الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا متخبي احفير وطلاع

وليم نصار
مؤلف موسيقي ومغني سياسي

(William Nassar)

2013 / 1 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


كيفك وليم، افتح تلفونك إزا بتريد ... بدي احكي معك ضروري.. رسالة وردتني في البريد الالكتروني...

- ألو إي زينة خير شو في؟
- زينة: "اسمعني للأخير وما تحكي ولا كلمة"..

- أوكي إحكي ..

أريدك أن تستمع إلى قصة حقيقية عن طفلة من سورية ... سورية التي تحبها ... أكتب عن الفتاة إن استطعت ... إسمها علياء..

ذهبت إلى المقبرة لزيارة ابن عمي الشهيد.. رأيت طفلة لم تكمل سنواتها الخمس بعد ... مرمية باكية على الأرض وتحفر بكلتا يديها وهي تقول: "خلص طلاع ما عاد بدي إلعب طميمة .. أمانة اطلاع .. مو إنت ما بتحبني إبكي ... أمانة اطلاع "..

أحزنني المشهد كثيراً ..

اقتربت منها فإذا بوالدها يجلس على حافة قبرٍ آخر و الدمع ينهمر بصمت من عينيه، ينظر إليها دون أن يمنعها.

حاولت حمل الطفلة و إبعادها لكنها استنجدت بوالدها باكية بهستيرية قائلة له: بابا قلا ترووووووح" ...

اقتربت من والدها وسألته "ما الذي يحدث"؟ أجابني:

قبل عدة أيام أراد ابني علي أن يخرج من البيت لكن أخته هذه منعته من ذلك، و هي متعلقة به كثيراً، و كلما هم بالخروج بكت بشدة لتمنعه، فلجأ إلى الخديعة معها.

قال لها أخوها علي: "يلا ما عاد بدي روح خلينا نلعب طميمة"..

لعبا سويةً حوالي النص ساعة ... هي تغمض و هو يختبئ ... بعدها أغمضت عينيها فاستغل الفرصة وخرج من المنزل ...
فتحت عينيها و بدأت بالبحث عن "علي" دون جدوى.. أتت إلي وقالت لي: " ما عاد بدي إلعب طميمة مع أخي علي".

بعد حوالي الأربع ساعات استلمت اتصال من هاتف إبني، فتحت الخط فإذا بي أسمع أصوات ضجيج و صوت رجل غريب أخبرني بأن ابني مخطوف لديهم ويريدون فدية 25 مليون ليرة سورية خلال 24 ساعة وإلا سيقتل..
لم أستطع تدبر الأمر .. عرضت بيتي ومحلي الصغير وقطعة أرض صغيرة أملكها في القرية للبيع ... لكن لا أحد يشتري في مثل هذه الظروف... ولا أحد يستطيع تدبر الأمر في مثل هذا الوقت القصير...

قتلوا ابني ورموه عند مدخل الحارة ... شيعناه .. وشاهدته ابنتي محمولا على الأكتاف ...

نادته: علي... لم يستجب ..

قالت لي : بابا ليه علي نايم؟ لوين أخدينو لأخي؟
أجبتها : رح ياخدوه حتى يتخبى مشان تكملو لعبة الطميمة.
قالت : بس أنا ما عاد بدي إلعب.
أجبتها : بس هالمرة يا عمري... و أثناء دفنه أغمضت ابنتي عينيها في حجري وقالت لي هامسة : "كيف بدو يتخبي بالأرض؟

لم أجد جوابا ... و عدنا إلى البيت و من يومها تطلب منا كل يوم أن نأتي إلى المقبرة لأنها تعرف أن أخيها قد اختبأ هنا. تجلس عند القبر وتحفر الأرض بيديها وتقول : يا متخبي احفير و طلاع.

شهق شهقة كسرت قلبي وقال: و الله ما عاد يطلع ....

تركتهما وخرجت من المقبرة وأنا أبكي وأردد: يا متخبي احفير واطلاع... يا متخبي احفير واطلاع... يا متخبي احفير واطلاع...

أغلقت زينة الهاتف وهي تبكي بحرقة...
_______________________________
** وليم نصار مؤلف موسيقي ومغني سياسي شيوعي **









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال