الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شمس إلياس خوري

على شكشك

2013 / 1 / 16
الادب والفن



لم يضق الكون ورغم ذلك فقد ذهبنا إلى باب الشمس، تعمشقنا بخيوطها وتوسلنا نارها وأخصبنا رحمها .... فقد كان
المستوطنون القدماء والمحدثون يغلقون المنافذ ويمنعون التجول ويوصدون الأبواب ويبنون الجدران ويحظرون الحب والعشق والتواصل ويتعالون في البنيان،
يسرقون الماء والهواء والبيوت والحجارة والوثائق ويخفون ما يخفون ويمتهنون مغارات قمران ويعيدون صناعة الحفريات والمدن والتاريخ ويستخلقون تاريخا بأثر رجعي لمخلفات الكراهية، يهربون من النور والدفء والصدق والضمير
وينثرون الرماد على بصيرة القدس ويعبدون أصناما كذبة،
الأرض هنا لا تغادر إحداثياتها وأشعتها تلفح أديم قاطنيها وتشتاقهم،
لم تضق الأرض بهم ولكنهم يعلنون انتماءهم للفضاء الكامل الواثق من انتماء الشعاع لإحداثياته ولدفء التواصل في مهب النور يلجون التاريخ الذي يدور مذ دارت الأرض دورتها الأولى على شمسها، يلجون بابها ليدوروا مرة أولى،
يُلغون الجمل الاعتراضية للمارين في جحور التاريخ والمتلصصين على الأشعة فوق البنفسجية والذين يستعينون بالأشعة تحت الحمراء ليسترقوا الروية ليلاً عندما تذهب الشمس تطمئن على الجانب الآخر من منتصف الليل، كأن الأشعة البيضاء تحرق وثائقهم وتعري أصولهم وتفضح االمسكوت عنه في الكتب المقدسة،
الوعد لنا
والبشارة نحن
والموعود ابن الإنسان جاء
ليرث الأرض الممتدة من نهر النيل العظيم إلى الفرات
أشعة الشمس تحرق الحبر الزائف في دواتهم
وأبناء الإنسان والمكان يلجون بيوتهم من بابهم
يستولدون بها نضارة عناصر المسألة
يستعيدون من باب الشمس الأكبر وثائقهم الأولى
ولونهم
وانتماء الأرض والشمس لإحداثياتهم
يُنضجون على نارها حقيقة عراء الخلق الأول

عندما يضيق باب الأرض نفتح باب الشمس، وعندما لاتتسع لنا شرعة عالم الظلم والشر والفساد واللصوص والغزاة فلنفتح باب الشعر وباب الرواية فهما الرحم الحاضن للأمل وإنضاج المقال واستيلاد جينات الحق والحقيقة،
قرية باب الشمس قفزٌ على كل قدرات البشر والقوى المتحكمة في الكرة الأرضية واستعلاءٌ على كل منطق لصوص الجغرافيا والتاريخ واستخفاف بكل محاولاتهم طمسَ النور، وهي فضحٌ لظلامية حضارة المستعبرين،
ذلك أننا ننتمي للمجرة كلها وللنور من بابه الأول، نضع عيوننا في بؤرة الكون وننشر وثائقنا وخيامنا في النور ونتحدى السائد والقوى العظمى، بأجسادنا المجردة وبيوت من قماش وفي العراء الكامل وفي عز النور فمن أراد أن تثكله الحقيقة فليقابلني عند باب الشمس،

باب الشمس لإلياس خوري لم تكن مجرد حكاية، ولهذا حرص الضمير الفلسطيني على استيلادها فيلماً سينمائياً من جزئين، فقد جلّت العنصر الثابت الدائم المتماهي مع معنى حكاية الفلسطيني العربي، ذلك المعنى الذي لا يزول إلا بزوال العربي الفلسطيني، إبداعٌ في نهج استمرار الحياة مقاومةً وتواصلاً وعشقاً وإنجاباً وزغاريد تبارك النهج وتسخر من مقولات الطغاة وتدحض الرواية الصهيونية في شرعية النسب، وتبارك اشتهاء البطل لكل اشتهاءات الحياة في وطن السياق، نساء يرسمن كيمياء الحياة، والمسكوت عنه في الرواية سياسي وجنسي ووجداني وعاطفي يتفاعل ليعلن مقولة الوطن بمعانيه الكاملة،
رواية لا تتعسف ذاتها، رواية موقنة بمسارها وتنساب في مجراها بسلاسة الحقيقة وتلقائية السرد وتتعامل مع الوقائع ببداهة الشمس ووضوح النور، وتستسلم لنزقها بوداعة الواثق، هي فترة ويمضي العابرون، وتستكمل دورتها الشمس التي نفتح بابها ليرى الكون معانينا على مصاريعها دونما تزوير أو تلفيق أو افتعالٍ وبدون أي جدرانٍ تحجب الدفء والحق والحقيقة،
وقرية باب الشمس هي أيضاً كتابةٌ جديدة بحروفٍ من بشرٍ وخيامٍ وأشواق، هي كتابةٌ بلغةٍ جديدة، وهي الأصل الذي يعيد رواية إلياس خوري إلى وثائقها اللاحقة تماماً كما كانت الرواية تستند على وثائقها السابقة، وهي إعلانٌ عام بأن الوثيقة ثابتة،
باب الشمس أبجدية كل المراحل وأصل النص وجوهر الرؤية ونورٌ ينثّر على بصائر العالم في وضح الإعلام ورابعة استدارة الشمس وهي عودة وتذكيرٌ لمن يهمه الأمر أن الرواية الأولى مازالت كاملة وباتعة ويانعة، وأن كل الزمان الذي انقضي وسينقضي لن يغطى الشمس بالغربال، هي تذكرة، وأن القضية واضحة وإن طال الطريق، فليقصفوا الشمسَ إن استطاعوا بمقاليعهم الواهية ولينثروا مقولانهم الباهتة وليفعلوا ما شاؤوا في ظلام البرهة الراهنة، فنحن واقفون بباب الشمس ونسخر من كلِّ رهاناتكم، ليس رهاناتكم أنتم وحدكم ولكن رهانات من يَهِنُ أمام رهاناتكم الخاسرة.
باب الشمس ديمومة خريطة طريق الرحلة الواثقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في