الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومات السورية الباراشوتية

علي الأمين السويد

2012 / 8 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


تُبنى المشاريع التي يراد منها تحقيق حياة أفضل للإنسان وفق سلسلة من المراحل أولها الحلم، ثم نقل هذا الحلم إلى دراسة، فمن دراسة إلى هدف فخطة لتحقيق ذلك الهدف، و أخيراً يتم اختيار أدوات لتحقيق هذا الهدف.
و الدولة مشروع ككل المشاريع يحتاج لذلك التسلسل ليكون مثمراً. و الجهة التي تقوم بدور الحلم ووتحويل هذا الحلم إلى دراسة و نقله عبر مراحل خلق الدولة الناجحة هم الجماعات البشرية التي شاءت الظروف أن تجمعهم أرض واحدة، ووجدوا أنفسهم مضطرين لتنظيم أمورهم لسبب من الأسباب.
و لكي لا نذهب بعيدا، فالشعب السوري اليوم هو أحوج ما يكون إلى تبني هذه السياسة بإعتبار أننا مقبلون على انهيار معظم المفاصل الرئيسية في الدولة الحالية لحظة إنهيار النظام الأسدي الذي عمل جاهداً و طوال فترة حكمه على الحرص على اختزال الدولة في أركان نظامه، فإذا انفرط عقد هذا النظام انفرط عقد الدولة السورية.
إذا فإنهيار الدولة الأسدية و بالتالي انهيار بنية الدولة السورية آت لا محالة، و الحاجة الملحة أمام الشعب السوري تكمن في إيجاد دولته التي يرتضيها.
و من الثابت ذكره أن كثيراً من المعارضين الجدد و المثقفين و الثوريين و العسكريين صاروا يتسابقون لتأسيس حكومات سمّوها بكافة التسميات التي تخطر على بال دون أن يكون لأي من آسماءها نصيب. و للأسف يتم نسب فشلها السريع و سقوطها الهادئ لأسباب لا تمت إلى التحليل المنطقي بصلة و الذي يقول ما بني على باطل، باطل.
وسبب وصفها بأنها باطلة يُعزى لكون هذه “الحكومات” توصف بأنها حارقة للمراحل الأساسية في بناء الدولة حيث تم تجاوز إرادة الشعب في تكوين دولته التي يرضاها، و بالتالي عدم الرجوع إلى خطته لتحقيق ذلك الهدف، و تم الإكتفاء بإختيار الادوات والتي هي في هذه الحالة، وزراء بلا حقائب وبلا ثقة برلمانية أو حتى شعبية.
هذه الحكومات السريعة تفشل لأنها ولدت في الاسبوع الأول من رحلة التسعة أشهر دون اكتمال نموها، و سقوطها طبيعي ولا يرتبط بالأشخاص فيها لا من قريب ولا من بعيد سوى من ناحية أنهم ساروا عكس التيار، و ظنوا أن السرعة و ثقل أسماء الشخصيات كفيل بأن يجعل الشعب السوري يهبّ مبتهجا و مانحاً إياها الثقة ليتقدموا من المجتمع الدولي وقد تزينوا بهذه الثقة دون أن يعلموا ما يفعلون بها.
فإنهيار هذه الطبخات الجاهزة من الحكومات الثورية حتمي لأنه غير مبني على توافق شعبي في الرؤى أو في الأهداف أو في المسار وليس لأعضائها الذي بدو أنهم يهبطون على الثورة هبوط المظليين في أرض لا يعرفونها و ربما تكون معادية لجهلها بمن هبط.
لقد آن الأون للمثقفين و للثوار من الشعب السوري أن يعيدوا الأمور إلى تسلسلها المنطقي قبل فوات الأوان وقبل ضياع مزيد من الوقت الذي يعرف الجميع تكلفته. فالمطلوب هو مشروع وطني سوري توافقي يكوّن الهدف الذي يرنوا الشعب السوري إلى تحقيقه.
و قد توصلت المجموعات السورية الثورية والمعارضة برعاية عربية و دولية من خلال مؤتمر القاهرة لتوحيد المعارضة المنعقد بتاريح 2 و 3 من شهر تموز 2012 إلى إنتاج وثيقتين تاريخيتين هما وثيقة المرحلة الإنتقالية و وثقية العهد الوطني اللتين تم التوصل لهما بجهود و أفكار سورية خالصة مئة بالمئة وتعتبران، بسبب مضمونهما المتحضر، أرقى ما يمكن لشعب أن يتفق عليه في ظروف حرجة و مقلقة كهذه التي تمر بها سوريا حالياً.
و في ظل انتباه المثقفين المتأخر لأهمية انتاج مشاريع وطنية لإعادة بناء الدولة ولكن، للأسف، من خلال شراء السرج قبل الحصان بإبتداع الحكومة تلو الأخرى دون الاعتماد على التسلسل الذي يؤدي إلى بروز الحاجة الماسة لتلك الحكومة لتنفذ تلك المشاريع. فالظن أن حكومة ظل يقودها شخصيات كبيرة أو غيرها قادرة على اختصار رؤية الشعب السوري كاملا فيما تراه هي خاطئ ولا جدوى قيمة ترجى منه و خصوصاً إن تم اختيار شخصيات هذه الحكومة و فقاً لقاعدة “الذي يحبنا و يحترمنا يوقع معنا” و هذا مبدأ دكتاتوري آخر لا يمكن قبوله من قبل الشعب الثائر ودليل رفضه لهذه “الموضة” المنحرفة أنه لم يكتب لأي منها النجاح، و لن يكتب، طالما بنيت على مبدأ تقديس الاشخاص.
فالمطلوب أن يجتمع الأضداد و الأصدقاء و الدينيون واللادينيون و الرجال و النساء و الشيوخ و الشباب لصناعة مركبهم الذي سيشقون به عباب البحر سوية بحيث يعرف كل مكونٍ دوره على هذا المركب و الكل يقدّر و يحترم هذا الدور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر