الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكولونيالية، بناء الهويات،الشيخ والمريد .

عُقبة فالح طه

2012 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


البنية الكولونيالية، استراتجيات بناء الهويات، نموذج الشيخ والمريد السلطوي.

تعتبر البنية الكولونيالية تركيبة بغيضة باعتبارها تواطؤا مشيناً بين السلطات الاستعمارية وسلطات " الأهالي"، تمت العودة إلى جدولها الذي تقترن فيه "القائدية" بالتقنوقراطية، وكانت التركيبة المولدة تقيم تمفصلا بين البيروقراطية الوطنية المجددة وشبكات السلطة المشخصنة، مع التعلق بالخصوصيات والتجمعات المحلية، وفيما تطور نظام "المراقبة" الجديد، فقد تخلى عن الممارسات الاستعمارية البغيضة وبعض أشكال الابتزاز، وصار هذا التراضي البيروقراطي والثقافي هو الحل الأمثل، لقد جمّد الاستعمار الفرنسي في الجزائر الحراك الاجتماعي حين سد كل إمكانيات الترقي لكل الفئات، وبذلك حال دون ولادة ونمو برجوازية مشابهة لتلك القائمة في المغرب وتونس، أو في مصر، كما كان لهذه المرحلة عاقبة أخرى هي الإفقار المعمم وهي ضآلة البروليتاريا مقارنة مع كتلة العاملين عملا ناقصا أو العاطلين عن العمل، أما العاقبة الثالثة للمرحلة الاستعمارية فهي القوة النسبية للبرجوازية الصغيرة والمتوسطة، من هنا يتضح أن الحركة" القوموية" الجزائرية لم تكن قائمة على هيمنة البرجوازية الحضرية كما في ( تونس، والمغرب)، ولا على نفوذ الطبقة العاملة كما في (الصين وفيتنام) بل على تفوق الفئات البسيطة.
إن سلطة الدولة هي من جهة انعكاس للإرادة الشعبية المعبر عنها بالانتخابات، إلا أنها من جهة ثانية تعبر عن ذاتها من خلال أجهزة الإدارة البيروقراطية التي تمارس عليها ضغوط شتى.
لقد مدد النظام الجزائري العمل بالإرث الذي تركه الاستعمار دفعة واحدة، وقد ظل الجهاز الإداري الفرنسي قائما إذ إنه لم يتم لا تدميره ولا استبداله بل مجرد التمديد له، وإن قانون 31كانون أول/ ديسمبر 1962 قد مدد العمل به جملة وتفصيلا وحتى إشعار آخر بالتشريع الفرنسي ومن الصراعات والتحالفات ما يراه بوكراع في الحالة الجزائرية من أن السمات السوسيولوجية للقيادة الجديدة في الجزائر تقوم على هيمنة العسكر الذين يتقاسمون السلطة مع التكنوقراط، إضافة إلى هيمنة الريف والشرق، إذا فالعسكر يستمدون شرعيتهم من مقاومتهم للاستعمار وهنا يبدو أثر غير مباشر للحقبة الاستعمارية على تركيبة النظام وطبيعة التحالفات التي تلت الحقبة الاستعمارية الفرنسية.
لقد أدى توسع هيمنة المركز في الجزائر على مجمل ميادين النشاطات، غلى تشكيل قطاع دولاني واسع جدا، فلا يفلت من ضبط الدولة المباشر أي مجال ولا أي ميدان نشاط اجتماعي:( ثقافة، إعلام، صحة، رياضة، تعليم، بحث علمي، دين، تجارة، نقل، إلخ)، ذلك أن " رأسمالية الدولة" هي الوجه الأجلى والأبرزلاستراتيجية استملاك الدولة هذه للمجالات الاجتماعية، منذ 1967 تفرض الدولة –الجزائرية- نفسها بوضعها المقاول الأول المالك لوسائل الإنتاج، وبوصفها المرجع الأساسي لتراكم رأس المال لقد كانت الهيمنة الاستعمارية - في مصر- تدعم الدولة وتخلق أدوات جديدة للهيمنة، وتتمم هدم استقلال بنيات التوسط التي كانت موجودة قبلها، غير أن الكفاح ضد الاستعمار أنجب في المدن بالخصوص تنظيمات مدنية وسياسية ليس لها ارتباط قوي بالأسرة والقبيلةومستقلة عن الدولة .

أما فيما يتعلق باستراتجيات بناء الهويات فقد ساهمت سلسلة من العوامل في التفكيك العشوائي للمجتمع الجزائري مثلا عن طريق الاستعمار في المرحلة الأولى من انتصابه، إضافة إلى الإصلاحات المعتمدة لمواجهة الغزو الأوروبي في تونس والمغرب نهاية القرن التاسع عشر، ميزت المغرب المعاصر في المجال السياسي بوجود مراكز سياسية قوية نسبيا، يتمحور حولها حس حاد بالهوية الجماعية،كما أصبح الحقل الديني فضاء لإعادة إنتاج بنية السلطة السياسية والأيديولوجية، فجاءت صيغ الملاءمة بين الدنيوية والإسلام من جهة وبين قيم التقدم الغربي المعاصر والشريعة الإسلامية من جهة أخرى فظهر هناك هوية دينية شرعية تلائم بين انتمائها للرسول وحداثة خاضعة للتقليد والمغرب الأقصى نموذجها المثالي، وإسلام ثوري يحمل في جوهره رسالة إنسانية ممثلة في انظرية العالمية الثالثة ، كما ظهر في الفكر العربي النهضوي الحديث ثلاث اتجاهات لبناء الهوية: اتجاه سلفي يوظف الدين في التعبئة والتجنيد من أجل النهوض، واتجاه قومي يرى في الوحدة العربية هدفا في ذاته والوحدة كوسيلة للتحرر والتقدم واتجاه ليبرالي وطني قطري يربط النهضة والتقدم بالأخذ عن الغرب واقتفاء خطاه في العلم والصناعة والسياسة والثقافة. وتعتبر العلاقة بين المريد والشيخ مثالا يتم من خلاله بناء هوية زبائنية تحدد العلاقة مثل ما تم في سلطة عرفات والهوية الزبائنية تكون طائفية أو قبلية أو إثنية والنموذج العلوي السوري والنموذج الطائفي في العراق بعد صدام حسين، أما فيما يتعلق بنموذج الشيخ والمريد السلطوي في مصر، فبما أن الشيخ كان سيد المريدين، فإنه لم يجرؤ أحد من المريدين على أن يسمو إلى مقامه، وبذلك كان جمال عبدالناصر وحيدا حتى وفاته، ولم يبرز علي صبري والشافعي وجمعة بوصفهم رجالا أقوياء محتملين إلا في حالة "الخلافة"، التي قادوها ضد ذلك المخلص الآخر في وقت مبكر وهو أنور السادات، ففي عهد (الريس) الأول تمسك السادات بوضعية متواضعة وباهتة،وقد فجر نزاع الإرث تنافسا ظل مكبوتا لمدة طويلة، وتذكرنا هذه الظاهرة بتنافس الأخوة، وبضراوة الصراع داخل الزوايا بعد وفاة الشيخ. إن أخطر ما تحمله ثقافة الشيخ والمريد هو " الآبائية" أي " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل دعا نتنياهو إلى إعادة استيطان غزة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. روسيا تكثف الضغط على الجبهات الأوكرانية | #غرفة_الأخبار




.. إيران تهدد.. سنمحو إسرائيل إذا هاجمت أراضينا | #غرفة_الأخبار


.. 200 يوم من الحرب.. حربٌ استغلَّها الاحتلالِ للتصعيدِ بالضفةِ




.. الرئيس أردوغان يشارك في تشييع زعيم طائفة إسماعيل آغا بإسطنبو