الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا شتاء بعد الربيع

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2012 / 12 / 19
السياسة والعلاقات الدولية


لا شتاء بعد الربيع!! زيرفان سليمان البرواري

ان التغيير السياسي في البلدان العربية ليست عاصفة موسمية ولا رياح خريفي كما يعتقده البعض بل هو عبارة عن تغيير جوهري قائم على اساس رغبة الشعوب وارادة التغيير والتحدي لدى الشباب، فالثورات العربية كانت نتيجة حتمية لما وصلت اليها الاوضاع في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الوطن العربي، فالبطالة وصلت الى 14 مليون نسمة، وازددت الهوة بين الطبقات الاجتماعية نتيجة لسوء توزيع الدخل فالقلة اخذت الكثرة وبالعكس، فالدولة فقدت هيبتها في البعدين المحلي والدولي، وانصهرت المؤسسات في القبيلة والعشيرة وما الى ذلك من الامور التي تعيق التطور الثقافي والمدني في المجتمعات العربية، جاءت الربيع ردا على الشتاء القارص الذي دمرت آمال اجيال وتسببت في نشر التخلف والفقر والطغيان، ان الاحداث التي تجري في بلدان الثورات العربية تعد امور طبيعية في المجتمعات التي تتحول من حالة الاستبداد الى الديمقراطية، لان ليس من المنطق ان نطلب تغيير جذري في كافة المجالات في سنة او اثنين فالانظمة التي ساهمت في تغيير البنية الفكرية والعقلية للافراد ونشر ثقافة تهميش الاخر تتطلب جهود مؤسساتية في إعادة بناء الثقافة السياسية في المجتمعات التي حكمتها تلك الانظمة.
والسؤال الذي يفرض نفسه في الشارع العربي هل اننا بصدد ثورة ضد ثورة؟ ام ان ما يحدث عبارة عن لعبة سياسية تستخدمه القوى السياسية ضد بعضها البعض خوفا من التهميش في المرحلة القادمة؟
ان ما يحدث من عواصف في بلدان الربيع العربي ترتبط بعوامل عديدة متعلقة بطبيعة الحالة السياسية في المرحلة التي سبقت الثورات ومرحلة ما بعد الثورات العربية ، ففي المرحلة الماضية ارتبطت الممارسة السياسية بحالة الحاكم الفرد الذي احتكر كل القرارات لنفسة لذا لم يكن صعبا على الحاكم ان يقر تشريعات او يجمد قوانين حسب المصلحة الفردية او لاستعاب غضب الشارع مما افرز حالة اللاوعي لدى الافراد حول الطريقة الطبيعية لاصدار القرارات وكيف ان الحاكم تحول الى ضرورة والملهم والخارق في العقل الباطني للافراد ورسم في سيكولوجية الافراد انواع من الامراض المتعلقة بقوة الشخصية والثقة والرغبة في التغيير.
ان الاحداث والتطورات السياسية في بلدان الربيع العربي عبارة عن اللعبة والتنافس السياسي على المصالح في المرحلة القادمة، فضلا عن وجود حالة من الخوف وسيطرة الايدولوجيات على الشارع العربي مما يفرز حالة اللاثقة بين الاطراف، وتتجه تلك الاطراف الى استخدام وسائل غير مدنية للتعبير عن التخوف والقلق السياسي وهو شيئ طبيعي في ظل التغيير والطفرة السياسية الشاملة التي حصلت في المنطقة اي ان التغيير والانتقال من حالة معينة الى اخرى تتطلب وجود استراتيجية تدير تلك التغيير على اسس ومقايس علمية تراعي المصالح العامة والاستقرار السياسي، الا ان الانتقال تفرض على الافراد والجماعات نوع من التفكير والتفاعل قد يشوبها الارتباك والانفعال والتسرع في الحكم والاتهامات وهو ما يحدث في الوقت الراهن من الناحية المحلية للمشهد السياسي، اما الواقع الاقليمي والدولي والتدخل الخارجي فذاك شي اخر على قدر كبير من الاهمية ولابد من الوقوف عنده وتحليله بصورة علمية وموضوعية لوضع النقاط على الحروف ولكي تكتمل المشهد السياسي للمشاهد في الشارع العربي، فالربيع العربي حدث بصورة مفاجئة اربكت صناع القرار في اروقة البيوت الابيض والاحمر والاخضر، بل ورن ناقوس الخطر على عروش الاستبداد وحراس المصالح الاجنية مما خلق انواع من الاعداء للثورة ولرغبات الشعوب في التحرر من بؤس النخبة الفاسدة والانتهازية، فالرموز التي تتدعي التحرر والديمقراطية والاضراب في الشوارع كانت بالامس اعمدة الانظمة الدكتاتورية ولهم تاريخ اسود في حفظ مصالحهم على حساب خبز الفقراء, ولكن لابد من القول ان الشتاء تاتي بعد الخريف وان لا شتاء بعد الربيع العربي وربيع الحرية والكرامة. وفي ظل التطور والمعطيات السياسية واستمرار حالة الثورة المسلحة في سوريا وانتظار الشعوب الاخرى لاعلان ثورتهم ضد الطغاة تفرض الحالة السياسية على الاطراف السياسية ان يحتكموا الى العقل وان لا يستمروا في استخدام مطالب الشعب وانجازات الثورة اوراق في اللعبة السياسية لان ذلك قد تؤدي الى حالة الفوضى والحرب الاهلية وهو ما لا يتحملة التغيير الجديد، فالشرعية تتطلب اعطاء المجال للطرف الرابح في الانتخابات وممارسة العمل السياسي كمعارضة على اساس مدني وعقلاني بعيد عن اقصاء الاخر واستخدام الاطراف الخارجية لمحاربة الشرعية التي يفتخر به الشعوب في بلدان الربيع العربي، ان الحل النهائي لمأساة الشعوب في المنطقة تكمن في خضوع الاحزاب لإرادة الديمقراطية واختيارات الشعوب، لان الحزب هو الرقم الاساسي في المعادلة السياسية وكذلك المحرك الجوهري في توعية وتعبئة الشعب والتأثير على الراي العام، لذا اقول ان المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الاحزاب في حماية الثورات من الانزلاق نحو مطبات العنف والصراعات المسلحة بين الايدولوجيات المختلفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را