الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القميص

أمل سالم

2012 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


عندما ذهب الدكتور مرسى إلى ميدان التحرير , ليقسم أمام الشعب فى الميدان , ويعلن أنه لا شرعية فوق شرعية الميدان , فتح صدره ليظهر قميصه , معلناً عدم ارتداءه قميصاً واقياً من الرصاص , وكأن ارتداء الرئيس القميص الواقى عيباً , علماً بأن رجال الأمن يحسبونه على المسئولية , فقد عانت مصر لفترة طويلة تلقاء تعنت الرئيس أنور السادات وعدم ارتدائه القميص الواقى , مما سهل اغتياله , وبالتالى دخول مصر فى حقبة مبارك , وسطوع نجم الدينين , أعتقد أن الأمر كان سيختلف تماماً بنجاة السادات , فقد كانت الحرب على التيارات الدينية ستكون أكثر ضراوة , خاصة وأن هذه التيارات لم تكن قد اخترقت مؤسسات الدولة حينئذ الإختراق الكافى الذى يمكنها من عرقلة هذه المواجهة , وسواء كان الدكتور مرسى مرتديا القميص الواقى أم غير ذلك فهذا لا يهم كثيراً , إذ أنه قد جاء مرتدياً قميصاً أخطر وهو القبلية , حين تحدث لشعب مصر فى أول حديث له بهذا المفهوم عبر مصطلحى أهلى وعشيرتى , مستدعياً بذلك بعضاً من ممارسات السادات الخطابية , والتى كان يمارس فيها دور كبير العائلة والتحدث إلى أولاده وما شابه ذلك , بما لا يمت للسياسة ولا لنظم الحكم الحديثة بصلة , وتأكيداً لذلك استدعى الرجل شخصية الخليفة عمربن الخطاب "فإن لم أودي الأمانة فقوموني" , تكريساً لمبدأ القبلية , ذلك لكون المبدأ فى ذهنية الرجل مرتبطاً بطريقة التربية السياسية التى لُقنها عبر تاريخه فى الجماعة , تلك الجماعة التى أعتبرها تنظيماً غير سياسى , إذ أنها لم تمارس السياسة قدرما مارست التأمر عبر تاريخها الطويل -نوعاً- زمنياً القصير جداً فاعلية وتأثيراً فى الشارع المصرى سياسياً واجتماعياً.
القميص الحقيقى الذى ارتداه الدكتور مرسى حين أُدلف إلى سدة الحكم فى مصرظهرت تجلياته عبر حركات التغيير الواسعة التي تجرى فى البلاد , والتى حملت تعيين عدداً كبيراً من أعضاء جماعة الإخوان وأبنائهم بجميع المصالح الحكومية , أو من لهم ميول إخوانية , أو من لهم مصالح مع الجماعة , أو من السلفين وخاصة من يمكن وصفهم بالسلفيين المتماسين مع جماعة الإخوان , وأعتقد أنه ليس بغريب أن تستيقظ لتجد أن الواحد منهم تحول إلى عضو فى الجماعة وقيادى أيضاً , أو من الذين يمكن وصفهم بخلايا الإخوان النائمة , وأخيراً من الأشخاص الذين لا حول لهم ولا قوة كالإستعانة بأقباط أكثر إخوانية من الإخوان ذاتهم , دفع ذلك المهتمين بالأمر إلى إطلاق مصطلح "أخونة الدولة " للتحذير من السيطرة والهيمنة على الدولة من فصيل بعينه , ولن أتحدث عن القوات المسلحة والأجهزة السيادية كالمخابرات العامة والحربية فى هذا الأمر , لكن يكفى إخراج رئيس الجهاز والمجلس العسكرى ثم سبعين لواءاً دفعة واحدة ثم قائد الفرقة الرابعة المدرعة وجهازى الرقابة الإدارية و المركزى للمحاسبات من المشهد فى فترة زمنية قصيرة , فى حين الإبقاء على رئيس جهاز المخابرات الحربية وترقيته الإستثنائية وتعينه وزيراً للدفاع رغم أن عملية رفح طالته مباشرة !! وهذا الأخير أجرى تغييرات كثيرة فى قيادات الجيش , أى أن الدكتور مرسى وجماعته لم يقصرا تجاه معتقدهما القبلى , بل وأتقنا فى تنفيذه , ولا أدرى ما تقدير خطورة التغيرات المتوازية فى فترة زمنية قصيرة على أجهزة الدولة ومنظومة المؤسسات وعملها , وجل هذه التغيرا ت يصاحبها تساؤل عن علاقة من تولى المسئولية بالمسئولية ذاتها التى خُولت إليه , كالحادث بالنسبة لتشكيلات المجلس الأعلى للصحافة والمجلس الأعلى لحقوق الإنسان وهيئة الإستعلامات والتى تم نقلها لتبعية رئاسة الجمهورية وانتدب لرئاستها من وزارة الخارجية وليس من القائمين بالعمل فيها .
ولأن الدكتور مرسى-كسائر أهل السنة ونحن منهم -يكن للصحابة الكثير فى قلبه , وخاصة الخلفاء الراشدين , والذين استرضاهم فى قمة عدم الإنحياز , مراعياً كسب ود أهله وعشيرته , ومرسخاً لمبدأ القبلية , مضافاً عليه الطائفية -فى مؤتمر يفترض فيه الحيادية- ولو على حساب قواعد الدبلوماسية , وهو ما أدركه الخليفة عمر فى بيت المقدس حين صلى خارج كنيسة القيامة ولم يدركه الدكتور مرسى فى إيران ,
إن أولى المسائل التي جعلت الناس تنقم على عثمان كان توليته أقاربه من بني أمية على رقاب العباد بعد عزله كبار الصحابة عن الولايات , وقد أقرعثمان نفسه بهذا الأمر: إني سائلكم وإني أحب أن تصدقوني نشدتكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤثر قريشا على سائر الناس ويؤثر بني هاشم على سائر قريش فسكت القوم فقال عثمان : لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم والله لاعطينهم ولاستعملنهم على رغم أنف من رغم. فقال عمار: على رغم أنفي ؟ قال: على رغم أنفك. قال: وأنف أبي بكر وعمر ؟ فغضب عثمان فوثب إليه فوطئه وطأ شديدا حتى غشى عليه ، فأجفله الناس عنه، وإن كان أهل السنة ينكرون ذلك , ويقولون بأمر ولايتهم إلى عمر, وسواء اتفقنا مع الروايات السنية أو الشيعية , فإننا لا نختلف أن تقريب الخليفة عثمان لبنى أمية (سواء ولاهم أو تركهم كما ولاهم عمر ) أحد أسباب نقمة الناس عليه , هذا إضافة إلى عفوه عن عبيد الله بن عمر بن الخطاب , فلما قتل عمر أخذ سيفه وشد على الهرمزان فقتله ، وقتل جفنية ، ولؤلؤة بنت أبي لؤلؤة ، فلما بويع عثمان –هم بقتله أولاً - عفا عنه ولم يقتص منه رغم أن هناك أقاويل عن اسلام الهرمزان واسلام بنت أبى لؤلؤة , وأعتقد أن حالات العفو عن القيادات الجهادية الأخيرة تنخرط فى هذا السياق .
وأخيراً فيقال أنه بعد ضرب عثمان بالسيف , ومحاولة زوجته نائلة حمايته قطعت أصابعها ، أخذت نائلة القميص الذي قُتل فيه عثمان وعليه دماؤه، وأصابعها، وكفها التي قُطعت، وهي تدافع عن زوجها وأعطت كل ذلك للنعمان بن بشير رضي الله عنه، وقالت له:
"خذهم إلى معاوية بن أبي سفيان فهو وليه." الذى علّقها على المنبر في المسجد ، وبكى وأقسم أن ينتقم، وأن يثأر له ، ووافقه أهل الشام جميعًا على ذلك، وكان فيهم الكثير من الصحابة، كأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وغيرهم ، وكان أبو الدرداء قاضي الشام ، وأفتى بوجوب أخذ الثأر من قتلة عثمان ، فجلس سبعون ألف رجل يبكون تحت قميص عثمان ويقسمون على الأخذ بثأره .ولكن الآلاف غيرهم كانوا لا يبكون ولا يسعون للأخذ بالثأر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح