الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايام زمان

هادي عباس حسين

2013 / 1 / 11
الادب والفن



عرفته بعدما خطى في سنوات عمره الخمسين ,كان أكثر وضوحا في شكله ا تكابدن عليه وعلى قلبه المرهف نزوات حب لم يكن مرورها سريعا بل تأخرت عليه وعذبت إحساسه ومشاعره التي مر عليها شتاءان واصياف معددة ,لم يكن مثلي موظفا مدنيا بل كانت تحكمه قوانين صارمة كانت مسيطرة عليها آنذاك في سلك الشرطة ,كان منتسبا إلى الشرطة القضائية ومنسب العمل في نفس الدائرة التي كنت احد منتسبيها ,لم أرى شعر رأسه الأبيض بل كان مستعجلا بطلائه بالصبغ الأسود ,حتى شاربيه لم تتخلص من صبغها باللون الأسود الداكن ,لم أكن اعتني به بل كان يسارع في الاهتمام بي وتقديم لي أشهى المأكولات من صحون القص والدجاج ,وكنت أعاتبه لو جلب اليه والى عاشقته صحون القص والصمون الحار ولم تكن وجبة واحدة بل تتعدد إلى وجبتين أو أكثر ,كان همه ان يرضيها بأي ثمن ,وأنا كنت الشاهد على كل تحركاته لو عرف بها احد لاحتسبها من الإعمال الصبيانية والمحسوبة على المراهقين الصغار ,الذي يعشقها كانت الأجمل من النساء الموجودة داخل الدائرة فقد لاح وجهها الطفولي وإحساسها المرهف وتلك الدمعة المنتظرة عند مقلتيها إذ عندما تتضجر من أي شيء ترى الدموع جارية على خدودها المتوردتين ,عينان واسعتان وقلب طيب وحنون إلى ابعد الحدود ,ولها أنفاس ومستعدة ان تتحمل الكلمات من جراء جمالها الأخاذ والذي يتلقى من الآخرين بنظرات الإعجاب وكل على طريقته الخاصة ,كان ذلك يوم كنا في الزمن الذي مضى أما اليوم فقد جمعتني الصدفة به بعد ان غاب عني كل هذ-ه السنوات والتي اعتبرها من بداية التغيير ,تصورت انه ترك السلك كما فعل الكثير من اقرأنه ألا ان الحاجة جعلته ان يبقى ليكافح لأجل سد رمق العيش ومتطلبات عائلته التي كبرت كما كبرت حجم مسؤوليته ,ابتسمت في وجهه قائلا
_تريد ان تزوج أولادك ..
تحرك بعبثية وتابع قولي
_نعم وبيتي صغير ولم يعد يكفينا وأنني أفتش عن بيت اكبر وأحسن وان اقترب نحو بغداد...
كان من سكنة الحسينية التي تقع بأطراف بغداد ,وبانت عليه ملامح التعب من جراء المسافة التي يقطعها يوميا حتى الوصول إلى مقر عمله عند جسر باب المعظم ,شعرت بمعاناته فاستدركت حالته بالقصة التي اسمعني إياها لاحد معارفي القدماء عندما بادرني بالقول
_ساجد له بيت من بيوت الدولة ....
الفرحة غمرتني وشعرت بالسعادة كالسعادة التي كنت اشعر بها أيام زمان وأفضال هذا الرجل علي فقد أطعمني كثيرا وعلى ان أرد له الفضل ,وكانت الساعة السوداء يوم تعارفي على ان يقدم له صديقي ابوصلاح بيتا كبيرا لقاء مبلغ من المال حتى يرتاح من عناء المسافة التي يقطعها يوميا وان تنتهي مشكلة تزويج أولاده ,بالفعل كانت معرفة خير كما كنت أريد وأتمنى بل تحولت إلى نقمة فقد تم تسليمه مبلغ المال وقدره خمسة ملايين في تلك الساعة النحس والشقاء فقد تبين ان الرجل تغيرت أخلاقه التي عهدا لي أيام زمان بل تحول إلى رجل نصاب ودجال,ولكني لن بل اثنانا لن نتمكن كشفه رغم بأننا نملك البديهية والحاسة السادسة ,الحزن يملؤني والألم يعتصرني وأنا أقف أمام قاضي التحقيق لتدوين شهادتي بعد إقامة الدعوى عليه لكنه فر من بيته تاركا لهم ولنا عنوانا مجهولا لا احد يوصلنا اليه ,مددت يدي المرتجفة وبصمت فوق الورقة البيضاء وفي نفسي صرخات أريد ان أطلقها لكني شعرت بالخوف ممن حولي ومن المكان الذي تواجدت فيه انه مركز شرطة باب المعظم,سحبتنا خطواتنا لنكون في ساحة الميدان مرورا بسوق الهرج وأنا أتمعن في رأس صاحبي الذي لم أرى فيه شعرة بيضاء ,قهقهت مع نفسي بصمت ورددت قولي رافعا راسي إلى السماء
_ يا ربي يا الله فرج عنا همومنا ..
كانت السماء قد نزلت منها قطرات المطر وفي أعماقي السؤال نفسه
_ متى تعود تلك الأيام ...أيام زمان..لقد فقد بعضنا كل خصلاته الحميدة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما