الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يغلب منطق التمرد على منطق الثورة ؟

محمد السلايلي

2012 / 12 / 21
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لماذا يغلب منطق التمرد على منطق الثورة، يغلب الانقلاب على الاشخاص لا على البنيات و الاوضاع؟ لماذا تتآكل الثورات العربية و لا تفرز محصلتها النهائية الا إعادة انتاج نفس الاوضاع أو أسوء منها؟؟
بعد سنتين من ثورات الربيع العربي، تسير الأمور للوراء و يتبخر شيئا فشيئا حلم الجماهير بالتحرر و الانعتاق من الظلم الاجتماعي و الاستبداد السياسي.
في الذكرى الثانية للثورة التونسية التي فجرها الشباب يوم 17 دجنبر 2011 بعد أن أضرم البوعزيزي النار في جسده، الرئيس التونسي المرزوقي، وهو كان أحد الحقوقيين المنفيين بسبب معارضته للدكتاتورية، سيحل بسيدي بوزيد ليجد امامه نفس الشباب الغاضب الثائر ويستقبلوه بالحجارة .
لقد تم تكسير حاجز الخوف، وما لم تتحسن احوال الشباب و الشعوب التي تساندهم، اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا، و تتغير سياسة التسويف و الاحتواء التي تنهجها الانظمة الفاقدة الشرعية الشعبية، فان الربيع الثوري لن يتوقف، بل سيواصل انتفاضاته وصموده في وجه السياسات المراوغة التي تؤخر عملية تصفية النظام القديم و استبداله بنظام بديل يحفظ كرامة المواطن و يصونها.
بمصر حمل الثوار مؤازرين بمختلف أطياف المعارضين لحكم الإخوان المسلمين، انقساماتهم لصناديق الاقتراع. الإخوان و الجيش أصبحا يد وحدة لتمرير دستور غير توافقي يقنن الاستبداد و يسد الطريق امام قيام الدولة المدنية الضامنة للحريات و الكرامة الانسانية و العدالة الاجتماعية، وحديث من الان عن التزوير و التحكم مسبقا في نتيجة الاقتراع ما يجعل من هذا التباري الانتخابي برميل وقود يهدد بانفجار الاوضاع و يضع حاجزا امام تحقيق أهداف ثورة 25 يناير....
في بلدان الربيع لازالت "نعم "هي الإستجابة الدائمة للإستفتاءات العربية حول الدساتير، وتصويت المصريين بنعم على الدستور الاخواني لا يخرج عن القاعدة بل يؤكدها و يزكيها : مات الاستبداد، عاش الإستبداد ؟
غدا لن يربح لا إخوان مرسي ولا ثوار الميدان من انقسام المجتمع المصري. صحيح ان الإخوان المسلمون يزجون بالبلد نحو الحرب الاهلية باصرارهم على فرض استبدادهم و منظورهم للشريعة تحت دريعة السيادة الانتخابية، وصحيح أن المعارضين يوحدهم مطلب الدولة المدنية و تفرقهم المصالح الاقتصادية و المكانة الاجتماعية وأيضا برنامج و أهداف ثورة يناير، غير أن الرابح الأكبر من اهذا التصادم هم العسكر أولا و القوى الامبريالية و الصهيونية التي تعمل بواسطة ادواتها الداخلية على فرملة اي تحرك سلمي نحو الديمقراطية التي من شأنها تقنين و عقلنة السيادة الشعبية و تجعل من كرامة الوطن و المواطنين حقا مقدسا و تضعه فوق كل اعتبار.
إن الإخوان يقدمون بالملموس هدية رخيصة لأعداء الثورة المصرية الداخليين و الخارجيين بانقلابهم عليها. و عنترتهم ب"كثلتهم الانتخابية المنضبطة". واستقوائهم بالعاطفة الدينية و شبكة العمل "الخيري" المسيطرين عليه، يضعهم في صف المناهضين للمصالح الحيوية للشعب المصري الذي ضحى و لا يزال يضحي من اجل الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية. لاشك ان الكيان الصهيوني و امريكا و عملائها الرجعيون بالمنطقة يفركون ايديهم من الفرح و هم يرون هذا الانقسام الذي أحدثه الإخوان و
عشيرتهم السلفية ووجد في الطرف الاخر من يهوى صب الزيت على النار بمقابل أو بدونه.؟؟
منذ اندلاع أزمة الدستور المصرية انحاز العديد من الكتاب بشكل واضح لما اسموه با"لشرعية الانتخابيةا". ومن ضمنهم السيد عبد الباري عطوان رئيس جريدة القدس العربي الذي صار "ناطقا اعلاميا " باسم الاخوان المسلمين. مدعيا أن الشعب المصري يريد ان يقود الإخوان المسلمين مصر في هذه المرحلة الانتقالية من التمرين الديمقراطي.
الى هنا فالامر عادي ولا يحتاج لتعليق، لان عبد الباري ليس إخوانيا كما يقول، الا ان انحيازه و دفاعه عن " الشرعية الشعبية" جاء مرفوقا بهجوم غير مفهوم على المعارضة المصرية، و خاصة التي تتمسك بالشارع الاحتجاجي كعربون للانتقال الديمقراطي و عدم العودة للحكم الاستبدادي.
الاخوان المسلمون يبشرون بل يؤسسون مع شركائهم السلفيين للحكم الديني في صوره الاكثر انغلاقا و ديكتاتورية.
ان تشبث المعارضة بالنزول للميدان هو ثمرة من ثمار الربيع العربي الثوري الذي اوصل الاخوان للحكم بالتحالف مع العسكر.
قبل هذا الربيع الثوري كان السيد عبد الباري عطوان اكثر تشاؤما من سلبية المعارضة و ضعف تاطيرها للشارع السياسي. اليوم بعد ان تحقق ذلك، اصبح متشائما من المظاهرات و الاحتجاجات ضد السلطة، باسم الديمقراطية او خوفا من حرب أهلية؟؟
فقط لا يجب ان ننسى ان من يريد حكم الاخوان و تطبيق الشريعة و لجم الحريات و العودة لعصور الظلام هم القوى الخليجية نفسها التي يتهمها عبد الباري عطوان بدعم معارضي مرسي؟ فمن يريد ان ينتشر اللون الاخضر السعودي فوق رقعة العالم العربي هم انفسهم من يصنفهم عبد الباري عطوان مع عملاء الولايات المتحدة و اسرائيل بالمنطقة؟؟
بالمغرب، حيث استبق النظام حركة الشارع و ابرم صفقته مع حزب العدالة و التنمية الاسلامي، جل المحاكمات التي تنصب اليوم لشباب 20 فبراير تتم بتلفيق تهم التعاطي أو حيازة المخدرات . وتعد من اغرب المحاكمات. وهي غريبة ليس فقط لانها "مفبركة "و إنما لأن إطارات المجتمع الحقوقية و السياسية و الاجتماعية تقف مكتوفة الايدي امام استمرار هذه السياسية الزجرية التي تسعى من خلالها الدولة الى استرجاع سيطرتها على الشارع و التحكم فيه بعد ان حررته حركة شباب 20 فبراير؟
بعد الحماس الذي خلقته هذه الحركة في صفوف القوى المجتمعية الحية، وتكسير حاجز الخوف من السلطة و تحرير الشارع العام و فرض حق التظاهر و الاحتجاج، نشهد حاليا نوعا من الانكماش و تقوقع للذات الحزبية اليسارية و عودتها لحالتها السابقة عن الحراك بعد ان تحررت جزئيا منها .
تشترك الحكومات الاسلامية التي صعدت بفضل الحراك الشعبي الذي قاده الشباب، في كونها أضحت تجرم و تسفه كل التظاهرات و الاحتجاجات بالشارع السياسي. بالمغرب، كما بمصر و تونس، المعارضون هم أدوات في يد قوى داخلية و خارجية تقاوم اي تغيير أما المحتجون المتظاهرون الثائرون من الشباب فهم منحرفون مدمنين للمخدرات و لحبوب الهلوسة و بلطجية ومسخرين لوضع العصا في عجلة هذه الحكومات التي جيء بها لتنفيذ برامج و سياسات تزيد من مصادرة الحريات و الزج بالمجتمع في صراعات انقسامية تبعد الشعب و ثواره عن مطالبه الحقيقية في العيش بحرية و كرامة وعدالة اجتماعية.
بعد سنتين من الحراكات الشعبية، لازال منطق التمرد يغلب منطق الثورة. فالثوار الذين قادوا الميادين و نظموا الاحتجاج لم يتبنوا أي ايديولوجية. أما الاطارات المجتمعية من أحزاب و نقابات و منظمات أهلية التحقت بالثورة و ساندتها و انخرطت فيها دون ان تتخلص من رواسبها التنظيمية و الايديولوجية التي اكتسبتها بفعل تعايشها مع النظام القائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي


.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن




.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح


.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا