الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين نقف؟ في عرض البحر؟ أم عند الشاطئ؟

مجدي مهني أمين

2012 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


قال لي أحد الأصدقاء ذات يوم، أن الثورة حدث استثنائي، وأن الشعوب لا تستمر في ثوراتها حتى النهاية. صدمتني الحقيقة وقتها، وتأملت فوجدت أن كافة شعوب الأرض تقف حيث وقفت إرادة شعوبها في ثوراتها:

- ناس راحوا القمر؛
- ناس في طريقهم للقمر؛
- شعوب حرة؛
- شعوب مستعبدة؛
- شعوب عندها دستور؛
- شعوب عندها دستور عيلة، حتى فيه شعوب استسهلت وأطلقت اسم العيلة على بلادها.. استسهال وكسل.

وتأملت أيضا فوجدت:
- شعوب في صمت تام لا يتحدث فيها الآباء في السياسة أمام أولادهم، ويكون الأخ خايف من أخوه؛
- وشعوب –في وضع أفضل قليلا- بتلعن الحاكم في أشعار تتوزع بين الناس في سرية تامة، كأنها مخدرات؛
- وشعوب أكثر شجاعة تلعن الحاكم في وجهه عيني عينك، دون فائدة تذكر؛
- وشعوب تانية ولا بتلعن في السر ولا في العلن ولكن بتنتقد بموضوعية وتبلغ آراءها لنوابها بالتليفون علشان يتبنوا وجهة نظرهم في برلمان البلاد.

- فيه شعوب التظاهر يعد نوع من البطولة؛ وفعلا بطولة لأن المتظاهرين قد لا يعودوا لمنازلهم، فقد يذهبوا للمعتقل أو الجنة، أو الناس ما تعرفش أصلا المتظاهرين اختفوا راحوا فين.
- فيه شعوب التظاهر فيها عبث، لأن حكامها من القوة بدرجة، أو الشعب من الغفلة بدرجة، أنه ما حدش ها يسمع للمتظاهرين، وحتى الحاكم فيها ممكن يعلن بلا حرج "خليهم يتسلوا"، وما تطلعش مظاهرة على الكلمة دي، الشعوب في الحالة دي مش واعية إكي تدرك إن كلمة "خليهم يتسلوا" تستحق مظاهرة.

بلادة الشعوب هنا جاءت نتيجة إن الشعوب واقفة في مرحلة متدنية من مراحل تقدمها، وطبعا الناس على حسب مكان الوقوف بيبنوا وعيهم، وبيربوا ولادهم على الوعي اللي عندهم؛ فلو كانوا في وضع متقدم ها يكون وعي الشعب متقدم، والعكس بالعكس.

- أين تكمن المشكلة في كل هذا؟

المشكلة هي أين وقف الناس في كفاحهم في ثورتهم ضد الظلم، الفرق بين الشعب الفرنسي والشعب الإيراني هي في المكان اللي اختاره كل شعب علشان يرتاح من ثورته. الفرنسيون ذهبوا للنهاية وحاولوا أن يصلوا إلى أقصى ما تصوروا أنه مشروع ثورتهم، بينما توقف الإيرانيون في منتصف الطريق فركب الملالي، وقتلوا الثوار، أكيد عندهم دلوقت أشعار ضد الملالي - سرية طبعا، وفي الواقع هم محتاجين اشعارتحرك الشعب علشان يقوم يكمل ثورته ويطلع من هذا الحكم المستبد المفروض عليه بالقهر والاستعباد والإرهاب تحت اسم الدين.

إحنا اخترنا الدكتور مرسي، ولم نختر الفريق شفيق، يعني اخترنا نكمل ثورتنا مع الإخوان وننهي اسطورة الدولة الدينية، ونكشف تجار الدين على حقيقتهم ، لقد جاء الإخوان للحكم باجراءات أقل ما يقال عنها أنها تآمرية وتزويرية والتفافية، كي يصلوا، جاءوا للحكم وتركوا الثوار وراءهم، وكان هذا من محاسن الصدف كي يتم فرز الإخوان تماما عن الثوار، وكي يرى الثوار والشعب ما يمكن أن يفعله الإخوان والتيار الديني عموما عندما يصلوا للحكم.

وطبعا لأن الإخوان بمفردهم تماما في الحكم، لا يستطيعوا أن ينسبوا أخطاءهم لأي فصيل إلا أنفسهم، وصولهم للحكم يطرحهم بوضوح أمام منظار مكبر، يطرح تلاعبهم، أهمالهم لمصالح الناس، هدمهم لدولة القانون، حنثهم بوعودهم؛على أساس ان السياسة مرواغة، كذبهم؛ على أساس إن الحرب خدعة، غياب الرؤية والحلم، ضيق الأفق كما أطلقها عليهم سيف الدولة عبد الفتاح، مستشار الرئيس المستقيل، وهو يتحدث عنهم باكيا معلنا استقالته من منصبه (أنظر الرابط الأول).

لقد أسرع الإخوان الخطى لتثبيب دولتهم الدينية، أسرعوا بالإعلان الدستوري، واسرعوا في صياغة الدستور، وحددوا على عجل أيضا موعدا للاستفتاء على هذا الدستور، فهم في حاجة لهذا الدستور، أكثر من حاجتهم للرئيس نفسه، كي يحكموا قبضتهم على البلاد والعباد، ويبقوا جاثمين على صدره بالقوة والدستور، سنين عديدة، وأزمنة مديدة، وضربوا الجماهير بلا رحمة واسقطوا منهم مصابين وقتلي عندما عارضوا أجراءاتهم المتعسفة.

لقد قفز العديد من مؤيديهم من السفينة، بعد أن زكمت أنوفهم رائحة الدم البرئ الذي أهدره الإخوان من أجل دستورهم غير الشرعي، قفزوا من سفينة الإخوان، وتبقى سفينة الوطن في عرض البحر، فلو استراح الشعب الآن وترك الثوار لسقطت مصر، ولذهب الناس رغما عنهم للتصويت على الاستفتاء في مقابل بعض زجاجات زيت وأرز التموين، فهذا هو الثمن الزهيد لديهم كي يكسب الإخوان الدستور والبلاد إلى ما شاء الله.

على الناس أن يكملوا المسيرة حتى يحرروا مصر من هذا الحكم الدموي المستبد، على كافة الجماهير أن تتضافر لإسقاط الإعلان الدستوري، وإلغاء الاستفتاء على هذا الدستور غير الشرعي، وإعطاء القضاء فرصته بشأن اللجنة التأسيسية، فلو أقرها القضاء فعلى اللجنة أن تعمل على أكثر من 36 مادة محل خلاف كي تعيد صياغتها، ولو لم يقر القضاء هذه اللجنة، فعلينا السعي إلى لجنة توافقية تعد لمصر دستورا يليق بحضارتها، فالفرق بين إيران وفرنسا، أن إيران وقفت في منتصف الطريق، بينما ذهب الثوار في فرنسا، منذ أكثر من قرنين من الزمان، إلى نهاية الطريق.

فعلى الشعب أن يقرر الآن وألا يترك أمره للإخوان فقد يستبدوا به، ولا للثوار فقد يخوروا في منتصف الطريق إن لم تدعمهم جماهيرهم.

الروابط:

الرابط الأول: سيف عبد الفتاح يعلن باكيا استقالته على الهواء، http://www.youtube.com/watch?v=eEHfBqNX1QA&feature=youtu.be








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى