الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرق الأوسط وعنق الزجاجة ..!!

عماد يوسف

2012 / 10 / 13
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



"تناقضات تستوجبُ حرباً"
تتسارع الأحداث بطريقة دراماتيكية في منطقة الشرق الأوسط، هذه المنطقة التي كانت ومازالت قلب الصراعات العالمية الثابتة والمتحوّلة. لذلك تترك التناقضات المُستَعِرة في هذه المنطقة تأثيرها على السياسات الدولية، فمنابع النفط، و حروب الغاز والممرات المائية، الاستقطاب الدولي، مشاريع حاضرة وأخرى مستترة، كلها تحدّيات تُشكل محور السياسات العالمية الحديثة. وبالتالي، إنَّ أي تحوّلات اجتماعية أو اقتصادية أو عسكرية أو حتى سياسية في المنطقة، ستترك انعكاساتها على الواقع العالمي وسياساته.
يوماً بعد يوم تتسع هوة التناقضات في منطقة الشرق الأوسط، ومع غياب مشاريع مجتمعية حداثوية، ذاتية وشاملة في المنطقة، نجد أنها تبقى مرتهنة للسياسات القطبية العالمية التي تدير دفّة شؤونها، وتتحكم بتناقضاتها التي تنتج صراعات في كل المستويات، تبدأ من الصراع الثقافي إلى الصراع العسكري وارهاصاته الكبيرة على الشعوب ومقدّراتها. ويبدو أن غياب هذه المشاريع التي عجزت الدول العربية عن إنتاجها خلال القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين، جعلها تقف عاجزة، كلّياً، أمام التحدّيات التي تواجهها. فهذه المجتمعات أثبتت أنها ليست سوى بؤر من التخلف، وكتل متناقضة، وتجمعات بشرية متصارعة، تتقن استخدام الإنترنت والفيراري كما تتقن التغزّل بالناقة، لكن ذهنيتها، وإرثها التاريخي لا يصل بها أبعد من ذلك .؟!!
بالرغم من المشاريع العديدة التي طُرِحت في العالم العربي منذ نهايات القرن التاسع عشر، وحتى منتصف القرن العشرين وانتهاءً بتحوّلات العولمة، إلاّ أنها لم تنجح في تحقيق أي منها، وبقيت هذه المشاريع منقوصة، غير مكتملة، متصارعة، وغير ناجزه. منذ بداية عصر النهضة العربي من البستاني إلى الكواكبي وطه حسين وعبد الرازق وغيرهم والأمة العربية تبحث عن إجابات على أسئلة في منتهى الأهمية، يشكل سؤال التنوير، وقضايا النهضة، وتحدّيات العصر أهم هذه الأسئلة؟!!
الربيع العربي الذي طبّل وزمّرَ له كثيرون، جاء غير ُملّقحَ، وإن تم تلقيح بعضه ففي دوائر الإستخبارت الغربية، ما يعني أن هذا " المُسمّى" ربيعاً، لا يحمل مشروعاً له أو لمجتمعه. إنه مركبُ كان ُيعاني حمل دكتاتوري ثقيل، تخلّص منه، لكنه مازال تائهاً في عرض البحر دون أن يعرف الاتجاهات. وفي أية لحظة قد يتعرض للغرق من جديد..!!
الربيع السوري لم يبدأ ربيعاً، بل بدأ خريفاً وخريفاً قاسياً، سينتهي بشتاءات مريرة ربّما. اليوم ما يحصل في سوريا هو صراع مشاريع عديدة، دينية، وطائفية، ومذهبية، واقتصادية، وعسكرية، وقطبية عالمية، تداخلت جميعها في تناقضات اجتماعية هائلة، مغروزة في المنطقة منذ مئات السنين. وحين تصل هذه التناقضات إلى عنق الزجاجة المغلق، لا بدّ لها من الانفجار تحتَ أي مسمّى. وبما أن الحرب في قضية صراع الوجود هي الأداة الأكثر نفوذاً، فإننا نرى بأنها قد أضحت المخرج الوحيد لهذه المنطقة من تناقضاتها المزمنة. فصراع المذاهب لا يحلّه " تبويس الشوارب" وصراع الاقتصاد لا تحلّه بعض اتفاقيات التبادل التجاري الحر، وصراع النفوذ لا يمكن أن يُستبدل بفتح بوابات العبور بين بلدين أو أكثر يسعى كل منهما إلى إنتاج مشروعه القومي الشوفيني، أو الديني المذهبي، أو الاقتصادي العابر لمقاييس التعايش الإنساني بين شعبين في بلدين أو أكثر.
تسعى تركيا اليوم من خلال تحرشاتها في سوريا، وعبر توظيف نتائج الربيع العربي، إلى بسط نفوذها واستعادة أمجادها الغابرة كإمبراطورية حكمت المنطقة لأكثر من أربعمئة عام. وتسعى إيران إلى استحضار المجد الصفوي في مواجهة خصمها التركي الذي يكاد يوازيها قوة واقتصاداً وسكاناً. يسعى الدب الروسي إلى فتح صفحات تاريخه الغابر ليعيد زرعها في المنطقة، ويصرخ الدب الصيني في محاولة منه لإثبات وجود غاب عنه طويلاً. أما الأمريكيون والأوروبيون فإنهم يتباكون على حلم صليبي مضى وانقضى مع قدم السنين وعتقها، ولا يريدون تصديق الحكاية. وهم مصممون على الاحتفاظ بحق ملكية الشرق الأوسط بعد أو وَرّثوه هم والأتراك لأبناء المنطقة وسكانها. يريد الشيعي أن ينتصر على السني، ويتحامى بعض السنّة في قميص الوهابية، والسلفية والأصولية الدينية لينتصر من خلالها على التناقضات الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزتها حقب حكم الاستبداد العربية الطويلة. ويعمل الشيعي على التبشير بمذهبه ليُثبت للمسلمين الذين " كرمّهم الله بإسلامهم..!!" بأنه هو الحق بعينه، وأن علياً ظُلِمَ منذ 1400 عام، وأن الحسين مات مذبوحاً، والمهدي قادم لا محالة. وأنَّ أبا بكر خطف الولاية من عليّ في سقيفة بني ساعدة على مرأى من الجميع. العلمانيون العرب كانوا يظنّون أنهم بيضة القبّان، وأصحاب قاعدة جماهيرية من خشب الكلير الكندي الفاخر، لتصدمهم حقيقة الشارع العربي الذي وجد في ابن تيمية و القرضاوي ومرسي والغنوشي وأمثال العرعور خلاصاً له في جنة الله الموعودة في السماء بجانب الحوريات الفاتنات. أمّا الخليج " العبري" الذي تتبع له كل من السعودية و قطر وغيرها من بلدان، فهي تتباكى على وجبات الماكدونالد والكنتاكي وبعض أنواع البيبسي والسيارات التي لا تصل إليهم في وقتها وتتأخر عن غيرهم من الأمريكيين والأوروبيين في استهلاكها.
هذه التباينات الخطيرة، والتناقضات العصيّة على الحل، لا يستطيع أن يفك طلاسمها حزب سياسي، أو حكومة لديها مشروع قومي كحكومة عبد الناصر، أو اليمن الماركسية سابقاً، أو حتى مشروع البعث المزدوج( السوري- العراقي). هذه التناقضات تصل بالمنطقة وأي منطقة أخرى في العالم إلى حواف الهاوية. وتبقى المعضلة الأهم هو من سيسبق الآخر في السقوط. لذلك نرى أن الأقوى هو من سيدفع الضعيف أولاً. وأن الضعيف سيتحدى الأقوى ويتشبث بحرف الهاوية، مستشرساً محاولاً الدفاع عن نفسه بشتى الوسائل ليسقط الأقوى، أو يجرّه معه إلى الأسفل..!!
الخلاصة؛ إن الشرق الأوسط عاجز عن حل تناقضاته، أو تفكيك أزماته، أو الوقوف في وجه تحدّياته. لذلك تأتي الحرب كمن يستغيث من الرمضاء بالنارِ. لكن الوضع هنا أقسى، وأصعب لأن الرمضاء تحرقه وحده، أمّا النار فستحرقه ومن حوله، وهذا خيار قد يكون ضرورياً جداً، في ساعات التحوّلات المصيرية في عمر الشعوب. فشمشون، هدَّم المعبد وكلّه أمل بأنَّ غيره سيأتي لإعادة بنائه .... بحلّة جديدة ..؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العلة الحقيقية
ستفان كلاس ( 2012 / 10 / 13 - 22:51 )
لكن ثمثون الاثد يقوم بتهديم و حرق سوريا آملآ أن لا يستطيع أحد ان يبنيها من بعده ...الداء الاكبر و العلة الحقيقية هي فينا ..فيمن يقول أنا أو لا أحد ..أنا أو يحرق البلد...

اخر الافلام

.. اعتقال ناشطات معارضات للحرب في قطاع غزة والسودان


.. في حوار لـ-العربية ENGLISH-.. أندرو تيت الملقب بـ-كاره النسا




.. هل يعاني علم المصريات من الاستعمار الثقافي؟ • فرانس 24 / FRA


.. تغير المناخ.. تحد يواجه المرأة العاملة بالقطاع الزراعي




.. الدكتورة سعاد مصطفى تتحدث عن وضع النساء والأطفال في ظل الحرب