الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم آخر ممكن .. ولكن !

جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)

2012 / 9 / 28
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



إن أطروحة " عالم آخر ممكن " ستظل قائمة، فهي شعور يخالج الأكثرية الساحقة من سكان هذا الكون، وهي بديل مثالي وأمل حالم يترقبه كل من أحس بالغبن، والظلم، والقهر الاجتماعي بحيث يبقى هذا العالم الآخر حلم يراود تلك الأكثرية، ولكن بأطياف وألوان متعددة، في ظل اقتصاد عالمي على حافة الانهيار وسوق لا يرحم يتطاحن فيه الجميع ولكل أسبابه ودوافعه.

لقد أصبح اقتصاد السوق نقمة على الشريحة أو الطبقة المتوسطة والفقيرة وأدى الانفتاح على الاستهلاك إلى جر هؤلاء ليصبحوا من فئة المعدمين، لذلك قد يكون للمنتدى الاجتماعي دور في صياغة البدائل ولكن ليست تأثيراً في اقتصاد السوق الذي يحكمه عمالقة الامبريالية الرأسمالية إنما توجهاً نحو الطبقات التي سحقتها النزعة الاستهلاكية وطرح البدائل الممكنة لوقف تدهور تلك الطبقة وتشجيعها على ثقافات أخرى تخفف من نزعتها الاستهلاكية ومن استغلالها المتواصل، وبهذا نحارب الرأسمالية في ثقافتها واقتصادها.

لاشك بأن عقد المنتدى في بلد عربي وخاصة تونس حيث انطلقت شرارة التغيير له دلالات عميقة، فالعالم بفضل التطور التكنولوجي أصبح قرية صغيرة وما يجري في أقصى دول العالم يحتاج لدقائق ليصل إلى أدناه، وأصبحت الكلمات تجتاز الفضاءات الواسعة وتنتشر في كل مكان، وعالمنا العربي جزء مهم ومؤثر في العالم وانعقاد المنتدى في تونس له هدفان، الهدف الأول ، هو تصحيح لمسار التغيير في تونس، ورسالة لكل من يحاول خطفها مرة أخرى بأن هناك قوى أخرى لها سطوة وتأثير في سياسة البلد، والهدف الثاني رسالة للمجتمع الدولي بأن عصر الاستعمار قد ولى وعلى دول العالم المتحضر أن تحترم سيادة الآخرين وحقهم في التعبير عن آرائهم.

وهذا يوجب على الجميع الاستعداد والتجهيز التام لمثل هكذا فعالية لإثبات أن هناك قدرة وقوة لطرح بدائل ممكنة وواقعية تفيد المجتمع وتغني تجربته.

إن اليسار في البلدان العربية لازال حتى اللحظة يعاني أزمتي قيادة، ورؤية للواقع السياسي فرغم اندلاع الثورات ومشاركة اليسار فيها إلا أنه جهد مشتت، وقد رأينا في مصر كيف أعطوا الوقت الكافي للملمة جهودهم وتكثيفها في الانتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية ( في ظل البحث عن بديل قوي ) إلا أنهم لم يعوا اللحظة التاريخية التي تمر بها البلاد وبدلاً من تجمعهم وتوحدهم، أفسحوا الميدان للآخرين ليحصدوا نتاج الثورة، ووحدة اليسار لازالت أكبر عيوبه رغم أنها ممكنة، إلا أنها بالجهد المبذول حالياً وبغياب الرؤية المهددة لليسار بشكل عام تفقد كل فرصها لإنجاح تجربة بسيطة حتى ولو كانت تشكيل منتدى اجتماعي عابر للحدود.

رغم تسيد الإسلام السياسي الصورة في المنطقة، ورغم التشكيك في مدى تأهيله لتبني العدالة الاجتماعية بحيث لا تقتصر على أبناء تلك الأحزاب والحركات دون غيرها إلا أن تلك القوى السياسية أصبحت حقيقة وواقع مثلها مثل الحركات القومية التي سادت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وعليه يتوجب على اليسار الاعتراف بحقيقة المشهد السياسي الجديد، وعدم التصادم معه كمنهج تكفير، وأن يغادر اليسار المربع القديم الذي وقف فيه في حالة تصادم مع تلك التيارات الدينية والتي حصد نتائجها أصحاب السلطة في تلك الدول، وهذا يتطلب من اليسار انتهاج سياسة تحد من خلالها من تطرف تلك الحركات خصوصاً وأنه بات معروفاً أنها حركات سياسية أكثر منها دينية، وثانياً أن تسعى بكل قوة للتأثير في الجيل القادم من الشباب وإفساح المجال أمامهم للتعبير عن آرائهم بكل حرية، وألا يتركوا كما حدث في الماضي للأحزاب والتيارات الأخرى، وهذا يتطلب بالأساس وحدة الفكر اليساري، والاتفاق على منهجية العمل بعيداً عن الطروحات القديمة خصوصاً ( الشيوعيون ) فيما يتعلق بالدين فالبيئة في العالم العربي لم تعد صالحة لمثل تلك الطروحات، وهذا ينسحب على المرأة ودورها الاجتماعي وحقوقها فلا يمكن مغادرة الميدان من جانب ومن جانب آخر الدفاع عن حقوق المرأة إنما العملان يجب أن يتلازمان خصوصاً كما ذكرت أن تلك الحركات تحاول التعبير عن نفسها كحركات سياسية لا علاقة لها بالتطرف ولا ضير من الانفتاح على قوى الإسلام السياسي وبناء علاقة حيوية معه، وهذا أفضل من مقاطعته أو مهاجمته في الإعلام دون فتح حوار جدي تكون له فوائد أكبر.


إن الحركات الاجتماعية اليوم أصبحت أكبر تأثيراً ليس في المنطقة العربية فحسب بل في العالم كله، خصوصاً وأن الجيل الشاب الذي تربى على استخدام التقنيات الحديثة، وشبكات التواصل هو من يتفاعل مع الأحداث ويواكبها أولاً بأول، ولا ضير من أن يركز اليسار على هؤلاء الشباب ويوفر لهم كل مقتضيات العمل المنفتح على التكنولوجيا، دون محاولة احتوائهم أو التأثير فيهم من الأعلى فهؤلاء الشبان ورغم أنهم يرفضون الانخراط في الأحزاب والجمعيات الغير حكومية إلا أنهم يملكون تأثيراً يفوق بأحيان كثيرة تأثير الأحزاب والجمعيات، وكل ما هو مطلوب الاقتراب من همومهم ومعاركهم ورفدهم بالشباب الواعي من اليسار فبالإمكان التعلم منهم ومشاركتهم همومهم الاجتماعية التي هي نفس هموم اليسار ومشاكله التي يسعى لحلها في المجتمع.

إن لمنظمات المجتمع المدني دوراً هاماً في رقي المجتمع ومشاكله غير أنها في الآونة الأخيرة انتشرت بشكل كبير جداً، وأصبح الكثير منهم ينتهجون سياسة معينة يفرضها الممول وبذلك فقدت حرية العمل المدني، والبعض اتخذ منها مصدر للتربح وهذا ناتج عن حصول البعض على أكثر من ممول، هذا بالإضافة إلى تشتت جهد تلك المؤسسات الخاصة التي نحمل نفس الأهداف والتي لا تتعاون حتى فيما بينها، ورغم تلك الصورة التي سادت في الآونة الأخيرة إلا أن هناك مؤسسات لازالت تضع بصماتها على المجتمع وصارت جزء من سياسة الدولة وتوجيه الحكم ، لجديتها في العمل وعمق المعرفة التي اكتسبتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طرح معقول
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 28 - 10:12 )
طرحك موضوعي عقلاني يستحق ألأحترام

اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري