الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الترتيب الشديد

مجدي مهني أمين

2012 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


قامت الثورة ووثب الإخوان إلى سدة الحكم، أخدوا الحكومة لحسابهم، نشرت ميلشياتهم وأعوانهم من السلفيين الرعب بين الناس، قتل حلفاؤهم من الجماعات الإسلامية جنودنا في سيناء، وتخلف رئيسهم عن تشييع جنازة الشهداء، ثم سعوا لتكميم الأفواه وأخونة الصحافة، والتحكم في تعيين رؤساء تحرير الصحف التابعين عقائديا لهم.

وفي فورة حماسهم؛ أخذ الإخوان ميليشياتهم بالسيارات، مساء الأربعاء 8 أغسطس2012، إلى مدينة الإعلام كي يؤدبوا الإعلاميين المتطاولين على الدولة الإخوانية..تأديبهم أو تحذيرهم.

قامت الثورة وأتي الإخوان بما لا تشتهي السفن، مع سيل لا يتوقف من تعدي على مشاعر الناس، فالمرشد السابق محمد مهدي عاكف ، يوم الخميس 9 أغسطس، يؤكد مع طوني خليفة،في برنامج زمن الإخوان:

- الذي لا يقبل الحكم الإسلامي الذي ارتضاه الشعب، (ظز) فيه.

طبعا مع الكثير من التساؤل حول عبارة " ارتضاه الشعب " ، فالشعب انتخب أشخاص –كالدكتور مرسي- يطرحون برامج تنموية ولم يطرحوا نظما دينية للحكم، كما أن انتخاب الدكتور مرسي كان بالكثير من الالتفاف على إرادة الشعب. ثم يعلن سعد الحسيني عضو المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، على قناة مصر 25 الإخوانية:

- من يعترض على قرارات محمد مرسي فلن يجد من شبابنا عند القصر إلا الضرب بالجزم

ويصرح الرئيس محمد مرسي في البرنامج العام أيضا في ذات اليوم بعد الإفطار:

- لن نتهاون مع من يهاجمنا .. فالإخوان هم أساس الحكم وهم دعامة النهضة، والإخوان الآن وقتهم أن ينشروا كلمة الله في الارض ومن يعارضنا فهم من دعاة الشيطان وما يحدث في مصر هو مجرد تطهير لها من الشر والنفاق..

أليست هذه مقدمات فرض الدولة الدينية؟ ثم ما حدث من بلطجة في مدينة الإعلام، هل يمكن أن نعتبره تطهير أم بلطجة؟

وفي هذا الصخب، يقرر الرئيس محمد مرسي، منح نفسه كافة الأوسمة والنياشين التي يمكن أن يحصل عليها أي رئيس جمهورية !!

كل هذا دون أن ندرك معنى وسر أن يمنح الرئيس نفسه كل القلادات، هل هذه مكافأة على مجهوداته هو وجماعته وحزبه في مطاردة الصحف والصحفيين؟ أم مكافأة عدم الوفاء بإلتزاماته لحل مشكلات الأمن والخبر والمرور العيش والطاقة والنظافة؟

يرفض الشباب كل هذه التجاوزات، ويستعدون لمواجهة هذه الديكتاورية الوليدة في 24 أغسطس. وهنا لابد أن تسبق كل الرموز شباب الثورة،هذه المرة، تسبقهم وتلحق بهم، تسبقهم كي يتأكد الشباب أنهم على الطريق الصحيح، وتلحق بهم كي ترعى ثورتهم، وكي يجد الشباب عمقهم الاستراتيجي واقفا بجوراهم في الميدان.

الثورة ليست فعلا من أفعال العنف، الثورة تعبير عن الحلم المستحيل وهو يلين كي يصبح واقعا ممكنا، الثورة فكرة ومثل أعلى، الثورة غدُ وهو يطاوع شعبا كي يأتي اليوم، الثورة رحيق تأخذ منه الشعوب ملء ما تستطيع كي تصنع تاريخا وشهدا، والشباب في 24 أغسطس المقبل يَعد بأن يكمل الامتلاء من عبق الثورة.

لا يوجد أمام الإخوان إلا أن يتجاوبوا مع الثورة كي يلتقوا معها في منتصف الطريق، فلو يتصور الإخوان أنهم قادرون أن يجهضوا الثورة، بأن يطلقوا عليها ميليشياتهم، يسقطون في المحظور، ويخرجون من التاريخ بلا عودة.

فلقدعرفت مصر مع كل الغزوات كيف تواجه الحاكم الظالم، وكيف تجبره على تقديرها، لقد واجهته –عبر تاريخها- بالعمل والانتاج، فأصبح في حاجة ماسة إليها، وعرفت كيف تعاقبه بالتوقف عن الانتاج؛ فمع اشتداد الظلم، كانت تهجر الأرض، كي يجوع الحاكم، والحاكم المرفه لا يتحمل الجوع، أما هي فتعرف كيف تتحمل الجوع.. مصر المتدينة تحب الصيام.

ولعل عقاب هجر الأرض، كان أقسى أنواع العقاب التي واجهت به مصر عصور الفساد، الناس امتنعوا في عصر مبارك عن العمل فانخفض الانتاج وزادت الديون، وانخفضت معدلات التنمية إلى أدني حدودها، وعاشت مصر على الإعانات والمنح. اصبحت المصالح لا تعمل، امتنع المعلم في المدرسة عن التعليم؛ فساء مستوى التعليم، وساء بالمثل مستوى الصناعة ، ومستوى العلاج في المستشفيات الحكومية والخاصة.. انسحب الناس وكانت مصر تنهار، عاقب الشعب الحكومة الفاسدة، وهجر العمل كأشد أنواع العقاب.

ولما ضاقت العجلة على الشعب والحاكم؛ انفرط عقد الحاكم وأصبح فلولا.

فلو استعد الإخوان لإجهاض الثورة، وفشلت كل المساعي في تحقيق الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، هنا سيقول الشعب مع استيفان روستي في فيلم سيدة القصر:

- أنا مضطر ألجأ للترتيب الشديد.

والترتيب الشديد، سيكون الانسحاب وترك الأرض، هنا لن يستطيع الإخوان أن ينجزوا أية نهضة، وستضيق الحلقة جدا، سيجوع الشعب، أو بالحري يصوم، حتى تجف كل منابع الحياة للحكام الظالمين، ويسقطون كورقة جافة من شجرة مصر، وعندها تستأنف الثورة مشروعها الحضاري وإن تأخر الزمن قليلا.

- فهل يتروي الإخوان ويلتقون مع الثورة ويحترمون عقلها؟
- أم ستطيح بهم الثورة؟
- أم سيلجأ الشعب للترتيب الشديد؟

في الخيارات الثلاثة ستنتصر الثورة، فالتقدم هو قدر الإنسانية الذي رصده التاريخ؛ وإن تأخر بين شعب وآخر، فالتقدم محطة الوصول، فلو آمن الإخوان بحتمية التاريخ لصاحبوا الثورة ونجت ونجوا. ولو تجاهلوها لوصلت الثورة ونسى التاريخ الإخوان.

مصر في اشتياق تحقق الثورة أهدافها في دولة مدنية، تؤمن بالحرية والمساواة والعدل، في اشتياق أن تسترد تاريخها المفقود، أليس هذا حقها؟ ..هو حقها على الثوار: على الشباب ، وكافة الرموز هذه المرة، وإن كره الإخوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هانت
عماد عبد الملك بولس ( 2012 / 8 / 12 - 20:18 )
هذا يا سيدي تفاؤل شديد، اليوم انتهت التمثيلية و ظهرت الكرامات، الشعب هو السيد، و هذا الشعب لديه الكثير من المفاجآت، و هو جبار يغير عندما يتحرك، لا التاريخ فقط، بل الجغرافيا أيضا، آمنتُ بمصر، و قريبا سيتعلم المتذاكون و اللصوص و الخونة الدرس، تحياتي


2 - لو كان دور المجلس قد توقف
مجدي مهني أمين ( 2012 / 8 / 12 - 21:05 )
لو كان دور المجلس قد توقف بقرارات الرئيس اليوم، فالآن جاء دور الرموز، وإلا فالشباب في الثورة بلا قائد، وتكون الثورة قد ضاعت بين اتفاقات وصفقات،. ثورة 25 يناير كانت ثورة الشباب، والآن جاء دور الرموز كتفا بكتف بجوار الشباب. اليوم دور الرموز، فالهدف من هذه القرارات هو إجهاض يوم 24 أغسطس، وابتلاع الثورة.


3 - بدلا من 24 أغسطس لنفكر في المستقبل
عماد عبد الملك بولس ( 2012 / 8 / 12 - 23:18 )
الليبراليون غير متحدون، ولا معني للاستعراض فوق قضيب القطار، لأن القطار لن يبقي علي أحد، لا بديل لأن نكون أذكي من أعداءئنا - أعداء الحرية - و لا بد من التخطيط لربح المعركة، أرفض الحشد للغضب فقط، لابد من الفكر و تحديد الهدف و فضح العدو فضحا كاسحا و التخطيط للوصول إلي أهداف واضحة جدا، لا نريد أن نفضح أنفسنا و أن نخسر كل مرة بسبب التعجل و عدم الاستعداد الجيد

لا بد من التفكير في الدستور و النتخابات القادمة بدلا

تحياتي


4 - إذن يتحد الليبراليون
مجدي مهني أمين ( 2012 / 8 / 12 - 23:27 )
الليبراليون غير متحدون، إذن يتحد الليبراليون، ومن هنا دعوتي لضرورة قيام الرموز بدورهم، فدورهم الأساسي هو توحيد الصف، ودورهم التالي هو المواجهة، توحيد الصف والمواجهة، بالطبع المواجهة السلمية ، والهدف من المواجهة هو تحقيق الدولة المدنية ودعم المحكمة الدستورية والوصول للجنة دستورية ممثلة لكل أطياف المجتمع، وحل جماعة الإخوان المسلمين لأنها جماعة غير قانونية، أو وضعها في إطار قانوني يخضع لقانون الأحزاب أو قانون الجمعيات

اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا