الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية: ما بين الدين والمبادئ التي تقوم عليها السيطرة

عُقبة فالح طه

2012 / 12 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



هناك الكثير ممن يحاجج من المفكرين الإسلامويين في عدائهم للعلمانية كمحمد يحيى مثلا، ومحمد عمارة ومحمد مهدي شمس الدين في أن الحركة العلمانية بأسرها تقع ضمن حركة التغريب و" الأوربة " والاستعمار الثقافي الذي يعاني منها الإسلام، على اعتبار أن العلمانية فكرة أوروبية نشأت لحل مشكلة أوروبية، فرضتها معطيات ارتبطت بالتجمعات الأوروبية في ظل شروط تاريخية معينة، ولقد قام هؤلاء المفكرون حسبما يرى عادل ضاهر بالربط بين العلمانية والسمات التي أكسبتها هذا المفهوم في التجربة الأوروبية، حيث قامت العلمانية ردا على سلطة كنسية غير موجودة في التجربة الإسلامية، وعلى اعتبار أن العلمانية جاءت كحل لأزمة ازدواج السلطة ( الدينية – المدنية) وبالتالي لا مبرر للعلمانية لدى المجتمع الإسلامي كما يرى محمد مهدي شمس الدين، لكن عادل ضاهر ورغم عدم إنكاره على المفكرين الإسلامويين ربطهم بين مفهوم العلمانية وشرطها التاريخي الذي نشأت في كنفه، إنما ينكر عليهم نظرتهم إلى بعض سمات هذا المفهوم" العلمانية" على أنها السمة الجوهرية فيه، إذ إن الصفة التي تشكل النواة(السيمانتية) لمفهوم العلمانية والتي تشكل السمة الأساسية التي تشتق منها السمات الفرعية الأخرى وهي أن العلمانية قامت ضد المبادئ التي تقوم عليها أو باسمها السيطرة، وليست العلمانية ضد نوع المؤسسة التي تسيطر، فقد تكون العلمانية فكرة نقيضة لمبادئ مؤسسة غير دينية، ولكنها مسيطرة ومستبدة باسم مبادئ معينة، إن سيطرة رجال الدين على مقاليد الحكم لا تعني بالضرورة أن الدولة دينية، بل المعيار هو كون الدين المصدر الأخير للتشريع والمعيار الأخير لما يشكل دولة فاضلة،كما أن السمة الأساسية للدولة الدينية هي طابعها " الكلياني" الذي يحتم اللجوء إلى النصوص المقدسة لدين سماوي ما بوصفها المرجع النهائي في كل الشئون الروحية والزمنية، وقد رأينا أن هذا الطابع الكلياني للدولة الدينية هو ما يشكل واحدا من الاعتبارات الأساسية لرفض العلماني للدولة الدينية، وليس الشكل الذي تتخذه هذه الدولة، وبالتالي فإن السلطة الزمنية تكون فاقدة للشرعية ما لم تكن مستمدة من سلطة أعلى منها وهي الله، لكن العلماني الذي يصر على عدم حسبان الدين كأساس أخير لالتزام السياسي هو اعتقاده باستقلالية العقل، وأسبقيته على النقل.
فقد تقوم الدولة العلمانية بسن تشريعات أملتها المصلحة والضرورة، وقد تكون هذه القوانين والتشريعات المسنونة على أسس عقلية متطابقة تماما مع التشريعات الإسلامية، إن هذا لا يعني أن هذه الدولة إسلامية، فالعلمانية إذن ضد النقل، و ضد أي مشروع يعطل العقل، سواء أكان هذا المشروع دينيا أم لا، والعلمانية هي فكرة مناقضة لكل من يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة، وبالتالي يسعى للسيطرة، وهذا ما أتفق فيه تماما مع فهم عادل ضاهر للعلمانية لأن فيها خلاص للشعوب العربية من الأنظمة الاستبدادية المتربعة على عروشها والتي تحكم باسم مبادئ كلية لا يشاركها فيها أحد، ولا يملك أحد من الشعوب العربية مجرد الخوض في النقاش بها . وكما يرى عزيز العظمة في كتابه " العلمانية من منظور مختلف" فإنه لا استعادة للديمقراطية إلا بالعلمانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص