الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صيغة نفى

على شكشك

2012 / 12 / 20
الادب والفن


صيغة نفي
علي شكشك
ليست النكبة ولا المشروعُ الصهيوني ولا المشروع الغربي الاستعماري إلا محاولة أسر، أسر البلدان التي استعمروها وأسر ثرواتها وأسر شعوبها وأسر ثقافتها وتاريخها، ويتميز المشروع الصهيوني نوعياً وكمياً بكونه حالة الأسر الكاملة التي تنفي السياق عضوياً نفياً كاملاً، فلا شعب هنا، فالأرضُ بلا شعب، ولا تاريخ إذن بما أنه لا شعب، فهو ليس إلا لهم بما أنهم لم ينقطعوا عن المكان أبدا حسب زعمهم الذي يتغير أحيانا ليصبح انقطاعاً طويلاً استأنفوه بعد آلاف السنين، فليس الاحتلال إلا أسراً عاماً، وليس نفي الفلسطيني إلا أسراً، وليس نفي التاريخ والاستحواذ على الماضي كما الحاضر والمستقبل إلامصادرةً لهذه الأبعاد، ويكون عنف الأسر وحجم السلاسل بحجم ردّ فعل الأسير وحجم الخطر المتوجَّسِ من جانبه، ليكون السجن المادّيُّ العنبف المباشر هو رأسَ هرم الأسر بمعناه السابق الكبير، فحين يتصدى السياق أو أيُّ عنصرٍ فيه لعنف السجان سيكون على هذا الأخير أن يشدَّ وثاقه ويقيد حركته ويحجب عنه الشمس ويبني حوله الجدران وينصب وراءها الأسلاك الشائكة، ويدير عملية موته المرتجى،
دون أن ننسى أن المذكورين آنفاً من المستعمرين والغزاة الصهيونيين، ولكي يؤمّنوا حالة الأسر الشاملة ويكرّسوها ويطمئنوا لاستمرارها، فإنهم عملوا واجتهدوا وثابروا على تعميمها ونعميقها، أفقياً ورأسياً، فكان لزاماً إذن أن يشتغلوا على أسر الوعي وأسر الوثائق وأسر الإعلام والمعرفة وأسر اهتماماتنا وانشغالاتنا وأسر اقتصادنا وأسر وتبديد كل ما من شأنه أن يكسر حالة الأسر التي يرعاها تجاهنا، كل ما من شأنه لملمة شتاتنا أو ترميم أبجديتنا، أو معافاة فكرنا ولحمتنا وحركتنا، كما كان لزاماً عليه أن يمتد بالحالة أفقياً لتشمل حالة أسر لكلَّ المنطقة العربية على الأقل بما أنها الوسطُ المعنيُّ في نهاية المطاف وبما أنها الهدف النهائي وبما أنها تمثّل امتداداً فطرياً عضوياً وثقافياً ووجدانياً وحضارياً لنفس الحالة الفلسطينية، وأنها المرشح الكامل لنصرة الحالة الفلسطينية بما أنها جزءٌ منها بل يما أنها ليست إلا هي في جوهر رؤية الأشياء، ليست فلسطين إلا القلب الوجداني والروحي وتاج المعافاة الحضارية وشرط البدء لمشروعها وعنواناً ودليلاً لاعتبارها ومكانها في متن التاريخ وسير الأمم،
فلن يكون الأمرُ إذن لفكّ أسر الرأس في بنية هرم الحالة، حالتنا، حالة الأسر التي تلخص حالتنا العامة والتي تستعرض ذاتها بأعراضنا التي نشكو منها متبلورة في التخلف والفقر والجهل والتبعية وما ينشأ عن ذلك من كلِّ شكاوانا، لن يكون الأمرُ إلا فكَّ حالة الأسر التي تنتابنا وتقيد إرادتنا وأرواحَنا وتستلب وجداننا وثقتنا بذاتنا، بنفي وكسر أي قيد يعيق تلك الإرادة وذلك الإيمان بذاتنا والذي بدونه لن يكون ما دونه، فهو الشرط الأول وهو الشرط الكامل، مع التذكير بأن رأس الهرم في حالة الأسر هم الأسرى المكبلون في سلاسل السجون الصهيونية، وأن السلاسل تلك ليست إلا المعادل الموضوعيَّ الحقيقيَّ لسلاسل الإرادة واستلاب الوجدان، ومع الإشارة إلى أن الإثبات الكامل لحالتنا المرجوّة يبدأ بنفي أي حالة أخرى، فيكون الأمرُ أنه "لا حالة إلا حالة الحرية، تماماً كما صيغة النفي في أنه "لا إله إلا الله".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع