الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعاً لمن كانت له المبادئ ثوباً وكفنا..

سامي الحجاج

2012 / 12 / 6
المجتمع المدني


في يوم الجمعة الموافق 30.11.2012 انتقل الى جوار ربه الحاج المجاهد جري لطيف الحجاج الذي عاش مجاهداً ومات غريباً ,وفاضت روحه الطاهره الى خالقها ويديه ورجليه لا زالت تحمل اثار التعذيب من نظام البعث الفاشي الدموي وليس في الآمرغرابة لمن عرف الحق ووقف لجانبه في زمن قطع الآلسن والرؤوس وأذابة اجساد المعارضين في احواض الآسيد او دفنهم احياء ولكن منتهى الغرابة ان ينجو معارض بقامة الحاج الراحل حين تصل به الامور لمعتقلات الطاغية ويتعرض لآبشع وسائل التعذيب ولم ينتزع منه اي اعتراف!...كانت شجاعته وصلابته وتحمله للتعذيب الذي لا يطاق توهمهم بأنه ليس من المعارضة لآنه كان يفهم الشجاعة بأنها الصبر على الآذى وكان قدوة لغيره في المعتقل كان احدهم يقول: لولا وجوده معي في المعتقل لكنت في عداد الموتى...يقال ان اعرابيا سأل عنترة : ما هي الشجاعة ؟ قال : هي الصبر فقال : وما هو الصبر ؟ قال : هات أصبعك أضعه في فمي وهاك أصبعي ضعه في فمك وكل منا يعض على أصبع الآخر . بعد فترة صرخ الأعرابي من شدة الألم فقال له عنترة : لو لم تصرخ أنت لصرخت أنا... ,ولم ينتهى الصبر عند الحاج الراحل في زنزانات ومعتقلات الطاغية المقبور بل امتد الى معاناته القاسية في صفوف المعارضة في الخارج كان يشعر بأن المعارضة تفتقر إلى ما بجب أن تكون عليه من رغبة نزيهة في توحيد صفوفها ووسائلها وغاياتها لخدمة البلاد والعباد وهي كذلك لم تكن بمستوى الطموح...وعند سقوط الصنم عاد الى العراق ولم يأخذ دوره لآنه وجد الساحة السياسية ملوثة والاهداف النبيلة غطّتها تراكمات المصالح الدنيوية الرخيصة فعاد مرة اخرى الى الخارج وأبى أن يتزلّف، حفظا على مبادئه وقيّمه ومثله التي ناضل من اجلها طوال حياته فحقق لمبادئه و لنفسه ولذويه ما هو اعظم من السلطة والآموال وكل شئ في الحياة طريقه الى الزوال ولكن تبقى المبادئُ حيةً تُتبع ولا تزول....وانا استعيد شريط الذكريات تذكرت ما حدّثنا به التاريخ عن زعيم المعارضة وعدو الثروات أبو ذرّ الغفاريّ يوم اختلف مع عثمان فقال له (لا حاجة لي في دنياكم)..!!
وكان من فضائله أنّه لم يهادن باطلاً، ولم يمالئ حاكماً، ولم ينسى التاريخ موقفه الشهير من معاوية يوم كان يتلاعب بأموال المسلمين وسلوكه معهم. لذا تراه يقول لمعاوية، وهو الّذي جمع النّاس ليروا قصره، قصر الخضراء بدمشق: "يا معاوية، إن كان هذا من مال الله فهو خيانة، وإن كان من مالك فهو إسراف".
وما اشبه اليوم بالبارحة والتاريخ دائما يعيد نفسه حيث جمع الطاغية صدام النّاس ليروا قصره يوم كان الشعب مسحوقا تحت وطأة الحصار الظالم ورحى الفاقة والعوز والحاجة المريرة......
وليس هناك صيحة امضى من صيحة أبو ذرّ في اذن معاوية: "اللّهمّ العن الآمرين بالمعروف التّاركين له، والنّاهين عن المنكر الفاعلين له".
جلس أبو ذرّ الغفاريّ يوما يحدّث ويقول
أوصاني خليلي بسبع ..
أمرني بحب المساكين والدنو منهم..
وأمرني أن أنظر الى من هو دوني, ولاأنظر الى من هو فوقي..
وأمرني ألا أسأل أحد شيئا..
وأمرني أن أصل الرحم..
وأمرني أن أقول الحق وان كان مرّا..
وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم..
وأمرني أن أكثر من: لا حول ولا قوة الا بالله].
ولقد عاش هذه الوصية, وصاغ حياته وفقها, حتى صار "ضميرا" بين قومه وأمته..
ويقول الامام علي عليه السلام عنه:
"لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر"..!!
عاش يناهض استغلال الحكم, واحتكار الثروة..
عاش يدحض الخطأ, ويبني الصواب..
عاش متبتلا لمسؤولية النصح والتحذير..
وليس هناك اصدق مما حدث له وهو على فراش الآحتضار ولم يكن معه ألا غلامه وزوجته الجالسة الى جواره تبكي, ..
وانه ليسألها: فيم البكاء والموت حق..؟
فتجيبه بأنها تبكي: " لأنك تموت, وليس عندي ثوب يسعك كفنا"
ان هذا الموقف يستحق من الجميع وقفة تأمل عميقة...
. فتحيه وداع له يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا ولكل من اخلص بصدق لعقيدته ومبادئه ومثله ولقى ربه بقلب سليم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت


.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي




.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون