الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يستفيد من عيد الأضحى؟

محمد السلايلي

2012 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


غدا ينحر المغاربة مع الغالبية من مسلمي المعمورأضحية العيد. وبعيدا عن السياق الديني لهذه المناسبة الدينية، إذ هم قلة قليلة ممن يتصدقون بثلث الأضحية على الفقراء كما تحث عليه سنة العيد، فإن هذه المناسبة الدينية باتت تتخذ أبعادا ووجوها مختلفة تدفع بطرح أسئلة حول الدور الذي تقوم به بالمجتمع؟ والانعكاسات التي تتركها على الأوضاع الاجتماعية للناس؟ و عن من هي الجهة أو الجهات التي تستفيد من هذه المناسبة؟
كما هي العادة تسارع وزارة الفلاحة لنشر أرقام عدد الرؤوس من الماشية المرصودة للعرض مع اقتراب العاشر من ذي الحجة. وبالموازاة مع ذلك، تدخل المؤسسات المالية في سباق محموم مع الزمن لاصطياد عدد أكبر من طالبي السلف. فتغزو الاعلانات الاشهارية القنوات و الشوارع ، حتى المحلات التجارية الكبرى، تلجأ للإشهار من خلال تقديم عروض للسلف لشراء كبش العيد و أجهزة ألكترونية مرتبطة بذلك كالثلاجات و الشوايات مثلا.
بالمغرب، يعلم المواطن البسيط أن شركات السلف و متاجر السوبر ماركيت يمتلكها الحاكمين. وهي على رأس المستفدين من مناسبة عيد الاضحى. وأرباحها تتضاعف خلال هذه الفترة، فيما تبقى الأسواق التقليدية لعرض المواشي، رغم أهميتها من حيث عدد زبنائها، تتسم بضابية وعدم وضوح الجهات الأكثر استفادة : هل هم المزارعون الصغار و المتوسطين أم المعلفين و المسمنين ؟ أم السماسرة و الشناقة؟
مهما يكن، فإن الجزء الأكبر من الاموال التي تروج في سوق الاغنام، لا تذهب للعالم القروي، و هي أموال تقدر بمئات الملايين. و من هذه الزاوية، لا يمكن أن نقول أن الدورة الاقتصادية لعيد الاضحى تساهم في تنمية البادية المغربية. اين يذهب هذا الرأسمال ولماذا لا يخلق ما يكفي من التراكمات على مر السنين، لإصلاح أوضاع و حياة الناس بالبادية؟
انها دورة اقتصادية مغلقة، الكساب الصغير يسترجع مدخراته لتوليد خرفان جدد للموسم المقبل، و هو ما يجعل من الصعب أن يحصل لذيه تراكما راسماليا كافيا لنشله من واقعه المزري المقيد بتعاقب سنوات الجفاف المريرة و و الشروط المجحفة التي تستنزف عرقه و شقائه والمفروضة من المؤسسات الزراعية الممولة.
يذهب الجزء الاكبر من الأموال التي يضخها العيد الى المؤسسات المالية و التجارية و الى الاشخاص المتدخلين في عمليات البيع وهم غالبيتهم ليسوا بقرويين. وهوؤلاء هم المستفيدين من سوق الغنم. وليس في بالهم بتاتا استثمار أرباحهم أو جزء منها في مشاريع اقتصادية و اجتماعية بالعالم القروي.
اذا كان الفقراء و أيضا الجماهير القروية لا يستفيدون من عيد الاضحى، فمن يستفيد إذن؟
بالاضافة للمؤسسات المالية و التجارية طبعا، تستفيد الدولة و نظامها السياسي بالأساس من هذه المناسبة. فهي أولا ألية تنفيس كبرى، تشل الحياة العادية للمواطنين و تدخلهم قسرا في جو مشحون ومفعم شكليا بالتعاليم الدينية. عمليا يعتكف غالبية المضحين في بيوتاتهم لمدة قد تصل لأسبوع كامل. بالمدن الكبرى، حيث ينتمي أصحاب الدكاكين التجارية و المحلبات و الورشات الحرفية الصغرى و المتوسطة، الى بلدات قروية أو مدن صغرى بعيدة عن موقع تجارتهم، يستغلون المناسفة لاقفال محلاتهم و السفر الى ذوييهم.
بالدار البيضاء مثلا، تشل الحركة التجارية المرتبطة بشكل مباشر بحياة المواطن بوجه عام لفترة قد تتجاوز الأسبوع. لن نتكلم عن ما يراكمه العيد من مشاكل مرتبطة بالنفقات المنزلية و العائلية التي تتضرر بسبب ارتفاع ثمن الحولي.
نعم، يستفيد النظام السياسي من هذه المناسبة و يستغلها لإعادة انتاج أليات تحكمه في المجتمع و فرض وصايته عليه. ظرفيا، ولو لبضعة ايام، يوفر عيد الأضحى للمهمشين و العاطلين فرصا لكسب بعض النقود. فالعديد من الشرائح الاجتماعية المنبوذة تجد في الدورة الاقتصادية المغلقة للعيد وسيلة للتنفيس و الخروج المؤقت من حالة العوز المستديم . كما أن بعض أفراد الطبقة الوسطى من مالكي العقارات السكنية، يستفيدون هم أيضا من خلال كراء كراجات لبائعي الغنم غير عابئين بالضرر الذي يتسببون فيه لبيئة حيهم و محيطهم.
حقا في مثل هذه الأجواء، هل لازال للأضحى فلسفته الدينية و الاجتماعية التي تدعو للتكافل و التآزر و مساعدة الفقراء و المحتاجين؟
بتركيا، حيث مكنت التنمية على مدا السنوات العشرين الاخيرة، من رقي الوعي الاجتماعي للأتراك. بعد صلاة العيد، يقوم البعض بالتوجه للجمعيات الخيرية و التنموية لكي يتبرع لهم من خلال شيك بنكي بثمن كبش العيد. و قد أفتى مفتي الجمهورية فيما مضى بأن ذلك مستحبا، نظرا الى فساد الكميات الكبيرة من اللحوم التي يتصدق بها المضحون للجمعيات بسبب افتقاد هذه الاخيرة لخزائن تحفظها من التلوث.
الاسلاميون الذين يتبجحون بتجربة الحزب الاسلامي الحاكم بتركيا، ينتقون ما يتماشى مع مصالحهم لذلك فهم لا يقفون عند هذا الاجتهاد الذي يحول مبدأ الأضحية الى فعل ملموس للتضامن و البناء الذي يعود على الجماعة الاسلامية بالخير و المنفعة. العالم يتطور، أيضا المؤسسات و المقاولات و السماسرة و المحتكرون من منتهزي الفرص .. يتطورون في اتجاه معاكس لأي تنمية وطنية حقيقية باستغلال المناسبات الدينية و تشويه الموروث الحضاري للشعوب المسلمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مداخلة
شاكر شكور ( 2012 / 10 / 25 - 21:58 )
كلامك منطقي جدا يا اخ محمد لأن التبرع النقدي لصندوق دعم الفقراء هو اكثر فائدة للفقراء من لحوم الأضاحي ، الأتراك بفضل الحكومات العلمانية اصبح لهم اكثر ثقافة دينية من العرب المسلمين فالعرب لا يزالون يعبدون الحرف الذي يلقنه لهم الشيوخ ، الأغنام في بداية الأسلام كان عددها اكبر من عدد البشر والأضاحي كانت قليلة لقلة السكان في ذلك الوقت وكان بالأمكان توزيع اللحوم على الفقراء اما الآن فالعملية اصبحت معكوسة وصعبة ، التجار والمحتكرين دائما هم المستفيدين من الشعائر الدينية ، ففي رمضان تنتعش تجارتهم ايضا ومنذ نشأة الأسلام كان التجار يستفيدون من الدين وما هي فكرة تبديل القبلة من القدس الى الكعبة الا فكرة تجارية لأعطاء الكعبة اهمية تجارية للقوافل وكذلك الأستفادة من اموال الحج ، تحياتي للجميع


2 - عيد مبارك سعيد
عبد الله اغونان ( 2012 / 10 / 25 - 22:46 )
أتقدم الى كل اخواني من المسلمين من امة لااله الا الله محمد رسول الله
بأحر التهاني بمناسبة عيد الأضحى
اعاده الله على كل الشعوب العربية والاسلامية بالخير والبركة ورفع الله عنا كل فتنة وبلاء وتسلط ونعوذ بالله من الكفر والشرك والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق وجعلنا من اهل طاعته.انه سميع مجيب
وكل عام وأنتم بخير


3 - حلم
بلبل عبد النهد ( 2012 / 10 / 25 - 23:25 )
اولا تحياتي الخالصة للاخ محمد السلايلي الذي اراه هنا لاول مرة اما عن العيد الكبير كما يسميه المغلوبين على امرهم من امة الصلعم فهو مصيبة بكل المعايير فهناك من المغاربة من اصبحت سلفت العيد كما يسمونها ملازمة لهم طوال سنين عملهم انها ضريبة اجبارة اسسه نبيهم بدعوى ان ابراهيم راى في منامه انه يدبح ابنه فيا ليته قد ذبحه واراح امة الاسلام من تبعات هذا الحلم


4 - رد
عبد الله خلف ( 2012 / 10 / 25 - 23:32 )
ذبح الأضاحي قضيّه اجتماعيّه للمساواه بين العباد , و لمشاركة الفرح بين أطياف المجتمع , فقيرهم و غنيّهم .


5 - همج
بلبل عبد النهد ( 2012 / 10 / 26 - 05:54 )
تتحول المدن والقرى بايام قبل عيد النطحة الى امكنه لبيع السكاكين وا لسواطير وكل المعدات المتعلقة بالشي والطهي ويتحول المسلم الى انسان لاحم بامتياز لا حديث له الا عن الكبش وعن ثمنه وخلال يوم هذا العيد لا تشم الا روائح الشواء اينما حللت وارتحلت في احتفال همجي بشع


6 - عيد الأضحى كارثة
محمد علي ( 2012 / 10 / 27 - 10:52 )
سمي البناء بـ(الكعبة) لأنه على شكل مكعب. والحج إلى هذا المكان عادة وثنية كانت موجودة قبل الإسلام بمئات السنين، وأبقاها محمد ليفيد بها قبيلته أي قريش اقتصاديا، ففرض على الحجاج ذبح أضاحي، فيشتري الحجاج النعاج والخرفان من أهل البلدة ويطعمون أهلها في نفس الوقت. وقد انتفت الحاجة الاقتصادية إلى هذه الشعيرة العبادية، لأن يأتي إلى الحج نحو مليونين حاج، ولو كل واحد يقدم أضحية فسيذبح مليونين خروف ونعجة، وتصور ما مصير هذا العدد الهائل من الذبح، لا شك أنه دمار اقتصادي، إضافة إلى ذبح حيوانات بريئة، وكارثة بيئية حيث تجيف آلاف ألأطنان من اللحوم دون أن يستفيد منها أحد. كذلك تصوروا حجم الكارثة من هذه المهزلة التي يسمونها عبادة، وهي عبادة وثنية كمن ذكرنا في بدء التعليق. فمتى يعود العقل لهؤلاء الناس؟
حقاً ما قاله ميشال فوكو: الدين عقل من لا عقل له

اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة