الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي علم ينفع؟!

محفوظ أبي يعلا

2012 / 8 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لو عاش اخوان الصفاء في هذا العصر لآمنوا بما جاء به علم النّفس . ربّما لكانوا من أتباع فرويد أو ربّما كان فرويد واحداً منهم .

أجدني أتساءل و أجيب في آن واحد : ما مصير علم النّفس بعد 100 سنة؟ قد يتطور علم النّفس و قد يظل على ما هو عليه . قد تعود البّشريّة لهوامها المشترك , و قد تتحرّر منه كما تنبأ فرويد .

فرويد هذا الرّجل الّذي يعلمك ألاً تثق في أحد حتّى في نفسك . أتراهُ قال الجديد؟ آمن بأن الإنسان كائنٌ شريرٌ بطبعه . سبقه ابن المقفع حين قال : " فإن الإنسان طبع على ضرائب اللؤم " . و سبق كلاهما التّنزيل الحكيم حين وصف الإنسان بهذه الصفات : ظلوم , فخور , خصيم , يطغى , يفسد في الأرض .

لا أحد يستطيع إنكار أهمية علم النّفس , انّه أسمى ما وصل إليه الفكر الإنساني في هذا الحقل المعرفي أعني حقل النّفس الإنسانيّة . و من هذا الّذي لا يميل للتّحليل النّفسي؟ انه بالتأكيد المعجب بالقديم و بالتّراث .. المتجمد الّذي لم يشرب بعدُ من ماء الحياة . انه يصعب على الإنسان التّحرّر من أوهامه ـ سذاجته الطفوليّة . و أليس التّراث سذاجة تم تلقينها لنا منذ الطفولة؟

و لكن , ماذا عن ثقافتنا الّتي لا تعترف بتحليلات معظم أطروحات العلوم الإنسانيّة بما فيها علم النفس؟ ثقافتنا التي وصفها نزار قبّاني فأحسن وصفها : " فقاقيعٌ من الصابون
و الوحل // فمازالت بداخلنا رواسبٌ من أبي جهل " . ماذا عن مجتمعنا السعيد بهوامه المشترك؟ انه مجتمع ساذج . كيف يعيش فيه الفرد المتشبع بقيم العلوم الإنسانيّة الحدّيثة؟ اننا أمام مشكلة قائمة دائماً و لم نجد لها حلاً . انها مشكلة الجديد و القديم , الحدّاثة و التّراث .

لقد وفق إخوان الصفاء, و قبلهم المعتزلة , بين حكمة الإسلام و حكمة الفلسفة اليونانيّة . فهل نوفق نحن أيضاً بين الحدّاثة و التّراث؟ الأصالة و المعاصرة؟

لكم كرهت الحلول التوفيقيّة . انها , حسب رأيي , أنصاف الحلول التي لا تأتي بالخير . و على كلّ , فإن اعادة التّراث بالشكل الذي هو عليه غير ممكن بتاتاً . و اذن يبقى أمامنا إما أخذ قيم الحدّاثة أو تطوير التّراث . و اذا طورنا تراثنا , ألن نصل إلى ما وصل إليه الغرب؟ ألن نصل إلى قيم الحداثة في نهاية المطاف؟ فلماذا اذاً نجعل الطريق طويلا و بمقدورنا بدلاً من ذلك اختصاره و أخذ الحدّاثة من الغرب؟

يجب علينا أن نضع قطيعة تامةَ بيننا و بين تراث أجدادنا العقيم . يجب علينا أن نفتح عقولنا بعد اليوم على أبواب علم النّفس و علم الاجتماع و الفلسفة و لا نعود للتراث إلاّ من أجل الاستئناس و المتعة . نودع إذن نرجسية الأنا الجماعي و نرحب بقيم الإنسانيّة الحديثة .

و لكن هل بسهولة نستطيع التّحرّر من جحيم هذا السّؤال : أي علم ينفع؟ و أي شيخ نتبع؟ هل نركع مع الراكعين و نقدم الذبائح للتكفير عن اثم أجدادنا القديم أم نؤمن بالعلوم الإنسانيّة كمذاهب تليق بإنسان هذه الأزمنة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث