الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة رزايا

طالب عمران المعموري

2013 / 1 / 16
الادب والفن


أنّا لنا نسيان تلك الكوابيس التي تعشعش في الذاكرة .. الذاكرة التي لا تقبل المحو و(الفورمات) ، حينها لم أتعافى بعد من حالة الحمى والإسهال الدموي ، لما تم نقلنا في باص مكتوفي الأيدي ، معصوبي الأعين إلى مكان مجهول ، ربما لا رجعه .. ولأكثر من ساعة ، توقف الباص ، اقتادونا إلى مكان ، أمرونا بالجلوس،رفعوا العصابة عن أعيننا ، تطلعنا من حولنا ، لا شيء سوى فصيل من العسكر بلباس خاص ذي اللون الزيتوني والأحذية الحمراء وبنادق قصيرة، مكان شبه صحراوي ليس فيه بناء سوى قاعات بعيدة على مد البصر ،بدأنا نتمتم بالشهادة ظننا انه آخر يوم في حياتنا ، طلب احدهم أن يجلب لنا الماء ويفتحوا وثاقنا ، ازددنا خوفا وهلعا ، ربما آخر كأس ماء قبل إن يعدمونا ، لكن سرعان ما تم تسليمنا بيد شخص واحد ،لا يحمل سلاحا بل بيده عصى يقودنا وكأنه قطيع أغنام ، يبدو من مظهره ولهجته الهمجية لا يصلح إلا أن يكون راعيا عند احد أمرائه، توجهنا صوب البنايات البعيدة أمامها ساحات كبيرة ، كأنها وحدة عسكرية ، تلك البنايات القذرة التي تغص بآلاف من الشباب تم توزيعنا على القاعات الكبيرة ،النزلاء في حال مزري، عليهم أثار التعذيب ، إصابات وكسور ، ومعظمهم نجوا من المقابر الجماعية ، عرفت من خلال كلامهم، المكان هو احد معسكرات الرضوانية ، كل يتحدث بطرق التعذيب الذي قاسوه حتى وصولهم إلى هذا المكان ، شرع النزلاء يتحدثون.
- من نجا من تلك المحنة ربما لا ينجو في هذا المعسكر الظالم ، الذي بإمرته برتبة نقيب ومرؤوسيه من عقيد فما دون .
- التمايز لم يكن على أساس الرتبة بل على القربة من العائلة الحاكمة ، هكذا يريد الطغاة.
- كنت اعرفه جيدا ، كان أبو احمد رجلا بسيطا يعمل فراشا في مدرسة، معيلا لخمسة أطفال بالرغم من مرضه بداء الصرع لكنه يحب العمل، متعففا لا يحب أن يتصدق عليه احد ، لم ينفك عن نصحه ، كثيرا ما كان يفتقر لشروط الناصح والمنصوح ،المسلم اخو المسلم طالما يردد هذه الكلمات، كان يقول (هذا طبعي ) حتى لو كلفني حياتي. لم يحتمل رؤية العسكر وهم يضربون الشباب ، تقدم لنصحهم ، وسط سخرية الجنود ، أمر احد الضباط بوضع إطار السيارة في عنقه، دلقوا عليه البنزين من رأسه حتى أخمص قدميه، أوقدوا النار، راح يبحث في الأرض كأنه طيرا مذبوح.

طالب عمران المعموري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع