الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب يريد سقوط الهيمنة

مجدي مهني أمين

2012 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تصدر اليوم 12 أغسطس 2012 قرارات الرئيس بإلغاء الإعلان الدستوري، وإحالة المشير طنطاوي والفريق عناني للتقاعد، وهنا لم يأخذ الرئيس فقط صلاحياته، بل أخذ في يده السلطة التشريعية، واحتفظ لنفسه بحق تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور في حال صدور قرار بحلها، يعني لو مش عاجبانا هذه اللجنة التي تشكلت بمعرفة حزب الحرية والعدالة فلننتظر لجنة جديدة تشكل أيضا بمعرفة مكتب الإخوان.

أن كافة تحركات الإخوان تدور حول هدفين: الهدف الأساسي الكبير هو صياغة الدستور، فالإخوان يريدون أن يتولوا صياغة الدستور بمعرفتهم ومزاجهم الخاص؛ كل معاركهم بدء بالتعديلات الدستورية، ودفع الجماهير لقبول هذه التعديلات بديلا للدستور، وانتخابات مجلسي الشعب والشورى بالقائمة، كانت من أجل الدستور، أو بالحري من أجل ضمان لجنة تأسيسية تعد لهم دستور الدولة الدينية المنشودة.

والهدف التالي هو كانت العمل على وجود رئاسة منتمية للإخوان ترعي الدستور المفترض صياغته حسب رؤيتهم ، ويبقى زيتنا في دقيقنا.. وقام الإخوان بكل إجراءاتهم ونجحوا في تحقيق العديد من أهدافهم في ظل صفقاتهم مع المجلس العسكري:

- لماذا هذه الصفقات؟
- لأن الثوار في الأساس كانوا قد سلموا الثورة للمجلس العسكري.. أي قبلوا هيمنة طرف آخر كي يدير لهم المرحلة الانتقالية.

فما وصلنا إليه كان النتيجة الطبيعية لثورة لم تكتمل، وتم تفويضها للمجلس العسكري، الذي بدلا من أن يديرها بالشراكة مع الثوار، أدارها بالشراكة مع الإخوان، وما السبب في هذا التفويض؟ السبب كان يعود لضعف أصيلا في أهداف الثورة؛ فالثورة قامت ضد الفساد، والفساد في الواقع نتيجة مش سبب:

- الفساد نتيجة طبيعية للهيمنة والحكم المطلق؛
- فكان يلزم أن تكون ثورتنا ضد الهيمنة مش ضد الفساد، أو ضد الهيمنة والفساد معا، وليس الفساد فقط.

كان الشباب يردد: " الشعب يريد سقوط النظام "، ولكن بنسبة كبيرة كان الثوار يرون أن مبارك هو النظام، لذا عندما سقط مبارك، شعر الشباب أنهم حققوا الهدف وتركوا الميدان، لم يصغوا وقتها جيدا لندائهم هم : " الشعب يريد سقوط النظام "، ولم يدركوا أن ما سقط هم مجرد أشخاص يمثلوا النظام، لكنهم ليسوا النظام؛ النظام هو الهيمنة، حتى في ندائهم بسقوط المحليات؛ فقد كانوا ينادون بسقوط مزيد من الأشخاص التي تمثل النظام، ومرة أخرى أخطأوا الهدف، فالنظام مرة أخرى هو الهيمنة والحكم المطلق، وليس فقط الأشخاص؛ زاد عددهم أو قل. نعم يجب أن يرحل الأشخاص ولكن الأهم أن تزول الهيمنة كطريقة في حكم البلاد.

القبول بمبدأ التفويض كان قبولا بمبدأ الهيمنة، كان قبولا بمبدأ الحاكم الصالح المهيمن، أو بالمجلس الصالح المهيمن المتحدث باسم الثورة، وبالطبع لم يكن صالحا، لسبب بسيط : أنه كان مهيمنا. ودخل الإخوان في لعبة الهيمنة ولم يثُر أحد، لماذا؟

- لأن الشباب كانت ثورتهم ضد الفساد، مش ضد الهيمنة.

كانت ثورتهم ضد النتيجة أكثر من أن تكون ضد السبب.. حتى أن العديد من الناس المشاركين في الثورة لا ينتفضوا من فكرة الحكم الديني بقدر انتفاضهم من مبارك مثلا، لماذا؟ لأنهم لا يدركون أن الحكم الديني في النهاية هو شكل من أشكال الحكم المطلق، ولا يدركون أن الهيمنة هي التجارب الأولى للوصول للحكم المطلق، ولا يربطون في ذهنهم العلاقة الوثيقة بين الفساد والهيمنة.

وفي ظل الهيمنة، وفي الأيام القليلة لهم في الحكم، جاءت كافة تجاوزات الإخوان كي يكمموا الصحافة، ويغلقوا القنوات المعارضة، ويرهبوا الإعلاميين ويذهبوا لإرهابهم في مدينتهم الإعلامية، ويخرجوا رموزهم من السجون، ويمنح رئيسهم نفسه أوسمة تكلف الدولة أكثر من 2.5 مليون جنيه سنويا، وفي نفس الوقت، يتحرك السلفيون- صنو الإخوان- لمطاردة الفتيات في الشوارع، وتهجير الإقباط، وفرض الشكل الديني للدولة.

ضج الثوار بممارسات الهيمنة، وسياسة الاستحواذ التي يقودها الإخوان بعيدا عن الشراكة والشفافية، ضج الشباب ونادوا بالذهاب للميدان يوم 24 أغسطس للمطالبة بحل جماعة الإخوان المسلمين، لأنها جماعة غير قانونية، جماعة لا تخضع لقانون الأحزاب ولا لقانون الجمعيات الأهلية،، وتصرف ببذخ على الانتخابات وغيرها دون أي إعلان عن مصادر تمويلها، ولا تخضع حساباتها لأي رقابة مالية.
وهنا جاءت هذه القرارات التي اتخذها الرئيس، جاءت كي تستبق ثورة الشباب، وكي تجهض العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش في سيناء، هذه العمليات التي تقضي في النهاية على مطامع حماس حليفة الإخوان.

ليس أمام الشباب إلا الاستمرار في الثورة، الثورة على الهيمنة والحكم المطلق ؛ فالحكم المطلق هو البيئة المناسبة لكل فساد. على الثورة أن تستمر وأن تعدل مسارها، وأن تكون ضد كل أشكال الهيمنة، هذه المرة:

- الشعب يريد سقوط الهيمنة، الشعب يريد سقوط كل أشكال الهيمنة.

هذا هو دور الشباب يوم 24 أغسطس، وعلى الرموز أن تساندهم، فلو تخلى الرموز عن الشباب في مواجهة الاستحواذ والهيمنة، نكون قد أجهضنا ثورتنا بأيدينا، فإما أن نستمر في ثورتنا ونحقق أهدافها، وأما- لو فاتنا القطار- ننتظر عقودا طويلة قبل أن يخرج شعبنا مرة أخرى، مقدما قرابين جديدة من أرواح شهداء ليعلن أن:

- الشعب يريد سقوط الهيمنة.

ليس دور الشباب أن يحمي المجلس العسكري، الشباب دورهم حماية الثورة من الهيمنة والحكم المطلق، وعلى المجلس وكافة القوى أن تعبر عن موقفها الوطني في حماية الشباب من عمليات البطش التي يمكن أن يتعرضوا لها من الميليشيات الموالية لهذه الديكتاتورية الوليدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ