الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عن خروج الشيوعيين العرب من جلد اليسار
مهند صلاحات
2012 / 11 / 7مواضيع وابحاث سياسية
الأحزابُ الشيوعيةُ في العالم، بعد أن فقدت حاضِنَتَها التاريخية "الإتحاد السوفيتي" لم تستوعب أنها كانت اشتراطاً تاريخياً مرتبطاً بالدولةِ الشيوعية وبالتالي لا بدَّ من إعادةِ النظر في برامجها الأيديولوجية والسياسية بعد انهياره، بل إنها رغم تحجرها فكرياً منذ نهايةِ الثمانينيات نتيجة لانهيارِ الحاضنة الطبيعة التي كانت تُمثل لها حالة النتاجِ الطبيعي للجدل المولد للأفكار ومصادرِ التمويل المالية، فوجئت بتحول روسيا من أقصى الاشتراكية الشيوعية إلى الإقطاعية والرأسمالية البدائية بطيئة النمو والتطور.
تلك الصدمةَ لم تكن حافزاً كما فعل البعض بالبحث عن برامج "ماركسية" أكثر تطوراً، أو إعادة قراءة الفكر الماركسي ضمن المرحلة كما فعل القلّة من الشيوعيين، بل جعلَت الصدمةَ التاريخية هذه تلك الأحزاب تبحث عن حواضنَ بديلة، وفي الحالة العربية لم تجد تلك الكتل السياسية المتصدعة سوى أنظمةً كانت سابقاً حليفَ سوق للاتحاد السوفيتي مثل سوريا "الأسد" وعراق "صدام" وليبيا "القذافي" لتضعَ (بيضاتها في سلتها) ونتيجةً لتحجرها أو تطوير النظرية، رأت تلكَ الأحزاب بالقومية الشوفينية لحزب البعث "الاشتراكي اسماً" بديلاً للفكرةِ الأممية واكتفت بالقشرة الاشتراكية التي تغطي بها عوراتها تلك الدول المحكومة من أنظمة مستبدة، ورأت فيها بديلاً عن أراء لينين وتروتسكي وغيرهم من منظري الشيوعية، وبذلك وضعت تلك الأحزاب الشيوعية نهايةً مريرةً لنفسها بخروجها من بحرِ الأممية لمستنقعِ العبث القومي والشوفيني الذي استطاع "أي النظام العربي" تدجينها أولاً ومن ثم إعادة توظيفها مقابلَ التمويل البديل لصالح تلميع صورته القميئة الدموية.
على الأحزاب الشيوعية المفترضة اليوم وتحديداً تلك القائمة بحضنِ أنظمة عربيةِ وعالمية ضيقة الأفق؛ إما أن تَحُلَّ نفسها أو تُجري تحولاتٍ جذريةٍ بكل برامجها، أو تُعلنَ صراحةً أنها صارت جزءاً من الأنظمة القومية الحالية وأنها بذلك تخلت عن مبادئها وأفكارها مقابل بقاء مكاتبها ورواتب أعضائها، وأن شخصياتٍ مثل ماركس ولينين لم تعد مرجعيتها بقدر ما صار البوطي وحسن نصر الله مرجعيات مناسبة لها، وأيضاً أنها تخلت عن الجدلية المادية والتاريخية في مقابل قناعتها بضرورات ولاية الفقيه.
التوصيف للحالة يشمل الأحزاب الشيوعية المرخصة والقائمة بشكل قانوني بداخل أنظمة ديكتاتورية مثل الحزب الشيوعي السوري والحزب الشيوعي الأردني والفلسطيني وكذلك الإسرائيلي ومنتسبيه من الفلسطينيين الذين لم يروا في انتماءهم لحزب شيوعي "إسرائيلي" التي تعتبر وليدة الإمبريالية ذاتها، عاراً فكيف سيرون بموقفهم المؤيد للنظام السوري عارا؟
ومن المضحكِ جداً أن يجري توصيف تلك الأحزاب "شبه الحكومية" بأنها تُمثل اليسار، على الرغمِ من أنها من اللحظة التي قررت بها الذوبان ببوتقة الأنظمة العربية ودول الاستبداد تخلت عن مبادئها القديمة وخرجت تلقائياً من توصيف اليسار باعتباره موقفاً اجتماعياً وانحيازاً "للبروليتاريا" التي قصفتها وقتلتها ودمرت طبقاتها الوسطى، تلك الأنظمة العربية والرأسمالية العالمية" ويبدو مثيراً للسخرية جداً أن يُوَجه نقدٌ لتلكَ الأحزاب الخارجةِ من لونها بأنها تمثلُ اليسار، ونحن ندرك أنها قد فقدت وظيفتها، بالأحزاب السياسية والأيديولوجية ليست مكاتب وأفراد منتسبين ولا برامج سياسية بقدر ما هي أدوار وظيفية حقيقية تقوم بها تلك الأحزاب باعتبارها أحد أهم مشكلات المجتمع المدني.
ننسى هذه الأيام ضمن دوامة التخاذل والسقوط في مستنقع الأنظمة العربية منذ القذافي مروراً ببشار الأسد اليوم، أن الشيوعيين الحقيقيين من أمثال جبهة العمل الشيوعي في سوريا، رغم تفكك بنية الحزب، بقي أفراده يساريون حقيقيون ينتمون لطبقاتهم الاجتماعية، حالةً متفردةً إنسانياً وتحملُ طابعها اليساري والإنساني المنحاز لطبقاته الشعبية، سواء من بقيَ حتى اليوم منهم في سجون النظام السوري أو من خرجَ منها أو من جرى إعدامه بداخل سجون صدام حسين وحافظ الأسد ومعمر القذافي وبقية الأنظمة العربية الشوفينية.
الأحزاب الشيوعية العربية وأيضا بقايا القوميين والأحزاب التي فقدت فاعليتها الحقيقية كمعظم أحزاب اليسار الفلسطيني التي تفرغت من محتواها وذابت منظوماتها في داخل الدولة الاستبدادية العربية جميعها كتل سياسية لا منظومات حزبية حقيقة، فاقدة جميعها لمضامينها الإنسانية قل أن تكون فاقدة لأسباب وجودها بعد أن تحالف مع الديكتاتوريات والسلطات السياسية ضد الشعوب والطبقات.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. البيت الأبيض: نعتقد أن الخطة التي تنوي إسرائيل تنفيذها في رف
.. سقوط 8 قتلى بصفوف حزب الله وحركة أمل جراء غارتين إسرائيليتين
.. تطوير نحل روبوتي يزيد من نسل النحل ويمنع انقراضه • فرانس 24
.. الإعلام الإسرائيلي: الجيش يستعد لإجلاء المدنيين من رفح تمهيد
.. غواص مخضرم يكشف مخاطر البحث بمنطقة انهيار جسر بالتيمور وسبب