الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤل المواطن .. ولكن بعد خراب البصرة ؟

احمد ثامر جهاد

2005 / 3 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إن المهام الجسام الملقاة على عاتق وسائل الإعلام العراقية بمختلف أشكالها لا تقل أهمية عن تلك المسؤولية الكبيرة المنوطة بالدوائر الحكومية وباقي المؤسسات الرسمية ، فاختلال الأمن وحمى الفساد الإداري المرعبة المنتشرة في معظم دوائرنا المحلية لن تنتهي بسهولة ما لم تحاصر بقوة وجدية على اكثر من صعيد ، بدء من نصوص القانون وليس انتهاء بماكنة الإعلام الذي يتوجب عليه – وهو الرقيب المبصر - أن يعري ويدين كل تلك المظاهر التي تستهين بحقوق المواطنين وتمارس التسويف واللعب بمصالحهم .
قد يبدو واضحا اليوم إن صحافة وطنية حرة تمارس دورها الإعلامي بمسؤولية مهنية وأخلاقية عالية لن يكون بوسعها أن تمنع وجود ظواهر أخرى بين ثناياها ، تسيء إليها بشكل أو بآخر عبر سلوكيات انتهازية رخيصة ينساق إليها البعض منتفعا أو مجاملا أو متزلفا لهذا المسؤول أو تلك الدائرة ، متغافلا في خضم اندفاعه هذا عن قدسية عمله ونبل رسالته . فيما تفرض الظروف الملتبسة لغياب القانون والمؤسسات المدنية على البعض الآخر تجنب الخوض في الإشكاليات الحقيقية التي يعاني منها مواطننا ومدننا على اكثر من صعيد .
لذا يلزمنا الإدراك أن عمل الصحافة ليس هواية طارئة وانما احترافا مهنيا وأخلاقيا صرف ، يفرض على ممثليه اتباع تكتيك خاص يشير ويفسر ويكشف ويستطلع ويحقق في كل ما يتشكل واقعا ملموسا بالنسبة لعموم المواطنين . وربما عليه في الوقت نفسه أن يستغل بذكاء ومسؤولية رغبة الناس في فهم الواقع وتغييره ، وان اقتضى ذلك أحيانا كشف المستور وزحزحة المهيمن ومساندة المهمش وإن غابت بشائر الحلول الناجعة لحين .
ليس بعيدا عن ذلك بدا لنا أن ما أثرناه يوما ما عبر نافذة صحافتنا المحلية عن سياسة المحافظة في تقيد اعلامييها أو عن مفارقات مديرية أمن المواطن أو عن تلك الجامعة التي تحصنت بسوء ضد آراء الآخرين ، وأشياء أخرى كثيرة ، بدا لنا هنا المدى المؤسي للحساسية والتعصب والسلطوية الفاعلة في تشكيل واقعنا الراهن وصياغة صورته وقيمه ، واقع هو ابعد ما يكون عن الشفافية والسلوكيات الديمقراطية المتحضرة . فعلى الدوام وفي غير مكان ، ثمة همس في السر يحيك المؤامرات ويشكك في النوايا ، وان أرغمت أحيانا مشروعية مطالب الناس المعلنة بعض المسؤولين إلى التراجع عن مواقفهم وآرائهم الأشد عرضة للنقد والإدانة إعلاميا .
ربما كانت المفارقة التي دفعتني لهذا القول الآن هي ما شاهدته من على شاشة تلفزيون الناصرية قبل أيام قلائل – وما زلنا في إطار محاورة هموم الناس والإعلام والديمقراطية - وهو يبادر ، لكن بعد فوات الأوان ، إلى استطلاع آراء الناس في الشارع حول مستوى أداء المحافظ ومجلس محافظته الذي سيخلي مواقعه لآخرين جدد بعد بضعة أيام عقب إعلان نتائج الانتخابات المحلية ، مبرئا ذمته عن كل ما لحق بالمدينة من سوءات وما لم يلحق بها، ورغم أن إجابات المواطنين كانت صائبة في تحديد القصور الفاضح في أداء المحافظة على مختلف المستويات ( وماذا عساهم يقولون غير ذلك ) ، كان الوقت قد هدر حينها ، لا سيما وان الجميع تمنى صادقا لو انه سؤل ( قبيل خراب البصرة ) عن همومه هذه ، وقبيل أن يتحول حديثه الجريء إلى مادة إعلامية لسد الفراغ التلفزيوني فحسب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟