الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصائد المغفلين

كامل حسن الدليمي

2012 / 9 / 10
كتابات ساخرة



لايقتنع بعض المغفلين والمشككين بأن المقعد لا يسع إلا شخص واحد ، مالم يصنع أصلا لغير ذلك ،وليس مرد المشاكل في العالم في وضع الكرسي وسعته ، بل الطامة الكبرى التي تعانيها على وجه الخصوص مجتمعاتنا العربية في من يجلس في الموضع الذي يستحق؟ وما أهمية الكرسي الذي يشغله وما مدى تعلقه بصناعة أو اتخاذ القرار وبرأي من سيهتدي لو ظلّ السبيل، من باب ديمقراطية الفعل وليس من باب العجز التام فليس للعاجز أصلا إلا افتراش البسيطة والتفرج على ما يجري من أحداث فقط، ومن سمع بشعب في العالم قد جلس على كرسي الحكم بكامله إذن سيحكم من ساعتها ؟ ومن سمع بعشيرة عربية كلها شيوخ أو وزارة كل منتسبيها وزراء لابد من رئيس ومرؤوس وقائد ومقود .
وهل ما يحدث اليوم في مجتمعنا العراقي غير لبس مفاده من القائد اذا كان الجميع قادة ؟ ومن المقود اذا الشعب نافر من كل مدعي للقيادة صدق أو كذب ، والتشكيك بالنوايا صار سجية وديدنا، من قبل الفاشلين بقدرة القائد على القيادة الأمر الذي سيحول دون تحقيقه لاي هدف من أهدافه لان عمله مرتبط كليا بالاخرين .
وفي هذا المقام يحضرني دعي من عشيرتي، صار طعما لمصيدة المغفلين، تتلخص حكايته بأن نام يوما فحلم بأن يصبح شيخا للعشيرة وليس له أي مقوم على الإطلاق سوى ما تبقى من مقاولة رصف شارع يصل المدينة بالقرية كان قد حصل عليه من لدن المحتل الغاشم، وقد نهب التخصيصات وهرب لدولة عربية جارة صار فيها من أصحاب المصالح والمستثمرين "الطياريين" كما يصطلح على تسميتهم في الدارجة ، وكبر الحلم في مخيلته حتى حوله إلى واقع مرير فأول ما فعل ابتاع له سبعة "عباءات صفراء" مع كافة ملحقاتها وألبسها لمن يجد فيهم القدرة على تغيير وجوههم في اليوم ثلاثة مرات، خصوصا ممن أطلقوا اللحى إلى ما يقترب من " السرة" أو يتجاوزها، ومن الذين أقر بحرمة اجتماع الطماطة مع الخيار، وحرمة استخدام المولدات الكهربائية، وقوالب الثلج، والتدخين وحلية القات، والحشيشة، والآرتين ابو الحاجب، وقليل من الخمر المعتق...
ولعدم وجود مكان في بيته يتمكن من احتواء " اللكامه" أو "الكتايب" كما يسميهم الشارع العراقي قام بتوسعة الاستقبال على المنام معتقدا بأن الأمر سيحل بهذا الإجراء وتتم المشيخة خالصة لوجهه من خلال هذه المستمسكات ، وعبء جيوبه بثلاثة نقالات وسماها( نقال البيت ، نقال المشايخ، نقال المسؤولين ) وهو لا يعرف بالأساس إلا مراقب في بلدية المدينة يعمل بالأجر اليومي ،وضابط "يتيم "من ضباط الدمج كان يعمل معه في مطعم مشويات من مطاعم المدينة ، وشيخ كان الفأر قد اعتاش زمنا على عباءته لعدم استخدامها لفترة طويلة ، وفوج من " جوعية " هذا الزمان الذين فقدوا أي مبدأ من المبادئ التي تجعلك تعتد بهم ،وتحترم أفعالهم ، وبدأ الرجل يلقي الخطب على أتباعه المهوسين بطعم لحوم " الماعز" وكلما جاء بفرية صفقوا له حتى كاد أن يصدق بأهميته الاجتماعية ، وللأسف بعد أن نفد ما عنده من أموال جمعت بطرق غير شرعية مع فقدان الإيراد أنفض القوم عنه معلنين براءتهم من فعله باحثين عن " قشمر " آخر يعتاشون على ما لديه وما أكثرهم.
ألم أقل في البدء ان الكرسي لايمكن ان يسع ألا لشخص له القدرة على شغله والصبر على مكارهه فللكرسي محامد ومكاره دينية ودنيوية لا نجاة لفاشل من القصاص وخذوا واقعنا العربي مثلا ،الى أي دهليز قد حمل الكرسي شاغليه وبعضهم والله لا يعرف" كوعه من بوعه " لكن الغفلة جاءت به للصدارة فضيع " الخيط والعصفور" وتصور أن سيادة القوم أفضلية عليهم وألغى من قاموسه مصطلح "خدمة الناس" فطاح بالضربة القاضية كما طاح حلم مشيخة صاحبنا المجنون (...)
إن رئاسة القوم وقيادة الرجال فن عرفه الإنسان منذ القدم فولى عليه الأكفأ والأشجع والأعلم والأكثر انتماءً وأصالة حتى نضمن سلامة إصابة المتولي من الهلوسة والهسهسة التي تصيب بعض أغصان الشجرة فتصفر وتسقط مع أول هبة ريح وبين المشيخة والرياسة بون لكن الأمثال كما يقولون " تضرب ولا تقاس" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا