الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- البارطاج- في وجه الجشع الرأسمالي

محمد السلايلي

2012 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


" البارطاج " أو التبادل، هو النوذج الاستهلاكي الجديد الذي بدأ يغزو العالم الرأسمالي بعد أزمته البنيوية. أزمة الديون البنكية و سياسات التقشف التي تنتشر بسرعة بالبلدان الراسمالية، جعلت بعض مواطنيها يعودون للوراء، بالتحديد للعلاقات الانسانية الطبيعية في نقائها بعيدا عن التشيؤ و الارتهان و التقيد بشروط المؤسسات المالية و وكلائها .
بدأ ينمو هذا النوع من التعامل بالانفلات
من ضغوطات الشركات الكبرى التي تتحكم في عالم الاستهلاك . و ساعد الانترنيت وشبكاته الاجتماعية بالتحديد في ازدياد عدد المتعاملين به، إن الإنتشار الواسع للانترنيت و سهولة استخدامه بالبيت أو بخارجه بواسطة الهواتف النقالة، أتاح للمواطنين حرية التصرف و البحث عن بدائل مريحة.
البارطاج الاستهلاكي، أصبح وسيلة ناجعة للرحلات السياحية بين أفراد المجتمع الدولي، بتبادل المنازل بين العائلات والطلبة وغيرهم من الفئات الواسعة التي تقاطع وكالات الاسفار العالمية... و تتخذ أشكال البارطاج ثقافة العصر، حيث تحدٌ منظمات المجتمع المدني المعارضة من جشع الشركات الرأسمالية، في سشعيها لتطوير أشكال جديدة للتضامن والتبادل تهم مجالات متعددة اساسية منها التمدرس والتطبيب و الشغل التي تمس الحياة المباشرة للمواطن، أو في تنظيم الحملات لتخفيف الفقر و التهميش عن الفئات الأكثر عوزا بالمجتمع ..
بسبب الأزمات الراسمالية المتتالية، العالم يتغير للأفضل. لولى سطوة شركات الأدوية و احتكارها لقطاعات الصحة لما ازدهر الطب البديل بالشرق و غزوه العالم الغربي،و تحرر شعوبه من قيود المؤسسات التي تخدم مصالح النخب المغلقة من شركات وكارتيلات .. وبالاستفادة من الارث الانساني والحضاري الذي بدأنا نلمس جوانبه المشعة، تساعد التكنولوجيا على المشكلات الانسانية بعيدا عن مبدإ الربح و الخسارة.
إن الثقافة الشعبية والحضارية للمغاربة، كما بغالبية المجتمعات المماثلة لتجربتهم المتنوعة، زاخرة بالبدائل، سواء للعلاقات الخاصة المنتشرة نتيجة تشيؤ العلاقات و اتخاذها بعدا ماديا صرفان أو بالنسبة للبحث عن حلول للمشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها الغالبية من الشعب.
لقد اختفت العديد من الأشكال التضامنية والتبادلية بين الناس بفعل اكتساح الثقافة المخزنية التي تأسس على الزبونية والمحسوبية و الريع والمعارف والوجوه. واختفاؤها لا يعني اندثاره. فقيم التآزر والتضامن والتبادل لا تموت، لكن استبداد الثقافة المخزنية، بما هي ثقافة تفصل الفرد عن محيطه الاجتماعي، وتجعل منه الة لتقديم الولاء المطلق للسلطة لتقاسم منافع السلطة من امتيازات اجتماعية و اقتصادية، ضد تماسك افراد وجماعات المجتمع والتحامها الذي يشكل بوجه من الأوجه خطرا محذقا على وجود هذه السلطة في حد ذاتها.
أبدع المغاربة أشكالا عديدة لمواجهة اقتصاد الريع و الجشع الرأسمالي الممخزن. عدد كبير من الاسر تواجه مصاعب الحياة الاقتصادية بما يسمى " دارت" و هي شبه جمعيات لتأمين سلفات مالية صغرى بدون فوائد على عدد محدود من المشتركين. وتلعب المراة المغربية دورا رئيسيا في مثل هذه الجمعيات . كما أنها تعد العقل المدبر اقتصاديا للأسرة رغم محدودية دخل الاسرة.
ورغم انحصار أشكال التضامن في هذا الجانب بالمدن الكبرى، فإن الغالبية من سكان القرى لازالت تصارع مشاق الحياة بأشكال التآزر و التعاضد التقليدية، خاصة أثناء الأعراس و المآثم.
ويعتقد أن استمرار هذه العلاقات و اتساعها، على اعتبارها أشكالا تنفيسية عن الأزمة و السياسات اللاشعبية المنتهجة، هو ما يجعل غالبية الناس لا تغامر في اشكال صراعاتها مع السلطة. فالناس تعايشت مع الترقيع و الموسمية و عدم التخطيط للمستقبل. فاليوم هو الأهم أما الغد فرزقه عند الله كما يقول المثل الشعبي.!
لا يوجد ما يمنع الشعوب من تطوير أشكال تضامنها بينها وبين بقية الشعوب، الا السلط المستبدة. وليست هناك مقاومة أنجع وفعالة للجشع الرأسمالي والظلم الاجتماعي والحكرة بمختلف أشكالها، لا ترتكز على قاعدة واسعة للتضامن . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ