الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الثورات

سالم الصادق

2012 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعدْ في الورقة مكان يلفظ القلم كلماتِه عليه . لقد ملأتها بصماتُ الشهداء بلون الدم .
رحلوا غير ملتفتين إلى الوراء . عيونهم تقاوم فوهات المدافع وسبطانات البنادق . لقد أثبتوا بطلان تنظيرات السياسة ، وسذاجة الأمثال المتخاذلة، فالعين تقاوم المخرز، والحديد يُفَلُّ بغير الحديد ، واليد التي تمتد تُكسر من غير تقبيل ودعاء .
أعادوا جدلية الوجود إلى محطته الأولى ؛ الموت والحياة .
إنهم يكتبون في سجل الثورات نظرية جديدة لم يسبقهم إليها أحد ، لاحمراء ولا خضراء ولابيضاء ، ولا برتقالية ، إنها بكل ألوان الطيف الشعبي ؛ ثورة على الاستبداد والاستغلال والفساد والتخلف والطائفية والتحزبية ، ثورة على التزييف الثوري والدجل الوطني والنفاق القومي ، عرَّت دكاكين الأحزاب ومبادئها البراقة ، كشفت شعارات وحدة الفاسدين ، وحرية المجرمين ، واشتراكية اللصوص ، فضحت تحالف الجمهوريات الطائفية الحاقدة مع مافيات ( الستالينية الجديدة ) .
ثورة جمعت محرِّك الثورات جميعاً ، وجربت كل وسائلها ؛ سلمية وغير سلمية ، وتتطلع لتحقيق أهدافها جميعها .
إنها ثورة عدوها تحت جلدها ، يتنكر بثياب الضحية ويعب من دمائها، شهداؤها الشباب والنساء والأطفال والشيوخ ، ثورة البشر والشجر والحجر. وقودها دماء مواطنين تحركهم ضمائرهم لا براميل النفط المهربة عبر الحدود ، سلاحها سواعد شبابها لا سلاح أدعياء المقاومة من زراعة وتجارة المخدرات ، تآمرعليها وتخاذل عنها المحيط القريب والبعيد لحساباتٍ خاصة ، غيرآبهين بالدم المسفوك على مهد الحضارات ، ولا بأرواح تمردت على الزنازين السوداء ، ثورة تمتد إليها يد الغدر، من ذوي القربى قبل البعداء ، ثورة أراد لهاأدعياء حقوق الإنسان والديمقراطية المزيفة أن تكون أسهماً في بورصات السياسة الخسيسة ، ودعاية في مزادات الأحزاب والحكومات .
قدموا لها كثيراً من بياناتٍ لا تكفي لأكفان الأطفال الشهداء ولا تغطي أجساد المهجرين في العراء، وزعواالكثير من شعارات الدعم التي لاتملأ بطن طفلة تفترش الرمال الكاوية ، وتلتحف السماء الحارقة . أصدروا قرارات لا ترد عنهم قذائف الموت ورصاص الغدر . دبجوا آلاف الخطابات والتصريحات التي لا تصلح لأن ينتعلها طفلٌ حافٍ على جمر المخيمات .
لايريدون لهذه الثورة أن تنجح إلا بالقدر الذي يطمئنون إليه ، ويقيهم عدوى الحرية والديمقراطية الحق ، بنو جلدتنا يخشون من امتداد شرارها ، فتحرقَ ديباج قصورهم . وتلتهم عروشهم وكروشهم ، إنها ثورة والتفرد التميز ؛ لقسوة البطش ، وعمق الاستبداد ، واتساع التقاعس ، وامتداد الصمت ، وتنوع التضحيات . إنها بحق ثورة الثورات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي