الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع الاستيطان ومهمة اليسار

دوف حنين

2005 / 3 / 20
القضية الفلسطينية


يجب الانتباه
مشروع الاستيطان ومهمة اليسار

* يجب الانتباه أكثر لما يجري خلف ستار الدخان الكثيف لخطة "الانفصال".. ففي هذه الايام يجري في الضفة الغربية المحتلة تنفيذ مشروع كبير من البناء في المستوطنات، وهناك آلاف الوحدات السكنية التي تقام في معاليه ادوميم وبيتار عيليت والفيه منشيه وتسوفين وارئيل وغيرها*
العنوان الرئيسي في جريدة "هآرتس" يوم الثلاثاء 15/3/2005 أكد ما نعرفه نحن من خلال نشاطاتنا الميدانية. والعنوان هو: "توقف نشاطات اللجنة الاسرائيلية الامريكية المشتركة لاقرار حدود البناء في المستوطنات"، ويتبين ان اللجنة "لم تنجح" في الحصول على معطيات حول حجم البناء القائم في المستوطنات، و "لم ينوجد كذلك السبيل" لتزويدها بصور من الجو عن آخر الاوضاع في المستوطنات.
خلف هذه الحجج والذرائع الغريبة تبرز حقيقة مهمة تتجسد في ان النظام الامريكي تنازل كليا عن طلب تجميد المستوطنات الذي تضمنته خارطة الطريق التي تبنتها حكومة اسرائيل. والتجسيد العلني لهذا التنازل موجود كذلك في خطاب الرئيس جورج بوش التاريخي، والذي اعلن فيه عن استعداد الولايات المتحدة الامريكية للأخذ بعين الاعتبار: "الواقع الميداني" أي اقامة المستوطنات في الوقت الذي يجري فيه اقرار الحدود المستقبلية لاسرائيل.
خلافا لما تفكر به غالبية الاسرائيليين، فان الاجراء الاهم في موضوع الاحتلال ليس "الانفصال" عن غزة - ولا اقترح الاستهتار باهمية اخلاء المستوطنات من غزة - لكنني اقترح الانتباه اكثر لما يجري خلف ستار الدخان الكثيف لـ "الانفصال". ففي هذه الايام يجري في الضفة الغربية المحتلة تنفيذ مشروع كبير من البناء في المستوطنات وهناك آلاف الوحدات السكنية التي تقام في معاليه ادوميم وبيتار عيليت والفيه منشيه وتسوفين وارئيل وغيرها من مستوطنات في المناطق الفلسطينية المحتلة. والبناء لا يتجسد فقط في توسيع المستوطنات القائمة، انما في اقامة مستوطنات جديدة. ففي حالة "الفيه منشيه" على سبيل المثال يدور الحديث عن بدء اقامة مدينة جديدة اضافية في الضفة الغربية المحتلة.
وفي هذا المجال يجب رؤية قرار الحكومة في اعقاب تقرير ساسون للامتناع عن كل عمل حقيقي لفك المستوطنات التي اقيمت عمليا بدعمها وموافقتها. فتقرير ساسون يتحدث عن 106 مستوطنات غالبيتها اقيمت على اراض خاصة وقرار الحكومة يتطرق عمليا الى 21 مستوطنة فقط. وحتى بالنسبة اليها لم تقرر الحكومة لائحة زمنية وخطة عملية لاخلائها. ومن الواضح اليوم ان مشروع البؤر الاستيطانية كان السبيل لمضاعفة التمسك بالمستوطنات في المناطق الفلسطينية المحتلة.
ويهدف مشروع الاستيطان الحالي والذي ينفذ بموافقة وزراء حزب العمل الى رسم خارطة تمنع كليا اقامة دولة فلسطينية مستقلة وكاملة في المناطق المحتلة ويحظى المشروع بدعم كامل من النظام الامريكي، وهو لا يلقي اية معارضة دولية جدية الامر الذي يشير الى التدهور الكبير في التعامل مع القضية الفلسطينية منذ عام 2000. وقد حظي ارئيل شارون الذي يواصل وبقوة وجهود مضاعفة مشروع حياته الاساسي وهو بناء اكثر ما يمكن من البيوت للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، بعناق حار من سكرتير عام الأمم المتحدة ومن قادة اوروبا وقادة الانظمة العربية!!
وعلينا الاعتراف اننا لم ننجح في داخل اسرائيل باثارة المعارضة الكافية لذلك المشروع.
للاسف الشديد فان جزءا من الحمائميين يتجاهلون كليا الواقع وينغرون بخطة الانفصال، وجزء آخر لم يستفق بعد من ضربة عام 2000 وهناك عدد من نشطاء السلام يقترحون علينا الخنوع، فقد اقتنعوا انه لا يمكن وقف الاستيطان وان برنامج دولتين للشعبين، اسرائيل بجانب فلسطين، غير ممكن تنفيذه وهو من المستحيلات..!
ونحن أيضًا، الذين واصلنا ونواصل النضال لم ننجح في تحويل موضوع المستوطنات الى الموضوع المركزي في اوساط الجمهور الواسع وفي الكنيست ووسائل الاعلام، وهذه مهمة ضرورية وهامة ممنوع علينا التنازل عنها. يجب ايجاد السبل الاضافية والجديدة لمهاجمة مشروع الاستيطان الحالي.
لقد شهد العام الماضي نضالا عنيدا وغير مسبوق لقرية اسرائيلية كاملة "نيريت" ضد اقامة حي استيطاني جديد في الجانب الآخر من الخط الاخضر، بالقرب من القرى وفي التماس قدمته باسم القرية الى المحكمة العليا استندت فيه كذلك على قرار الحكومة 292 الذي تضمن بند تجميد الاستيطان وفي ردها على الالتماس اعلنت الدولة، "ان هذا قرار غير ساري المفعول" وبعد نقاشات وابحاث مطولة قررت هيئة المحكمة العليا ايضا الامتناع عن مواجهة هذا الموقف وافسحت المجال امام اقامة الحي الاستيطاني.
لقد نشرت في الايام الاخيرة في الصحافة اليومية مقالات عن المس بالبيئة وجودتها، والناجم عن المستوطنات التي لا تقام من خلال الدوس على القانون الدولي والمس الخطير بالفلسطينيين وحسب، انما من خلال هدم وضرب جودة البيئة كذلك، من خلال شق شوارع التفافية واقامة الاسوار والجدران العازلة وتكثيف الابنية. وكل ذلك يهدم البيئة ويشوه المناظر ويهدم الشكل الطبيعي للدولة ويلوث مصادر المياه والزاوية البيئية هي زاوية اضافية لانتقاد المستوطنات وهي قد تنقل الانتقادات الى اوساط اضافية في المجتمع الاسرائيلي.
يجب العودة دائما على تأكيد وتقوية الوعي الجماهيري كي يستوعب ويفهم العلاقة بين الاستثمارات الضخمة في المستوطنات وبين انعدام الميزانيات للقضايا التعليمية والصحية والرفاه وتطوير البنى التحتية. يجب ايجاد السبل لتصعيد النضال الجماهيري غير العنيف، نضال فلسطيني اسرائيلي مشترك في مناطق البناء ويجب قلب موضوع الاستيطان الى مقولتنا المركزية في خطابنا الدائم، وفي كل الاماكن التي نصل اليها خاصة في الهستدروت والكنيست والسلطات المحلية ووسائل الاعلام العربية والعبرية. ويجب ان نخلق شركاء حول معارضة الاستيطان، والقيام بنشاطات مشتركة واسعة مع اوساط اضافية في الجمهور الاسرائيلي. يجب تركيز نشاطاتنا بينها وتركيز النشاطات الدولية ومحاولة تكرار نجاحنا في هذا المجال كنجاحنا في وضع موضوع الجدار على جدول الاعمال الدولي.
ان النضال ضد مشروع الاستيطان مهم وضروري، وفي الظروف القائمة، فإن لقوى السلام في اسرائيل مسؤولية ودور مركزي في هذا المجال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا