الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مفهوم الجريمة في ثقافة القبيلة
معاد محال
2012 / 9 / 21العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا تزال ثقافة القبيلة التي تُحتم على الفرد الخضوع القاهر للأعراف تستحوذ على القوانين والعقول، فهي لا تزال تنظر إلى أمور شخصية كعدم الإيمان ومسائل الحريات الفردية على أنها "تُهم" إذا ثبُتت على الإنسان يصير –في نظر المجتمع والقانون- مذنبا، شأنه في ذلك شأن اللصوص والمجرمين، بينما المبادئ الإنسانية تُقر على أنها أمور شخصية يجب أن تبقى خارج معنى الاتهام ما دامت لا تخص سوى أصحابها. أما المجتمع فيبدو أنه غير مهتم كثيرا بناهبي المال العام والمتهربين من تسديد أموال الضرائب بقدر اهتمامه بشكل المرأة ومعتقدات الأفراد.
جذبني هذا الحديث وأنا أعاين تلك الحملة الشرسة المسعورة التي شنها بعض المغاربة من نشطاء الانترنيت على رئيس تحرير جريدة الأحداث المغربية المختار الغزيوي، والسبب هو حينما سألته مذيعة إحدى الفضائيات (هل تقبل أن تمارس أختك أو أمك أو ابنتك الجنس خارج مؤسسة الزواج؟) فكان رده: أقبل أن تمارس أختي أو أمي أو ابنتي حريتهن كما تبدو لهن، وسرعان ما صار رد السيد الغزيوي هو شغل المغاربة الشاغل وقضيتهم الأولى، وذهب الحد بأحد رجال الدين إلى دعوته بتطبيق حد الردة عليه وقتله. ووسط هذه الضجة وجدتني أتساءل: هل كان تصريح الغزيوي يستحق هذه الهجمة الشرسة؟ هل صار التعبير عن القناعات الشخصية جريمة؟ لم لا يشن هؤلاء نفس الهجمات بنفس الحماس والشراسة على المتهاونين والفاسدين والمرتشين وما أكثرهم في هذه البلاد، ممن ألحقوا بها الأضرار بكافة المجالات؟ لكن القبيلة البدوية لا تحمي سوى أعراف وتقاليد تجاوزها الزمن وتخطاها الواقع.
وعن المقابلة التي كان ضيفها المختار الغزيوي فقد كانت حول مطالبة إحدى الجمعيات المغربية بإسقاط فصل القانون الذي يجرم ممارسة علاقة جنسية بين شخصين بالغين خارج إطار الزواج، وكانت حركة مالي قبلها قد رفعت مطلبا مشابها بخصوص إسقاط فصل القانون الذي يجرم الإفطار العلني في رمضان. هذه المطالب المستمدة من قيم ليبرالية قوبلت باستنكار شعبي شرس وبتجاهل تام من قبل السلطات. ولا يسعني هنا إلا أن أتساءل عن جدوى تلك القوانين التي تضطهد المرء وتحرمه من ممارسة قناعاته بحرية، مادام قادرا على اختراقها في الخفاء، إلا إذا كان الهدف هو إنتاج أجيال من المنافقين والمتصنعين والمطالَبين دوما بالظهور بمظهر الجماعة، يفقد الإنسان خلالها كل معاني الوفاء والإخلاص للنفس.
ثقافة القبيلة التي تستبعد وتسحق كل من يخرج عن المألوف والسائد والمتعارف عليه، يُحسن استغلالها رجال الدين والسياسة المتملقين إلى الجماهير والتواقين إلى الحظوة وكراسي السلطة. فالغرب لم يصل إلى ما وصل إليه الآن إلا عندما تخلى عن القيم التي كانت سبب رجعيته واستبدلها بأخرى تناسب أحلامه وطموحاته، وضع كرامة الإنسان وحقوقه الطبيعية فوق كل الاعتبارات، بينما لا نحن لا نتردد في "بهدلة" الإنسان وتمريغ رأسه في التراب باسم الأعراف، ربط الغرب مفهوم الفساد والجريمة بكل ما من شأنه أن ينتهك حقوق وحرية الفرد ويسبب له الضرر أو يهدد مصالح الدولة ومواطنيها، فيما ربطنا نحن مفهوم الفساد بلباس النساء وتسريحات شعر الشباب وعلاقات الغرام بين المراهقين، وربطنا مفهوم الجريمة بالمعتقدات والأفكار المخالفة لما نشأنا عليه، أما اللصوص الذين ينهبون من خيرات وطننا صباح مساء فهؤلاء مجرمون "ثانويون" تم تأجيل قضيتهم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تجنيد اليهود المتشددين قضية -شائكة- تهدد حكومة نتانياهو
.. غانتس يجدد رفضه الإبقاء على التشريع الذي يعفي اليهود -الحريد
.. تسجيل صوتي لمحمد الضيف يدعو الشعوب العربية والإسلامية للزحف
.. من أحد رؤوس الكفر إلى أهم الصحابة.. من هو الصحابى الذى دخل ا
.. الملكة كاميلا تنوب عن زوجها في القداس السنوي بكاتدرائية ووست