الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القيمة الحضارية التاريخية للرصاصة الاولى:

خالد عبد القادر احمد

2012 / 12 / 24
القضية الفلسطينية



بتاريخ 1/1/2013م, يكون قد مضى سبع واربعون عاما, اي ما يقارب النصف قرن, على انطلاق المرحلة الراهنة من نضال التحرر الوطني الفلسطيني, التي بدأت مع اطلاق حركة فتح رصاصة الكفاح الوطني الفلسطيني المسلح الاولى ضد الاحتلال الصهيوني, ليبدا بذلك عهد من التغير الايجابي في تعامل الشعب الفلسطينيه مع الحياة من منهجية الاستقلال, فحتى تلك اللحظة كان الشعب الفلسطيني قسرا وجبرا وتامرا, لا يزال تحت الاحتلال الاحلالي الصهيوني الكامل في منطقة 48, واحتلال احلال الهوية الاردنية في الضفة الغربية, ووصاية النظام المصري على قطاع غزة, وضم ووصاية من قبل النظام السوري لمنطقة الحمة, وحالة تفكيك للظاهرة القومية الفلسطينية, وتشتيت وتهجير لاغلب الشعب الفلسطيني عن وطنه, في شتات اعتقل اغلبه في علاقة امنية قمعية من قبل اغلب الانظمة التي هجر اليها, حرمت عليه ليس الكفاح من اجل التحرر فقط, بل مجرد الاشارة الى هويته الوطنية الفلسطينية, وهو الوضع الذي تركت ( الشعب الفلسطيني ) عليه هزيمة عام 1948م, من قبل عصابات الحركة الصهيونية وجيوش انظمة عربية منخرطة في مؤامرة اقتسام فلسطين معها,
لقد سلبت مؤامرة اقتسام فلسطين, شعبنا حق تقرير المصير وحق الاستقلال في ادارة شأنه الذاتي وحق السيادة في دولة, وحق استقلال التمثيل السياسي, وكان يمكن ان يبقى ذلك في اطار حالة استعمار تقليدية, لولا احتواء مؤامرة التقسيم على برنامج الاحلال الصهيوني, الذي حرص على تفكيك الوحدة الديموغرافية للظاهرة القومية الفلسطينية, وتشتيت اغلبية شعبنا, الامر مما الحق بشعبنا اضرارا وصلت حد الغاء وجوده كطرف اصيل من اطراف الخارطة السياسية للمنطقة, بل وتقاطع مع ذلك الوضع المعيشي البائس الذي وجد الشعب الفلسطيني نفسه عليه جراء تنفيذ تلك المؤامرة, مما دفع بغريزة البقاء الفلسطينية الى منحى الاستجابة للمطالب المعيشية وفرض ان تتصدر اولوية الاهتمامات الفلسطينية على حساب اولوية مهمة التحرر الوطني, الامر الذي اعاق واخر المبادرة الفلسطينية للاستجابة لهذه المهمة, خاصة وان تدمير مقدرات القوة الفلسطينية جميعا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, مما دمر في سياقه براعم البرجوازية الفلسطينية الوليدة حاملة شعار التحرر والاستقلال, واعاد اخضاع المجتمع لسيطرة البقايا التي لم تدمر من طبقة الاقطاع واعاد سيطرة مفاهيمها ومقولاتها العرقية الطائفية عليه, وهي البقايا التي بادرت فورا الى نسج علاقات الولاء السياسي مع الاطراف المتعددة للاحتلال, الصهيونية والعربية, واصطفت الى جانبه, وانخرطت في مؤسساته التشريعية والسياسية واخذت في التامر على حرية وحقوق شعبنا, الى ان نمت براعم برجوازية فلسطينية جديدة, ولانها ولدت ونمت في بيئة اقتصادية اجتماعية سياسية غريبة, لم يكن غريبا ان تكون مشوهة الولاء, وجراء ذلك عمدت للتصالح الايديولوجي مع الشعار الاقطاعي, فهي لم تتخلى عن شعار التحرر والاستقلال, الا انها باتت تراه في اطار الثقافة العرقية الطائفية ومقولة القومية العربية, والعمق الاسلامي, وهو الاساس الايديولوجي المشترك لكافة البرامج الفصائلية الفلسطينية حتى الان, ولم يميز برنامج حركة فتح عن برامجها في ذلك سوى طرحها مقولة الخصوصية الفلسطينية, بمعناها الاقليمي, دون ان تملك خصوصية ايديولوجية قومية تعكس خصوصية المدلول التاريخي السياسي, مما ابقاها في المعنى والمضمون الفيدرالي الاقليمي في تعريف الذات والمصالح والتخوم, وتدني مستوى استقلالية القرار الوطني,
ان مستوى التحرر الايديولوجي الذي انطوت عليه مقولة الخصوصية الفلسطينية, لا يزال حتى الان لا يستنبته في الاساس العقائدي الفلسطيني, قراءة علمية لخصوصية مسار التحرر, بمقدار ما يستنبته في ثقافتنا حقيقة واقعة اهمال ( العرب ) لمهمة تحرير فلسطين, وخواء محاولتهم اعادة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني في التحرر الوطني والاستقلال والسيادة, مما يجعل من القناعة بمقولة الخصوصية هذه, انعكاسا لحالة احباط وخيبة امل. عمقها ملاحظة الشعب الفلسطيني للقيود القمعية التي تفرضها الانظمة على محاولة التحرر الفلسطيني والذي وصل حد معاقبة مجرد الاشارة للهوية الفلسطينية, كما لاحظ شعبنا ان الامر لا يقتصر على الانظمة, فمجتمعات هذه الانظمة وقواها الديموقراطية والنخب المعبرة عنها تحمل العداء ل, وتعمل حتى اللحظة على حصار المخرجات السياسية الموضوعية لمقولة الخصوصية الفلسطينية, وتحمل استقلال القرار الوطني الفلسطيني مسئولية التنازلات التي قدمتها القيادة الفلسطينية في مجال الحقوق الفلسطينية, دون ان تلتفت لقراءة دور ومسئولية الانظمة عن حصار القرار السياسي الفلسطيني واجباره على السير في مسار الاعتراف بالكيان الصهيوني والتفاوض معه, وها هم يعاقبون القرار السياسي الفلسطيني مدعين خرقه للاجماع ( العربي ) علما انهم هم اللذين بادروا للاعتراف بهذا الكيان, وفي هذا العقاب تصطف الى جانبهم الفصائل الفلسطينية ذات الولاء العرقي القومي الطائفي العروبي الاسلامي, علما ان بعض هذه الفصائل هو امتداد عضوي للانظمة في الساحة الفلسطينية وبنية منظمة التحرير. فهي شريك فاقد الولاء في صناعة القرار الوطني الفلسطيني, ومتغاضين عن اضرار دورهم السلبي في اضعاف قوة مركزية القرار الوطني الفلسطيني واسقاط مركزية ووحدانية تمثيله السياسي, وتفتيت قوة المقاومة خصوصا الكفاح المسلح الفلسطيني, تحت تهديد امتلاك كل فصيل القدرة على المناورة الخاصة المنفردة المستقلة, مما اعطى القرار الفلسطيني صورة تجميع نقاط الضعف, لا نقاط القوة,
ان هذه الصورة هي موروث تاريخ من الاستكانة الفلسطينية للسيطرة الاستعمارية الاجنبية, وموروث منهج ديني خياني انقسامي تاريخي مدمر لعبته القوى والثقافة الطائفية الفلسطينية, مدخله العقائدي تقديم اولوية ولاء الطائفي بمضامينه العرقية والالتقاء على اساس ذلك مع الاجندة الاستعمارية الاجنبية ذات الدين المشترك, على الولاء للمجتمع والمواطنة الفلسطينية, وذلك من اجل وفي سياق تحسين شروط الطائفة في مواجهة شروط الطوائف الاخرى, دون اهتمام اي من هذه الطوائف بالمصلحة الوطنية العامة غير الفئوية, وهو الاساس الايديولوجي السياسي الذي استنبت التعددية الفصائلية الحالية, ودفع بها الى تمزيق وحدة التوجه الوطني الفلسطيني, فهذه التعددية تاريخية وسابقة في وجودها على اتفاقيات اوسلو بل كانت احد العوامل التي دفعت الى الانزلاق نحو مسارها واتفاقياتها, وهي تدفع الان نحو اجهاض كل المشروع الوطني الفلسطيني بربطها مصير ( المصالحة السياسية ) بمصير وتوجهات المتغيرات السياسية في المنطقة, وانتظاما على حركة محاوراصطفافاتها,
نعم ان مصير المشروع الوطني الفلسطيني بات رهنا بهذه الصورة البائسة المستمرة التي باتت على تناقض صارخ مع المعطيات التي كان يجب ان تستنبتها واقعة اطلاق الرصاصة الاولى للثورة في الواقع الوطني الفلسطيني, وهو تناقض تتحمل حركة فتح وباقي الفصائل مسئولية استمراره, فحركة فتح وباقي الفصائل بقيت على مراوحة ايديولوجية سياسية متخلفة وامتنعت عن التقدم للامام والتقاط المعنى الايديولوجي السياسي لمقولة الخصوصية الفلسطينية, الذي طرحه التاريخ على ( موضوعية الوجود الفلسطيني ),وفضلت جميعا المراوحة عند المضامين الايديولوجية السياسية بمضامينها الاقليمية التي دفعت لاطلاق تلك الرصاصة, وهو الخلل المشترك الجامع بين كل الفصائل على مختلف اتجاهاتها القومجية والطائفية والطبقية, لان تعارضات هذه المضامين الايديولوجية السياسية مع الحمل الحقيقي لمقولة الخصوصية الفلسطينية, واحجامها عن مراجعة المعنى التاريخي الفلسفي السياسي لمقولة الخصوصية الفلسطينية, دفع بها ان تجترح مناورات نتائجها متعارضة مع الاهداف والتوجهات الوطنية, ولم تحاول البحث عن الوطني المشترك بينها وتعتمده اساسا لوحدة وطنية فيما بينها, فاستكانت في احسن الحالات لحالة من التوافق المنهجي ( مقولة المقاومة الوطنية ) فحسب فيما بينها دون ان ترتقي لحالة توافقا سياسي, وحتى هذا التوافق المنهجي وجهت له اتفاقيات اوسلو ضربة قاضية, استكملتها عملية الانقلاب على الشرعية الفلسطيية فافتقدت العلاقات الفلسطينية كافة اسس التوافق والتصالح, وابقتها رهينة التبريرات, وباتت الفصائل تبحث عن عوامل استمراريتها وتفوقها السياسي من خلال تسويق موقفها وقرارها ومناورتها السياسية في اسواق الاجندات الاجنبية,
ان القيمة الفعلية لاطلاق الرصاصة الاولى معنى ومضمون الواقعة السياسية النوعية, وترتقي الى مستوى قيمة التحرر الحضاري, من ارث تاريخي رجعي تخلفي, لو , ان العقلانية الوطنية الفلسطينية مؤسسة على استيعاب علمي سليم لعبر التاريخ الفلسطيني, وغير محصورة في منظور يقرأ التاريخ فقط من زاوية ان فلسطين ولاية واقليم من حجم امبراطوري استعماري,
لقد كانت مهمة الرصاصة الاولى هو حمل القومية الفلسطينية خارج مسار ( الاستكانة التاريخية للسيطرة الاجنبية, وموروثثها الثقافي الايديولوجي ) وكانت مهمتها ان ترتقي بمستوى الولاء الوطني الى التصدر على حساب الولاء للدين والعرق, وان تخلق مستوى عال من التناغم بين القناعة العقائدية و الحقيقة الموضوعية كما طرحتها المعطيات التاريخية, لا ان تعترض عقائديتها هذه المعطيات ةالاصرار على انكار استقلالية الذات القومية الفلسطينية والاستسلام للتخلف الفكري الايديولوجي كما لا يزال يسيطر على وعينا الوطني
ان الوطنية مقيدة الى حدها الادنى هي مشاعر اخلاص وولاء عاطفي للوطن والمجتمع, لكنها ابدا ترفض الارتقاء الى مستوى وحالة ودرجة نظم الذات في مواجهة الاعداء, في صورة ادراك برنامجي تستحضر فيه العقلانية كيفية التالف والانسجام والتناغم مع اتجاه ومعطيات مسار التطور الحضاري التاريخي, و ادراك لمهامها وكيفية الاستجابة لها, وادراك لتخوم المصالح القومية وهي ( الخطوط الحمر ) غير القابلة لتجاوزها, وتجسيد كل ذلك برنامجيا في اسس بناء الديموقراطية الفلسطينية, كرافعة للتوجه القومي المشترك في اداء مهمات الترقي الحضاري السياسية الاقتصادية الاجتماعية, دون ان تنحرف اتجاهات تعدديتها الى مواقع الانقسام والتشرذم,
ان الخطير في اتفاقيات اوسلو على المشروع الصهيوني هو انها جسدت في الواقع السياسي اساسا ماديا يعترض انحراف و تناقض القرار والمناورة الفلسطيني, بعيدا عن الاتجاه الذي يذهب اليه المسار االتاريخي الذي يوصل اليه التطور الحضاري الفلسطيني, ومعطياته من حجم الاستقلال والسيادة والسيطرة الوطنية, فهي توضح درجة التعارض بين تخوم حقوق الظاهرة القومية الفلسطينية الجيوسياسية, والتوجه الايديولوجي السياسي العرقي الطائفي المسيطر في مجتمعنا, حيث ينكشف زيف ووهم ليس الولاء الفلسطيني للعرق والدين... بل... زيف ووهم ولاء العرق والدين لفلسطين, حيث يطغى تعارض المصالح بين النطاقين, الفلسطيني والاقليمي على التوافق بينها, طالما ان المنطقة تحاول تمرير مصالحها الوطنية على جثة المصالح الوطنية الفلسطينية,
ان الانجازات الوطنية الفلسطينية الراسخة غير القابلة للاسقاط. هي الانجازات التي كانت محصلة استقلال المبادرة الوطنية الفلسطينية, وهي التي لا تزال تعمل كاساس حامل لمشروعنا الوطني في التحرر, وهي الانجازات التي يعمل النطاق الاقليمي بتناسق وتناغم مع الكيان الصهيوني على اسقاطها. وقد برهن تخلف وزراء الخارجية العرب عن حضور جلسة الجمعية العامة للامم المتحدة التي نالت بها فلسطين الاعتراف بها كدولة, برهانا على ذلك, ولا داعي للتذكير بسكوت النطاق الاقليمي عن حصار الكيان الصهيوني وقتله للرئيس عرفات رحمه الله, ولا التذكير بلائحة ممتدة من وقائع تراوح بين التامر والتخاذل العروبي الاسلامي, وهي ما بين الطعن السياسي في الظهر, وارتكاب المجازر والتصفية مباشرة,
ان من انجازات المبادرة الوطنية الفلسطينية المستقلة, التي لا نلتفت لها للاسف, بناءذلك ( اللوبي العالمي ) المؤيد لنضال التحرر الفلسطيني, والذي بات يلحق الهزيمة ( باللوبي العالمي ) الصهيوني ويحاصره ويعزل كيانه, ولعل حجم تاييد الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للامم المتحدة يعكس هذه الحقيقة, وهو لا يلحق الهزيمة فقط باللوبي الصهيوني بل يحاصر في مجال القضية الفلسطينية تحديدا الكيان الصهيوني وحليفته اقوى دولة في العالم الولايات المتحدة الامريكية, ومن الصحيح ان الولايات المتحدة لا تزال تعترض جني الفلسطينيين المردود السياسي من هذا اللوبي, خصوصا في مجال الاعتراف بفلسطين عضوا كاملا في الامم المتحدة, وهي تعترض ايضا جنيهم المردود المالي الاقليمي له, الا ان ذلك قطعا سيكون اعتراضا مؤقتا ستتجاوزه القوة الموضوعية للتاييد العالمي لنضال التحرر الفلسطيني, لذذلك كانت ردة الفعل الصهيونية على اقصى درجات التوتر والانفعال, وباتجاه محاولة القضاء على مقولة حل الدولتين باسرع ما يمكن من الوقت عبر مشاريع الاستيطان الواسع
ان المقال لا يتسع لاستعراض القيمة الحضارية التاريخية لتلك الرصاصة التي اطلقت في 1/1/1965م, لكنه يتسع لنقد قصور العقلانية الفلسطينية عن ادراك تلك القيمة, وهو القصور الذي بات على الفلسطينيون معالجته, وتجاوزه, عبر الاقرار بحقيقة وتقبلنا لها كاساس ايديولوجي عقائدي يعكس الحقيقة الموضوعية و الاقرار ان الوجه الاخر لصورة الضعف التي نبدو عليها, هي صورة قوة قادرة بموقعها المركزي في الصراع العالمي والاقليمي على توجيه العلاقات و التناقضات العالمية والاقليمية نحو خدمة مشروعتا في التحرر الوطني,
الرحمة لشهدائنا والحرية والاستقلال والسيادة لشعبنا في دولته على كامل وطنه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف