الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحرير الدين

مجدى عبد الهادى
باحث اقتصادي

(Magdy Abdel-hadi)

2012 / 9 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يشكل الدين أحد أهم مكونات البنية الفوقية في أي مُجتمع، بحيث أن محاولة تجاهله لهى درب من البلاهة والعبث، فحتى الحضارة الغربية في أعتى وأشد أشكالها العلمانية تشدداً، وفي أكثرها دولها تحييداً وربما نبذاً للدين، لا يمكن بحال من الأحوال تجاهل وجود المسيحية – بمعناها الحضاري الواسع - ضمن بُناها العميقة، الأمر الذي قد لا يتبدى بوضوح للنظرة السطحية .

لهذا لا غرابة في أن يكون الدين هو إحدى أقوى الوسائل التي تستخدمها الطبقات الحاكمة في أي مجتمع للسيطرة عليه سيطرة تامة، حيث يصبح الدين هنا مجرد غطاء ودرع واقية لممارسات الطبقة الحاكمة وإستغلالها، ومُبرر لإمتيازاتها، تحت رعاية فقهاء السلطان، الذين حذر منهم النبي – ص – في أحاديثه، ومنها : قوله لعامة الناس "العلماء أمناء الرسل على عبـاد الله ما لم يخالطوا السلطان فإذا خالطـوا السلطان، فقد خانـوا الرسل فاحذروهم، واعتزلوهم"، ونصحه للعلماء أنفسهم بـ"إياكم وأبواب السلطان"، و "من أتى أبواب السلطان أُفتتن"، وعندما سُئل عن أي شئ "غير الدجال أخوف على أمتك من الدجال؟" قال : "الأئمة المضلون"، وفي قول آخر : "كلّ منافق عليم اللسان"، كما تُذكر مقولة عن الإمام جعفر الصادق من آل البيت : "الفقهاء أمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتهموهم" .

فالطبقات الحاكمة وحكامها على رأسها لا يمكن أن يتركوا الدين لحاله، ناهيك عن إستخدامه وتوظيفه في خدمة مصالحهم، والمُراجع للتاريخ الإسلامي وحده يجد أمامه سجلات سوداء لعلاقات الحكام والملوك مع "المنافقين عليمي اللسان" الذين يلوون ألسنتهم بآيات الله وأحاديث رسوله؛ لخدمة أولياء نعمتهم، وآلهتهم الحقيقية التي يعبدونها من دون الله .

وإن كان هذا لا يعني أن نُضيق نطاق النظر في المسألة، فنرى تلك العلاقة الآثمة مجرد علاقة رجل دين بحاكم يعمل في خدمته، فالمسألة ليست أفراداً قدر ما هى طبقات يعمل في خدمتها الإثنين معاً، وقد يكونا من أبنائها أساساً، بحيث يصبح بديهياً تبنيهم المُسبق لكامل رؤيتها للحياة .

وبنظرة مُقارنة سريعة للتاريخ الإسلامي والمسيحي معاً، سيتأكد لنا أن توظيف الدين هو قضية مصالح مادية بالأساس، لا يمكن أن ينجو منها دين، تعمل فيه مؤسسة دينية لحساب الدولة، غير المُحايدة طبقياً بالضرورة .

ففي العصور الوسطى تطابق الموقف الإسلامي الرسمي مع الموقف المسيحي الرسمي في قضية تعليم العامة، حيث ساد مذهب منع تعليم العامة في أوربا المسيحية، بينما إنتشر كثيراً في ذات الفترة تقريباً، حديث منسوب للنبي يقول فيه "لا تعلموا أولاد السفلة العلم، وإن علمتموهم فلا تولوهم"، مع تفسير طبقي بغيض، بأن السفلة هم أصحاب الحرف من حياكة وحدادة...إلخ .

هذه الوحدة في الموقف والرؤية التمييزية الطبقية، المُخالفة بالكلية لروح الإسلام والمسيحية معاً من عدالة ومساواة ولا طبقية، وفي ظروف إجتماعية وتاريخية مُتقاربة، لا يمكن أن تكون مُُصادفةً !! بل هى تعبير واضح وحاسم عن موضوعية المصالح والإمتيازات الطبقية وتعبيرها عن نفسها بقوة ضمن أي منظومة فكرية، وقدرتها على لي الحقائق والأسس التي تقوم عليها هذه المنظومات الفكرية، التي قد تكون في أصولها مناهضة، وليس فقط مُعارضة، لهذه المصالح والإمتيازات .

إشكالية كهذه تفرض على من يمثلون مصالح الطبقات المهضومة، وكل المسُتضعفين في الأرض، أن يواجهوها بصرامة مبدأية، فعليهم واجب مُقدس، يتمثل في تحرير الدين من قبضة المُستكبرين اللصوص، الذين يسرقون دين الله ويأسرونه في حظيرة مصالحهم وإمتيازاتهم الحقيرة، ليستخدموه كأداة لإستعباد المُستضعفين، بدلاً من أن يكون أداةً لتحريرهم والإرتقاء بهم، كما هى رسالته الأصلية، التى حملتها شهادة دخوله ذاتها، بأنه لا آلهة على الأرض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم يا اخي
نيسان سمو ( 2012 / 9 / 9 - 21:15 )
بصراحة الموضوع هو السرقة الكبيرة كما اسميها احياناً ، فقد سرقوا اكبر سرقة في التاريخ وهو الدين ومنذ ذلك الوقت يبيعون علينا اجزاء تفصيلية منه ولم ينتهي وسوف لا ينتهي مادام هناك زبائن يشترون ويدفعون لهم .. وسيكون لنا كلمة بهذا الخصوص .. تحية واحترام


2 - من يحرر من ؟
جبين عاري بلا أسماء ( 2012 / 9 / 9 - 21:52 )
يا سيدي دعهم يحررون أنفسهم منه أولا لكي يحررونه

وتذكر.. ان القيد اذا انكسر انتفى وجوده


3 - العقل والظمير الانساني
ليث السعدي ( 2012 / 9 / 9 - 22:21 )
نعم اخ مجدي تحرير الدين هو الطريق الوحيد من اجل الارتقاءبلمجتمعات الاسلاميه بغيت اللحاق بركب الحضاره لقد سيطرت علينا فرظيات وطلاسم ما انزل الله بها من سلطان حتى اصبح الانسان المسلم يعيش في فوبيه الدين الذي تحكم به وعاظ السلا طين كما اسماهم علي الورد اولصوص الله كما اسماهم عبد الرزاق الجبران الغريب ان فرظيات المنافقين اصبحت مع مرور الوقت هي البديهيات ولم يجرء احد حتى يومنا هذا لدحظها بشكل علمي انظر الى الحديث المنسوب الى النبي محمد حول فتح القسطنطينيه فلنعم الامير ولنعم الجيش ثم انظر الى خطبت محمد الفاتح قبل دخول المدينه وهو يقول لجيوشه بعد ان يقسم بالله والانبياء والمرسلين وبارواح اجداده ان القسطنطينيه مباحه لهم ثلاثه ايام يهتكون العرض وينهبون المال ويقتلون ما تناله سيوفهم ايعقل ان يكون محمد قد بشر بهذا القتل وهذه الحطه حتى يومنا هذا يخرج رجال دين متباهين بفتح اهداهم اياه رب العالمين في نفس الوقت انهزمت جيوش المسلمين في الاندلس لغير رجعه هل يتلاعب الله بنا ليعطي هذه وياخذ تلك الحقيقه اننا بحاجه الى اعاده النظر بلاعتماد على العقل والظمير الانساني في تقييم شرائعنا السماويه


4 - التفجيرات وقطع الرقاب فى القران ستحل مشاكل العرب
حكيم العارف ( 2012 / 9 / 10 - 05:02 )
اذا لم يكن الدين لرفعة ورقى الانسان فلنتركه جميعا ...

الغرب وجد ان السلام والمحبه هما اعمدة تكوين المجتمع وبالتالى التصقوا بالدين الذى يوفر لهم هذا والذى هو استثمار لناجحهم وتقدمهم...

اما اذا كان العرب يجدون التفجيرات وقطع الرقاب فى القران ستحل مشاكلهم فلنتركهم يذبحون بعضهم لنتخلص من هذه العقليه المتخلفه

اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah