الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية استشهادية

على شكشك

2012 / 11 / 28
السياسة والعلاقات الدولية



هو خيار إرادة الحياة، ذلك أن الإرادات المهيمنة على ظهر البسيطة منذ بدايات القرن الماضي اجتهدت بكامل العنف الكامن فيها وكامل التراكمات التي شكلتها وكامل المضمر في جيناتها، اجتهدت مع سبق الإصرار والترصّد لفرض هذه الهيمنة وضمان ديمومتها على هذه البسيطة، وقد تصادف أن تكون منطقتنا العربية هي سرّة هذه البسيطة وحجر الزاوية فيها بما نعرف وما لا نعرف من حيثيات هذا التوصيف وبما تحدّث عنه الاستراتيجيون والشعراء وخبراء الجيولوجيا، وما النفط والشمس والمكان والمقدس إلا بعض تلك الحيثيات،

وقد كان قدراً وتقديراً أن تتوسط فلسطين وبلاد الشام هذه المنطقة العربية، أن تتوسطها في المكان وأن تكون وسطها في المقدس وقبلتها وثالث مَشدَيَ رحالها وآيةً في كتابها، ولقد راكمت فلسطين على مدار تاريخها آثارَها في وجدان العرب حتى أصبحت وطناً وسكناً ورمزاً لمعانيهم العالية وعلماً على هويتهم ونبضة القلب في حيويتهم وتاج الدليل على رفعتهم وصحة بنيتهم ومؤشراً على عافيتهم الحضارية،

وقد كان على تلك القوى التي هيمنت على البسيطة أن لا تكتفي بمجرد الهيمنة على فلسطين كباقي مساحات المنطقة العربية، وكان يجب أن تختطف فلسطين بمطلق معنى الاختطاف، وليُبتدَع شكلٌ كاملٌ جديد لمعاني الاستعمار التقليدي، شكلٌ لم تعرفه خواطر المستعمرين من قبل، فتجاوز في شراسته أنواع الاستعمار الاستيطاني إلى الإحلالي الذي عمد إلى إعدام الشعب التاريخي واستقدام شعبٍ آخر، بل لقد تجاوز ذلك إلى إعطاء بعدٍ زمانيٍّ إلى حالته تلك بإنكار وجود الفلسطينيين في التاريخ الفلسطيني وإدّعاء وجودهم هم أي اليهود زماناً في هذا المكان، وقد توسّل في سبيل ذلك كل همته ومكامن قوته ومكره وبراعة محاولاته في توظيف مراكز الدراسات التاريخية ووسائل الإعلام ووسائط تشكيل الوعي، وقد تعقدت واشتبكت الحكايا وتوغلت، وتجاوز الأمرُ التوقف عند التدقيق في صحة الإدعاءات أمام منطق فرض وعي سمعي بصري لا يأبه بأصول الحقيقة ولا يدقق في أسانيد الصورة،

ولكن الأهمَّ أيضاً كان إسناد هذا المشروع بترسانة تحميه دولياً وتحصن وجوده وتحافظ على ما يستر عواره أو يهدد عاموده، سواءٌ في المحاذير الدولية التي تعاقب من يشكك فيه أو الالتزامات بأمنه المطلق من القوى ذات الصلة والمصلحة التي هيمنت على تلك البسيطة،

كما عمد الكيان الإحلالي الذي اخترعته الإرادات المهيمنة إلى إسكات الصوت الفلسطيني وتاريخه وصورته، وكان أن حرصوا على تطهير الوثائق الدولية من أيّ وثيقة قد توحي برائحة الحياة أو تشي بشرعية ما، فكان الحرص على استبعاد المقررات الدولية السابقة من كل الأطر التي رافقت صراع المرحلة، وحرصت أيضاً على استبعاد المنظمات الدولية راعيةً للآفاق المتوقعة للحلول المرجوة، لكي يُصار الناتجُ إلى هباء، ولكي تتآكل الحالة بفعل انعدام الإحداثيات والمرجعيات ولكي يكون معيار المزاج هو الضامن المطلق لتحقيق المضمر الكامن في العميق من نوايا القوى المهيمنة على ظهر البسيطة وهو التحقق الكامل لمشروعها مجسّداً في ذلك الكيان كما تشتهيه هي وكما يشتهيه الكيان للكيان، وهذا يفسر فزع القوى المهيمنة الكبرى الذي لا يضاهيه إلا فزع ذات الكيان من كل محاولة لاستدعاء أي مرجعية لتكون مؤثرة في مآلات الصراع، حتى ليصل الأمر إلى أن تخرج تلك القوى عن طورها في سلوك لا يكاد يجد تفسيرا لحجم التهديد والوعيد بالويل والثبور وعظائم الأمور إن جرُؤَ صاحب الحق على الاستغاثة بالضمير الإنساني أو المنظمات الدولية،

ولكن هي إرادة الحياة التي تدفع المحاصَرَ أن يُخرج الاستغاثة المحاصَرَةَ في صدره ولا يأبه بشيْ،
حتى لو كان الذهاب للأمم المتحدة شيئأ أشبه باقتحام أرمادا الدول الكبرى المهيمنة على البسيطة، فماذا سيخسر المحاصَرُ من كلِّ صوب في المكان ومن كل صوب في الزمان غير أن يصيب محاصِرية بضجيج الصبر فيه، فقد تكون نتيجةُ الانفجار تمزيقَ أغطيتهم وفضحَ زيفهم وإيلامَ ضمائرهم، كاشفاً لجبنهم حين تنهار تهديداتهم أمام إرادة الحياة فيه فليكن المشهدُ في الجلسة الكاملة للجمعية العامة أشبه بعملية استشهادية دبلوماسية تميتهم وتُحييه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر