الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التلفاز ونفوذ الصحافة

مازن لطيف علي

2012 / 10 / 3
الصحافة والاعلام


صدر عن دار المأمون للترجمة والنشر في بغداد وبالتعاون مع الملحقية الثقافية الفرنسية في بغداد كتاب "التلفاز ونفوذ الصحافة" تأليف بيير بورديو وترجمة مهما محمد، التي ذكرت في مقدمتها للكتاب "بقيت أسيرة هذا الكتاب، بحيث راح يشغلني ويؤكد حضوره امامي، حتى وجدت نفسي أنصرف إلى ترجمته وتقدميه للقارىء العراقي أولاً، وذلك بسبب انشغال المشاهد العراقي خلال السبع سنوات الماضية بعدد هائل من الفضائيات التي كان محروما من مشاهدتها من قبل".

يرى برورديو أن التلفاز يمثل بآلياته المختلفة خطراً على حقول الانتاج الثقافي من فن وأدب وعلم وفلسفة وقانون. وأن التلفاز خطر على الحياة السياسية والديمقراطية يوازي ذلك الخطر الذي يمثله على حقول الانتاج الثقافي.. يطرح بورديو سؤالا مهما جدا وهو لماذا يقبل بعضنا في الظروف الاعتيادية المشاركة في برامج تلفازية؟ ويرى أن من يقبل المشاركة في هذه البرامج من دون أن يكلف نفسه عناء معرفة ما إذا يستطيع أن يقول كل شيء فإنما يدلُ بوضوح على أنه لم يشارك ليقول شيئاً ما، بل ليظهر على الشاشة ليشاهد نفسه وليشاهده الاخرون على وجه الخصوص.

ويذكر المؤلف أن المخاطر الساسية النابعة من الاستخدام العادي للتلفاز، تعود إلى تفرد الصورة في إحداث ما يسميه نقاد الأدب بـ"أثر الواقع" فالصورة تنقل المشهد وتجعل من يشاهده يصدقُ ما يرى، هذه القدرة في التطرق للحدث لها آثار تعبوية، ولجماعات أيضاً كما أن الجرائم والأحداث والحوادث اليومية يمكن أن تكون مثقلة بتضمينات سياسية وأخلاقية.. إلخ. من شأنها إثارة مشاعر حادة غالباً ما تكون سلبية عنصرية ومنها كره الاجانب والخوف منهم. فأي تقرير بسيط عمل تأثيرات اجتماعية تعبوية أو لاتعبوية. يذكر بورديو أن عالم الصحافة ميدان، لكنه ميدان يقع تحت ضغط الميدان الاقتصادي عبر التقويم الإصغائي، وهذا الميدان، شديد الخضوع والرضوخ للضغط الاقتصادي، يمارس بدوره نفوذاً تجارياً على بقية الميادين الاخرى، وهذا التأثير الموضوعي والمجهول وغير المرئي، لا علاقة له بما تتم رؤيته مباشرة، وبما يتم الاخبار عنه، أي تدخل هذا أو ذاك. فلايمكن، ولاينبغي، الاكتفاء بفضح المسؤولين. ويعتقد بورديو أن جميع ميادين الانتاج الثقافي تخضع اليوم للضغط البنيوي للميدان الصحافي وليس للصحافي فلان أو مدير القناة فلان اللذين يقعان تحت هيمنة قوة الميدان. ولهذا الضغط تأثيرات نظامية متساوية في جميع الميادين. فالميدان الصحافي يؤثر في الميادين الاخرى. بمعنى آخر إن الميدان الذي يقع أكر فأكثر على العوالم الأخرى، من خلال ضغط التقويم الإصغائي، يمارس ثقل الاقتصاد دوره على التلفاز، من خلال ثقل التلفاز على الصحافة، فإنه يمارس دورا على الصحف الأخرى، حتى على الأكثر بحثاً عن الحقيقة وعلى الصحافيين الذين يستسلمون شيئاً فشيئاً لمشاكل التلفاز، وبالطريقة نفسها ومن خلال ثقل مجمل الميدان الصحافي، فإنه يمارس ثقلاً على حقول الإنتاج الثقافي كافة.

وكذلك يرى بورديو أن الميدان الصحافي يسهم في إحداث تأثيرات في مختلف حقول الانتاج الثقافي، ترتبط من خلال شكلها وفعالياتها ببنيتها الخاصة، أي بتوزيع مختلف الصحف والصحافيين، وفقاً لاستقلالهم بالنسبة إلى علاقات القوة الخارجية وقوى السوق والقُرّاء وسوق المعلنين. ويؤكد المؤلف أنه عندما تستخدم الصحافة وخاصة التلفازية منها والتجارية، الحريات والسلطات الحرجة التي يضمنها لها استقلالها، فإنها تتصرف في اتجاه الاستطلاع نفسه الذي ينبغي لها الاعتماد عليه: فعلى الرغم من أن الاستطلاع يمكن أن يكون أداة لديماغوجية منطقية تعمل على تعزيز انغلاق الميدان السياسي على نفسه فإنه يقيم علاقة مباشرة مع الناخبين، بلا وسيط، تُبعد جميع المؤسسات الفردية أو الجماعية ( كالاحزاب أو النقابات) المُفوضة اجتماعيا لإعداد الافكار الرسمية وعرضها وهذا يسلب جميع الوكلاء والناطقين من طموحاتهم في احتكار التعبير الشرعي للرأي العام ومن قدرتهم في الوقت ذاته على العمل على إعدادٍ حرجٍ لوجهات نظر حقيقية أو افتراضية خاصة بوكلائهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلمت عزيزي
حسين طعمة ( 2012 / 10 / 4 - 16:38 )
نحن بحاجة الى هكذا كتابات للدفع بأتجاه المعرفة والوعي .فالاعلام بكل تفاصيله ضرورة يجب التثقيف بهاولكن مما يؤسف له هيمنة الاعلام الذي توجهه القوى المستغلة وضمور وانحسار الاعلام الواعي المثقف الذي يخدم الانسانية ويقف مع المحرومين .شكرا لك

اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة