الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر بداية ربيع حقيقي

خالد عبد القادر احمد

2012 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


رغم ان تونس طرحت النموذج الشعبي لانتفاضة الربيع العربي, وطرحت باقي المواقع نماذج محتملة لتداخل بين المحلي والعالمي لها, الا ان التجربة المصرية من بينها, هي التي باتت فعليا تتصدر موقع النموذج الرئيسي القادر على طرح الاسئلة والاحتمالات, واهمها قطعا التساؤل حول المدى والافق الحضاري القادرة انتفاضة الربيع العربي الشعبية ان تحمل الواقع الاقليمي اليه, وذلك لان الحركة في التجربة المصرية لم تقف عند حد التخلص من الصيغة الطبقية المهيمنة وطابع حكمها, بل تتجه مباشرة الى نقد الحجم الذي تحقق من اهدافها العامة الوطنية الديموقراطية, وترفض ان يكون عائده سياسي فئوي لا اجتماعي عام, اي انها تقف على مشارف تحقيق نظام وطني ديموقراطي حقيقي, تستشعر مراكز الاستعمار العالمي الخطر منه في حال تحققه, ولذلك يبدي الرئيس الامريكي باراك اوباما قلقه العميق مما يحدث في مصر, ولا يبدي ( انحيازه المعهود للانتفاضة الشعبية ويدعوا الاطراف لحوار وطني) وهو قطعا ليس الموقف الذي اتخذه بسرعة فائقة من الرئيس حسني مبارك؟ حيث طالبه بسرعة التنحي, وحتى الكيان الصهيوني وباقي المواقع الاقليمية تبدو مواقفها مرتبكة وعلى مسافة من ما يجري في مصر,
نعم فمصر الان تقف على مفترق طرق حضاري مصيري, احد مسارات يجدد ولاية العهد مرة اخرى للنظام الفئوي القديم بمضامينه العرقية الطائفية, والذي لا تستفيد منه قوى الرجعية المصرية فحسب بل وقوى الاستعمار العالمي ايضا, في حين يتجه مسارها الاخر الى استحداث نظام حضاري ديموقراطي وطني حقيقي لا تشوبه ولا تمزقه الفئوية العرقية الطائفية السياسية, مما يغلق الباب امام تدخلات الاجندات الاجنبية
فالنظام الذي كان لايزال مهيمنا في مصر. حتى ثورة 25/ يونيو/, هو نظام المغالبة العرقي الطائفي الذي يعمل بالية مقولة التفوق العرقي طبقيا وثقافيا, الذي تحميه الديكتاتورية العسكرية وتستنفذ مردوده الاقتصادية اسرة تكاد تكون ملكية وهو ليس سوى انعكاسا حادا لترسخ تاريخي لديكتاتورية عرقية عروبية اسلامية في الواقع المصري, ترسخت منذ دخل عمرو بن العاص مصر غازيا لها, فارضا عليها فوقيته العرقية الاستعمارية وثقافتها الطائفية. ومحيلا المواطنة المصرية الى الدرجة الثانية وناهبا خيرات مصر وهادرا حقوق مواطنيها, وهي النقيصة التي حاولت عملية الانصهار القومي المصري اسقاطها من صورتها الحضارية, فانجزت مستويات منها وها هي تعيد طرحها على الواقع المصري مرة اخرى. وهي المضامين الحقيقية للشعارات الثورية التي رفعها الميدان في ثورة 25/يونيو/, وتعمل الان قوى الاسلام السياسي على التنصل منها وهو ما سنكتشفه لو راجعنا التباينات في شفافية موقف القوى التي اجتمعت في الميدان من هذه الشعارات والمطالب حيث نلمس بينها تفاوتا رئيسيا,
ففي حين كانت شفافية الموقف الشعبي وقوى الديموقراطية صافية النية تجاه مطلب مساواة المواطنة المصرية, كانت قوى الاسلام السياسي تتعامل معها بانتهازية وخبث, ولا يهمها من كل العملية الثورية سوى ركوب موجة الانتفاض من اجل اسقاط الشريحة الطبقية المسيطرة وهزيمة الحراسة العسكرية التي تحميها, والحلول محلها في مواقع القرار والحكم والسيطرة, وهذا ما يبرهن عليه تاكتيك ومناورة هذه القوى منذ تنحي الرئيس مبارك وحتى اللحظة,
فبين حدي علاقة المغالبة والمشاركة التي نسجتها قوى الاسلام السياسي مع باقي قوى الميدان, تلاعبت قوى الاسلام السياسي بانتهازية مكشوفة على هذه القوى, فهي تارة مع مقولة الشرعية الثورية التي تجمعها مع القوى الديموقراطية وهي تارة اخرى مع الشرعية الدستورية, التي تجمعها مع المجلس العسكري الاعلى وفلول النظام السابق, فكانت تقرب او تبعد قوى الديموقراطية والمدنية بحسب حاجاتها للضغط على المجلس العسكري الاعلى او تستقوي به عليها, والذي كان بذاته عرضة لاستقوائها علية بما عقدته من صفقات مشبوهة مع الاجندات الاجنبية خاصة القطرية الاقليمية والامريكية العالمية, وبين الوعيد والتهديد زالمناورة الانتهازية قدم لها المجلس العسكري الاعلى والقوى الديموقراطية التنازلات التنازلات التي طلبتها, ولا بد من الاعتراف لها بالذكاء بهذا الصدد حيث سيطرت على الادوات الدستورية التشريعية والتنفيذية,والتاسيسية, وبذلك هيات لمعركتها الفاصلة مع الشعب المصري, معركة الدستور,
ان اخونة الدولة هي جزء غير انه ليس الاخطر في المنظور الايديولوجي السياسي الرجعي لهذه القوى, فهي تتعلق باشغال مواقع الدولة ومناصبها الدولة بالرموز الاخوانية, لكن الاخطر الاستراتيجي المدى في هذا المنظور هو توسيع هامش اسلمة بناء النظام المصري باعادة انتاج دستور اوسع فئوية عرقيا ثقافيا اساسا له ومشغل لاليته, يبقي على وضع سيطرة مقولة الاكثرية العروبية الاسلامية الطبقية الثقافية في النظام و الاستيلاء على مردودها الاقتصادي, في عملية اعادة تجديد للهزيمة التاريخية للمواطنة المصرية وحقوقها, وفي هذا المجال بالضبط ولهذا السبب تحديدا يتحدد عامل قوة التحالف الاخواني السلفي الاسلامي السياسي, والذي تزداد اواصره قوة كلما تفاقم الصراع مع قوى مطالب تحرر المواطنة المصرية من هذا المعيق الحضاري, فالحركة السلفية وجماعة الاخوان تحمل المستقبل مهمة حسم الصراع بينهما امام اولوية الحرب ضد الشعب المصري خاصة بعد تفاهماتهم المؤقتة على محاصصة توزيع مناصب الدولة,
ان ما نود قوله هنا, هو ان الحراك الشعبي المصري الراهن هو على درجة اعلى من الاستقلالية والتحرر عن مناورة وحراك ( كل ) قوى المعارضة السياسية التقليدية, ياتجاهاتها الليبرالية والطبقية والقومية, فالحراك الشعبي في هذه المعركة يستهدف استعادة المواطنة المصرية لحقها الديموقراطي الوطني المتمحور حول المساواة والعدالة والحرية والسيادة والاستقلال, حتى لو اختصر كل ذلك بالصراع حول مقولات الدستور التوافقي و الدستور الفئوي, اي انه حراك يستهدف تجسيد الحالة الحضارية الاستقلال الظاهرة القومية المصرية في تعريفها لمواطنتها خصوصية وحقوقا وواجبات وتوجه حضاري, حتى لو لم تكن هذه الحقيقة الايديولوجية على هذه الدرجة من الوضوح في صورة الحوار الوطني الفكري الاعلامي السياسي الديموقراطي الراهن الحراك, فحتى القوى الديموقراطية تعترف ان المبادرة الشعبية كثيرا ما تتجاوز في حراكها الخاص المباشر توجهات قوى المعارضة نفسها, مثال ذلك ان شعار الشعب يريد اسقاط النظام يطرح نفسه بقوة وتفوق على شعار الحفاظ على الشرعية الدستورية الذي تتمسك به قوى المعارضة التقليدية
ما يحدث في مصر, وان جاء في اطار من الاحتمالات الخطرة, والاسف على الخسائر الانسانية فيه, الا انه في الحقيقة يحمل حقيقة ان ثورات الربيع العربي لا تنتي عند حد اسقاط الحكام, بل يبدوا انها موجات تسونامي لا موجة مقطوعة وحسب,
ان ما يحمله الحراك الشعبي المصري هو بشرى خير وتحرر من بقايا النظام التقليدي البالي, وقد انجز اولى مهامه بان كشف الوجه القبيح لقوى الفئوية السياسية ذات المنطلقات العرقية طبقيا وثقافيا, ولا يمكن تحميل هذا الحراك مسئولية ما قد يقع في مصر, بل تتحمل قوى الاسلام السياسي الرجعية وحدها هذه المسئولية, خاصة وهي وحدها تتجه للتصعيد لا الاستجابة للمطالب الشعبية المحقة,
ان محاولة قوى الاسلام السياسي الرجعية تشويه صورة هذا الحراك الشعبي بالقول بوجود اجندة اجنبية محركة له, ومحاولتها اللعب على المقدس الديني ضده, وتهديدها بالحرب الاهلية مردود كله عليها وهي وحدها التي ستكون الخاسر اذا اصرت على ما تبديه من عناد احمق في مواجهتها مع الشعب, ومن الواضح ان الحراك الشعبي الراهن في مصر قد تحرر فعليا من شبهة الاجندة الاجنبية التي كانت قوى الاسلام السياسي هي اداتها , واليوم نستطيع القول ان بداية ربيع حقيقي في مصر بدأت فعلا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نداءات لتدخل دولي لحماية الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية | #


.. غارات إسرائيلية استهدفت بلدة إيعات في البقاع شرقي لبنان




.. عقوبات أوروبية منتظرة على إيران بعد الهجوم على إسرائيل.. وال


.. شاهد| لحظة الإفراج عن أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرا




.. مسؤول أمريكي: الإسرائيليون يبحثون جميع الخيارات بما فيها الر