الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا : الثمن الغالي والضميرالرخيص

سالم الصادق

2012 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ما يحدث في سوريا طوفان شعبي ينادي بحقوق مشروعة قد تبدو لدى شعوبنا والشعوب المتخلفة مثلنا مطلباً غالياً وجديداً ، ولكنه لدى الشعوب الأخرى أمر تم تجاوزه ولم يعد هدفاً نبيلاً في سياقه المعاصر .
ليس الجهل والموروث القبلي والديني والظروف التاريخية والتربية الأسرية وحدها السبب في نشوء ديكتاتوريات العرب ، فقد عانت منطقتنا العربية الكثير من العواصف السياسية والأحداث التي تركت ندوباً كبيرة في بنية الشعوب العربية الفكرية والثقافية ما خلق ظروفاً مناسبة لنشوء أنظمة ممسوخة ؛ خليط من قبليات وطائفيات وملكيات وسلطانيات وجمهوريات وأمارات ... تلونت حسب ظروف الزمان والمكان ولكنها اتخذت في كل أحوالها شكلاً استبدادياً واحداً .
هذه الديكتاتوريات لم تكن غريبة عن الموروث الثقافي والسياسي العربي مهما تعددت صورها وتنوعت ألوانها.
رفعت هذه الديكتاتوريات شعارات شتى استوردتها من نظم غربية وشرقية حملتها أحزاب متنوعة ؛ اشتراكية وقومية ووطنية ودينية ليبرالية وعلمانية ... ألغت جميعها الآخر المنافس أو الآخرين المنافسين . تفردت بجميع السلطات وفرضت أشكالاً من القيود على جميع مفاصل الحياة وشكلت مافيات سلطوية أمنية بطشت بالعباد وسحقت البلاد وشكلت دروعاً تحتمي بها وفي الوقت نفسه تدعي حمايتها ( الطوائف ، الأقليات العرقية... )، وشكلت مافيات اقتصادية تجذرت في أدوات ووسائل الإنتاج ، ومفاصل الحياة الاقتصادية والثقافية كافة ، فصار اقتلاعها عسيراً لا يتححق إلا عن طريق ثورة تشمل كل مظاهر الفساد وتمتلك القدرة لإيجاد البديل القيادي والإداري التنظيمي .
هذه ( الاستبداديات ) لديها الاستعداد للتخريب والتدمير أكثر من قابليتها للإعمار والبناء إلا بالقدر الذي يحقق لها مزيداً من التجذر والتشبث بالمكتسبات . ومن هنا نجحت في تشكيل شبكات معقدة وعلاقات مركبة على المستوى الداخلي والخارجي و هنا سر امتلاكها لأوراق القوة تستخدمها في الظرف المناسب ، وتلوح بالتهديد بها حسب مقتضيات المرحلة والظرف ، هذه الشبكات والعلاقات عوامل القوة في الأنظمة الديكتاتورية وأدوات تخريب وتقويض ضد من يقف أمام سلطاتها .
الحالة السورية نموذجاً، فقد أرسى النظام أسافينه في الداخل والخارج منذ خمسين سنة في توقع محسوب لمواجهة الشعب التي تحدث اليوم ، وجيَّرالجيش الوطني الذي حوله إضافة إلى أجهزته الأمنية إلى دعامة لحمايته لا حماية حدود الدولة ضد عدوان خارجي غير وارد أصلاً في حسابات ما تحت الطاولة التي يقدم فيها النظام تنازلات للعدو الحقيقي ، ولا يقدم أي تنازل لمطالب شعبه المحقة لأن الشعب كله مغيب وليس له أي اعتبار لدى الديكتاتورية ، وهذا ما لم يحسن النظام قراءته . فهو أدرك اليوم عدم صلاحيته في هذا العصر ، وأن حساباته لم يراجعها بالطريقة الصحيحة ، وهو إذ أدرك اليوم خطأه القاتل يحاول الهروب كما يقال إلى الأمام مما يعجل في زواله الحتمي ، فهو على استعداد في سبيل التمسك بالسلطة ، أو بأي شكل منها أن يرتكب كل مالا يخطر على البال ، وهاهو يقوم بعملية تدمير شامل للبشر والحجر، ويصمت عنه ما يسمى بالمجتمع الدولي و منظمات حقوق الإنسان وغيرها ، ولعل الصفقة الأخيرة التي بانت للعيان وينفذها النطام هي تدمير شامل لسوريا مقابل سلامة رأسه والاحتفاظ بالمال المنهوب وضمان تجنيبه المثول أمام العدالة ( أية عدالة كانت ). وبذلك يوفر على إسرائيل خسائر قد تدفعها على المدى البعيد بعد سقوط النظام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را