الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة عن الشرق المرئي في غياب الحل الأوسط

سونيا ابراهيم

2012 / 9 / 6
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


هناك أمر مريب نلاحظه في بعض المسلسلات الرمضانية ، أو حتى القصص ، التي نستمع إليها كل يوم ، و لا أريد أن أتحدث هنا عن عدم جدية الحديث عن شرف المرأة ، الذي يربطونه بفكرة غشاء البكارة ، و الذي بناءًا على ما يزعمه " المدعين " يزول – هذا الشرف – بزواله ، و لكني أقصد الحديث عن الحرية ، و التقدمية في التفكير ، بل و ربما عن الكف عن الأباطيل و الخرافات التي يروجون لها في مجتمعات الكبار ، التي ينتمون إليها . و لقد لاحظت في كثير من الأحيان كيف أن الأم القوية الشخصية ، أو الأب الغني " ذو العقلية المنفتحة " قد يجبر ابنته على أن تتم الزواج من رجل أقامت معه علاقة سطحية ؛ لكي تمنع الأقاويل في حالة حدوث الطلاق الفوري ، و الذي يتفق عليه جميع الأطراف بعد انتهاء المهزلة ! بمعنى أن الأب يريد من ابنته أن تتزوج لكي تدفع ثمن غلطتها ؛ فهو نزيه لدرجة أنه قد لا يرغب بأن يغطي على " جريمتها " بالتوجه لطبيب أخصائي ، ليرقع لها شرفهم " المزعوم " ، بل هو أب ناضج " بشكله الكافي " ، لكي يدافع عن شرفها بطريقة قد يتسامح معها المجتمع " المفتول العضلات " بفضلاتهم !!

في مجتمعات عربية ، لا يسمح بمعظمها للأم أن تمنح جنسيتها لأبنائها ، و يحق للوالد فقط أن يمنح الابن/ة اسمه ، و اسم عائلته ، أصبحت القضية هي أن تتدين المرأة " الخطيئة " بعد أن أقامت العلاقة قبل الزواج ، و كأنها غير حرة بعقلها أو جسدها بالشكل العلمي العقلاني الصحيح !!
هذه هي الحلول التي قد يمنحها القليل من الآباء ، و الذين رغم سوء حالهم ، يجبرون الابنة / المرأة الشرقية أن تشعر بالامتنان لأنهم لم يقتلوها !! و كيف يحق لها أن تتجاوز خطوط العائلة الحمراء ، رغم أن والدها يرتدي الماركات العالمية ، و يدخن أغلى أنواع السيجار ، و هو يظن أنه حر بشكل كافٍ ليكون رجلاً أمام العديد من النساء الأخريات – غير والدتها الأم ، التي كونت عائلته ، و عائلتها بنفس النمط و التعديل المنمق ، الذي تفرضه عليها حدودهما المجتمعية بناء على ما يرغبه الكثير من الآباء ، و المسئولين في العائلة !

قد يظن البعض أني أفطن إلى ممارسة الحريات بشكل متهور ، أو غير كاف ، و لكني في واقع الأمر أطلب من أولياء الأمور أن يكونوا أكثر حرصاً على صورتهم أمام أنفسهم ، فمهما يحاولوا أن يبدوا مسئولين بطريقة غير منطقية أمام أبنائهم ، فإن ذلك كله لن يمنعهم من ارتكاب الأخطاء ؛ بل أحاول أيضاً – و إن كان يرسمها البعض كحرية شخصية – أن أبين مخاطر التربية الغير سوية إطلاقاً على نفسية الأطفال ، و الأبناء في كافة المراحل ، و حتى في المناطق المجاورة ، التي قد يعتبرونها غير بعيدة عن مناطق سكنهم !

أشعر في كثير من الأمر بخيبة أمل عندما أجد شعوباً فقيرة غير متمردة على قلة المال ، الذي يستغله المسئولين عنهم بطريقة بائسة ؛ لدفع الشعب نحو مزيدٍ من المخاطر ، و الضرائب ، و لكني سأظل معنية تماماً بالشكل المقبول للثقافة ، التي قد يمثلها الآباء على أبنائهم في أهم المراحل الأساسية في حياتهم ! هل يجوز ألا يسود الحب ، و الاحترام بين طيات الشعب المسكين ، الذي يعاني من نقص في الموارد ، و الأدوية في المستشفيات – على سبيل المثال ؟ الاجابة هي لا ، و لكن هذا الواقع المحتمل يجب التمرد عليه ؛ حتى يشعر البعض بقليل من الطمأنينة قبل رحيل موعد النوم الذي كانوا قد اعتادوا عليه !

كنت أتوجه باللوم في بعض المرات بصفتي صديقة مخلصة ، عندما وجدت أباً يزف إبنته خارج المنزل ، و هو يمنع أي أحد غير الشريك من الذكور مشاركة هذه اللحظة ، و لكني في مجتمع تتم فيه أمور التربية ، و الزواج ، و حتى الحب في بعض الأحيان بطريقة رجعية ، و وجدت أنه من الأفضل على الجميع أن يتكيف إلى حد يقنعهم أنه لا يجوز إتمام هذه الأمور بمثل هذه الطريقة ؛ بمعنى أن الأمور ستظل غير صحيحة ، و أن المشاركين فيها لن يكونوا سعداء ، ولحد الآن أجد أن الأمور كلما تعاظمت كلما وصلت لحالة جديدة من السوء غير مقدر لها إلا أن تكون بمثل هذا الشكل العبثي ؛ و بسبب قلة الوعي ، و سوء تقدير الأمور ، و ترسيخ بعض الأفكار الشرقية القبلية أصبح الأمر واضحاً للجميع ، الابنة هي التي ستظل خسرانة من كل النواح ؛ و يؤثر عدم تعاطف والدتها الأنثى معها بشكل أكثر من سلبي ، و هنّ يدفعن فتياتيهن لارتكاب نفس الأخطاء ؛ فالمهم – بالنسبة لتلك الوالدات – ألا تخطئ الابنة ، و تقع في الحب .

و أود أن أركز هنا كل جهودي على المرأة ، التي لم تدعمها عائلتها في الحصول على طريقتها الخاصة بالأمان ، بل حتى أنها حرمتها من الحب ، و الشعور بالانتماء في حال اختارت أن تنظر لشخص آخر عبر النافذة ، و قد يبدو للبعض أن طريقة الحديث هذه قديمة ، و غير أصيلة ، ولكني في طبيعة الحال أعبر عن وجودهم ، و عن الرغبة بالابتعاد عن هذه الحياة ، التي سيظل الجميع يوجهها ؛ ليقرب الصورة لنفسه أكثر دون الاهتمام بصاحب الصورة ، المرافق الرائي ! وجدت أيضاً أن سوء حال العلاقة بين الأم ، و الأبناء - الذين تسئ معاملتهم الوالدة - و معظمهن نشأن في بيئة متشددة أو صارمة – سواء من الطبقة المتوسطة أو البسيطة هو
سببه عدم الاتفاق على وجود سبل للتواصل ، و كانت معظم الوالدات ، اللاتي أتحدث عنهن يستخدمن نفس طريقة الوالدة الأم في إيجاد حل سريع للمشاكل بالطريقة البدائية المعتادة ، و كانت الوالدة منهنّ عندما تجد أن ابنتها قد أخطأت في حقها ، تسارع إلى إخبار الوالد ، الذي هيأته الظروف ؛ لكي يكون أداة العقاب المناسبة على حدين سواء كان بالتهديد ، و النبذ المعنوي ، أو بإستخدام الطرق العنيفة المعروفة ، و إن كنت لا أجد أي رحمة و تعاطف في قلب الوالدة التي اعتاد زوجها على أن يستيقظ من النوم ؛ ليضرب ابنته في حال اكتشف وجود ما يدل على أنوثتها في جرارها الخاص ، و يذكرني ذلك بشكل المرأة ، التي يمنعها اخوتها الذكور في حال اكتشفوا أنها تقرأ روايات معبرة ، أو قصائد منظومة توجهها لاكتشاف نفسها كإنسانة حساسة ، و كأنهم يصرفون النظر عن حقيقة إلا واحدة ، و هي أنه لهم الحق الوحيد بالتمتع بجسد المرأة ، التي يمتلكونها بالطريقة الذكورية ، و التي يعتقدون أنها الأمثل ( !! ) بينما على المرأة أن تعاني ، و هي تعاند قدرة القدر على إيذائها أو توقف رغبتها عن الحياة ، التي يفرضونها عليها !

أخرج بالخلاصة و هي أننا لحد الآن في واقعنا المزري - الذي تتحمل فيه المرأة العربية النصيب الأكبر من ترهاته الأخلاقية الذكورية – لا نخرج في القرن الواحد و العشرين عما ارتكبته عصايانا منذ ألف و أربعمئة سنة ؛ حيث شرف المرأة هو غشاء ، يعتقد الرجال الذكوريين في الشرق أنه عنوان لبوابة الشرف ؛ لأنه وفق تصورهم هم الأحق بجسد المرأة من نفسها !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | هل الرجل الخشن أكثر جاذبية؟.. حقيقة الافتراضا


.. صباح العربية | المرأة تنجذب للرجل المشاكس وليس اللطيف؟.. علم




.. معاناة النساء والفتيات في العام الأول لنزاع السودان


.. اليمن انهيار سعر العملة يزيد من معاناة النساء والأطفال




.. هناء العامري انعدام الثقة في قدرات النساء خلق مشهداً سياسياً