفعيل طاقة النفس للجسد) الي الفاعل الاصلي المتلقي للامر الالهي (الروح جبريل


7 - تعليقات قصيرة على تعليقات هامة
كاتب المقال ( 2012 / 8 / 4 - 13:46 )
إلى أ. صلاح
أوافقك .. فتغيير الوعي ضرورة أنطولوجية ومعرفية لمن هو مستعد للخروج من سجن الذات
إلى أ. أحمد التاوتي
لم يخالف ابن عربي الشريعة بل حاول أن يقرأها بتأويل خاص ولهذا نجح في الإفلات من
براثن أصحاب التكفير من الحرفيين وعباد النصوص
إلى أستاذ الفلسفة
تقول لا يمكن تجديد الخطاب الديني بدون نقد وهدم الخرافات والاساطير الشريرة القائمة
وأنا أقول النقد مطلوب طبعا ولكن الهدم مسألة أخرى ، فما تسميه الخرافات والأساطير ليست شريرة بالضرورة ( ما لم توظف لخدمة الطغاة والأشرار ) إنما النظر إليها كرموز لها ما وراءها يفتح الباب أمام العقل البشري لمحاولة حل ألغاز الكون والتواصل مع الكائن الأعلى
إلى الدكتور سعيد غنيم
للمسيحية انجازها في هذا المجال ، ولا بأس على الفكر الصوفي الإسلامي من التأثر بها ، فكل ما يجتهد فيه البشر جائز ما دام القصد هو الوصول إلى الحقيقة


8 - النظام المعرفي قد تغير يا هذا
طه بن شيخة ( 2012 / 8 / 6 - 00:59 )
الكاتب مشكور على بحثه ، لكنني أسجل عليه انه لم يذهب بعيدا في تفكيك معنى التجربة الدينية ومعنى التجربة العلمية وحقيقة العلاقة بينهما.
أرى ان الكاتب لا يزال غير قادر على تجاوز السلطة الروحية لللآباء المؤسسين للفكر الديني الشرقي- الاسلامي المسيحي اليهودي.
انت سيدي تريد ان تنقذ الفكر الاتباعي الايماني باي طريقة فكنت كمن يريد ان يغلب ارادة الاعتقاد على ارادة المعرفة باي شكل كان
لا أرى ضرورة إدراج المقولات الصوفية في وقتنا الحاضر وجعل الكلمة العليا لها، وذلك ليس انتقاصا منها ولكن لكونها مقولات وجودية حاولت تفسير كيفية تواجد الانسان في الوجود وفق الإبستمي القروسطوي
لأن الفكر الصوفي والفلسفي الإسلامي كان واقع بشدة تحت ضغط النظام المعرفي القروسطوي، ولم يتمكن من فرض نظام جديد في غياب كشوفات جديدة في المجالات المعرفية الأخرى؟
_ معنى هذا أن الفكر الصوفي مارس تأسيساته العقلية لتحرير الذات وفق النسق المعرفي القروسطوي، أي وفق مشروطياته الإبستمية، التي تحدد له كيفية تواجده في الوجود
يتبع،


9 - النظام المعرفي قد تغير يا هذا
طه بن شيخة ( 2012 / 8 / 6 - 01:12 )
معنى هذا أن التفسيرات الفلسفية المعتمدة على المنهج الاستقرائي، كانت لها سلطة قاهرة في توجيه الشعاع المحوري للمعرفة التيولوجية المستندة أساسا على المنهج الاستدلالي الاستنباطي.
_ ألا يعني هذا أن النظام المعرفي القروسطوي القائم على النظرة الاستدلالية لتفسير الوجود العيني ، كانت له الكلمة الفصل في تعيين الحدود القصوى للمعرفة الروحية؟
ألا ترى أن علاقة الناس العاديين غير الراسخين في المعارف العقلية بالدين والتدين إنما هي علاقة رد الدين للعمق الشعوري الذي يمارس عليهم سلطة روحية لا تقاوم، فيكون تأديتهم للطقوس العبادية هو نوع من التوزيع العادل للطاقة النفسية بين الوعي واللاوعي.
_ألا يمكن إرجاع الفكر الاعتقادي إلى أساسات معرفية يتعادل فيها توزيع الطاقة اللاشعورية مع المعرفة العلمية الاستقرائية، بحيث يؤوّل العالم بناءا على التجربة المرئية مع الوجود المعيشي والمراقب.
لماذا يلجأ الفكر التيولوجي إلى الأفكار التمامية والاطلاقية، ؟
لماذا يخاف من التوتر المعرفي ويخاف من النسبية والنقد ؟
هل لأن الأفكار الكلية تغذي فيه الشعور بامتلاك العالم؟
_ هل لكونها تغذي فيه الشعور بامتلاك الحقيقة الالهية


10 - النظام المعرفي قد تغير يا هذا
طه بن شيخة ( 2012 / 8 / 6 - 01:33 )
أليس ذلك تعبيرا صادقا عن امتلائه بالرغبة الشديدة في مضاعفة شعوره بالتواجد في العالم؟
ان الفكر الديني هو مجرد حدس شعوري يفكر على نحو لولبي متجها نحو التعمق والاشتداد والتجذر في مسببات اللذة، لأنه لا يعرف امتدادا غيره، بينما التعقل يميل لرسم العالم في شكل هندسي، يتجه نحو استيعابه نسقيا غير مبالي بمطالب الشعور ورغباته؟
الشعور يميل لامتلاك العالم حدسيا وشعوريا، بينما العقل يميل لتفسيره وفق مبادئ وقوانين؟
الشعور يتجه لامتلاك المواقف العقلية حال تشكلها ونضجها في شكل مقولات تيولوجيا لاهوتية، بينما هو لا يمتد ولا يشتد لما تكون المواقف العقلية ريبية وغير محكمة؟
الفكر الديني يميل للتفسيرات الذاتية التي تعطيه امتدادا تخدم بشكل فوري وجاهز عملية امتداده واشتداده، بينما هو يرفض ويأبى متابعة القضايا العقلية التي تنتهي بنتيجة لا تخدم رغبته في الامتداد؟
إنه يشم في لمح البصر الأفكار التي تخدم انتشاره والتي لا تخدم انتشاره؟
يا أخي لا جدوى من محاولة الحلم بزمن تطبق فيه المقولات التيولوجية بمعزل عن مجالها التداولي.

لا بديل عن تبني النظام المعرفي العلمي الحديث وشكرا،

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد