الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محور إيراني ومحور تركي وتمزق عربي

جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)

2012 / 12 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ما أن وضعت الحرب على غزة أوزارها، وهدأت أصوات القصف انهالت التحليلات السياسية من كافة الاتجاهات لما حدث وما نحن مقبلون عليه فكان ملاحظاً الإسهاب في الحديث عن محاور إقليمية في المنطقة العربية بشكل أكثر وضوحاً وبطريقة تكشف صراعاً حاداً وتناقضياً بين محورين إقليمين أولهما المحور ( الإيراني _ السوري _ حزب الله ) وثانيها المحور ( المصري _ التركي _ القطري ).
لقد جرى الحديث من قبل همساً عن محورين ( شيعي _ سني ) ولكن من سيئات الربيع العربي أن أصبح هناك اصطفافاً بين مؤيد ومعارض لهذا المحور أو ذاك، وما بين خافٍ لتلك العلاقة على قاعدة الاستقلالية وعدم التدخل في شئون الآخرين ومابين جاهراً بها على قاعدة النصرة والالتزام.

والسؤال المهم والملح يتمحور حول دور الربيع العربي في تسريع حدة الاصطفاف، والحرب على غزة وما أعقبها من شبه مقاطعة واضحة للحالة الإيرانية رغم إنكار ذلك، وهذا أخطر ما تتعرض له المنطقة العربية من فتنة طائفية منذ أكثر من نصف قرن.

فقد حفلت المنطقة العربية على مر تاريخها القديم و المعاصر بسياسة الأحلاف، وكان للاستعمار دوراً كبيراً في إدارة الصراع في منطقتنا من خلال تشكيل تحالفات بين الدول العربية تخدم مصالحه وتؤدي أدواراً مشبوهة كما حدث في حلف بغداد إبان الخمسينات من القرن الماضي، وجاءت مجالس التعاون المختلفة المسميات لتؤكد هذه الإرث الاستعماري فكانت تحالفات سياسية مزقت الوحدة العربية، وخلقت اصطفافات لم تؤدِ لأي نوع من التنمية أو الحداثة بل عززت سياسة الحزب المسيطر الذي صعد للسلطة إثر انحسار الاستعمار، والذي كان جله من العسكر.



وللوقوف على أبعاد التمزق الطائفي الذي تتعرض له منطقتنا وبشكل لا يقل خطورة عن إنشاء دولة إسرائيل التي شطرت الوطن العربي نجد التالي :-

1- أن ما يتم الحديث عنه من محاور هو جزء من خطة استعمارية تتبناها أمريكا وتعمل عليها بريطانيا تسللت إلى عقولنا وأصبحت ثقافة يجري من خلالها تدمير أُمة بكاملها، وقد عزز تلك الثقافة تداعي المثقفين والسياسيين وأصحاب الفتاوى لاستعراض معرفتهم بحجم المحورين المذكورين والتناقض بينهما، مما خلق وعياً انعكس مواقفاً حقيقة من هذين المحورين وبالتالي أصبحا حقيقة في حياتنا.
2- لو سلمنا بالأمر فكيف لبلد مثل تركيا أن تعادي جارة لها هي إيران وما مصلحتها في منافسة جارة قوية خصوصاً وأنه تجمعهما كثير من الأمور المتوافق عليها كالحالة الكردية المؤرقة بجد لتركيا، والموقف من روسيا وتمددها للمياه الدافئة، ووجودهما ضمن محيط عربي، والوضع العراقي المتأزم اللذان يعبثا به الخ.
3- إن تركيا وهي ضمن حلف الناتو ولها العديد من المحاولات لدخول الاتحاد الأوروبي تبحث عن تأثير إقليمي في المحيط شأنها شأن إيران خصوصاً بعد الحرب على العراق، وهذا على حساب التأثير السابق لمصر والسعودية في المنطقة حيث تم حسر دورهما لصالح إيران وتركيا وبرضى أمريكي لخلق نوع من التوازن الطائفي في العراق، مما يعني أن العرب فقدوا دورهم المؤثر لصالح الأطراف وهذا يدل على الضعف الذي نال من العرب وأفقدهم قدرة التأثير والفعل مما يطرح أمامنا تساؤل حول أهمية جامعة الدول العربية ومدى قدرتها على تمثيل طموحات العرب.
4- في الوقت الذي تطرح إيران نفسها قوة إقليمية معادية لأمريكا وإسرائيل نجد أن جزء من طموحها الإقليمي كان الأمريكان سبباً وعاملاً هاماً للوصول إليه، فبعد الحرب على العراق واحتلاله وإنهاء نظام صدام حسين، وبعد القضاء على بن لادن، وحركة طالبان أصبحت الساحة خالية لإيران للتمدد أكثر سواء نحو العراق ومنها لسوريا فلبنان في تواصل جغرافي، أو نحو أفغانستان ومحيطها، وبذلك خدم الأمريكان إيران.
5- في الوقت الذي نتحدث فيه عن محورين نجد أن سوريا طالت أزمتها بقصد تدميرها وهي الحليفة لإيران، ومصر يجري العبث بها سواء في فعل المتطرفين ممن اعتلوا المشهد ويدفعون المصريين دفعاً نحو الاقتتال على قاعدة التمكين بإقصاء الآخر، أو من يدافع عن محاولة إقصائه بشراسة زائدة شيطنت الآخر، حيث في المحصلة مصر تستنزف اقتصادياً وبشرياً وهي تقف على حافة هاوية فأين موقع المحورين في السياسة الأمريكية.
6- إن الثابت فيما نقرأه هو صعود إيراني تركي على حساب العرب وهو المطلوب لصد الروس عن لعب دور مؤثر بخلق حزام قوي يقف في وجه التمدد الروسي الصيني نحو النفط الخليجي، وفي ظل طموح أمريكي للعب دور يشمل الدول المنفصلة عن الاتحاد السوفيتي والواقعة شمال أفغانستان وإيران لإقلاق الروس وتحجيم دورهم.
7- العداء لإسرائيل لم يعد كاف للحكم على توجهات الدول فالصراع على التفرد الإقليمي ولعب دور سياسي أصبح سمة مميزة لتلك المنطقة الملتهبة فمن يجاهر بعدائها ليل نهار ويعمل على خلق مخالب وأنياب له في محيطها قد يتلاقى مع أهدافنا تكتيكياً ولكن ليس بالضرورة أن يتفق معنا استراتيجياً وهذا ما يحدث حيث تتعزر قوى إقليمية في المنطقة العربية على حساب تمزق العرب فما حدث في العراق، وظهور دولة كجنوب السودان، وتدمير ليبيا إحدى ثمرات تعزيز الأمريكان لهذا القوس الذي يتمكن من ثلاث دول عربية مهمة وهي ( العراق وسوريا ومصر ) وهي أهم الدول العربية التي قادت الفترة السابقة من تاريخ الأمة العربية والتي يجري الآن محوها بكل بساطة تحت اسم ( الربيع العربي ).

إن الحديث في هذا الأمر يطول، وما تم تداوله هو جزء من مؤامرة ستطال الوطن العربي وتضعفه في وقت تتركز الثروة في يد جزء من الأمة ويجري إفقار الباقي منها، ولن تنفع كل مشاريع النهضة أمام ضعف الانتماء للوطن وللأمة العربية لذلك علينا كعرب أن نحذر السير ضمن محاور تخدم الاستعمار وتعزز الفتنة وألا نكون وسيلة وأداة لهذا التدمير، وهذا يتطلب وعياً ذاتياً أولاً وجماعياً ثانياً لمثل هذا النوع من الثقافة المبشرة بحروب أهلية، وأن نعزز إرادتنا الجمعية بالإصغاء والتعاون مع من يختلف معنا فكرياً لا أن نقصيه ونهدم البناء على من فيه " فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها " .

ولندرك تماماً أن من يسير وفق محاور أو يعزز أحدهما على الآخر إنما ينفذ سياسة استعمارية هدفها تمزيق العرب وتقسيم ما تبقى منهم وهؤلاء يجب أن تتوقف مسيرتهم الهدامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي