الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة مصر واصبع الزمار:

خالد عبد القادر احمد

2012 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


التذاكي على الواقع ومحاولة تطويعه والتعايش معه, سلوك اصيل في منهجية المجتمع المصري, ليس فقط خلال التعامل مع وقائع الامور الفردية المعيشية, بل ومع وقائع الامور السياسية العامة ايضا, وها هم اخواننا المصريون, يرفضون الاقرار للواقع بتوجهه الحضاري الموضوعي, ويحاولون لي عنق حركته باتجاه رغباتهم التوافقية الخاصة, فيقرأون على الواقع, لا منه, خيارات لا يطرحها هو بل هم,
السياق التاريخي لمسار التطور الحضاري المصري, منذ عهد محمد على والى تفجير ثورة 23/يوليو/ 1952م, وهي نقل مصر من وضع الولاية الادارية الى وضع الاستقلال السياسي, وهو وضع مستجد لها, لم يفيه الحوار الايديولوجي المصري حقه من الاهتمام, ولاسباب عديدة استكان الفكر المصري لسلوك استمرار التعايش بين موضوعية الواقع وتزييف الرغبة السياسية له, فباتت مصر من حيث الواقع قومية مستقلة, ومن حيث الرغبة الايديولوجية السياسية وادارة الشأن ولاية عربية اسلامية, الامر الذي عكس نفسه على صورة تناقضات في الصيغة الدستورية, فعرفت مصر تعريفا فيدراليا لا استقلاليا, وبقي مكونها من المواطنة متعدد المراتبية, فغابت العدالة الاجتماعية وقيدت الحريات وتباطئت وتائر التحرر والترقي الحضاري,
لقد بدأ الامر منذ غزا عمرو بن العاص مصر والحق باهلها الهزيمة وفتحها, وفرض العرق العروبي فيها انفسهم مواطنون من الدرجة الاولى على مجتمعها الاصيل, وحملت مصر هذا التناقض عبر تاريخها حتى بعد ان رحلت ادارتهم السياسية الاجنبية, وبعد ان انصهرت بقاياهم اجتماعيا في المواطنة المصرية, مع بقاء تقليد تعريف مصر تعريفا عرقيا ثقافيا عروبيا اسلاميا, وبقاء تقليد تفوق وسيطرة العرق العروبي الاسلامي حق دائم ابدي, ولم يكن غريبا وهذه الحال ان يسود دائما في المعادلة السياسية المصرية نظام منطق مغالبة الاكثرية للاقلية وان يتحول من عرف وتقليد الى اساس لاول صيغة دستورية حاملة لرؤيا حضارية حديثة لمصرفي عهد الملكية ( التعريف العروبي الاسلامي )او في العهد الجمهوري ( التعريف العروبي )
لكنه في مجال المغالبة بين قوة الواقع الموضوعية و قوة الرغبة السياسية, فلا شك ان النصر في النهاية دائما يكون من نصيب الواقع الموضوعي, ففيه يعلو بناء الحقيقة على بناء الزيف, فلبنات تراكم التحقق الحضاري المصري وتحقق انصهارها القومي الخاص اتجهت بمصر دائما نحو الدولة المدنية الحديثة, وإن على عكازات تراكم من المتغيرات النوعية الصغيرة, ولكن في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وصولا الى ثورة 25/ يونيو/ 2011م, والتي طرحت مطالب ورفعت شعارات الدولة المدنية الديموقراطية اللاديكتاتورية عسكريا ولا دينيا, ومنذ تنحي حسني مبارك عن الحكم وهناك محاولة تبذل من بقايا فلول طغمته, ومن قوى الاسلام السياسي, لضمان استمرار اسس النظام القديم, حيث لا خلاف من الجناحين وهما من نفس الطبقة مع النظام القديم ولا خلاف بينهم على ضرورة الابقاء عليه لكن الخلاف بينهم هو من الجناحين الذي يجب ان يحكمه, وهذا جوهر اتفاقهم الخاص والمعنى الخاص عندهم لمقولة تداول السلطة التي اتفق على تضمينها في الدستور
الخيارات المطروحة الان ويقف المجتمع المصري حائرا امام مفترق طرقها, تتعلق من حيث الضرورة الموضوعية بالتوجه الحضاري الواجب على مصر اخذ مساره, إما الى الامام نحو الحداثة في صورة فصل الدين عن الدولة والمساواة في المواطنة, كمدخل للمساواة في الديموقراطية و مقاربة العدالة الاجتماعية. وتوثيقه في صيغة دستورية تقدمية واضحة لا لبس فيها, او النكوص والبقاء على نفس النظام الذي يبقي ثقل الطائفية رازحا على كاهل المسار الحضاري المصري ومبطيء وتائر حركة تطوره,
ان معركة مصر الحقيقية هي اذن بين حقوق المواطنة كما يشترط سلامة شروطها وصورتها الواقع بموضوعيته, والصيغة الدستورية التي تحاول اعادة خداع هذه المواطنة بقول المبدا الدستوري بتساويها ومن ثم يتولى شيطان تفاصيل الصيغة الدستورية بنسفها واجهاضها, والمعركة ايضا على دور الدولة في ان تكون في خدمة من من هذه الخيارات, باعتبارها منتدبة من المجتمع لادارة شانه القومي العام,
ان صيغة دستور ابن الهانم وابن الجارية التي يقترحها قوى الاسلام السياسي لم يعد يتلائم وما ارتقت اليه مصر من مستويات حضارية, اما مراوغة ذلك بالحديث عن اخوة المواطنة والتقارب السماوي الديني فهو محض كذب, المستفيد الاكبر منه هو الشريحة الغنية المهيمنة عمن البنية الاجتماعية لقوى الدين السياسي الاسلامي والمسيحي, والتي لا يهم قوى الاسلام السياسي منها على وجه الخصوص سوى اعتماد منظورها الاستثماري الخاص, موجها للاقتصاد المصري وعملية الانتاج المصرية, وهذا هو جوهر مشروعهم التنموي لنهضة مصر, والذي لن يعود بالخير على الطبقات الشعبية المصرية بل سيضعهم باطار مقولة من لم يرزقه الله عز وجل انا غير مسئول عنه/ على راي هبنقة ( رحمه الله ) اثناء رعيه للغنم
ان القوى الرئيسية لمعسكر الثورة المضادة المصرية مكون من ( قوى الاسلام السياسي وفلول نظام الرئيس حسني مبارك ) وقد برهن ما مضى من المرحلة الانتقالية على ان الخلاف بينهم ليس حول ديكتاتورية الحكم من من يستفيد منها منهم, والصراع بينهم في هذه الحدود لا يقلل من متانة التحالف بينهم ولا يلغي عدائهم للطبقات الشعبية ومحاولتها التحرر من شروط سيطرتهم عليها واستغلالهم لها, حيث الحق تقاطع مناورات قوى الاسلام السياسي والمؤسسة العسكرية ومجلسها العسكري الاعلى الدمار الوخيم بحقوق ومصالح الطبقات الشعبية واجهض مطالب الميدان وقوى الشرعية الثورية القادرة على تحقيقها, فالمؤسسة العسكرية جزء لا يتجزأ من مكونات دولة النظام القديم, من الصحيح ان لها دورها الوطني الذي نجل ونحترم ونقدر, الا ان ذلك يبقى من موقع التميز الطبقي, بل ها هي لا تخفي ان انحيازها للشعب بات مشروطا بالشرعية الدستورية كما جاء في بيانها الاخير. وفي هذا السياق يقدم اللقاء السلفي مع الفريق احمد شفيق برهانا اخر على ذلك. مع انه ليس بالضرورة ان يكون التالف والتحالف اتفاقيا مباشرا بل يمكن ان يكون عبر موضوعية التوجهات والحركة وتجانس المطالب السياسية وتقاطع مناوراتها,
ان ما يحدث في مصر ليس سيئا وإن حمل المخاطر, فهو محاولة ولادة تحمل بشارة خير, لكن قوى الاسلام السياسي والفلول تحاول ان تجعل منها كابوسا دمويا, وعلى العكس منهم فان قوى الشارع المصري وجبهة الانقاذ الوطني تعمل على اجهاض منهجية العنف بالاصرار على سلمية الحراك السياسي الشعبي, والاصرار على تفادي راس حربة اليات العنف التي يحركها التحالف الاسود التي تتجسد بصورة قرارات تعمل على اجهاض المدى الاستراتيجي التقدمي لثورة 25/ يناير/, واخضاع وتطويع قوى الانتفاضة المصرية الراهنة, وهم على استعداد للذهاب باتجاه تفكيك الدولة وافتعال حرب اهلية لانها تشعر ان قرار ادارتها يفلت من يدها وينتقل مركزه ليد قوى الشارع الثورية,
لقد بات التعايش مع معادلة النظام القديم في مصر شبه مستحيل, والهوة تتسع بين المعادلة الدستورية الطائفية والمحكوم لها وبها بل تزداد اتساعا مع كل قرار قمعي تتخذه وتتضارب خلاله بارتباك واضح مراكز القرار المتعددة لجماعة الاخوان المسلمين, واللذين يهدرون الان هيبة الدولة التي لا تبنى الا على الثقة وبها, وبسعة الخدمات القادرة على تقديمها للمواطن والذي اثبتت جماعة الاخوان انها ليست بوارد اهتماماتها واولوياتها وتستبدلها بالقمع واللجوء للقوة حتى انهم باتوا يهدرون ايضا هيبة محمد مرسي كاول رئيس مدني منخب للدولة
ومن المؤسف في الوضع الراهن, ذلك الجبن والموقف التوفيقي الذي يتمترس خلفه الاعلام المصري, تحت مبرر الحرص على السلم الاهلي, فيبدونه بعدالة زائفة تساوي بين الضحية والجلاد, وهو اعلام لا يزال حتى اللحظة غير قادر على التحرر من دوره القديم, حيث لا يزال اعلام دولة, معيقا للتحرر والرقي الحضاري لمصر, فعوضا عن ان يرسم الصورة الحقيقية للخيارات المطروحة على المجتمع باعتبارها تدور حول بين اتجاه الحداثة او اتجاه التخلف الحضاري, نراه يرسم لها صورة الخيار بين الحرب والسلم الاهلي, علما انه ورغم رغبة الاعلام الواضحة في نفاق السلطة الا انه يجد نفسه لا يستطيع بلع منجل تقييد حرية العمل الاعلامي والصحفي والابداعي الذي انطوت عليه الصيغة الدستورية,
ان ما نود قوله هنا, هو ان كل القوى الاجتماعية المصرية بات عليها حسم امرها, والوقوف بوضوح شديد ضد الصيغة الدستورية الطائفية المطروحة للاستفتاء, على اساس تجاهل ارادة الشعب ومطالبه, وعليها ان تبرهن لتحالف قوى الاسلام السياسي والفلول ( معسكر الثورة المضادة ) ان عليهم , لا على الشعب, ابداء التوافق وان تنصاع لوحدة التوجه القومي المصري الحضارية الذي ينظمه ويحدد اتجاهه حركة موضوعية تاريخية وان هذه الحقيقة هي جوهر المركزية التي يجب ان تتاسس عليها الصيغة الدستورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة على النشرة الخاصة حول المراسم الرسمية لإيقاد شعلة أولمب


.. إسرائيل تتعهد بالرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق وسط دعوا




.. بتشريعين منفصلين.. مباحثات أميركية لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل


.. لماذا لا يغير هشام ماجد من مظهره الخارجي في أعمالة الفنية؟#ك




.. خارجية الأردن تستدعي السفير الإيراني للاحتجاج على تصريحات تش