الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول نظريات الديمقراطية والمجتمع المدني

احمد ثامر جهاد

2012 / 12 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


" عندما نقول ان الإنسان يجب أن يكون شيئا ما ، نريد ان نقول بذلك انه يجب ان ينتمي إلى حالة اجتماعية معينة،إذ ان هذا الشئ يعني انه شئ جوهري.."
هيغل – فلسفة الحق


أسوة بكل الظواهر التاريخية ارتحلت (الديمقراطية) بوصفها نظاما للحكم من ثقافة إلى أخرى على مدى قرون عدة،متنقلة في غضون ذلك بين صيغ نظرية وعملية مختلفة كشفت بمجملها عن مستوى تطور المجتمعات البشرية ونظمها السياسية ، لتشكل في المحصلة النهائية تاريخا سياسيا واجتماعيا (واقعيا) لصراع الجماعات البشرية الساعي إلى اجتراح صيغ ملائمة لإدارة الدولة التي اقترنت سلطتها بصور الاستبداد لفترات طويلة. ومن وحي تلك التجارب العينية وعلى تخومها شهد التاريخ الإنساني تحولات جذرية في موقفه من الدولة والدين وكذا حق الأفراد في المشاركة السياسية والحرية المدنية. ورغم ان قراءة مسيرة التاريخ الإنساني ذاك لا ترجح - بشكل من الإشكال - الإقرار بحتمية قوانينه، إلا ان البحث السوسيولوجي اشر بمعاييره المنهجية الأطر العامة لنشوء نظم الحكم السياسي عبر التاريخ بدء من حكم الفرد(الملك) إلى حكم الكثرة(العامة) مرورا بحكم القلة (الارستقراطية) وفقا للتصنيف الأرسطي العام المنطلق أساسا من تأمل فرادة تجربة اثنيا. وسنعرض هاهنا لتطور مفهوم الديمقراطية لدى ثلاثة من ابرز منظريها ودعاتها.

• أرسطو : تجربة أثينا

ربما تعد قراءة فكر أرسطو ( 384-322ق.م ) السياسي المدخل الأمثل لفهم بدايات التفكير المنهجي في موضوعات الديمقراطية والدولة والحكم على حد سواء،والتي جاءت بشكل مفارق لأطروحات أستاذه أفلاطون (427-347ق.م) من ناحية المنطلقات الفلسفية،خاصة وان الأخير جعل رجاحة السلطة معتمدة على فضيلة العقل، إذ" تقتصر السلطة السياسية على نخبة من ذوي المعرفة الأخلاقية،وهذا يعني ضمنا استنكارا للديمقراطية.."1.
ولقد أنتج هذا التلازم العضوي بين الأخلاق والسياسة قيم الدفاع عن حرية الفرد في المجتمع الأثيني والتي تعد أساس أي دستور ديمقراطي منشود. وذلك التأكيد على عالم الأشياء الواقعية وليس عالم المثل الأخلاقية المجردة جاء ليصب في مصلحة محاولات تقريب المسافة بين المواطن والدولة من خلال تشجيع المشاركة وتمكين الفرد من ناحية حقوقه وواجباته بما يحقق نوعا من العدل داخل المجتمع الأثيني الذي اعتبر ديمقراطيوه"أن فضيلة الفرد مطابقة لفضيلة المواطن."2 وان الدولة تباعا سيكون من مسؤوليتها الحفاظ على المصالح العليا للجمهور التي تبنى على الولاء لها "وإخضاع الحياة الخاصة لمقتضيات الشؤون العامة والخير المشترك. فـ(العام) و(الخاص) متضافران"3 ولكن من دون أن يعني ذلك ان الجميع متساوون في قدراتهم على تحقيق الخير العام وأهدافه،حتى لو وحدتهم كـ(جمهور) مبادئ سيادة الأكثرية الحاسمة في تقرير واقع العدل والمساواة.
في إطار فكرة الحرية القائمة على المساواة ،اعتبر أرسطو انه ليس من العدل ان يكون الفرد محكوما من قبل كائن آخر على الإطلاق،وان انتخاب الجميع من قبل الجميع بالتناوب هو من ابرز مبادئ الممارسة الديمقراطية التي تتقاطع بالضرورة مع شغل المنصب الوظيفي بصفة الحيازة أو الملكية الدائمة، فالمهم هو اعتماد مبدأ التعدد والمساواة لبلوغ ضفاف التجربة الديمقراطية.
فضلا عن ذلك رأى أرسطو في (العائلة) الوحدة الاجتماعية الإنتاجية التي تشكل أساس الدولة. وفي تدابير حياتها الأخلاقية تكمن العلاقات والممارسات الاجتماعية التي يمكن ان تنتج بتأثير التفاعل والترابط ين الخاص والعام قيم المساواة والمشاركة وليس المصلحة الخاصة والمنفعة التبادلية حسب.
يمكن القول ان الفكر الأرسطي بكل ما اشتمل عليه من أبعاد نظرية خلاقة اجتهد لجعل حكمة الفلسفة في خدمة السياسة عبر وضع حدود عقلانية لسلطة الدولة وتصرف موظفيها بشكل يضمن حرية المواطنين ضمن حالة مساواة سياسية مشروعة. وفي الوقت الذي رسم فكر أرسطو بنزعته الدستورية المبادئ العامة لأنظمة الديمقراطية "قاده منهجه الغائي إلى النظر إلى المدينة بوصفها اشمل رابطة إنسانية..فهي بالنسبة إليه الثمرة الناضجة والمكتملة للنظر الأخلاقي الإنساني.."4 .
وبالقياس للسبق الأرسطي (كتاب السياسة) في فهم ومعاينة صيغ الحكم وتصنيفها بلغة علمي المنطق والسياسة فان تجربة أثينا الفريدة بخصوصيتها والمشفوعة بحروب قادتها وملاحم شعرائها وأحلام فلاسفتها شكلت مصدرا ملهما للفكر السياسي الحديث إلى الدرجة التي جعلتها استثناءا نادرا، إن لم يكن محرجا في أحايين معينة،خاصة بالنسبة لتعميم النسق الحتمي في النظرية الماركسية التي أجملت تطور المجتمعات وفقا لمراحل المادية التاريخية التي تؤمن بالنظرة التقدمية المتفائلة، وتحديدا من ناحية تضاد أو عدم اتساق غزارة النتاج الفكري للإغريق على عدة المستويات مع بدائية بنيتهم المجتمعية. ولا يحول ذلك بشكل من الأشكال دون اعتبار تاريخ تطور تجارب الأنظمة الديمقراطية في العالم صورة لتطور وعي الجماعة البشرية وإرادتها السياسية،كما يمكن عده من زاوية أخرى مقاربة تاريخا لمعارضة الجمهور للسلطة (أيا كانت) بمنطق المساواة والحرية ،ناهيك عن كونه احتجاجا عقلانيا أصيلا على أوضاع القهر والاستعباد.


• جون لوك:

بعد كتاب (اللوياثان) لتوماس هوبز ، قدمت انكلترا أواخر القرن السابع عشر مع الفيلسوف جون لوك (1632-1704م) أهم عمل في الفكر السياسي، كان قد ترك أثره البليغ على زعزعة نظام الحكم المطلق وفتح الطريق أمام المنحى الليبرالي في المجتمع الانكليزي. ففي كتابه ذائع الذكر ( مقالتان في الحكومة المدنية- 1690) يعرض جون لوك فكرته عن الحقوق الطبيعية المناهضة للقيود ويضعها في واقع ارتباطها بالمجتمع السياسي وأيضا المدني العقلاني والذي يتأسس على ضمان حقوق الأفراد ونظام التمثيل البرلماني في الحكم،واعتبار ان حق الملكية الفردية مسوغا,لانه ينبع من الطبيعة ذاتها. وبعكس هوبز آمن لوك بالطبيعة التي يضبطها العقل،معتبرا ان"العقل الطبيعي يعلم كل البشر إذا ما أرادوا استشارته،وبما انهم متساوون ومستقلون فانه يجب أن لا يسئ احد إلى آخر، نسبة إلى حياته،إلى صحته،إلى حريته،إلى ماله..ولكي لا يشرع شخص في اجتياح حقوق الغير،فان الطبيعة قد خولت كل إنسان حماية وصيانة البرئ وقمع الذين يسيئون إليه؛انه الحق الطبيعي في المعاقبة."5
ولا يعني ذلك بالطبع دعوة سائبة لنوع من التمدد الفردي غير المنضبط في شرائع مُقيدة، يكون من شانها تجنيب الأفراد منزلق الدخول في حرب الجميع ضد الجميع،فحالة الطبيعة وفقا لمفهوم لوك هي "الصيغة الأساس لاجتماع البشر،هي حالة حرية ولكنها ليست حالة إعفاء من الالتزام. فالأفراد ملزمون بواجب تجاه الله وبالحكم وفقا لقانون الطبيعة."6 .
وعليه فقد وجد البعض في ثقة جون لوك المفرطة بالطبيعة الخيرة للإنسان وبرجاحة عقله الهادئ ووجدانه الأخلاقي نقطة رخوة ليس بوسعها على الدوام ضبط هياج البشر ونزوعهم إلى الملكية الفردية أو الوقوع في غواية السلطة،خاصة إذا ما أخذنا بالرأي القائل ان"الاستيلاءات هي مصدر واصل الحكومات."7 ولكن بالمقابل فانه من دون كسب ثقة الأكثرية وموافقتهم لا يمكن بناء الدولة،ناهيك عن ضمان استمرارية وجودها وشرعيتها وتمثيلها.
ولان لوك كان "مؤيدا لثورة 1688 الانجليزية وتسويتها،التي فرضت قيودا دستورية معينة على سلطة الملك،رافضا الفكرة القائلة بضرورة وجود سلطة طاغية في سائر الميادين."8 فانه اظهر تمسكه بأفضلية خيار الحكم الدستوري والتمثيل البرلماني بوصفها ركائز الحكم الديمقراطي التمثيلي التي تسهم في كبح سلطة الحكم المطلقة.وبذلك ترك لوك لمواطنيه الانكليز وسواهم خطابا عقلانيا مؤثرا يمنع استغلال السلطة خارج إطار شرعيتها المكفولة دستوريا أو بعيدا عن واقع رضا الناس. من هنا فان "المجتمع،وريث الرجال الأحرار في حالة الطبيعة،يحوز بدوره سلطتين جوهريتين.إحداهما التشريعية،التي تضبط كيف يجب ان تستخدم قوى الدولة من اجل حفظ المجتمع وأفراده.والأخرى هي التنفيذية،التي تؤمن تنفيذ القوانين الوضعية في الداخل. بالنسبة للخارج،معاهدات،سلم وحرب،تفعل سلطة ثالثة،هي من جهة أخرى مرتبطة طبيعيا بالتنفيذية،ويدعوها لوك كونفيدراتية."9 .
ومع لوك أصبحت السياسة قرينة الروح الليبرالية الجديدة ومفارقة في الوقت ذاته لخصائص الحكم المقدس التي طبعت حركة التاريخ طوال قرون مضت.

• مونتسكيو وروح الشرائع:

"لقد وجدت كل ما ابحث عنه.. سأستريح، لن اعمل بعد الآن.."
دوّن مونتسكيو عبارته هذه بعد ان أنهى مراجعة بروفات عمله الجبار (روح الشرائع) الذي اقترن باسمه بشكل لافت واستنفد منه جل حياته.
كان مونتسكيو (1689-1755) جديرا بسفر فكري بحجم (روح الشرائع)؛المؤلف الذي وضع فيه أقصى موهبته وفهمه لمنظومة العلاقات المختلفة التي تولدها وتستتبعها قوانين كل حكومة من نواحي تنوعها وتفاصيلها وأطوارها وتناقضاتها وصلتها بالأشياء والعادات والمبادئ والمصالح .
ان إعجاب مونتسكيو بالتجربة الانكليزية في الحكم ورفضه لنظام الحكم المطلق قاده إلى البحث عن الصيغ الملائمة التي بموجبها ينتفي انتهاك قوانين الدولة من قبل أي شخص وتحت أي ذريعة كانت،وقد طرحت كتاباته العديدة بحسم" فكرة دولة دستورية تحافظ على القانون والنظام في الداخل وتوفر الحماية ضد العدوان من الخارج."10 وبحكم تقديره لنموذج الدولة الدستورية سعت أطروحاته الفكرية إلى"تجريد بنية سلطة الدولة من أي صفة شخصية لتصبح اقل عرضة لسوء استعمال الأفراد والجماعات."11 .وعليه فان مونتسكيو آمن بقوة بفكرة ان على ممثلي الشعب في دول حرة ان يقوموا بما لا يستطيع الفرد عمله بنفسه.وتوصل إلى قناعة راسخة مفادها:ان دولة القانون المنشودة هذه لن تكون متحققة بفاعلية من دون الشروع الجدي بفصل السلطات للحيلولة دون استغلال السلطة لجهة المصالح الخاصة.وقد دافع عن هذه الفكرة في كتاباته وبخاصة (روح الشرائع) قائلا:"ان الحرية لا يمكن ان تستند،في ظل الظروف الحديثة ،إلا على أساس الاجتراح المتأني والمدروس لنوع مؤسساتي من الفصل والموازنة بين السلطات في إطار الدولة.."12 وبموجب ذلك فان السلطة التنفيذية التي تكون بيد الملك يجب ان تقنن بحدود متفق عليها،تضعها السلطة التشريعية التي من مهماتها وضع وتعديل القوانين وأيضا محاسبة الجهاز التنفيذي في حال تم خرق القانون. وتكون الهيئة التشريعية خاضعة للانتخابات وموزعة على مجلسين رئيسين،احدهما للنبلاء والآخر لممثلي الشعب.في حين يبقى القضاء منفصلا عن الهيئتين التنفيذية والتشريعية لضمان استقلالية أحكامه وصونه لحقوق الأفراد من سوء استغلال السلطة. ان أطروحات كهذه وفي تلك الفترة سيكون من شانها خلق مؤسسات ديمقراطية تكبح مظاهر العنف والاستبداد وتساهم في خلق مجتمع مدني متحضر،حتى وان أغفلت بعض الجوانب التي تشكل إثارتها تعزيزا لحرية الأفراد وديمقراطية الحكم السياسي. ولكن رغم ذلك فان"مونتسكيو،بفضل تعميمه، قد استطاع ان يحرر الشروط الصالحة أبديا لصحة الديمقراطيات،سواء القديمة منها أو الحديثة."13 وربما الأهم في ذلك انه وضع الأسس السليمة للتفكير العقلاني بشان شكل الدولة الحديثة.
حينذاك خلق المناخ الليبرالي الأوربي مع أطروحاته في فصل السلطات ونظريات أسلافه عن المجتمع المدني مقدمات لأفول عصر احتكار سلطة الحق المطلق من قبل فئة بعينها تمتلك القوة وسحر اللاهوت،وأصبح لازما اجتراح قوانين تقسم السلطات الثلاث وتحمي الملكية الفردية وتقيد حريات الدولة مقابل تعزيز حرية الفرد واحترام قدراته وملكاته.

• عن الديمقراطية وفرص المجتمع المدني:

مهما كانت النماذج الديمقراطية،إن على مستوى فكرها أو ممارستها، ضاربة في عمق التاريخ الإنساني إلا أنها من زاوية مفاهيمية ستبقى وليدة عصر البخار الأوربي الذي دشن في خضم صراعاته المتواصلة منذ القرن السادس عشر فتوحات عصر الصناعة والتمدين والقيم العلمانية التي أسهمت مجتمعة في دحر خرافات سلطة الكنيسة والحق المطلق للملك في التصرف بشؤون الدولة،معلنة في الوقت ذاته انطلاق عجلة العلم الحديث بكل ما حمل من تغييرات جوهرية داخل البنية الاجتماعية والثقافية في أوربا.
وفيما لم ولن يكن المجتمع البشري ساكنا يوما ما بالنظر لجدل تطوره المستمر ارتسمت ملامح الانتقال إلى عصر الحداثة بكل ما تعني من زلزلة مؤثرة لقيم الدولة المهيمنة على مصالح الأفراد والجماعات،اتسع نطاق العمل وارتفعت وتيرته كما ازدادت أعداد مزاوليه وتهيأ لفكر (ادم سميث) حينها صياغة نظريته الاقتصادية حول أسس الثروة والتخصص في العمل ومن ثم الاهتداء إلى وضع اليد على سبل الاستثمار الأمثل لطاقات الإنسان في تقسيم العمل الذي تنتج وفرته مجتمعا اقتصاديا وتجاريا يصبح مرهونا بتطور العلم والتقنية. في حين اقتضى مفهوم الإنسان الاقتصادي لدى سميث الدعوة إلى الدفاع عن أسس المجتمع المدني حيث ان"أنشطة الناس في الأسواق،وليس في السياسة،هي التي تشد المجتمع المدني في لحمة واحدة."14 وسيكون من الضروري وفقا لذلك تنظيم الحياة السياسية والاجتماعية بما يجعل الأفراد أحرارا في تحديد خياراتهم الحياتية.
ومع بوادر الحراك الاجتماعي والسياسي والسعي إلى إرساء الحقوق المدنية والخروج من وصاية الآباء الكهنوتيين باتجاه تأسيس فهم علمي لقوانين المجتمع الإنساني،لاحت في الأفق دعوات التخلص من القوى المهددة لحرية الإنسان، وقد جاءت مشفوعة بمناخ ليبرالي تعالت فيه أصوات العديد من المفكرين التنويريين في غير مدينة أوربية تسابقت فيما بعد لصياغة التشريعات والقوانين الأليق بعصر الحداثة الصناعية عبر فصل الدين عن الدولة وتوسيع المطالبة بحقوق الملكية الفردية وإلغاء الامتيازات التي لا يمكن لها التناغم مع لغة الديمقراطية.
يمكن القول ان التجارب الأكثر حداثة للممارسة الديمقراطية في عالم اليوم اختزلت وتمثلت ضمنيا كل ما أسفرت عنه صراعات الجماعة البشرية من اجل الوصول إلى الصيغ الأكثر عقلانية للحكم،لاسيما في المجتمعات الغربية المتقدمة،إذ "أن تكوينا ما ليس في الواقع شيئا نصنعه بكل بساطة هكذا.انه نتيجة عمل شعوب بكاملها."15 . وما تجارب الديمقراطيات الفتية منذ الإغريق وحتى يومنا هذا ، إلا صيغة متطلبة لنظام سياسي نحته البشر في مراحل متباينة اتسمت بالجدل المستمر بشان امتلاك الفرد حريته وحقه في حياة كريمة،طالما ان الناس يصنعون تاريخهم بأنفسهم وفقا لالتماعة كارل ماركس (1818-1883) الشهيرة. لكن مسألة الديمقراطية باعتبارها معيارا لقبول الحكم السياسي ما انفكت عن كونها ميدانا خصبا لخلافات ونقاشات حادة بشان صواب ممارساتها الواقعية أو جدواها رغم الإجماع على ضرورتها في تنقية شكل الدولة السياسي من براثن التسلط المقيت.من هنا لن يكون غريبا أو مستبعدا ان يأخذ الحاكم أو الملك أو الخليفة وفي أزمان مختلفة طريقة من طرائقها لتلطيف نظام حكمه أو أن تلجا هذه الدولة أو تلك في مرحلة معينة لإضفاء شرعية مقبولة على نظامها السياسي. فعلى الدوام تبقى الديمقراطية بغموضها الكامن حلا سحريا لاضطراب مؤكد يهدد الوضع القائم في مجتمع ما.
أخيرا ومن خلال معاينة التجارب السياسية الأبرز في التاريخ الأوربي الحديث يمكن لنا رؤية ان التخطيط العقلاني للمجتمع الصناعي هو الأرض الخصبة لتطور نماذج الديمقراطية بعدها نظاما للحكم جرى تداوله عالميا،حتى لو تباطأت سخرية أبطال موليير في إحداث التأثير المنشود في البلاط الفرنسي إلى حين.


الهوامش والمصادر:

1- علي حاكم صالح،حسن ناظم.المجتمع المدني (تاريخ نقدي).معهد الدراسات الإستراتيجية.الطبعة الأولى 2007 بغداد-اربيل-بيروت/ص8.
2- ديفيد هيلد.نماذج الديمقراطية.ت:فاضل جكتر.معهد الدراسات الإستراتيجية.الطبعة الأولى 2006 بغداد-بيروت/ص35.
3- المصدر نفسه.ص34
4- المجتمع المدني(تاريخ نقدي) مصدر سابق.ص8
5- جان جاك شفاليه.المؤلفات السياسية الكبرى من ميكافيلي إلى أيامنا.ت:الياس مرقص.دار الحقيقة.الطبعة الثانية 1990 بيروت/ص95 .
6- نماذج الديمقراطية.مصدر سابق.ص144 .
7- المؤلفات السياسية الكبرى.مصدر سابق.ص97 .
8- نماذج الديمقراطية.مصدر سابق.ص143 .
9- المؤلفات السياسية الكبرى.مصدر سابق.ص98 .
10- نماذج الديمقراطية.مصدر سابق.ص150.
11- المصدر نفسه.ص151.
12- المصدر نفسه.ص154.
13- المؤلفات السياسية الكبرى.مصدر سابق.ص115.
14- جون اهرنبرغ.المجتمع المدني(التاريخ النقدي للفكرة).ت:علي حاكم صالح.د.حسن ناظم.المنظمة العربية للترجمة.الطبعة الأولى بيروت 2008/ص212.
15- جان بيار لوفيفر.بيار ماشيري.هيغل والمجتمع.ت:منصور القاضي.المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.الطبعة الأولى بيروت 1993.ص65.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قميص -بركان- .. جدل بين المغاربة والجزائريين


.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا




.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع


.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا




.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع