الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمليات دجلة .. والدعاية الرخيصة !

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2012 / 11 / 17
السياسة والعلاقات الدولية



كثيرا ما تحدثنا عن العسكرة والعقلية الشائكة للنخبة العراقية في التعامل مع المعطيات والتطورات السياسية بالصورة الصحيحة، بل والاكثر من ذلك لا تنتهي عقد وفترة سياسية الا وتبدا فترة اخرى سوداء قائمة على ازمات جديدة بعناوين مختلفة وبذلك تتحول الدكتاتورية الى الفساد المالي، وانعدام الحريات الى فقدان العدالة الاجتماعية، والمركزية الشديدة الى الفوضى العارمة، ان المرحلة الجديدة في العراق الحديث او ما يمكن ان نسمية بفترة ما بعد 2003 والتي اصبحت فترة معروفة في حقل التحليل السياسي لدى مفكري الغرب، وكأن التاريخ بدأ من جديد في وادي الرافدين، ان العراق تحول الى دولة معقدة في الخريطة السياسية للشرق الاوسط بل وتحول الى اضعف الدول التي بات كيانه السياسي تحت التهديد المباشر جراء التطورات السياسية في المنطقة والولاءات الضيقة للقادة السياسيين الذين يدورون في فلك السياسات الخارجية للدول الاقليمية. وكل هذه النتائج الكارثية تعد افرازات لحالة الدولة بدون رؤية في البعدين الداخلي والخارجي. اي ان الحكومة الحالية ليست لديها رؤيا واضحة المعالم حول حاضر البلاد ومستقبلة فالاقتصاد يعاني من استنزاف قد تصل بالعراق الى مرحلة الدولة الفاشلة والسياسة تمارس بعقلية قد تجلب لنا حالة النزاع الاجتماعي والحرب الاهلية التي لا تحمد عقباها احد. هنا اريد ان اشير الى عمليات دجلة والفوضى الاعلامية بين حكومة بغداد واقليم كوردستان، ومدى استعداد الشعب العراقي لتحمل مغامرات وحماقات سياسية جديدة بعد عقود من المأساة وويلات الحروب ذهب ضحيتها الالاف من البشر، بل واثرت سلبا على طبيعة تكوين الشخصية العراقية التي تعاني من اضطرابات نفسية في مجالات عدة، ان عمليات العسكرة وعقلية الحل العسكري والدخول في تحالفات مذهبية اقليمية تعبر عن مدى الجهل السياسي لبعض القادة، فبدلا من اعادة بناء المجتمع العراقي عن طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حدث العكس من خلال التركيز على العسكرة وفتح مجال امام الفساد الاداري والمالي في صفقات الاسلحة الرديئة التي عف عنه الزمن وبات عالة على الدول المنتجة للاسلحة. والصفقة الاخيرة مع روسيا كانت العنوان العريض للاجندة الخفية وراء الزيارات التي قامت بها مجموعة من السياسيين التجار داخل الحكومة العراقية الى روسيا قبل زيارة رئيس الوزارء وفتح المجال التجاري مع روسيا، والغريب في امر العراق ان المجالات الحيوية الاخرى تعاني من ازمات بنوية ولا احد يلقي له بال خاصة في وسط وجنوب العراق.
السؤال الذي يفرض نفسه على المشهد العراقي هو هل ما يحدث في العراق من صفقات الاسلحة والانتشار العسكري في المناطق الحساسة يرتبط بالدعاية الانتخابية والشأن المحلي ام انها مجرد سياسة امر الواقع فرضتها الدول الاقليمية على حكام بغداد؟
نبدا مع الفرضية الاولى في مدى وجود صلة بين ما يجري على الساحة السياسية والاستعدادات التي تقوم بها الاطراف السياسية في العراق في استرجاع ثقة العراقيين بهم بعد مرور اكثر من ثلاثة سنوات من تشكيل حكومة نوري المالكي، حيث ان المشاريع الانتخابية الرنانة والوعود المطاطية والاحلام الوردية التي وعدت بها البلاد والعباد في الحملات الانتخابية الماضية بات كلها عناوين للاخفاق السياسي للنخبة والاحزاب السياسية الحاكمة. ولم يبقى للاطراف سواء الحديث عن المخاطر وممارسة سياسة التخويف من جديد بهدف صنع راي عام قائم على اساس الايمان بقائد الضرورة من جديد، وهو ما يشكل خطر المرحلة الراهنة في العراق حيث تتجه بعض الاطراف تحت مسميات عدة نحو الاحتكار السياسي للقرار في العراق. ان هذه الاحتمالية واردة في ظل العقلية العسكرية لبعض القادة الجدد . الا ان الدعاية الانتخابية والمنافسة السياسية في ظل الديمقراطيات تقوم على اساس المؤسسات والمشاريع السياسية لا العسكرة والغطرسة السياسية.
اما الفرضية الثانية هي فرضية فرض سياسة امر الواقع على القادة العراقيين فهذا الاحتمال اقوى من الاولى واكثر واقعا لان العراق اصبح جزءا من الازمة الراهنة في سوريا وذلك بسبب التحالف السوري الايراني وتقارب هذا التحالف مع حكومة نوري المالكي لاسباب جيوسياسية وايدولوجية قائمة على رؤية مذهبية للسياسة. فالعسكرة والتحركات التي تقوم بها حكومة المالكي تعد بمثابة رسائل تهديدية الى الاطراف العراقية الاخرى خاصة الكورد الذين يعانون اصلا من تشتت بعد احداث الربيع العربي وظهور التحالفات والمحاور الجديدة في المنطقة اي يحاول المالكي والمؤيدين له خلق حالة الثقل السياسي لهم في المشهد العراقي يمكنهم من فرض اجندته في المرحلة القادمة. الا ان الطرف المقابل قد يشعر بالقلق ازاء السياسات والممارسات الخاطئة مما يدفعهم نحو تبني سياسات فئوية قائمة على مصلحة طرف او قومية على حساب المصلحة العامة وهو ما يهدد الاستقرار السياسي في البلاد.
ان التحركات العسكرية في العراق هي لتحقيق اهداف سياسية وهذا ما يفرز اللاتوازن في الممارسة السياسية لان استخدام العسكر في اللعبة السياسية في دول ذات نسيج سياسي، اجتماعي، ديني متعدد قد يهدد السلام الاجتماعي لذا من الاجدر على الاطراف والقادة العراقيين ان يفكروا بعقلية الانظمة الديمقراطية وان يتخذوا من المشاريع السياسية القائمة على المنافسة الشريفة الاساس في اللعبة السياسية في المرحلة القادمة لان لا احد يضمن عدم قيام الربيع العراقي عنده سيكون الاشد والاخطر في المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف