الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأرشيف التقليدي :أهميته وتحدياته

جواد التباعي

2013 / 1 / 9
التربية والتعليم والبحث العلمي


تمثل الوثيقة ذاكرة الوطن ، والوطن بدون وثيقة لا تاريخ له.لهذا بادرت الأمم بجمع وحفظ وأرشفة تراثها تراثها الوثائقي منذ القدم. فبدأ التوثيق التقليدي منذ اكتشاف الكتابة في بلاد الرافدين، مرورا بمصر القديمة، والأرشيف اليوناني، والروماني القديم،وتدوين الحديث الشريف،وتاريخ حوادث إنشاء الدول العربية والإسلامية،ودول العالم المختلفة.ولولا الوثيقة لما اطلعنا على تاريخ الأمم المختلفة،ولا حفظنا أحداث التاريخ. كانت إذن للوثيقة قيمة كبرى في حفظ التراث وفهم الماضي لتعزيز الثقة بالمستقبل فان لهذا الإنتاج الإنساني يواجه تحديات عديدة في عالم اليوم. رغم تطور الأرشفة الإلكترونية.
الوثيقة والأرشيف
أ- ماهية الوثيقة :
الوثيقة هي كل ما يعتمد عليه ويرجع إليه لأحكام أمر، وإعطائه صفة التحقق والتأكد منه وهو وديعة فكرية أو تاريخية تساعدنا في البحث العلمي أو تكشف عن جوهر واقع ما أو تصفه ويمكن تحديد عناصر الوثيقة فيما يلي :
1- أن تكون مصدر للمعرفة : أي أن تحتوي على معلومات تمكن المستفيد من الاعتماد عليها في إثبات حصة، أو دفع شبهة، أو رد على رأي أو الحصول على معلومة جديدة في البحث العلمي .
2- أن تمتلك قوة الإثبات
3- أن تكون قابلة للانتفاع:حيث تقدم معلومات للباحث مهما كانت صفته
أهدف الوثيقة: أي السبب الذي أعدت من اجله وهو أمر متغير بطبيعة الحال فقد يكون الهدف تقديم برهان أو شهادة وقد يكون الاحتفاظ بنتائج بحث حول حدث ما أو التمهيد لوثيقة أخرى أو عرض أفكار أو نتائج أو المساعدة في انجاز عمل وقد يكون الهدف هو التعليم والتوضيح والإعلان والتعميم أي نشر المعلومات في شكل مبسط أما أنواع الوثائق من ناحية الشكل فيمكن اختصارها كالتالي :
1- الوثائق المكتوبة : كالمخطوطات والمطبوعات الحجرية...
2- الوثائق المرئية: كالأشرطة ،والأفلام الوثائقية ...
3- الوثيقة المسموعة: كالتسجيلات والمقابلات المسجلة،والبرامج الإذاعية
4- الرسومات والنقوش :سواء كانت على الجدران، أو الأوراق...
5- الخرائط:
6- الوثائق المحوسبة DVD.FLOPPYDISK .CD –HARDDISK.
7- المايكروفورميات (مايكروفيلم/ مايكروفيتش/SLIDE)
وخلاصة القول : فالوثيقة هي كل العناصرالمادية والغير مادية التي يكون لها أهمية تاريخية أو قانونية أو مالية يمكن الرجوع إليها في أي وقت لاستنباط المعلومات التي تفيد المؤرخ أو الباحث
ب -تعريف الأرشيف :
تمثل إذن الوثائق مصدرا مهما من مصادر المعلومات ولابد من التأكيد أولا بأننا لا نعني كلمة الوثائق بمفهومها العام "DOCUMENTS" لأنها تعني وكما هو متعارف عليه أي وعاء،أو مصدر من مصادر المعلومات الورقية وغير الورقية المقروءة او المسموعة والمرئية و الغير مادية. فالكتاب على سبيل المثال وبكل أنواعه وأشكاله هو وثيقة بهذا المعنى وكذلك الصحف والمجلات والدوريات الأخرى وكذا المخطوطات والأفلام والصور ...الخ
ويمكن التمييز بينها وبين الوثائق التاريخية وكذلك الوثائق الرسمية وغير الرسمية الجارية والتي يطلق عليها اسم " ARCHIVES" ويجتهد بعضهم الى تعريبها تحت اسم ( أرشيف) وهنا يستحسن بنا أن نؤكد بأن مثل هذه المصادر الناقلة للمعلومات ( الوثائق التاريخية والوثائق الجارية ) لها أهمية عند الباحثين لأنها تعد في غالبيتها من مصادر المعلومات الأولية التي لها أهميتها خاصة في البحث العلمي والاقتباس والاسناد ، ومن المتفق عليه أن الأرشيف في جوهره هو مجموع تلك الوثائق التي تحفظ بمزية الرجوع إليها عند الحاجة لاستعمالها كحجة وبرهان في الدفاع، واثبات الحقوق،ومادة غنية تعتمد عليها البحوث التاريخية ومصدر هام في الدراسات .والمقصود في استعمال الأرشيف هو استرجاع المعلومات التي تحملها هذه الوثائق لان المحافظة عليها يعني حتما صيانتها وحمايتها مهما اختلف أشكالها
- الوثيقة والتاريخ :
إن العلاقة بين علمي التاريخ والوثائق علاقة عضوية بين المؤرخ وعالم الوثائق برباط الهدف الذي يسعى إليه كل منهما وهو الوصول إلى الحقيقة،لقد أصبح المنهج الوثائقي احد الروافد السياسية في مجرى الحقائق التاريخية فبدون الوثائق وأشكالها المختلفة والمخطوطات،لا يمكن كتابة التاريخ .وأي تاريخ يكتب في غياب الوثائق والمخطوطات تاريخ ينقصه الكثير من الحقائق ذلك أن الوثائق والسياسة ترتبطان بقوة ، فالوثائق هي التي تسجل بها أحداث الدولة وأعمالها الرسمية وغير الرسمية ولا شك أنها اكتسبت قيمتها التاريخية والسياسية لما فيها من حقائق ثابتة ينتفع بها في دعم حق من حقوق مثلا رجوع المغرب إلى الوثائق التاريخية لتأكيد صحرائه.وتعد الوثائق بذلك من المصادر الأصلية والأساسية لدراسة التاريخ والحضارة لكونها مادية،ترد فيها الكثير من المعلومات الأصلية لكل باحث يرغب في الوصول إلى الحقائق العلمية وتضم الوثائق التاريخية نوعين أساسين إذا أخذنا بعين الاعتبار مصدرها :
1- الوثائق الرسمية : وتشتمل على المعاهدات والقوانين والظهائروالمراسيم وغيرها مما يتصل بشؤون الحكم ودوائر القرار .
2- الوثائق الخاصة : وتشتمل على السجلات والعقود والخطابات وغير ذلك مما يتصل بالعلاقات الاجتماعية الخاصة بالمواطنين ولا تقرالوثائق الخاصة في قيمتها وأهميتها عن الوثائق الرسمية إذ تلقي الضوء على أحوال مجتمعها والعلاقة بين إفراده وبينهم وبين السلطات الحاكمة وغير ذلك من الأمور،ويزيد من قيمتها أنها تصل إلينا مكتوبة بخط أفراد من الشعب لقيت الوثائق الرسمية اهتماما كبيرا على الصعيد الدولي فأين يبرز هذا الاهتمام ؟
ـ الاهتمام الدولي بالأرشيف
تطورت في الفترة المعاصرة نظم حفظ وجمع الوثائق فظهر علم الوثائق وهو جانب مهم في علوم المكتبات دعت إليه الرغبة الملحة في الاطلاع على المعرفة التي تحملها الوثائق والمخطوطات وفهم لجوهرها وكشف هدفها الجوهري وتيسير الإفادة من هذه المعلومات الأصلية التي تعد الأصول القانونية التي يجد المؤرخ بين ثنايا سطورها من الحقائق ما يسد النقص ،ويستكمل الحلقات المفقودة في بحوثه ،ولأهمية الوثيقة في المجتمع الدولي.،تم تأسيس المجلس الدولي للوثائق حيث صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1960 وحدد في مدينة روما في ايطاليا ومن أهدافه :
1- عقد مؤتمرات وثائقية بصورة دورية
2- إقامة وتنمية وتعزيز العلاقات بين أمناء الوثائق في كل الأقطار
3- دعم كل الإجراءات للمحافظة على التراث الوثائقي الإنساني
4- تأسيس فروع إقليمية للمجلس الدولي في عدد من المناطق الجغرافية في العالم
وتأسيس فرع إقليمي عربي للمجلس الدولي للوثائق في يوليوز 1972 وأطلق عليه اسما مختصرا عربيكا (ARABICA ) واتخذ مقره الدائم في بغداد ومن مهامه :
1- الحفاظ على التراث العربي المتمثل في الوثائق .
2- خلق وعي وثائقي في الدول العربية
ورغم هذه المجهودات فان الأرشيف كنتاج يواجه مشاكل ترتقي إلى تحديات فما هي ؟
ـ تحديات الأرشيف التقليدي:
عرف التاريخ الإنساني كوارث كبيرة،أدت على فترات إلى دمار أجزاء هامة من التراث الوثائقي العالمي،مثل حريق مكتبة الإسكندرية بمصر القديمة،الذي دمر مخزون التراث الهائل لذلك العصر،كما رمى المغول بالكتب والوثائق التاريخية في عاصمة الإمبراطورية العربية بغداد في النهر، حتى اسودت مياه دجلة لعدة أيام .وإذا كان حفظ الوثائق الرسمية لأجيال القادمة احد الهموم الأساسية لرجال الدولة على مدى العصور،فان العمل الأرشيفي في البلدان الإسلامية يعاني من نظرة دونية .حيث تتعامل معظم المؤسسات الرسمية والخاصة مع الأرشيف على انه عمل ثانوي ،وحيث يعتقد الجمهور غير المتخصص أن عمل الأرشيف يبدأ عندما تنتهي الحاجة إلى الوثائق الرسمية عكس ما نجده في الدول المتقدمة التي تتعامل باحترام كبير معا لعمل الأرشيفي وتعطيه معناه الديناميكي المتكامل .
ولعل أهم التحديات الأساسية التي يواجهها الأرشيف في المغرب في الألفية الثالثة،فهي إثبات موقعه المتميز في الدولة والمجتمع وترسيخ وتطبيق مفهوم الأرشيف المتكامل بمراحله الثلاث ، ثم استيعاب التطورات التكنولوجية الجديدة في العالم،وخاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال،واختيار المناسب من هذه التكنولوجيا لظروف عمل المراكز الأرشيفية لبلدنا .
أما العوامل التي تسهم في العزوف أو الابتعاد عن النشر الورقي التقليدي واللجوء الى تقنية النشر الالكتروني فيمكن تلخيصها كالتالي .
1- مشكلة التكاليف / فقد أصبحت تكاليف إنتاج وصناعة الورق في تزايد مستمر فضلا عن المشاكل صناعة الورق والتي تتمثل في اجتثاث الغابات وتأثيرها على البيئة .
2- المشكلات التخزينية والمكانية للوثائق الورقية ، إن التوسع في اقتناء الوثائق والمصادر الورقية يحتاج إلى مساحات مكانية كبيرة للحفظ والتخزين مما يفرض دوما توسيع البنايات والمخازن.
3- طبيعة الأصول الورقية للتلف والتمزق ، فقد واجهت مراكز الوثائق العديد من المشكلات والمعوقات من جراء تلف وتمزق أو تمزيق المصادر الرقمية كنتيجة لكثرة استخدامها من قبل القراء والباحثين .
4- مشكلات نقل وشحن وإيصال الوثائق الورقية : فقد أصبحت الجهود والتكاليف المتصاعدة المطلوبة في نقل وشحن مصادر المعلومات الورقية والتعامل معها من الأمور التي تقلق مراكز الوثائق والمعلومات في مختلف مناطق العالم .
5- المشكلات التوثيقية وإجراءاتها : ان جهود كبيرة تبذل في تنظيم وتصنيف وفهرسة الوثائق الورقية وعمل الكشافات والمستخلصات الأزمة لها ثم تناشرها في أقسام كبيرة
6- طبيعة المستفيد المعاصر سواء كان باحثا أو مخططا أو صانع قرار وحاجته إلى المعلومات السريعة والوافية والدقيقة والتي أصبحت الطرق التقليدية باللجوء إلى الوثائق والمصادر الورقية عن تلبيتها وتأمينها
7- الفرص التي تتيحها الحواسب التكنولوجيا المصاحبة لها في إيصال كل أنواع المعلومات السريعة والوافية والدقيقة إلى الباحثين والمستفيدين الآخرين في أماكن عملهم وبثها أو نشرها لهم الكترونيا موفرة لهم بذلك الوقت والجهد ومؤمنة لهم الشمولية والدقة فيما يحتاجون إليه من معلومات .
تنقسم الوثيقة حسب عمرها إلى ثلاث مراحل وهي :
1- المرحلة الأولى : وتنطبق على الوثائق الجارية أي المستخدمة بتواتر كبير ويسمى الأرشيف الجاري .
2- المرحلة الثانية : وتبدأ عندما تنتهي فترة الحفظ الوسيط وعندما تزول كل حقوق المؤسسة المعنية بالتصرف بوثائقها .
3 ـ المرحلة الثالثة :تؤول هذه الوثائق إلى مراكز الأرشيف ويتقرر حفظها بصورة دائمة أو إتلافها بعد انتهاء حاجة الإدارة إليها ويسمى الأرشيف النهائي .
فكيف تعامل بها في كل مرحلة ؟
• تلتزم مراكز الأرشيف في البلدان المتقدمة بالإشراف على الوثائق في مراحلها الثلاث النشيطة،والوسطية ،والأرشيفية النهائية،في حين أن الواقع عمل مراكز الأرشيف بالمغرب ينحصر فعليا بالمرحلة الثالثة فقط ،وهي في بعض الأحيان لا تملك السيطرة الفعلية على هذه المرحلة إذ أن بعض المؤسسات لا تلتزم بتسليم وثائقها المنتهية إلى مراكز الأرشيف مما يعرضه للضياع. ويتوجب عليها تطبيق مفهوم الأرشيف المتكامل بمراحله الثلاثة وبذلك يمكن ان يرتبط عمل الأرشيف بشكل ديناميكي بالعمل اليومي للإدارة الحكومية،ثم تغيير النظرة السلبية للأرشيف،للحفاظ على تراثنا وتكريس مفهوم دولة المؤسسات والى إعادة هيبة الدولة والى شد الجيل الجديد إلى المثل الوطنية وتعزيز انتمائه الوطني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر