الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد.. والفشل الدبلوماسي

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2012 / 8 / 4
السياسة والعلاقات الدولية


ان التطورات السياسية في الشرق الاوسط سوف تؤثر بصورة سلبية وعميقة على الدول الفاشلة او الدول التي تعاني اصلا من اللااستقرار السياسي والفوضى العارمة على كافة الاصعدة، تعد العراق من الدول التي تعاني من ازمات بنيوية في كافة المجالات الحيوية المتعلقة بالبنية الاستراتيجية للدولة الحديثة، فلم تمر سنة على الانسحاب الامريكي وحدث الربيع العربي لتهب بعاصفتها على العراق دون ان يؤدي الى الربيع العراقي التي طالما انتظره الشعب العراقي جراء الفشل السياسي للنخبة العراقية في الفترة التي تلت الاحتلال، ان الحديث عن السيادة العراقية من قبل بعض القادة والتدخلات الاقليمية تعبر عن الجهل السياسي لان من الصعب ان ترمي الحجارة على الناس اذا كان بيتك من الزجاج، ان الانتخابات الاخيرة والاعتماد على الخارج في رسم السياسة الداخلية قد فتحت ابواب العراق على مصراعيه لتكون ساحة للسياسات الاقليمية بل ولتكون سوقا لتصدير البضائع الاقتصادية والسياسية.
السؤال الذي يطرح في الوقت الراهن هو لماذا يزور وزير خارجية تركيا كركوك ويجتمع مع الادارة المحلية لتلك المدينة، ففي العرف الدبلوماسي يلتقي وزير الخارجية للدولة الزائرة بالوزير الخارجي للدولة المضيفة، الا ان العرف الدبلوماسي يبدو قد فقدت هيبته في بلاد الرافدين، بل والاكثر من ذلك يجتمع رئيس السلطة التشريعية في العراق بوزير الداخلية الايراني، الا يعد ذلك خرقا اخرا للمواثيق والاعراف الدولية؟ وللتعمق اكثر في الدبلوماسية العراقية في الفترة الراهنة فالزيارات التي يقوم بها اقوى السلطات العراقية الى الخارج ترى يستقبله سلطات محلية ليست على مستوى الوفود العراقية، وحتى المواطن العراقي يعاني الكثير من الازمات في مطارات الدول الاجنية والعربية، ففي الوقت الذي يدخل الاجنبي ببطاقة الهوية الى داخل العراق دون ان يكون هناك اي معوق وذلك لفقدان العراق لهيبتها كدولة لها قرارها ونفوذها على المستوى الدولي، ولم نرى يوما منذ الاحتلال 2003 ان تدخل السلطات في بغداد في مسالة التعامل الخارجي مع المسافرين العراقيين، اين مبدا التعامل بالمثل التي تعد من الاولويات في العرف الدبلوماسي والعلاقات الدولية.
ان العراق بحاجة ملحة الى اعادة النظر في سياستها الخارجية ووضع استراتيجية للتعامل مع المحيط الدولي. لان من الصعب الحديث عن السيادة الوطنية ومنع الدول الاقليمية من التدخل في المشهد العراقي في ظل التشرذم والتشتت الداخلية، ان السياسة العامة لبغداد لا تديرها مرجعية واحدة او بالاحرى لا توجد سلم الاولويات والاساسيات في الاجندة السياسية، ان فقدان الثقة بين الاطراف السياسية والاستمرار في ممارسة السياسة وفق عقلية المؤامرة والصراع الايدولوجي والمذهبي تجعل من بلاد الرافدين الطرف الاضعف في الميدان الدولي والاقليمي، بل وتقلل من هيبة الدولة مما تحرم من التعامل الدبلوماسي الصحيح على المستوى الدولي.
ان زيارة رئيس الوزارء العراقي في الفترة الاخيرة الى ايران وعدم وضع السلطات الايرانية للعلم العراقي بجانب الممثل العراقي مع وجود العلم الايراني عبرت عن المستوى التي وصلت اليها الدبلوماسية العراقية، بل وحتى فنون الاتكيت والتعامل الدبلوماسي لدى القادة العراقيين تعبر عن المأساة التي حلت بالدولة المؤسسة للكثير من التجمعات والمنظمات الدولية، بل وكانت بغداد ضمن الارقام الصعبة في السياسات الدولية لاحتوائها على مصدر حياة الدولة الغربية (النفط) وكذلك بعدها الجيوسياسي في الشرق الاوسط.
واخيرا حصلت النشيد الوطني العراقي في اولمبيات لندن على اسوا لقب ضمن الاناشيد التي عرضت من قبل الشعوب الافريقية والاسيوية والاوربية والامريكية، الا توجد في العراق الطاقات بلى ولكن يبدو ان الفساد قد وصلت الى رمز الدولة وتستمر مسيرة العطاءات من قبل النخبة العراقية المشتغلة بالسلم الحياتي الاول متناسين الشعب والمصير والمستقبل التي يتنظره الاجيال القادمة، فالدولة التي لاتكون فيها القانون حكما، والديمقراطية مبدا والعدالة قيمة فلا تفرز غير الاستبداد في الممارسة السياسية والفوضى في البعد الاجتماعي والاقتصادي المحلية فضلا عن الفشل في البعد الخارجي والدولي.
ان الفشل الدبلوماسي في العراق ارتبطت بعاملين: اولهما الاحتلال الاجنبي التي فرضت على الدول الاخرى جوا من الخوف في التعامل مع العراق وذلك بسبب الملفات الامنية والاستخباراتية التي تبنتها الولايات المتحدة: وثانيهما الفشل السياسي في الداخل في تبني استراتيجية واضحة ذات رؤية لإيصال رسالة العراق الى العالم الخارجي، والمشاهد للقرار العراقي يدري الازمة التي وصلت اليها الدبلوماسية في هذا البلد، وحتى المواطن العادي يستشعر بقيمة دولته عندما يسافر الى الخارج.
وكما يقولون ان السياسة الخارجية تعد صدى السياسة العامة للدولة لذا من الضروري معالجة الازمات الداخلية ووضع سياسة عامة قائمة على اساس المواطنة لتكون بادرة ايجابية نحو تبني دبلوماسية قوية قائمة على اساس الاعراف الدولية ومبدا التعامل بالمثل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو