الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هم الراتب

خالد عبد القادر احمد

2012 / 12 / 19
القضية الفلسطينية



عجز دولة فلسطين, عن دفع رواتب موظفيها, هو مظهر اقتصادي اجتماعي يؤشر لمستوى حالة الانهاك التي بات عليها و يعاني منها شعبنا, والتي يلحقها به تقاطع سياسات متعددة الاتجاهات تعترض, بقصد او بموضوعية, مسعى شعبنا للتحرر, الوطني , ولإن قلنا ان سياسات اعداء شعبنا تحمل هذا الهدف, فان لنا ان نقول ايضا , ودون ان نقلل من شأن ما تحقق من انجازات وطنية, ان فشل السياسات التعبوية الفلسطينية حمل ايضا نفس النتيجة, حتى وإن لم تكن هدفا مقصودا من مجترحي هذه السياسات,
نعم ان لدينا في مختلف المجالات, قيادات فلسطينية تكنوقراطية تجيد اداء تخصصاتها باكاديمية متميزة, وكانو سيعتبرون رجال دولة عظام, لو كان ادائهم هذا لدولة لا تعيش الحالة الفلسطينية المشروطة بالقضية الوطنية, ومحاولة التحرر من عداء تحالف محلي واقليمي وعالمي يحرص على انهاك المجتمع الفلسطيني, لكن فلسطين تفتقد المظلة الاقتصادية المتوفرة لتلك الدول والتي تتيح لها القدرة على اجتراح المناورات التقليدية للدولة المتحصلة على مستوى من التحرر والاستقلال والسيادة اللازمة لذلك, وهو ما لا يتوفر في شرطنا الذاتي, ولن نمتلكه الا بنيل الحد الادنى من الحرية الوطنية المستقلة ومعطياتها الديموقراطية والتنموية الاقتصادية والاجتماعية,
ان التعارض بين بيروقراطية القيادة السياسية الفلسطينية واحتياجات حل المشكلة الاقتصادية الفلسطينية, حيث تعجز هذه القيادة عن مغادرة ماهيتها التكنوقراطية الاكاديمية, والانخراط في صيغة ثورية تجمع في العمل الوطني بين الرسمي والشعبي, جعل من هذه القيادة جزءا من المشكلة, لا المؤسسة القادرة على تقديم الحل لها, لذلك ودون الاتفاق من قبلنا مع مقولات تخوين ومقولات تكفير هذه القيادة, نجد النقمة الشعبية الفلسطينية توجه سهام نقدها للحكومة والقيادة السياسية الفلسطينية, وهي على حق في ذلك,
لقد امتنعت حتى الان عن الكتابة بهذا الموضوع ليس لقصور الاحاطة به, ولكن للاحساس بالخجل من هذا المستوى من الاذلال الذي لحق بشعبنا, الذي لا يزال يشغل موقع النموذج والقدوة للشعوب الاخرى في التضحية من اجل الوطن, والذي ( للاسف ) جعل من هذا الاذلال الوجه الاخر للانجاز الوطني الفلسطيني, اردنا التواضع والاعتراف بهذه الحقيقة او المكابرة وانكارها, فمواطننا باتت دمعة الاحساس بالاذلال المعيشي تسبق ما ينطق به فمه من شكوى, ولها الاولوية على المطلب الوطني, وليس ذلك بمستغرب,
فعادة لا يشكل المطلب المعيشي, مشكلة لشعوب تقع تحت سطوة احتلال تقليدي, وإن شكلت ربما مشكلة لقوى تحررها, اذا وقعت تحت حصار عسكري, كما اشارت لذلك مذكرات جيفارا عن حصار قوى التحرر الكوبية في جبال السيرا مايسترا, حيث قال مجازا انه مرت عليهم اوقات كان فيها المقاتل احوج الى علبة السردين من قطعة السلاح, لكن الشعب الكوبي وبرغم السلب والنهب الممارس ضده من الشركات الامريكية وحليفتها الطبقة والسلطة البرجوازيةالكوبية , لم يكن يشتكي من الجوع,
ان المجتمعات التي اشتكت من الجوع هي ( قبائل ) الهنود الحمر سكان امريكا الاصليين, وكذلك ( القبائل الاوسترالية ) وهي مجتمعات وقعت تحت سطوة احتلال احلالي, عمل بصورة منهجية منتظمة على انهاك هذه القبائل الى حد تجريدها من مناطق صيد الحيوانات التي كانت تعتاش عليها, وهو المصير الذي يدفع الاحتلال الاحلالي الصهيوني, شعبنا اليه دفعا, وليس ذلك بمستغرب, فالحركة الصهيونية هي وريثة التجربة الاستعمارية الاحلالية البريطانية في امريكا واوستراليا,
ان مشكلة القيادة الفلسطينية, هي انها قيدت مناورتها السياسية بخطوط حمراء لم تعد تجد في نفسها الجرأة على تجاوزها, ولا نقصد هنا الخطوط المتعلقة بالتنازل عن ثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية, والتي خرقتها على كل حال, بل نقصد وجها و نوعا اخر من الخطوط الحمراء, منطلقها اولوية القضية الوطنية الفلسطينية والاستجابة لاحتياجات انجاز مهامها, وحتى لا يساء فهم لفظ القيادة الفلسطينية فنحن لا نستثني هنا احدا لا في الضفة الغربية ولا في قطاع غزة, ولا من قيادات باقي الفصائل, وهذه الخطوط تتعلق ب:
1- قناعة مجتمعية باولوية الولاء للعروبة والدين, على حساب الولاء الوطني
2- قناعة احترام اولوية الشرعيات الاخرى على حساب اولوية الولاء لشرعية المهمة الوطنية الفلسطينية
3- القناعة بمقولة الرئيس المصري الراحل السادات ان 99% من ( حل ) الصراع بيد الولايات المتحدة
4- قناعة الالتزام باتفاقيات مجحفة بحقوق شعبنا خاصة ان الاطراف الاخرى لا تحترم التزاماتها بها
5- قناعة التقوقع اما بمقولة المقاومة الشعبية السلمية منفردة او التقوقع بمقولة الكفاح المسلح منفردة
6- قناعة الابقاء على المقاومة الفلسطينية المسلحة ازعاجية لا تحررية
7- قناعة اهمال قدرات شعبنا النضالية, وعدم الالتفات لتوظيفها بعملية الصمود والمقاومة والتحرير الفلسطينية
8- قناعة ابقاء فلسطين مفتوحة لمن هب ودب من الاطراف الاقليمية ومؤسساتها سياسيا واقتصاديا
9- قناعة الولاء للفئوية السياسية على حساب الولاء لفلسطين
ان ما نقصده هنا, هو ان للازمة الاقتصادية الفلسطينية حلا مدخله تعديل القناعات الايديولوجية السياسية الفلسطينية الراهنة المقيدة والمعطلة للقدرة الفلسطينية على المبادرة والابداع, والتي تبقي على المناورة الفلسطينية في اطار ( ما تتيحه البيئة الاقليمية والعالمية ) فهذا هو معنى براغماتية فن الممكن المعتمدة كمنهجية سياسية للقيادة الفلسطينية, كما تعيد توظيف الانجاز الوطني لصالح بقاء الانقسام وهيمنة الرؤى الفئوية,
هل تجرؤ القيادة الفلسطينية على هذا التكيف, وهل يجرؤ شعبنا على اجبارها على ذلك, هذا هو السؤال؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم