الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الرحمن بوقاف –مفكرا-

طيرشي كمال

2012 / 8 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عبد الرحمن بوقاف –مفكرا-
بقلم -كمال طيرشي-
توطئة
حري بنا و نحن نتقصى أهم انجازات المفكر الجزائري المعاصر , و ما جبلت عليه سريرته من همومية القلق الفلسفي و تداعياته , أو ما يتعلق بالمحاولات الجريئة التي خاض غمارها أولئك الذين تحروا الأصيل في ابداعاتهم الفلسفية برغم ميولهم النزوعية نحو الفلسفة الألمانية أو الفرنسية , و خطاباتها المؤدلجة التي خرجت من رحم مدارس فرونكفونية أو انجلوساكسونية معاصرة , مما جعل كثيرا من المفكرين العرب منهم و الجزائريون بوجه خاص يسيرون على نهج الوافد الجديد و مفاتنه و تنميقاته , متناسين ماهو أصيل نابع من مكنونات ذهنياتهم و عقلياتهم الفلسفية , و لنا في الأستاذ عبد الرحمن بوقاف –أنموذجا- لما هو أصيل برغم ما يقال في هذا الصدد من تبعية صارخة للعقلية الألمانية الهيدجرية منها أو الكانطية التنويرية , صحيح ان بوقاف سار وفق نهج الفلسفة الالمانية و اغترف من معين نبعها الرقراق , وله الحق في ذلك حاله كحال كل دارس منكب على الدرس الفلسفي و خطاباته العميقة , فكيف لنا أن نتقصى الأصيل في مشروعك الفلسفي يا أستاذ بوقاف وفق ماهو ماثل أمامنا من دراسات و بحوث خرجت من رحم المدرسة الجزائرية
بوقاف – مقدما و مشرفا
إنه لمن باب الحصافة و نحن نتتبع بوقاف مشرفا و مقدما في كثير حالات , ان نستحضر في اذهاننا تقديمه الرائع لترجمة عربية لإحدى محاضرات الفيلسوف الألماني –مارتن هيدجر- الشهيرة (( ماذا يعني التفكير ؟)) , هاته الترجمة التي عمدت إلى نقلها الى اللسان العربي احدى طالباته في قسم الفلسفة , و التي اختصت هي الاخرى في الفلسفة الألمانية .
تقديم عبد الرحمن بوقاف الذي كان مسترسلا و مطولا و يحوي في طياته القراءة الجديدة للفكر الوجودي الهيدجري وفق منظور يكتنه في جنباته نوعا من الأصالة و الجرأة أحيانا في تتبع سيرة هذا الوجودي و أهم الإرتباطات و التأثيرات و الايديولوجيات التي احاطت فكره و طبعته بطابع يكتنفه غموض وجودي ساحر قل مثيله عن كثير ترجمات و دراسات صدرت عن هيدجر و قل نظيرها , صحيح أن الفلسفة الهيدجرية سبق و أن تنسمنا عبقها مع اكاديميين كبار أمثال عبد الرحمن بدوي , لكن تلك المنظورية الخالصة التي قدمت لنا من لدن بدوي شابها نوع من الغموضية المبهمة حينا , أو النقل الدقيق لكتاب الكينونة و الزمان الهيدجري و نسبه إلى بدوي على سبيل الاستعارة قطعا.
إن هيدجر الذي يقدمه لك الاستاذ بوقاف هو ذلك الوجودي الذي نقرأ لكتاباته من جديد , و كأننا نحيط بفحواها لأول مرة , إنها قراءة اضفى عليها **بوقاف** شيئا من الأصالة التي لا نجدها إلا في ذهنيات كتابنا الجزائريين الذين اقتدروا على فقه فلسفة الوجود من مصادرها الحقيقية و منابعها , حيث كتب لها أن تكون .
في ما يقارب عن ثلاثين صفحة يجمل لك عبد الرحمن بوقاف فلسفة هيدجر , بلغة شاعرية , ساحرة أخاذة , و عميقة وفق تأملات فاتنة , و متناسقة , و منمقة دراسة غرفت من معين خبايا جوهر الفلسفة الهيدجرية ضمن المجال التاريخي التي سلكته , محاطة بشتى الإرتباطات و التفاعلات مع الفلسفة الألمانية و الكونية برمتها , تناول من خلالها هيدجر وهو لا يزال طالبا في علم اللاهوت , مستتبعا حديثه و اخذ بفكرها و بسلاسة الى المنحى الذين من خلاله اقتدر هيدجر على إنشاء فكرة *الدا—زاين*المشهورة , معرجا على السبب الركيز الذي جعله يحيد عن التزاماته كدارس لاهوت إلى الاخذ بهذا النوع من الفلسفة و اهتماماته العميقة بها , كما نبه الاستاذ بوقاف الى نقطة مهمة , اعتبرها البعض تهديدا صارخا و هالة احاطت بالعقلية الهيدجرية الا و هي الاعتراضات الشديدة التي سلطت عليه من لدن خصومه و و رفضهم المطلق لوجوديته سواء من خصومه الماركسيين الذين سخروا من فكرة الكينونة و الزمان و اعتبروا من خلالها أن هيدجر يرسم نهج الوجود بريشة فريدة المنحى (أي الوجود الأصيل) ألا و هي السير بإتجاه الموت ,أو حتى من لدن الوضعانيين المناطقة الذين وصفوا ميتافيزيقا هيدجر بالتأملية المزعومة خصوصا في قوله **أن العدم يعدم**.
دون أن ننسى الطريقة التي أعادنا بها عبد الرحمن بوقاف إلى الجانب المشرق من الهيدجرية ألا و هو الجانب اللاهوتي , و من بعض رجالاته الذين أثنوا على اللغة الهيدجرية كون لها اليد الطولى في فهم و قراءة النصوص الدينية قراءة تعبر و بجلائية عن تجربة تاريخية للكائن البشري .
بوقاف يجيب عن سؤال –لماذا بقيت الفلسفة في العالم العربي حبيسة لغتها ؟-
إن الفلسفة في عالمنا العربي اليوم تعيش نوعا من المفارقة عن كل ما هو واقعي , يمس بدرجة أولى الحياة اليومية و هموميتها لإنسان الواقع العربي , حتى و إن كان البعض لا زال ينظر للفلسفة بنوع من التعالي عن الواقعية , بحكم طبيعتها المجردة , و ذلك الكبت او الفوبيا التي يعانيها الفرد في مجتمعنا و من نظرة سلبية تمس بعض المشتغلين بالفلسفة , بالاضافة الى التبعية الصارخة لكل ما يأتينا من دراسات فلسفية وافدة من الغرب , و حالات الاحباط و عدم القدرة على الانتاج الفلسفي الاصيل الذي يقتدر على أن يجاري ركب الحضارة .
منظور عبد الرحمن بوقاف لهمومية هذا المشكل ؟
يؤكد الدكتور بوقاف على أن سبب نكوصية الفلسفة , و عدم نزولها الى واقع الناس الحياتي و بعث قضايا الانسان العربي المعاصرة , و محاولة ايجدا الحلول الراهنة , بما يتوافق و الذهنية العربية , هو أن عالمنا العربي لا يزال تحت وقع و ووطأة النص التراثي المقدس , الذي يكتسي طابعا محاكماتيا ينزع إلى ضرورة الإمتثال لتوافقياته و ضوابطه , لأنه مرجعية مكتملة تامة , لا يغالبها النقصان , بل هو نص منجز سلفا يحتكم للامتثالية و الطاعة , و معتبرا المفكر العربي لا تزال تطبعه النظرة الضيقة للعالم و محوره الوجودي في الكونية , كما أن في الصراعات و الصدامات الفكرية بين الأكاديميين و المفكرين عادت بالوبال على التفلسف في العالم العربي .
كما عرج الدكتور بوقاف على ضرورة التركيز و الاهتمام بتشخيص المشكل الفلسفي وفق تاريخانيته بعيدا عن أي تسرع لضرورة ايجاد الحلول التوافقية . ففي تشخيص المشكلة بعث و حث على ايجاد الإمكانات الفاعلة لحلها وفق صيرورتها عبر تاريخ **العقلية المفتكرة** .
كما أن المتأمل في تاريخية المشكلات الفلسفية التي تجابه العقلية العربية الاسلامية عبر التاريخ حري به ان تستوقفه ثلاث محطات رئيسية او محطات مصيرية تستلزم استدامة تفكير و عقل واعي بكنه كل لحظة و الوقوف بتمعنية جينويولوجية دقيقة. و هذه المحطات هي =
أولا – لحظة الوحي و النبي
يعتبرها الدكتور بوقاف لحظة يكتسيها الجانب أو البعد الخوارقي المبني على الإبداع (( العقلية المبدعة المتمثلة في شخص انموذجي , معصوم من الخطأ , و مبعوث من الإله , و مبشرا و نذير جاء بما هون خارق للواقع المادي (( المعجزات الإلهية )) , و يتنزل عليه الوحي من السماء ,و يخبر الناس بما كان و بما هو ات .
ثانيا- لحظة رجل الدين
اعتبرها الدكتور بوقاف لحظة غربة (( و محاثية للواقع الملموس)) و هي لحظة فارقة في تاريخية الفكر العربي الاسلامي ، حيث عمد " رجل الدين " الى الانهماكية نحو تاسيسية تفسبر النص المقدس ، وظهرت على اثرها سنة الاختلاف وتضارب الوجهات وتباين النزعات والتصورات الذهنية حول النص المقدس انبجست على حد وصف الدكتور بوقاف نزعة "تحجر العقول " او ما يطلق عليه في عرف الفلاسفة ب "الدوغمائية ، الوثوقية ، التزمتية " او ان صح التعبير = نزعة التعصب الديني والطائفي والعقائدي ....الخ
ثالثا-لحظة الإنسان المفكر
يصرح عبد الرحمن بوقاف قائلا بأن هاته اللحظة الختامية **الثالثة** , لم يكتب لها التجلي و الانبجاس بعد , و العلة في ذلك مردها إلى السيطرة التي طالت ذهنية العربي المسلم , من لدن اللحظة الثانية **اي لحظة رجل الدين** أو ان جاز أن نطلق عليه مجازا تسمية (( الكنيسة الإسلامية )) وسيطرتها الكبيرة على سيرورة و صيرورة (( الأنا المفتكرة)) في عالمنا العربي بإسم الدين المقدس.
و هنا يقف الأستاذ بوقاف وقفة المشدوه المترقب و العقل الامل بتحقق نبوءاته حول سيادة (( الإنسان المفكر )) في نهاية المطاف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي