الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الازمة في سوريا .. هل تقود المنطقة الى حرب طائفية

يوسف علوان

2013 / 1 / 7
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


يبدو ان قوى الإسلام السياسي، بشكل عام والقوى المتطرفة منها، قد عدت العدة للاستحواذ على الانتفاضات الجماهيرية، التي سادت بلدان المنطقة العربية، وبدأت من تونس الى مصر وليبيا واليمن ومن ثم الوصول الى الانتفاضة التي ما زالت في سوريا، رغم مضي أكثر من 20 شهراً على بدايتها والذي تجاوز عدد ضحاياها الذين يسقطون يومياً وبحسب تصريح مسؤولة كبيرة في الأمم المتحدة بأكثر من 7500 قتيل. وأكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية لين باسكو في كلمة ألقتها أمام مجلس الأمن، ان الأمم المتحدة غير قادرة على "تقديم أرقام محددة" بشأن ضحايا القمع في سوريا. وأضافت: "لا يمكننا إعطاء أرقام محددة، لكن هناك معلومات ذات صدقية تفيد ان الحصيلة باتت تزيد في أكثر الأحيان عن المئة قتيل مدني في اليوم، وبينهم الكثير من النساء والأطفال".
ان هذه الصورة المأساوية التي باتت تطغي على المشهد السوري، التي أسهمت، بها قوى خارجية من دول الجوار العربي والمنطقة، في إطالة المأساة التي ما يزال الشعب السوري يعيشها منذ أكثر من 40 سنة، من تسلط النظام القائم في سوريا، وممارسته القمع بكل أنواعه، ضد تطلعات هذا الشعب التي كانت لأحداث المنطقة التي سميت بـ "الربيع العربي" الدافع لانتفاضته التي بدأها بالتظاهرات السلمية والتي طالب فيها بالإصلاح، لكن الرد العنيف الذي قام به النظام، على هذه التظاهرات أوصل الأمور الى ما تشهده البلاد الآن من دمار وقتل.
إن تحول الثورات التي شهدت ما يسمى بـ”الربيع العربي” إلى أنظمة حكم استبدادية، تلغي الآخر، وتحاربه، وتحرم شعوب تلك البلدان من ممارسة حريتها، واضطهادها باسم الدين والعمل للعودة بهذه البلدان إلى أفكار وقوانين سادت قبل أكثر من ألف عام بحجة، أن شعوب هذه البلدان أغلبها إسلامية، فيجب العودة إلى قوانين تلك الحقبة. كل ذلك يلقي بظلاله على هذه الشعوب التي استبشرت خيراً، من اندلاع الثورات في بلدانها، وكانت تأمل أن تكون هذه الثورات بداية لتنتقل من حالة الفقر والتخلف والجهل إلى عهد جديد، يكون هدفه الأول الإنسان، والحفاظ على كرامته وتحسين ظروف حياته الاقتصادية والصحية والثقافية، وانتشاله من التخلف والعزلة التي كان يعيشها في الفترة السابقة، التي عملت هذه الأنظمة على عزله عن العالم، وما يعيشه هذا العالم من تطور تكنولوجي. وفي بعض البلدان كانت الأنظمة تمنع دخول الانترنت ووسائل الاتصالات الحديثة إلى بلدانها. وقد دفعت هذه الأسباب بالشعوب إلى مقاومة أنظمتها القمعية. واقرب مثال على ذلك الاحداث التي تمر بها مصر، بعد اصدار الرئيس المصري إعلانا دستوريا عزز بموجبه صلاحياته، ووسع من سلطاته، وحصن قراراته في مواجهة القضاء، كما حصن الإعلانات الدستورية السابقة والقوانين والقرارات الصادرة من الرئيس حتى نفاذ الدستور، بجعلها نهائية ونافذة ولا يجوز الطعن عليها. ما أثار سخط وتنديد الكثير من قوى الشعب الأخرى، الذين عادوا للتظاهر بشوارع مصر.
ان القوى الإسلامية المتطرفة، التي تلقى الدعم من دول الخليج، والتي تعادي الديمقراطية والعلمانية تسعى شأنها في ذلك شأن القوى الاسلامية الاخرى، التي وصلت الى سدة الحكم بعد الانتفاضات الشعبية التي شهدتها بلدان المنطقة العربية، الى النظام الديمقراطي كوسيلة للوصول الى السلطة، وبعد ان تمتلك ادوات السلطة، تحاول افراغ هذه التجارب الديمقراطية من محتواها، والغاء الديمقراطية بعد ذلك. وخير مثال على ذلك السودان، بعد استيلاء البشير على السلطة من خلال صناديق الاقتراع، وتحوله الى ديكتاتور مستبد، تسبب بحروب دموية ومن ثم تقسيم البلد. لهذا السبب تلقى القوى المتطرفة في التيار الاسلامي كل الدعم من قبل بعض دول الخليج التي تسعى مع الانظمة الغربية لابعاد القوى العلمانية عن الوصول الى السلطة، فقد اعتبرت دول الخليج وجود التيارات الاسلامية المتطرفة وقاية لها من احتمالات تجربة ديمقراطية تقام في البلدان المجاورة . ان المراقب للمشهد السوري يرى ان القوى المتطرفة التي دخلت على الساحة السورية يجري ادخالها وجلبها ، من دول الجوار السوري في الوقت الراهن لتشكل ثقلا مقابل القوى الوطنية الأخرى، التي اعطت الكثير من الضحايا في انتفاضتها ضد النظام السوري، حتى بات تغيير النظام عملية ممكنة، لتوفر الظروف الموضوعية لهذا التغيير، أن وجود هؤلاء المتطرفين يسهم في إجهاض المشروع الديمقراطي، ويثير صراعاً طائفياً، يستهدف جماعات بشرية بسبب انتمائها المذهبي والديني بغض النظر عن موقف هذه الجماعات من النظام السياسي. والشعب السوري يرفض كل محاولات استغلال الانتفاضة من قبل هؤلاء، ويتمنى على دول الجوار حماية حدودها البرية مع سوريا لوقف تدفق المقاتلين الأجانب غير المرغوب بهم. وبالأخص تركيا التي باتت تلعب دوراً خطيراً في اذكاء نار الفتنة الطائفية وكانت "هيئة التنسيق الوطنية" وهي احدى أهم اقطاب المعارضة السورية قد طالبت الحكومة التركية بوقف السماح لدخول المقاتلين الأجانب لأنهم يحملون ثقافة الكراهية المذهبية والعنف الأعمى ولا يحترمون القانون الدولي الإنساني.
وقد أكد فريق المحققين المستقلين التابع للامم المتحدة الذي يقوده الخبير البرازيلي باولو بينيرو في أحدث تقرير يصدره أنه "فيما تقترب المعارك بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة المناهضة للحكومة من نهاية عامها الثاني، اصبحت طبيعة الصراع طائفية بشكل واضح، وأن الصراع الدائر بات يهدد طوائف بأكملها".

وأوضح التقرير أن "الأقليات الأخرى مثل الأرمن والمسيحيين والدروز والفلسطينيين والأكراد والتركمان أقحموا في النزاع"، وأكد أن الوضع سيء إلى درجة أن "مجموعات بأكملها قد تضطر للهرب من البلاد" مخافة استهدافها.

ان هذا التطور الخطير الذي طرأ على الاحداث السورية سوف يدخل بلدان المنطقة في صراع طائفي لا يعلم احد كم سيستمر من الوقت. خاصة وان هناك بلداناً مهيئة لذلك وأطراف مؤثرة في المنطقة تأججه وتعمل على استمراره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإيطالية تعتدي على متظاهرين مؤيدين لفلسطين


.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب




.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا