الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليالي عيد الميلاد

عباس منعثر
شاعر وكاتب مسرحي عراقي

(Abbas Amnathar)

2012 / 12 / 24
الادب والفن


مسرحية
ليالي عيد الميلاد
(احتفال لعائلة من أي عرق أو دين)
عباس منعثر
الشخصيات:
الأب
الأم
سرمد
لصان.
(الذين ينكرون الحرية على الآخرين، لا يستحقونها لأنفسهم)
ابراهام لنكولن

الليلة الأولى:
(الأم تتحرك بحيوية هنا وهناك وكأنها تخطط لشيء ما. تقف بالقرب من الشباك. بيدها اليمنى تحكم إغلاقه. تعدل الطاولة الكبيرة التي تحتل منتصف الغرفة. علامات البهجة بائنة على وجهها الغض رغم أعوامها الخمسين. برشاقة، تتوجه إلى إحدى الغرف وتختفي)
سرمد: (يظهر وعلامات السرور تغزو وجهه الجميل، وتتضح في حركاته السريعة الخاطفة) إذا سارتِ الأمورُ حسبَ الـمُخَطّطِ المرسومِ ستكونُ ليلةً تحسدُنا عليها الملائكة. بقليلٍ من الحظّ، وبكثيرٍ من التوفيق، و بشيءٍ من حسنِ الطالع.. سنحققُ الحلم. (يختفي في المطبخ)
صوت الأم: (تنادي من إحدى الغرف) سرمد!
صوت سرمد: (من المطبخ) نعم ماما..
(صوت تكسر أواني زجاجية).
صوت الأم: (تنادي) سرمد! سرمد!
صوت سرمد: إنني ابحثُ عنِ الشّموع.
(صوت تكسر أواني زجاجية)
الأم: (منتقلة من الغرفة إلى المطبخ) سأُحضِرُها أنا .. تعالَ علِّقِ الزّينةْ هنا.
صوت سرمد: أنا قادِم..
(صوت تكسر أواني زجاجية)
الأم : (تدخل إلى المطبخ) سينهارُ البيتُ على رؤوسِنا!
(يدخل سرمد)
سرمد: (لنفسه) أُعلّقُ الزينةَ على الشّباك.
( يحاول فيكسر الزجاج)
سرمد: الزّجاجُ يحتاجُ إلى تبديلْ.
صوت الأم: (من الداخل) قِفْ مكانَكَ يا سرمد! لا تتحرّكْ!
سرمد: سأصعدُ على الكرسي.. بخفةِ طرزان! (ينكسر الكرسي) ما هذا؟ ليلةٌ منحوسةٌ على ما يبدو!
(تعود الأم حاملة شمعدانا كبيـرا، تلمح الشباك والكرسي المكسور. تضع قطعة قماش على النافذة وتحاول إصلاح الكرسي)
الأم: (بحنان ومحبة) ولدي الحبيب.. قد لا تعرفُ ما تعنيهِ هذهِ الّليلةُ لي ولأبيك.. 359 يوماً مُمّلاً من أجلِ يومٍ سعيدٍ واحدْ، 40 مليار مُنَغّص تُزيلُها ثانيةٌ واحدة، 3 ملايين مأساة تمحوها فرحةٌ واحدة.. قَدّر هذهِ النعمةَ وصنْها في حياتِك.. والآن يا صغيري إلى الاستعداداتِ قبلَ قدومِ أبيك من السّوق.. هيا..
سرمد: هيا!
الأم: لنبدأ بشجرةِ الميلاد..
سرمد: (متفاخراً) رتّبْتُ النشرةَ الكهربائيةَ الملونةَ بنفسي يا ماما.. لفَفْتُها بطريقةٍ مُتقنةٍ حولَ الشّجرة بنفسي.. أترين؟ ثُمّ استخدمتُ كلّ خبرتي لربطِها بالكهرباءِ، بنفسي.
الأم: أدامَ الربُّ نفسَكْ.
سرمد: أُحسُّ بالرضا عن نفسي ما دمتِ راضيةً عنّي.
الأم: (بلغة آمرة) سرمد.. يدُكَ على زرّ الكهرباء.. مُستعِد.. قلبُكَ حديد؟! إذن شَغّلْ..
سرمد: (صائحا) شجرةُ عيدِ الميلاد.. جرّب!
(تفرقع النشرة الضوئية المعلقة على الشجرة.. يطلع منها دخان.. صوت بم! تخمد كليا)
الأم: قضيتَ على شجرةِ عيدِ الميلاد يا سرمد!
سرمد: لم يبقَ على الكرةِ الأرضيةِ إنسانٌ نبيل! النشرةُ مَغشوشة! هل يُمكنُ الاحتفالُ من دونِ شجرةٍ أو نشرةٍ ضوئيةٍ يا ماما؟
الأم: (متجاوزة ما حصل) صدقتَ يا بؤبؤ عينِ ماما! لِنَتَفَحّصَ مصابيحَ الغرفة.. الأبيضُ الكبير؟
سرمد: (فرِحاً) مكسور..
الأم: الفلورسنت؟
سرمد: (مغتبطا) معطوب.
الأم: الأصفر؟
سرمد: (مبتهجا) خافت جدا..
الأم: (بيأس) نكتفي بما لدينا من ضوء ولِنُعَلّقِ الزّينةَ إذن..
سرمد: (متحمساً) ابتعدي فهذهِ مهمّاتُ الرّجال..
(يصعد على الطاولة، تنقلب به).
الأم: لو كانتْ سعاد هنا لساعدتني!
سرمد: أنا لها ماما!
الأم: لكنّها لا تستطيعُ الحضورَ في هذا العيد.
سرمد: ( يعدل الطاولة ويصعد بحذر شديد) جا.....هِز!
الأم: على مهلك!
سرمد: (ببطء شديد، يعلّق الزينةَ من طرفها) هنا ماما؟
الأم: أعلى قليلاً.. أدنى قليلاً.. أعلى.. أدنى.. أعلى.. أدنى..أُفْ.. يا رب!
سرمد: أوكيه، ماما؟!
الأم: (وهي تضع يديها على عينيها) ثبّتْ يا حبيبَ ماما.
سرمد: بسرعةِ الضّوءِ سأنتقلُ إلى الجهةِ الثانيةِ وأُعلّقُها.
(يصعد على الطاولة بحذر مبالغ فيه)
الأم: أَعلى أعلى..أسفل.. أسفل..
سرمد: مَضبوط.
(تقع من الجهة المقابلة)
(ينطلق سرمد إلى الجهة المقابلة يعلقها فتقع من الجهة الأخرى. ينطلق إلى الجهة الأخرى ويعلقها فتقع من الجهة المقابلة، وهكذا يظل يركض من جهة إلى أخرى والأم تراقبه بتململ حتى يفيض بها الكيل فتصرخ)
الأم: (مُنهكةً) وستأتي السّنةُ القادمةُ ونحنُ على انتظار تعليق الزينة! دعْها هكذا..
سرمد: (فَرِحٌ بما أَنجزَ) نوعٌ من التجديد.. الزّينةُ تمتدُّ من الأعلى إلى الأسفل..
الأم: (تنتبه إلى الساعة) سيحضرُ أبوكَ حالاً.
سرمد: أتوقعُ أنّهُ سيتأخرْ.. لكنّهُ سيجلبُ كيكةً كبيرةً كبيرة.
(حركةُ مفاتيحٍ في الباب. تسقطُ الزينةُ إلى الأرض.. يدخلُ الأبُ وهو يُخفي شيئاً ما خلفَ ظهرِهِ)
الأب: (مُتأمّلاً في المكانِ بفرحٍ طفولي) هاه! هلْ انتمْ في عيد! الزّينةُ مُعلّقةٌ.. على.. (يلمَحُها على الأرضِ فيُعَدّلُ عبارتَهُ ورقبتَهُ) على الأرض. شَجرةُ عيدِ الميلاد .. آآ.. تُدّخِن. المصابيح.. مم.. مُطفأةٌ ما عدا الأصفر الخافت جدّاً. على أَسوءِ الفروضِ جوٌّ رومانسيّ و مُبهِجٌ ... تقريباً.
سرمد: مُعظَمُ الأشياءِ من صُنعي.
الأم: لديك مفاجأة، هه؟
الأب: قبلَ خروجي أردتُ، قرّرتُ، وصمّمتُ أن أَجلِبَ كيكةً كبيـرةً، أضخمَ كيكة في العالم، أكبرَ كيكة عيدِ ميلادٍ في البلادِ من عشرةِ طوابق....
سرمد: ألَمْ أقُلْ ذلك؟
الأب: بحثتُ وبحثتُ. وجدتُ كلَّ المَحالِ مُغلقة. حَضْرُ التجوالِ مُطبِقٌ على الأنفاسِ كما تعلمون.. لكنّني لم أيأسْ.. من دربونةٍ إلى دربونة ومن شَارعٍ فَرعي إلى آخرِ وأنا أتنقلُ كلّص.. إلى أنْ وجدتُ دكاناً صغيراً مُنزوياً يَبيعُ بالسّرّ في نَفَقٍ مُظلِم.. لكنّني لم أَجِدِ المطلوبَ عندَهُ.. فتنازلتُ من كيكةٍ بعشرةِ طوابِق إلى تسعة.
الأم: تسعة! تفي بالغرض.
سرمد: هييييه!
الأب: لم أَجِدْ. تنازلتُ من تسعةٍ إلى ثمانية.
الأم: ثمانية! مقبولة.
سرمد: هييه!
الأب: لم أَجِدْ. فتنازلتُ من ثمانيةٍ إلى سبعة..
سرمد: هيه!
الأم: ما هوَ آخرُ رقمٍ تنازلتَ إليهِ يا زوجي الحبيب؟
الأب: ما عادوا يصنعونَ إلا كيكةً من طابقٍ أو نصفِ طابق..
(يمد يده خلفه رافعاً كيكة متوسطة الحجم، واضعاً إياها على الطاولة)
سرمد: (بخيبة أمل) هـــــــــــــــيييييه!
الأم: بِغَضّ النّظرِ عن الزينةِ وشجرةِ الميلادِ والمصابيح، على الأقلّ حَصَلْنا على (تمسك الكيكة وتقلبها باستغراب) الكيـ.... نصف.. ربع.. كيـ....كيكة!
الأب: لا تعلمونَ مُعاناتي قبلَ حصولي عليها.
الأم: (وهي ترفع الكيكة) ساعدَكَ الربُّ أيها الزوجُ المخلص..
الأب: (للأم) انتبهي هيَ من النّوعِ الذي ينكسِرُ ولا يَتَثلّم.
الأم: مثلُ حالتِنا بالضبط!
سرمد: عندما تدقّ السّاعةُ الثانيةَ عشرةَ وثانية ستنطلِقُ الألعابُ النارية..
الأم: من أينَ تنطلِقُ يا حبيبَ أُمّك؟
سرمد: من فوقِ سطحِ بيتِنا..
الأب: ماذا؟
الأم: ألعابٌ ناريّة! من فوقِ سطحِنا!
الأب: هل جُننت؟
الأم: اذهبْ.
الأب: هاتِـــها..
الأم: إجلبْها..
الأب: أحضِرْها..
الأم: آتِ بها..
سرمد: (وقد احضرها وأعطاها إلى أبيه) وما الضيرُ في ذلك.. من حقّنا أن نفرح.
الأب: (يدوس على المفرقعات برجله) تفرح .. وهل هذهِ الكلمةُ مُفرحةٌ برأيك؟
سرمد: والألعابُ الناريّة، والموسيقى الصاخبة، والــ...
الأم: الألعابُ الناريّة: انسَها. الموسيقى الصاخبة: أطفئها. العائلةُ المجتمعة: تجاوزْها. الأصحابُ المحتفلون: بخرْهم من عقلِك.
الأب: انتمْ لا تعلمونَ ما يفعلون.
سرمد: (لنفسه) ما رأيكِ إذنْ أن ننتحبَ يا سرمد؟ (يرد على نفسه بحزن حقيقي) حسنا! (ينتحب) مممممم! واء.. ويء.
الأم: الفرحُ في هذهِ البلاد إما جريمةٌ أو قلّةُ ذوق..
سرمد: واءءءءء! وييييييء! ويء، وااااااااء، وييييييييء!
الأب: صمتاً.. السّاعة الثانية عشرة إلا دقيقة..
الأب: حينما أُصَفّقْ نبدأ العدّ..
(يصفق. تنطفئ الكهرباء. يلتفت بشيء من الإحراج)
الأب: لا بأسَ لدينا الشّموع..
(تنطفئ الشموع. يعاود الالتفات بشيء من الإحراج)
الأب: لا تهتموا. الظلامُ أَسْتَرُ لنا..
سرمد: .. و أجمل.
الأم: (وهي تشعل الشمعة الكبيرة) شمعةٌ واحدةٌ تكفي..
الأب: (يصفق) عدوا.. (هامساً) عدوا.. هيا.
الجميع: عشرة، تسعة، ثمانية، سبعة، ستة، خمسة، أربعة، ثلاثة، اثنان..
سرمد: (وحده) وااااحد..
(صرخةٌ مدويةٌ قادمةٌ من بيتِ الجيران)
صوت: (من الخارج) يبوووي! يبووي! ماتَ أبو أحمد! ماتَ أبو الغيرة! يبووووووووي!
الأم: (تصفقُ يداً بيد) بشّرَكِ اللهُ بالخير يا أُمّ أحمد!
الأب: الحضور الكرام: أهلاً وسهلاً بكم. جيـرانُكُم حَزانى اللّيلةَ. سيبكونَ يلطمونَ ينتحبونَ إلى الفجر. من حقّهِم، لقد فقدوا عزيزا.. ومن بابِ الشّعورِ بالتضامن..
سرمد: (فرحا) حقُّ الجارِ على الجار!
الأب: أُعلِنُ تأجيلَ الاحتفالِ إلى السّنةِ القادمة.. موافقون؟
صوت: (من الخارج) يبوووي! يبووي! أبو أحمد! أبو الغيرة! يبووووي!
الأب: إذنْ وبالإجماعِ يُؤَجّلُ الاحتفالُ إلى السّنةِ القادمةْ.
الجميع: وهوَ كذلِكْ!
(ينسحب الجميع عن الطاولة لتبقى الشمعة وحيدة بالقرب من الكيكة. تأتي قطة سوداء تلتقط الكيكة وتغيب في الظلام، فتنطفئ الشمعة)

الليلة الثانية
(بعد عدة سنوات من الفشل المتواصل. مظاهر الاحتفال أقل حضورا هذه المرة من الظلام الذي ينتشر في البيت. الحركة أكثر بطأً، والحماس في تناقص مستمر. مع ذلك، تبقى هذه الليلة في غاية الأهمية والشغف لا يبارح النفوس)
الأب: (بحركة لص) سنحتفلُ هنا وحدَنا دونَ مُنَغّصات.
الأم : (بهمس) بِشكلٍ سرّي.
سرمد: (بهمس اشد) سِريٌّ للغايّة.
الأب: (بهمس اكبر) لا عَينٌ ترى.
الأم: (بهمس أعظم) ولا أُذنٌ تَسمَعْ!
الأب: أَغلَقْتُمْ البابَ جَيّداً؟
سرمد: بنفسي أَوصدتُهُ بالقفلِ والمفتاح..
(ريحٌ تفتحُ الباب)
الأم: بوركتَ يا أَعزَّ ما أَمْلِكْ..
الأب: (يَغلِقُ الباب) سأُوصِدُهُ أَنا.. مرّت علينا أعوامٌ من الرّعبِ والخوف. لا نريدُ أن نثيرَ ريبةَ أحد.
سرمد: الشّبّاكُ مُغْلَق، اطمئنوا؟
الأم: لَمْ يَعُدْ لدينا شُبّاك.
الأب: ليكنْ كلامنا همساً. سرمد أخفضْ صوتك.
سرمد: لا تخافوا.. لن يَسْمَعَ الجيرانُ شيئاً.
الأم: نحنُ جِيرانُ أَنفُسِنا!
الأب: عندما تحينُ اللحظةُ ارفعوا أنخابَكُمْ. ودونَ صوتٍ هَمهموا بالصّلوات..
الأم: إذا غنيّتُمْ أُغنيّةَ الميلادِ فلتكُنْ دونَ كلمات..
سرمد: أنا المايسترو.. إذا رفعتُ يدي يَعْنّي سكوت..إذا أخفضتُها يَعْني موسيقى.
الأم: آهٍ لو تسكتُ يا ولدي العزيز!
سرمد: تابعوا شَفَتيّ..
(صوتُ لغطٍ من بيتِ الجار)
الأب: ما الذي يحدُثْ؟
سرمد: أناسٌ كثيرونَ يدخلونَ بيتَ أبي فلاح.
الأم: أبو فلاح؟!
الأب: جارُنا الغامض.
الأم: ما به؟
سرمد: أَلمْ أُخبِرْكُم بالأمر؟!
الأم: خيرٌ يا قرة عيني؟
سرمد: جارُنا أبو فلاح.. مَريضٌ جدّاً.. يَرقدُ في الإنعاش.. يَقولونَ قَلبُهُ مُتوقِفٌ..لا يَنبِضٌ وقدْ يَموتُ في أيّةِ لحظة.. لكنّهُ يُقاوِمُ.. يا لَ قوتِهِ!
الأم: (تنتبه للباب) كانَ مِنَ المفترضِ أنْ تكونَ أُختُكُمْ سعاد وزوجُها وأطفالُها هنا من ساعتينِ وأكثر..
الأب: الأفضلُ لها أنْ تسكنَ هي وأطفالُها معنا. المنطقةُ التي يعيشونَ فيها جحيمٌ كامل.
سرمد: لا تقلقوا.. ستدقُّ البابَ الآن.
(يرن الهاتف)
الأب: ألو.. نعم! ماذا؟ ماذا قلت؟ أعِدْ عليّ ما قلتَهُ أرجوك! هل أنتَ جاد؟ اقصد أليستْ هذهِ مزحةُ رأسِ السنة؟ ماذا؟ كم؟ (للجميع) اصمتوا! كم؟! حِصّة! من أنتَ؟.. لا..لآ.. حالاً! بالطبع.. فوراً!
الأم: غازلْ أُذنيّ يا زوجي بإخبارِكَ السّارة.
الأب: رجلٌ يقولُ إنّهُمْ ...
سرمد: أعلنوا الليلةَ حداداً عاماً؟
الأب: أسوأ..
سرمد: تمَّ إلغاءُ أعيادِ الميلاد؟
الأب: بل أسوأ..
الأم: (واضعة يدها على فم سرمد) إذا توقفَ لسانُكَ يا ولدي؛ تحرّكَ لسانُ أبيكَ بالدّرر..
الأب: اختطفوا سعاد..
الأم: رباه!
الأب: وزوجَها..
الأم: ابنتي..
الأب: وأطفالَها..
الأم: يا الهي!
الأب: يُريدونَ فِديةً مئةَ مليار..
سرمد: أيّ بومٍ يُنحِسُ علينا حياتَنا؟
الأم: ابنتي، ابنتي أُريدُ ابنتي..
الأب: وإلاّ ..
سرمد: يقتلونَهُم..
الأب: أجل..
الأم: ( يكادُ يُغمى عليها) آه!
سرمد: نخبرُ الشرطة؟ نبتهل؟ نهجمُ عليهم؟ نفضحُهُمْ في الصحف؟ في التلفاز؟ على النت؟
الأم: (تنظر إلى سرمد ثم إلى الأب) آآآآآآآآآه!
(ينحبُ الجميعُ بصوتٍ واحد)
الأب: بسببِ الأوضاعِ الراهنة.. ولأنّ المصيبةَ ليسَ لها شريكٌ سوى الحزنِ والألم.. قررتُ تركَ مراسيمَ الاحتفال.. علينا تجهيـزُ المبلغِ غداً مساء. (للأم) أطفئـي الشموع.. ارمي بالكيكة.. اسكبي العصير.. أتعتقدونَ أننا قادرونَ على تهيئةِ المبلغ؟
الأم: نبيع البيت.
سرمد: والمحلّ!
الأم: وكلّ ما ادخرناهُ في حياتِنا.
(الساعة تدق الثانية عشرة من دون أن يعيرها احد انتباها)
سرمد: ستعودُ سعاد وأبناؤها.. أنا على ثقة.. وسنحتفلُ معاً السنةَ القادمة.. أليسَ كذلكَ ماما؟!
الأم: (تبكي في انتحاب شديد حاضنة سرمد بقوة. ثم تغادر إلى إحدى الغرف، يتبعها الأب)
سرمد: (وحده) بالتأكيد ماما. سيعودون. قلبي يقولُ ذلك.

الليلة الثالثة
(بعد عدة سنوات)
(في هذه الليلة ستحل النهاية السعيدة وستحتفل العائلة بلا منغصات. لقد تغير البيت قليلا..العائلة في حالة فقر.. الغرفة صغيرة.. الطاولة اصغر.. الزينة لونها كالح..)
الأب: (هامسا) الأوضاعُ مستقرة. رغم بعضِ المنغصاتِ هنا وهناك. وسنعوّض هذا العام ما حصلَ في الأعوام السابقة.
الأم: عسى.
سرمد: اطمئنوا. لقد عمَّ السلامُ العالمَ بأسرِه.
(صوت انفجار يختبئ من جرائه الجميع في أماكن متفرقة)
الأم: توقعاتُكَ تُذّكرُني بوكالةِ ناسا يا تاج راسي!
الأب: شكراً لله.. (صوت انفجار آخر يجبرهم على الانبطاح)
الجميع: شكراً لله!
الأب: شكراً لله..الذي أنقذَ سعاد مِنَ القتلة.. وزوجها وأطفالها. (صوت إطلاق نار متبادل)
الجميع: شكراً لهُ!
الأب: وما فقدناه سيعودُ إلينا.. (صوت قناصة وتهشم زجاج)
الجميع: أحفظْنا يا رب!
الأب: شكراً لله الذي اوجدَ لنا هذهِ الغرفة..
سرمد: شكراً له!
الأب: شكراً لهُ فنحنُ سالمون..
الجميع: شكراً لله!
(هدوء كامل.. بعد برهة يقف الجميع بحذر)
الأم: عسى أنْ تكونَ آخرَ الحروب.
الأب: في مزرعةٌ الموت هذه، كلّما نضجتْ حربٌ وتيبست، طلعت أخرى بثمارٍ جديدة.
الأم: شكراً لله أننا مازلنا على قيدِ الحياة.
سرمد: لكي لا أنسى.. لدي خبرٌ قد لا يكونُ مفرحا..
الأم: (وقد طفح بها الكيل) مهجة فؤادي، قرّة عينـي، حينما ولدتك حدث الفيضان، أول كلمة قلتَها حصلَ الانقلاب المشئوم، أول ما مشيتَ وقعتْ الحرب، دخلتَ المدرسةَ فجاءتْ الحربُ الثانية.. صرتَ على أعتابِ الجامعةِ فوقعتِ الحربُ الثالثة.. وبدأ الموت.
سرمد: تصدقينَ إنني لا افهمُ هذا التزامن؟
الأم: ما هو خبرُك؟ زقزقْ يا عصفورَ فؤادي.
سرمد: أبو فلاح..
الأب: مات؟
سرمد: لا.. انتقل قبلَ يومين وأصبح جارنا..
الأم: (بكل مرارة) الرجل الذي ماتَ سريريا قبلَ قرون.. الرجل الذي كانَ يسكنُ في الجانبِ الآخر من النهر باعَ بيتَهُ الفخم وبحثَ في بقاعِ المدينةِ وحواريها ولم يجدْ مكاناً إلا لصقَ بيتنا.. وقبلَ عيدِ الميلاد بالضبط! يال سعادتي!
الأب: وهذهِ الضجة في بيتهِ، ما سببُها؟
سرمد: تزورهُ الناسُ للاطمئنانِ عليهِ فهوَ رجلٌ معروف..
الأم: (بمرارة أشد) الرجلُ الذي يُقالُ انهُ لا صلةَ لهُ بأحد، لا يكلّمُ أحداً ولا يزورُ أحداً؛ أصبحَ معروفاً الآنَ وتزورُهُ آلافُ الناس؟ طمأنتني يا نورَ عيني.
الأب: أحبابي: لكي نجتازَ هذهِ المحنة، وتلك المصائبَ التـي استغربُ هطولَها كالمطرِ على رؤؤسنا. هيا نبتهلُ جميعا..
الجميع: نبتهل.
الأب: بقلوبٍ خاشعة.
الجميع: خاشعةٍ جدا.
الأب: وعيونٍ راجية..
الجميع: راجيةٍ جدا.
الأب: أيديكمْ إلى السماء ادعوا لأبي فلاح بالصحةِ الدائمة..
الجميع: يا رب! ادمْ عليهِ الصحةَ الدائمة.
الأب: أو على الأقل بالصحة التي تدومُ لليلةٍ واحدة..
الجميع: يا رب! اطلْ في عمرهِ ليلةً أخرى.
الأب: أو حتى عشر دقائق بعد الثانيةَ عشرة ليلا..
الجميع: يا رب! ادم عليه العافية بعد الثانية عشرة بعشر دقائق.
الأب: آآآآمين.
الجميع: آآآآمين.
الأب: ها هيَ الثواني تجري نحوَ العامِ الجديد.
سرمد: قضيةُ أبي فلاح محسومة، لا تحتاجُ إلى دعاء.. لنْ يموتَ.. لنْ يموتَ صدّقوني. إرادةُ الربّ ستطيلُ بعمرِهِ حتّى الغدْ.
الأم: (تلتفتُ إلى سرمد وتتنهد) الجنّةُ من نصيبي!
(صوت قادم من جامع قريب)
صوت : انتقل إلى رحمة الله الحاج أبو فلاح.. وسيتم تشييعُ جثمانِهِ الساعة السابعة صباحا.. فمن أرادَ الأجرَ والثواب..
الأم: بعد ثلاثِ سنين في الإنعاش لا تفعلُها إلا الآن، يا أبا فلاح؟
الأب: للمرّةِ الثانية تأتيكم الفرصةُ الذهبية لمشاركةِ جيـرانِكُم أحزانَهم.. وبكلّ سرورٍ وغبطةٍ أعلنُ إيقافَ أيّ احتفال والتوجهَ حالاً لمواساةِ عائلة أبي فلاح الذي- بالنسبة لي- لم أرهُ يوماً ولم يُسلّمْ عليّ قط ولمْ يدعُني على عشاء أو غداء أو إفطار.. وغالباً ما ينعتُني بالكلبِ النجس! مع ذلك، الجارُ للجارِ ولو جار.. هيا يا سرمد.. نواسي أهلَهُ وفي الصباح سنطلبُ الأجرَ والثواب..
سرمد: (مغادرا) اتركي لنا القليل من الكعكِ والعصير.. لن نتأخرَ.
الأم: (وهي تشيعهم إلى الباب) حاضر ! حاضر يا ولدي الحبيب! اووه! لماذا نتشبثُ في هذا المكانِ الذي أصبحَ سجناً خانقا؟! لم أعدْ أحتمل. إذا أردنا العيش بسلام، فعلينا أن نفكّرُ بغيرِ ما نفكّرُ فيه، علينا أن ننطقَ بغير ما يختبئُ في سرائرنا. محنةٌ ما بعدها محنة: أن تكذبَ وترائي وأنتَ تعلمُ أنك كاذبٌ مرائي. محنةٌ ما بعدها محنة: أن تحسَّ أنكَ منبوذٌ، مراقب.. أنكَ ناقصٌ او خاطئ. محنةٌ مرعبةٌ أن تظلَّ مُستهدفاً مِنَ العيونِ والظنونِ والطلقاتِ النارية. طفحَ الكيلْ. لا مناصَ مِنَ الرحيل. نحزمُ حقائبَنا ونُغادر. سأتركُ قلبي هنا، وشبابي وأيامي الجميلة. ليسَ هناكَ حلٌّ آخر. هذا المستنقعُ لا يتحرك فيه الماء، أبداً، ولن يتحرّكْ.. فليحفظْنا الله.
(تحمل الأواني وتذهب إلى المطبخ بمنتهى الحزن.. تعود وتطفئ المصباح ثم تغادر.. بينما تعلن الساعة الثانية عشرة ليلا)

الليلة قبل الأخيرة
(بعد سنين)
(سرمد وقد ابيضّ شعر رأسه يجلس في غرفة صغيرة جدا جدا، أمامه طاولة صغيرة جدا، عليها أربع قناني خمر فارغة، وكأس مليء بالويسكي، وقطعة بسكويت. خلفه صور الأب والأم وسعاد وزوجها والأطفال موشحة بشريط اسود)
سرمد: كما وعدتُكِ يا أُمي لنْ أُغادِرَ الحياةَ حتى احتفلَ برأسِ السنة.. لم انجحْ منذ مقتلِكِ مع أبي برصاصِ مجهولٍ قبلَ سنوات.. لا بأس.. سافرتْ أختي سعاد مع زوجِها والأطفالِ إلى القطبِ الشّمالي حيثُ قيلَ إنهم ماتوا هناك. لا بأس..لا بأس. لكنّني سأُحقِقُ حُلُمَ العائلةِ الآن..إذا ماتَ أبو عمّار أو أبو حوراء أو أي (أبو) في الدّنيا فلنْ اسمعَ شيئاً.. ملأتُ أُذنيّ بالقُطن. بالإضافةِ إلى ذلكَ سأضعُ قُطناً إضافياً.. لنْ أُشيّعَ أحداً.. ها هيَ السلسلةُ تربِطُ رجلي اليسرى باليمنى بالسريرِ بالباب.. لن أتحرّكَ من المكان... لدي إحساسٌ غريبٌ و هاجِسٌ عميقٌ يهمسُ بي أنّ الليلةَ هي الليلة.. أشياءٌ كثيرةٌ تغيرت وتبدلّتْ ولم أتزحزحْ عن فكرتي: سأحتفلُ، يعني احتفل. ما هوَ عيدُ الميلاد؟ نورٌ خافتٌ، جوٌّ رومانسيّ تقريباً، زينةٌ معلّقةٌ بطريقةٍ جديدة، شمعةٌ أو نصفُ شمعةٍ تُضيءُ المكان.. وكيكة.. الكيكة التي حلمتَ بها يا بابا تحوّلتْ إلى ... لم احصلْ على القطعةِ ذاتِ العشرِ أو التسعِ أو الثماني طوابق.. بل (يحمل قطعة البسكويت بيده).. الكيكةُ صارتْ قطعةَ بسكويت! تفي بالغرض. يبدو أنّ الويسكي عجّلَ بالاحتفالِ في رأسي! هيئ! هيئ! ستَدقُّ السّاعةُ أضخمَ صوتْ: تن! لِتُعلِنَ انتصاري على الزّمنِ والظروفِ والمعوّقات. لن يهزِمَنـّي أحد! سرمد لا يُهزم! خدّي الأيمنُ نالَ ما يكفي مِنَ الصفعات، ولن أُعطي الأيسرَ لأحد..لم يولدْ من يوقفُني عن هدفي..
(دقات الساعة تقترب من الثانية عشرة ليلا)
سرمد: أَيّها الزّمنُ الذي سارَ بطيئاً أسرِعْ قليلاً ثُمّ أَبطئْ.. حقّقْ حُلُمَ رجلٍ في الستين لم يحلُمْ بشيءٍ آخر.. لا بزوجةٍ تملأُ سريرَهُ باللحمِ الأبيض، ولا بمنصبٍ يُدِرُّ عليهِ الذهب، ولا بلّذة.. هذهِ الأرضُ غريبةٌ عنّي وهذا الهواءُ لا تعرِفُهُ رئتي.. أَحتفلُ وأُسافِر..أفرغتُ ثلاثَ قنانٍ حتـّى الآن وها هوَ القدحُ الأخيـرُ في انتظارِ تكّةِ الثانيةِ الأخيـرة.. لنْ أشربَهُ حتّى تدّق السّاعة! ممنوعٌ عليّ! هوَ الممثلُ الرسميّ لانتصاري على الزّمن! أيها القدحُ الممتلئ سأَترِكُكَ لّلحظةِ الموعودة. أنتَ كأسٌ مقدّسٌ فيكَ اختصارٌ لمسعى حياتي.. وهدفُ وجودي كلّه.. أتوقُ لتلكَ اللحظةِ التـي أضعُ فيها شفتي على حافتِكَ بالتزامنِ مع دقةِ الساعة.. هيئ! هييئ! أُماهُ حينما نلتقي في الأبدية سأُخبركِ عن هذهِ الليلةِ وستفرحين.. كما أفعلُ الآن.
(أصوات تهدر داخل رأس سرمد)
صوت الأم: تمتعْ بالّلحظةِ الخالدةِ يا بؤبؤ عينِ أُمّكَ، وتيّقنْ إننّي إلى جوارِكَ يا كبدي.
صوت الأب: لا تتـركْ ثانيةً بعدَ منتصفِ الليل..استعجلْ، استعجلْ! إذا دعتْ الضرورةُ ابدأ الاحتفالَ قبلَ ليلةٍ آو ليلتين فلا تضمن ما الذي سيحدث في الدقيقة القادمة..
سرمد: لنْ أُنّفِذَ وصيتَكَ يا أبي، اعذرني. عندي مبدأ.. لا استطيعُ أنْ احتفلَ بلحظةِ دخولِ السنةِ الجديدةِ إلاّ في اللحظةِ، في الثانيةِ، في التكّةِ التي نصبحُ بعدها في العامِ الجديد.
(بخفة وحذر يتسلل رجلان ملثمان مسلحان)
رجل1: قف. لا تتحرك.
رجل2: أينَ نحن؟
سرمد: في حفل.
رجل2: سكران!
رجل1: (يصفع سرمد) عليك اللعنة! خسئت! بئسَ ما تصنع!
رجل2: ما هذا؟ خمر؟ قبحك الله.
(عينا سرمد تكادان تخرجان من محجريهما وهو يرى إلى رجل2 وهو يمسك بالقدح وينقله ببطء إلى شفتيه ويشربه ثم يرميه إلى الأرض متهشما إلى قطع صغيرة)
سرمد: لا.
رجل1: اخرس يا كافر!
سرمد: أنا مجرد..
رجل1: طبعا أنتَ مجرّد.. لا بدَّ أن تكونَ مجرّد.. مجرد حيوانٍ يحتفلُ ويسكرُ والناسُ في حزنٍ وبكاء.. الناسُ تَنحبُ في الشوارع، وتُهيلُ على رؤوسِها الترابَ طوالَ السنة وأنتَ تتوجُ رأسَ السنةِ بالخمرِ والفجور؟! (لرجل 2) اربطْهُ بالحبل. كتفْهُ جيداً. الصقْ هذه على فمهِ حتـى لا يصرخ.
سرمد: مممم. ممم مم م م ممممم م؟
رجل2: (يتفحص المكان) هذا مجرد قبو!
رجل1: لا ترفسِ النعمةَ برجلِكْ! جاءكَ رزق؟ قبّلْ يدكَ وضعْها على جبهتِكْ. احمدْ ربَّك. سرقتانِ في ليلة واحدة! نعمةٌ ما بعدها نعمة.
رجل2: انظر حقيبة كبيرة.
رجل1: حقيبة سفر.. نعمة أخرى.
رجل2: سنسافرُ بالنيابةِ عنكَ أيها الأخ..
رجل1: (يبحث في القناني) ألا يوجدُ قدحٌ آخر؟
(يجد القنينة ويفرغها في جوفه)
رجل1: (يصفعه) تحاولُ إخفاءَها.. خسئت!
رجل2: شكلُك لا يعجبني.
(يصفعه ويخرج)
رجل1: ( يأخذ قطعة البسكويت، يلتهمها، ينحنـي على الشمعة، يطفئها) ليلة سعيدة!
( بعد مغادرة الرجلين، لحظة صمت، تدور عينا سرمد بين شظايا القدح المنتشرة على الأرضية والساعة والشمعة المطفأة والشباك الذي خرج منه اللصان. يحاول فك الحبل. لا يستطيع. يحاول ثانية. لا يستطيع. تكات الساعة تعلن الثانية عشرة: تك تك! تك تك!)
سرمد: (يترنم بكل عنفوانه) ممميه ممميه ممممميه ، ممميه ممميه!
(رغم محاولاته المتكررة لرفع صوته بالغناء؛ إلا أن ضوضاء شديدة في الخارج تقطع ترنيمته. يبدو أن سرمد أراد أن يترنم بأغنية العيد التي تقول):

ليلة عيد ليلة عيد الليلة ليلة عيد
زينة وناس صوت أجراس عم ترن بعيد
ليلة عيد ليلة عيد الليلة ليلة عيد
صوت أولاد ثياب جداد وبكرة الحب جديد...
(لكن اللحن النشاز الذي يطلع منه يغيب في الضجيج)
(والبقية في الليلة القادمة)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن