الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة الانحياز للضيافة والمجاملة بامتياز!

خليل الفائزي

2012 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


لسنا من المساومين ولا المنافقين ولا المتملقين ولا لاهثين وراء الصكوك المالية والموائد الدسمة لاننا إنشاء الله اتباع دين راسخ وعقيدة ثابتة وفخرنا في الحياة عزة أنفسنا وحرية أفكارنا ولسنا عبيد المال ولا أسرى الكرسي وعطايا الحكام!.
و لو كنا من المرائين والمنافقين وسماسرة الأقلام – وما أكثرهم من المؤسف هذه الأيام – لكنا الآن في مقام وزراء ونواب في البرلمانات و أصحاب مسئوليات كبرى لدى الحكام لاسيما الذين بنوا سلطتهم على النفاق والرياء والتزوير.
قد يتصور البعض خاصة حفاة الإعلاميين والسياسيين من انهم يستطيعون إحياء أمة او بناء وطن او تغيير تاريخ او توطيد علاقات من خلال النفاق و التحوير والكذب والدجل او حتى المجاملة وقلب الحقائق او التغطية على الواقع السياسي في المنطقة والعالم، واقصد هنا بالتحديد اجتماعات قمة دول منظمة عدم الانحياز في طهران، و هي الاجتماعات التي قيل و يقال عنها زيفا انها ستقلب المعادلة السياسية في ميزان القوى في العالم و ستجعل ايران تقود زعامة العالم باعتبارها القطب الأول الأقوى من أمريكا و حلفائها!.
و قد خط و تلاعب المنافقون الإعلاميون بالعبارات والجمل و الكلمات الى حد جعل الكثيرين يتصورون ولادة قطب جديد لقيادة العالم و ان جميع دول عدم الانحياز تقف الان و بقوة في جبهة معادية لأمريكا و ان القضاء عليها و طردها من المنطقة بات وشيكا جدا!. .
قطعاً اننا مع اي جبهة او تيار او حتى جماعة تقف ضد تسلط و هيمنة أمريكا والغرب على العالم ونعارض بشدة انتهاك سيادة اي دولة او شعب بواسطة القوى الناهبة لخيرات الأمم، ولكن التمني بالنفاق شئ و الواقع الملموس شئ آخر، ولسنا من الذين يعيشون في الأوهام ونطلق بالون الشعارات الفارغة ثم نسلّم بلداننا للأجنبي مع أول رصاصة تطلق ضدنا، كما فعلها العديد من حكام المنطقة خاصة رؤساء الجمهوريات المزيفة وسوف يفعلها الكثير من الذين يطلقون الآن شعارات ثورية جوفاء و لكنهم يبيعون أوطانهم ويفّرون من الساحة في وقت الشدة وعند أول مواجهة حقيقية تهدد عروشهم وسلطتهم.
فمن الغباء جداً – كما يحاول ان يخدعنا الإعلاميون المنافقون وعبيد بلاط الحكام (( ذروة نفاقهم بالتعامل الحالي مع وفود حكام المنطقة واستبدال التهجم الشديد عليهم بالترحيب الحار بهم والانبطاح والركوع لهم!)) – ان نتصور تغيير مواقف و سياسة اكثر من 120 دولة تنتمي الى منظمة عدم الانحياز بين ليلة وضحاها او لمجرد حصول وفود هذه الدول على ضيافة دسمة و هدايا نفيسة ملأت بها سيارات وطائرات وغرف الفنادق الضيوف خاصة و اذا علمنا هذه الحقيقة وهي ان اكثر من 90% من هذه الدول وحتى أسابيع مضت قد صوتت بأصابعها العشرة ضد إيران في الأمم المتحدة وفرضت عليها المزيد من العقوبات بأمر مباشر من واشنطن. و امتنعت معظم دول عدم الانحياز عن شراء النفط الإيراني الذي انخفض إنتاجه حتى النصف و تقلصت عائدات النفط حوالي 150 مليون دولار يومياً وهذا الأمر قد يؤثر فقط على عطايا النظام الإيراني للجماعات المؤيدة له في المنطقة والعالم بالرغم من ان هذا النظام لازال يواصل ضغوطه الاقتصادية على الشعب الإيراني و يشفط الأموال من خلال رفع الأسعار والغلاء الفاحش و إذلاله للشعب الإيراني ليرسل هذه الأموال الى تلك الجماعات او يبسطها وينفقها على اجتماعات ومؤتمرات فارغة الفحوى و الجوهر مثل قمة عدم الانحياز.
نتساءل: يا ترى هل يستطيع اي اجتماع او مؤتمر يعتمد في طهران و حتى الامم المتحدة ان يغير مثلاً سياسة الدول العربية النفطية حيال التحالف الوثيق مع أمريكا و يدفعها لإزالة القواعد العسكرية الأجنبية وطرد القوات الأمريكية من أراضيها؟. بالطبع لا و ألف لا !. وهذا الأمر ينطبق حاليا على الحكومات في العراق وأفغانستان وباكستان و الهند وسائر دول شرق و غرب آسيا.
اما جمهوريات الموز والكاكاو والقهوة في أمريكا اللاتينية والجنوبية، فهي جمهوريات لا إرادة واقعية لها وشعوبها تبحث عن لقمة العيش اكثر من كلمة الحرية و شعار الديمقراطية.
هذا الوضع ينطبق ايضا على معظم دول أفريقيا التي لا حول و لا دور لها في تغيير معادلة القوى في العالم. والأكثر من هذا وذاك يا ترى ماذا نتوقع من اكثر الحكام العرب الذين من المؤسف ضاقت بهم المؤامرات على شعوبهم فوسعوا نطاق تدخلهم المباشر الى شعوب دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتعاون مع تركيا التي تدعي الدفاع عن الأمة الإسلامية من جهة ولها أوثق العلاقات مع إسرائيل وفيها اكبر القواعد العسكرية الأمريكية في العالم.
و حتى فيما يتعلق الرئيس المصري محمد مرسي فليس له – على الأقل حالياً – اي مشتركات واقعية مع مواقف الحكومة الإيرانية التي تدافع عن نظام الأسد في سوريا ومرسي يدعو ويخطط ويدعم لإسقاطه. مرسي لازال متمسكاً بقوة بالمعونات الأمريكية ومعاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل، فيما تعارضها ايران وتدعي انها قادرة تعويض مصر ما تفقدها من معونات أمريكية، اذا وافقت ورضت بالسياسة الإيرانية.
و مع هذا وبعيداً عن اللغط السياسي والنفاق الإعلامي نتحدى المشرفين على قمة عدم الانحياز والطبّالين الإعلاميين ولاحسي أحذية الحكام ان يثبتوا لنا بالمنطق تتطابق واتحاد مواقف دول عدم الانحياز من هذه الملفات الأساسية – بشكل واقعي و ليس حبراً في القرارات و الشعارات الفارغة – وهي:
جوهر القضية الفلسطينية – السلام مع إسرائيل أم القضاء عليها – نوع العلاقات مع أمريكا و الغرب عموماً و قبول او رفض سياستها و قواعدها العسكرية – سبل حل الأزمة في سوريا والبحرين – هل نحن مع الجماعات الإرهابية المسلحة ام ضدها – تفسير الإرهاب وتباينه مع المقاومة – رفض واحباط قرارات أمريكا الداعية لمعاقبة إيران- تأييد احتفاظ ايران بحقها في المجال النووي السلمي – الدعم الواقعي للشعوب الجائعة والمحرومة في أفريقيا – شجب المجازر و العمليات الإرهابية المنظمة في العراق و دول آسيا خاصة في مانيمار.
اذا حصل اي اتفاق على ملف واحد فقط من هذه الملفات قسماً بالله سأكف نهائيا عن الكتابة والإعلام ضد حكام الجمهوريات المزيفة والإعلاميين المنافقين مع العلم انني اشك بل متيقنا: ان دول عدم الانحياز سوف لا تتفق حتى على ملف هامشي واحد مثل إيجاد وكالة أنباء مشتركة او قناة متلفزة باسم هذه المنظمة التي سينسى اسمها المشاركون في قمة طهران بعد إقلاع طائراتهم المثقلة بالهدايا والعطايا من المطار وعودتهم لبلدانهم غانمين سالمين من أموال الشعب الإيراني!.

• إعلامي و قانوني مقيم في السويد
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة


.. الوسيط الألماني السابق بين حماس وإسرائيل: الكلمة الأخيرة للس




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة – القسام تقصف قوات إسرائيلية في غزة


.. استشهاد 6 فلسطينيين في قصف منزل عائلة الجمل بمدينة رفح




.. المشروع النووي الا?يراني يعود إلى الواجهة.. هل يتحقق؟