الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العهر الثوري المعاصر والانتلجنسيا العربية

جمعية الاشتراكيين الروحانيين في الشرق

2012 / 8 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


خدم الانتلجنسيا الامبريالية

يمكن ان نقول أن للافكار سوقا ، والفكر الديني اهم بضاعة رائجة في المجتمعات العربية وفضاء الانتلجنسيا العربي ، ..

خصوصاً في الحقبة التي تلت انهيار الاتحاد السوفييتي وحرب الخليج الثانية بعيد العام 1991 وكذلك اصداء ما احدثته الحرب المدمرة في البوسنة والهرسك وصعود الاسلاميين في الجزائر عام 1994 وغرق البلاد في فوضى الارهاب بعد الفيتو الاميركي على رفضهم في الحكم ..

لهذا السبب ، معظم من يمتهنون الكتابة يجارون هذه السوق وما تطلبه منذ تلك الفترة ...

لذا ، يبدو لاول وهلة ، لمن يقرأ كتابات الليبراليين الداعية للانفتاح الفكري والتحرر بانها تسير ضد التيار ولا تمثل كتابة " سوقية " تداعب مشاعر الوعي الجمعي الإسلامي ..

لكن من يدقق بالمشهد بعناية ، يجد بان هذه الكتابات ، وخصوصاً عبر فضاء الانتلجنسيا العربي الرقمي قد ازدهرت وتنامى عديد من يروجون لها بشكل ملفت بعد 2003 ، بعد الغزو الاميركي للعراق وظهور مصطلح الحرب على الارهاب ..

لقد بدا واضحاً ، بان تياراً فكرياً قديماً عاد للحياة من جديد وازدهر بفعل ما تعرضه السوق الاميركية الجديدة في الفضاء الثقافي العربي المسموع والمرئي والمقروء ..

واكثر ما يلفت النظر في هؤلاء " الليبراليين الجدد " هو استهدافهم لشخصية تاريخية رمزية ممثلة بالرسول محمد وكتاب القرآن المقدس لدى الوعي الجمعي الاسلامي ..

لا نقصد الليبراليين بمختلف الوانهم ، انما جنود ( اميركا ) المجندة المعبأة فكرياً ضد الإسلام باختلاف مناطق انتمائها وسكناها ، كون اميركا قائدة لمشروع لبررة ( نشر التحرر " الاقتصادي " و السياسي و الفكري ) استثنائي و " متطرف " في المنطقة منذ حربها ضد افغانستان في 2001 والمبررة بالحرب ضد الارهاب ..

هؤلاء الليبراليين ، من كانوا يرفعون اكف الضراعة الى الله ان يسدد مرمى نيران الـــ B52 الاميركية وهي تحصد بالطالبانيين ، و ممن ابتهلوا اليه بقلوبٍ ملؤها الايمان في حربها ضد العراق ان ينصرها ويحفظ جنودها من كل سوء ..

هؤلاء الذين استبشروا فرحاً يوم دكت اسرائيل لبنان في 2006 قبل ان تسوء وجوههم بفشل العمليات الاسرائيلية تجاه حزب الله ..

هؤلاء الايتام ، وبسبب مرتبتهم المتدنية جداً في قطار الليبرالية العالمي ، يقبعون في عربات الدرجة الثالثة المتاخرة الى حد ، هم لا يدركون حتى الآن ، بأن اميركا التي كانت تقود عربة المقدمة ، تحولت لقيادة قطار آخر .. في حربها التاريخية الجديدة ضد ايران وحزب الله و " التطرف " الشيعي في المنطقة بمساعدة امراء البترول العرب .. لتتركهم ضائعين خائبين !!

نعم ، فهي اميركا التي طالما تعودت ان تترك " الاجراء و العبيد " للموت البطيء حين لا تكون لهم حاجة ..

لم تعد الليبرالية في اولويات ما تدعمه من توجهات وصناعة فكرية سياسية ، وانما الاسلام السلفي الوهابي في حربه المقدسة ضد " الشيعة الكفرة الروافض " ..

اميركا اليوم تروج لمشروعها العولمي وشرق اوسطها الجديد باسم " الاسلام الجهادي " على الصعيد السياسي كما حصل في ليبيا ويحصل في سوريا اليوم ، بل دوائرها الثقافية الاعلامية العربية راحت تتعاطى لرفع صوت النعرة الطائفية باجلى صورها وضوحاً عبر قنواتها السنية المتعصبة مثل صفا ووصال او الشيعية المتطرفة ( التابعة لها ) مثل الانوار ..

كذلك ظهور الترويج المفاجئ لايقونة رمزية تاريخية ممثلة بالخليفة الثاني عمر في بعض البرامج والمسلسلات يبعث على التساؤل :

لماذا بهذا التوقيت تتداعى هذه الحملات لتعبئة الوعي الثقافي العربي الاسلامي للإنقسام بين جبهتين ؟؟

هذا كله يحصل ، فيما بعض الناقمين على الاسلام وعلى محمد ، لا يزالون حتى اليوم يحلمون وهم في ذيل ذلك القطار العتيق بيومٍ تتلبرر فيها البلاد الاسلامية " لبررة " لا قبلها ولابعدها لبررة لحد ان يشتم محمدٌ في الشوارع علنا ...!!!

فيما تقاتل المخابرات الامريكية جنباً الى جنب مع الوهابيين والسلفيين في حربهم المقدسة ضد العلويين في سورية والاماميين في العراق وايران و جنوب لبنان والزيديين الحوثيين في شمال اليمن ..

وقائع السياسة على الارض تتبدل بتسارع يمكننا ان نعده تاريخياً ، والحركات الاسلاموية في صعود مضطرد تتوج برئاسة محمد مرسي في مصر وحزب النهضة في تونس وصعود الاسلاميين في المغرب الى جانب هيمنة الاسلام السياسي المطلقة على العملية الدم قراطية في العراق .. الى جانب هذا كله .. واخوتنا الليبراليين هؤلاء لا يزالون في احلامهم في تلك العربات المتاخرة المهجورة ..

( الحالة الليبية اليوم " ربما " تشكل الاستثناء الذي ينذر بالصدع الكبير في هيكل ما عرف بالصحوة الاسلامية وهو يؤشر حالة ايجابية من ليبرالية معتدلة تحترم الدين والتراث تبتعد عن التشدد وتمقته )

هم حقاً حتى الآن لا يعرفون قوانين " السوق " بعد ...!!!
ولا يزالون يطبلون ويصفقون للــ " حريــة " ..

اميركا ليست الا واجهة لمصالح الشركات الامبريالية الكبرى التي لا يهمها طبيعة انظمة الحكم والانسان قدر ما تهمها مصالحها العتيقة في الخليج وعلاقاتها مع ال سعود وال ثاني وال حمد وال خليفة وال الصباح ..

شل واكسون موبيل وتوتال وغيرها لا يهمها اي نظام يحكم العراق او سوريا او مصر ، بدليل ان مجموعة " بن لادن " التجارية لا تزال تقدم اعلاناتها وبلا خجل او حياء على قنوات ام بي سي و عربية ال سعود ..

فأين هي الحرب ضد الارهاب من ذلك ؟؟

فعلى ضوء مصالحها كان يخطط كيسنجر وهنتغتون ، وبلسانها صرح رامزفيلد وبوش ، في ضوء هذه المصالح تتحرك اليوم هيلاري كلينتون واوباما ..وليس بما تشتهي احلام هؤلاء " الحالمين " الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً ..

نعم ، هم الاخسرين اعمالاً وصنعة ، فما بعد الربيع العربي الممتد من تونس الخضراء مروراً بليبيا ومصر والمستعر الساخن اخيراً في سوريا ، تبدلت استراتيجية اميركا ، واكثر الليبراليين عقلانية يتوقع ان اميركا ستنقلب على الاسلاميين بعد تحقيق مرادها باسقاط نظامي الاسد وطهران ، دون ان يسالوا انفسهم كيف وما هو الثمن .. ولماذا جل الحركات الاسلاموية الفاعلة مثل حزب الدعوة العراقي والنهضة التونسي وغيرها الكثير من احزاب لها دور اساسي في السلطات الجديدة الحاكمة في العالم الاسلامي ، لماذا مقراتها الرئيسية في لندن ؟؟

مأساة الوعي السطحي لكثير من اشباه المثقفين اليوم ، بما في ذلك ميول هؤلاء " الليبراليين " اصلاً انه وعي يستغرق بالتمنيات ، ويبحث دوماً عن اقصر الطرق واسهلها لحل المشاكل .. دون تفكير بالعواقب التاريخية المترتبة جراءها او القيم الاخلاقية التي طالما تنادوا بها ..

اميركا وآلتها الحربية وقوة اقتصادها ودولاراتها الخضراء يمكنها ان تكون اسهل واقصر طرق الاصلاح الليبرالي على وجه البسيطة ...

لكن ، لم يكن الخيرُ يوماً طريقاً سهلة ..

الشر هو الذي طالما تميز بهذه الميزة دوماً وعبر التاريخ ، لم يكن بمقدور هؤلاء التوقف لحظة والتساؤل هل قوة اميركا ونفوذها يمكن ان يكون مصدرا لخيرٍ حقيقي ؟

منذ متى كان الخير يصدر عن المتكبرين الاقوياء ؟؟

الدخول في جدل اخلاقي وقيمي مع هؤلاء سيكون عقيماً بكل تاكيد ، لانهم حتى في سلم الليبرالية وهرمها او قطارها الطويل مجرد " سقط متاع " ، وامثال هؤلاء يجيد الجدل لاجل الجدل فقط ..

لكن ، من المهم ان ندرس تشريحاً معرفياً وثقافياً لهذه الثلة الضائعة التائهة المحسوبة على تيار التنوير العربي والتنوير العربي منهم براء ..


من الذي يختار اقصر الطرق ؟

اغلب الكتاب المقيمين في بلاد المهجر يختار الليبرالية كاقصر طريق لتحقيق الذات .. لان البيئة التي يعيش بها كذلك ، لن يحتاج اي جهد لاصلاح مجتمعه المحيط ، بل العكس ، يجد نفسه في تعلمٍ دائم من هذا المجتمع!

لهذا السبب تحدث ازمة حقيقية لدى الكثيرين منهم في تقديره لذاته ..

فهو يتصور لاول وهلة بانه بات يمتلك الاهلية في الحديث عن اصلاح المجتمعات الدونية التي تحدر منها ..
بل ، البعض منهم من تبلغ به دونية ذاته الى اتباع الليبرالية المتشددة المتطرفة ضد الاسلام كي يصل لقبول نفسه في المجتمع الراقي الجديد اسرع وبطريق اقل جهداً وتكلفة من الليبرالية المعتدلة..

هؤلاء هم من شكل المعسكر الاول المضاد المتطرف في العالم الغربي ..

واغلب من يكتبون في البلاد الإسلامية مؤكد سيختار الترويج للفكر الديني كاقصر طريق ..!!

القليل منهم من تبلغ دونيته ورغبته للوصول السريع للقمة حد التطرف والغلواء في هذا الدين بمعاداة امثالهم في المعسكر الاول ..

بالتالي ، الصدام الحالي ، بين افكار الاسلامويين المتطرفين والمتلبررين الضائعين ، هو صدام بين افكار تمثل نفس الفئة الضعيفة " السطحية " التي تسعى لبلوغ اهدافها الشخصية الذاتية باقصر الطرق واكثرها وضاعة ، وهي في الغالب نخب غير مؤهلة لحمل مشعل الاصلاح الفكري ولا تفقه من الحداثة والحضارة والتاريخ شيئاً وتحيط بنفسها بهالة مزيفة من تقدير الذات وبلوغ الاهلية في التصدي لعملية الاصلاح الثقافي في المجتمعات المتاخرة التي جاؤوا منها او لا يزالون فيها .. !!

رغم التناقض الكبير الذي يبدو بين افكار هؤلاء وهؤلاء ، لكنهم من ناحية تاريخية مرحلية ديموغرافية فئة واحدة :

اشباه المفكرين ، الوضعاء الانتهازيين ..

فهم ليبراليون لو عاشوا في اوربا ، وتافهين متطرفين طائفيين لو عاشوا في البلاد الاسلامية لدرجة ان سوق الثورات المعاصر استهواهم وباتوا " جميعاً " يشتركون جنباً الى جانب في حكومات المهجر المؤقتة ..بداعي الوطنية والمواطنة و " الحرية " , والحقيقة هم ربما يزيدون تفاهة ووضاعة عن النظم الديكتاتورية الحاكمة ، او ما تبقى منها ..!

على الاقل النظم الديكتاتورية لا تعرض تاريخها واوطانها للبيع للشركات الكبرى كما فعلوا في العراق وليبيا ولبنان وما تبقى من ارض فلسطين .. وما يسعون لفعله في سوريا ..


كيف ينشأ هؤلاء الانتهازيين ؟


يولد الانسان ، وتولد معه مشاعر الضعف تجاه بيئته ومحيطه ، يشعر هذا الفرد منذ صغره بضآلته امام هذا العالم الكبير الواسع ، هذا الشعور بالضآلة هو سائس اتباع اقصر الطرق لتحقيق قبول الذات ..

فهذا الفرد , وبعد حين من عمره ، وباثر تنامي ادراكه وتراكم معرفته يبدو امام نفسه وكانه يدرك كل شيء عن العالم الذي يستشعره بحواسه ، فيتسلل الشعور بالقوة الى واقعه اليومي عدا استثناءات من حوادث قد تجعله يمر بلحظات من الضعف ، تحديداً يحصل هذا في فترة المراهقة ..

يعود مرة اخرى ، بعد أن يتجاوز الاربعين ، فيبدو عليه وكانه يستفيق على واقع جديد من الضعف لكن هذه المرة امام " التاريخ " ، العالم الباطني الثقافي وليس العالم الحسي المدرك ..!!

كانه يكتشف فجأة انه مجرد حبة رمل تافهة في صحراء الزمن ، حيث عاشت الكائنات وماتت ولم تعد اليوم شيئاً يذكر او ذو قيمة ..

فهذا النظام المتناوب بين القوة والضعف ، الضآلة امام الذات والعظمة ليس بتكوين محتوى في جينات (مورثات ) المرء فحسب ..

هو تكوين مخفي ايضاً في الحافظة الثقافية للمجتمع ( حسب تسمية محمد ارجون ) او ما تعرف ( الخافية الجمعية ) للوعي الجمعي البشري ، حسب تسمية كارل جوستاف يونج ..

فتكوينه الجسدي الضعيف في الطفولة هو الذي يؤصل انطباع الضعف عنده ، كذلك معرفته المحدوده وسط مجتمع له قيم وقواعد تاريخية عميقة ، تجعله يشعر بهذه الضآلة تجاه " التاريخ " فيما بعد ، فتنتابه رهبة مزمنة تتزايد كلما تقدم به العمر تجاه الدين والموروث الثقافي حتى ولو لم يكن متديناً ، بل حتى اللادينيين والملحدين قد يبقى الكثير منهم في هاجس معاداة الدين بسبب الشعور الدفين بهذه الضآلة أمام التاريخ المبهم العظيم لامم اخرى بهتتهم بنجاحاتها ورقيها الى حد ان يكفروا بجذورهم بالمطلق ..!

لعل اهم هواجس الضآلة امام التاريخ يحركها و يقودها الشعور بحتمية الموت ..

فالمرء بعد ان يبلغ من الكبر عتياً ، مهما كان مستواه الثقافي ، او ما تحصل عليه من شهادات جامعية او مكانة اجتماعية ، يبقى في مواجهة دائماً مع شعوره بضعفه حتى لو انتابته مشاعر القوة والشموخ والعظمة امام ذاته والناس في فترات محدودة أو لحظاتٍ عابرة وجامحة في حياته ..

القيم الموروثة في الشرق تزيد من تعقيد تنامي تقدير الانسان لذاته وشعوره بالنجاح ..

من يسلكون اقصر الطرق " الفكرية " للنجاح في عالم الافكار والاعلام ، تكون شرعية ظاهراً ، مقبولة عرفاً وإن تحايلوا وكتموا انتهازيتهم ، لكن سقوط هؤلاء يتجلى واضحاً حين يتبدل رداء " التاريخ " كما يحصل اليوم بعد صعود الاسلاميين وتحول العديد من الاقلام للتطبيل لهم ..

قبل حين ، كان هؤلاء الليبراليين يريدون منا ان نفتح عيوننا على شنائع الغزوات الاسلامية وما صاحبها من قتل وتنكيل بالامم فيما مضى ، لنغض الطرف عن الف سنة من الحروب التي امتدت منذ الغزوات الصليبية المقدسة ولم تنتهي بالغزوات الفرنسية والبريطانية و حتى يومنا " الاميركي " الحاضر هذا بنابالم اميركا في فييتنام وكوريا وحرائق كمبوديا والقنابل الذرية في هيروشيما وناكازاكي وصولاً لحرب الثمان سنوات بين ايران والعراق وحرب افغانستان والعراق ولبنان وفلسطين .. وما يجري في سوريا الآن مجرد ثورة شعب ضد نظام قمعي لا دخل للولايات المتحدة فيها ابدا !!!!

لكن بعضهم اليوم يمجد شعارات الثورجية السطحيين الجدد الذين لا يعرفون من الحرية الا اسماً ومن الاسلام إلا " تكبيــــــــر " ..

هم اختاروا اقصر الطرق واسهلها للوصول لاهدافهم الشخصية الانانية ، استغلوا واقع الحرمان المزري الذي يعاني منه شباب سورية كمثال ، خصوصاً في ارياف المحافظات والاحياء الفقيرة في المدن الكبرى ، وراحوا يبيعون ارواح شبابهم وتاريخ وطنهم بالدولارات ..

لا احد يريد بقاء الاسد وعائلته في السلطة ، لكن ، تغيير النظام بهذا الشكل وهذه الطريقة المدمرة المحطمة لسورية و التي لا تخدم الا اميركا عار تاريخي كبير ..

هم لا يفقهون شيئاً عن واقع سورية التاريخي و " دورها " في هذا التاريخ رغم احتكامها لسلطة ديكتاتورية قمعية مثل سلطة الاسد ..

سورية محور النظام العالمي القائم ، وجيشها العربي العقائدي هو اساس قوتها وفاعليتها في هذا النظام ..
الاسد لا يعني اي قيمة في هذا النظام , بل الجيش العربي السوري ..

تدمير هذا الجيش واستمرار الاسد في السلطة مرحب به من قبل اميركا ..!!

خلع الاسد وبقاء الجيش ، يعني بقاء الازمة في سورية حتى تدمير الجيش وفق ما تخطط له اميركا ..

عهر الانتلجنسيا العربية المعاصر لا يفقه بهذه المعطيات التاريخية شيئاً ويسوق ويروج لاتفه بضاعة تاريخية اعلامية تتمثل بتهويل دور الشيعة والايرانيين وحزب الله ..

لو تكون لهؤلاء المغرر بهم من شباب سورية عبرة في ثورة المجاهدين الافغان ضد السوفييت .. والتي اختار من غرر بهم اقصر الطرق للتنفيس والحرية بصوت الرصاص ودولارات ال سعود الخضراء ..

كيف ال بهم المآل اليوم ؟ وكيف هي افغانستان اليوم ؟

هل كانت افغانستان السبعينيات افضل ام افغانستان اليوم ؟


هؤلاء الليبراليين بصورة عامة ، ولكونهم يعيشون في تصور خاطئ بان الغرب لا يزال قوياً متماسكاً بلا وعي في حقيقة ان التماسك والقوة لا تحددها مستويات الرفاهية الاقتصادية التي يرفل بها العالم الغربي او دول الخليج اليوم وإنما بخصوبة المجتمعات وشبابها وقدرتها على التغيير حتى لو لم تكن بمستوى معيشي عالي مثل الغرب ..

اوربا عجوزٌ شمطاء وإن ارتدت افخر الثياب وتعطرت باغلى العطور ، كذلك هي اميركا ، عاهرة جميلة جداً ، نجمة من نجمات هوليود المصابة بالايدز ويقترب منها شبح الموت بسرعة دون ان يدركوا هذا ..

اما دول الخليج فهي دول استهلاكية بامتياز ليس لها من دور في التاريخ سوى ان تكون مطية للامبرالية وعصا تضرب به انظمة الممانعة والمقاومة في المنطقة ..

الغد في هذا التاريخ للامم الخصبة القادرة على التغيير بسواعد ابنائها ، لا بدولارات خضراء تحركها اميركا شرقا وغرباً لادارة الحروب والنزاعات عبر القارات ..فهذه حبلها قصير جدا ..

لكونهم سطحيين ، مظهريين ، لا عمق لديهم في فهم التاريخ ومجريات حوادثه ، لا يزالون يراهنون على خروج الولايات المتحدة من ازمة سوريا خروج المنتصر الظافر ..

هم لا يدركون بعد ان سوريا باتت المحك الذي سيقرر قيمة ووجود الصين وروسيا في عالم المستقبل ..
وان هاتين الدولتين دخلتا عبر سوريا في اول مواجهة سياسية بهذا المستوى منذ نهاية الحرب الباردة مع السوفييت ..

حتى لو سقط النظام في سورية وتفكك الجيش العربي السوري ( لا قدر الله ) ، فهذا لا يعني ان الحرب التاريخية بين اقطاب العالم الجديد قد انتهت ..

فروسيا والصين ، لم تختارا اسهل الطرق ، بل الاصعب لتحتل لها مكاناً مميزاً في التاريخ ، وهم اليوم على استعداد لتحمل كافة تبعات مواجهة الغرب استجابة لواقع ما يشكله هذا الغرب من تهديد لوجودها ..

فاميركا هي الاخرى اختارت اقصر طريق لاسقاط نظام بشار الاسد .. اولاء الثوار الشباب في سوريا ..

الثوار في سوريا ضحية ، والشعب السوري بات اليوم قرباناً يقدم في معبد الحرية الاميركية المزيفة ..

والليبراليون باتوا يدركون ان الجهاديين المتعصبين اكثر شجاعة لمواجهة الحديد والنار بصدور عارية ..

من المفترض ان يبدل هذا مقاييس الاخلاق لديهم ..

مع ذلك ، لا يزال البعض منهم يصر على تصوير اميركا راعية للخير في هذا العالم ..

الغرب يفقد قبضته , والاميركان لا امل لديهم بسقوط نظامي الاسد وايران الا بحرب كبرى في المنطقة تجسد الملحمة التوراتية الموعودة هرمجدون ..

لن تبقى بعد هذه الحرب اي ملامح للعالم القديم – الحاضر الذي نعيشه ...

فرغم قوة الولايات المتحدة وتفوقها العسكري الحربي ، لكن فرص نجاح السياسة الاميركية المتبعة في سوريا ضئيلة ، ستضطر في النهاية لمحاربة ايران وجهاً لوجه بعد ان ينفد صبرها ..

ليس من عادة راس المال الجبان ان يصبر طويلاً , يومها ستتبدل ملامح المنطقة بالكامل حين يكتشف العالم بان اميركا ليست المارد الذي لا يقهر ، وان هذا العالم بات متعدد الاقطاب ومحكوماً بقوى دولية جديدة تفرض سياسات عالمية جديدة ونظام مالي واقتصادي عالمي جديد .. وصولاً لثقافات جديدة ..

وليبرالية جديدة لن تكون على شاكلة ما ينادي به هؤلاء الضائعين الايتام ابدا ..

سيزولون من التاريخ ، كانما لم يكونوا يوما ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف فلسطينيين أثناء تجمعهم حول نقطة للإنترنت في غزة


.. طلبة في تونس يرفعون شعارات مناصرة لفلسطين خلال امتحان البكال




.. الخارجية القطرية: هناك إساءة في استخدام الوساطة وتوظيفها لتح


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش خياري إيران ورفح.. أيهما العاجل




.. سيارة كهربائية تهاجر من بكين إلى واشنطن.. لماذا يخشاها ترمب