الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور المؤسسات التقليدية العربية في تقمص روح المؤسسة الحديثة : العائلة نموذجاً

عُقبة فالح طه

2012 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


إن العائلة يمكن أن تمثل فعلا الحقل الحي الأكثر تمثيلية لتجسيدات النمط العلائقي السائد داخل المجتمع العربي، ومن ذلك المجتمع السياسي في إطار شبكة العلاقات القائمة بين العائلة والمجتمع، وبالنظر إلى متغير توزيع الأدوار داخل العائلة وداخل المجتمع وطبيعة العلاقات التي تربط الفاعلين في العائلة، وطبيعة العلاقة التي تربط الفاعلين بالمجتمع، فإن نظام القرابة العربي يقوم أساسا على مفهوم القبيلة، وهي ليست قرابة دموية فقط بل يمكن أن تستند إلى معيار الانتماء لجهة أو طائفة أو مدينة او حزب، فالقرابة هي أقرب إلى ما يمكن تسميته اليوم (بالعشائرية) حيث أن طريقة الحكم أو السلوك السياسي أو الاجتماعي يعتمد على ذوي القربى بدلاً من الاعتماد على ذوي الكفاءة والخبرة ممن يتمتعون بثقة الناس واحترامهم، أو يكون لهم نوع من التمثيل الديمقراطي، وهذا ما يطرح السؤال الجوهري حول أثر هذا النمط العلائقي على علاقة الفرد بالمجتمع وعلاقته بالدولة، وقد حاول خلدون حسن النقيب النبش في الجذور العائلية للأسر الحاكمة في أقطار الخليج العربي والجزيرة العربية عبر التركيز على كيفية توزيع المناصب الوزارية فيها (وبخاصة الوزارات السيادية) إستنادا إلى معيار العلاقات التي تربط كل وزير برأس السلطة ( أمير، ملك، سلطان، ولي عهد، رئيس) فهذا الأخير يحكم -كما بين خلدون النقيب- استنادا إلى التضامنيّات غير الرسمية التي تعبر عن نفسها ضمن مؤسسات الحكم بواسطة رؤساء معينين تعترف بهم الدولة ومن بين أهم التضامنيات إضافة إلى المؤسسة القبلية المؤسسة الدينية والمؤسسة الطائفية وبعض البنى الاقتصادية ككبار التجار ورجال الأعمال.
كما أن نموذج النظام السياسي في المغرب – كما يراه المنصف وناس- يستمد شرعيته من الانتماء للرسول، وحداثة تتبع أطر التقليد ليس الهدف منها سوى الإبقاء على نظام الأسرة الحاكمة في المغرب الأقصى، وهذا فيه اجترار على ما يبدو لتجربة على بن أبي طالب في الخلافة والشيعة من بعده حيث يسوغون أحقية "آل البيت" بالخلافة بعيدا عن الشورى التي أقرها الإسلام، وهذا يشير إلى إلباس التجربة الحديثة في بعض البلاد العربية غطاءات متنوعة لإخفاء حالة الاجترار للتجارب القديمة. فيما كان القذافي يستمد شرعيته من (الإسلام الثوري) المتمثل في ما يسميه " النظرية العالمية الثالثة"، حول ما صاغه في الأجزاء الثلاثة من كتابه الأخضر.
من هنا فإن جل الدراسات المهتمة بالنظام الاجتماعي العربي الإسلامي ترى أن هذا النظام كان يتأسس على وحدة محورية هي القبيلة التي تمثل المفتاح المساعد على فك تركيبة هذا المجتمع، من أجل إدراك خصائصه وآليات اشتغاله، فالقبيلة مثلت الإطار المرجعي الأول للفرد من خلالها يحقق وجوده، وفي إطارها يندمج وإليها يعود، ومنها يستمد قوته ونصرته .
لقد خصص سميث (Smith ) مقالة طويلة لدراسة المجتمعات التي تنظم حياتها الاجتماعية والسياسية على أساس القرابة وخط النسب، فانتهى إلى اعتبار الحياة السياسية مظهرا ًلكل حياة اجتماعية، وليس نتاجا لوحدات أو بنى خاصة، لذا رفض القبول بالتمييز الحدي الصارم بين" مجتمعات ذات دولة" و " مجتمعات من دون دولة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة