الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يعود الأمس ؟ عادل علي عبيد

عادل علي عبيد

2013 / 1 / 19
الادب والفن


هل يعود الأمس ؟ عادل علي عبيد
إلى / عبد الأمير حسين

أبا علياء ..
تلك السنين التي تعيد دورتها
لا تعترف بالأماني
ولا تعبأ بأحلام الفقراء
حقا إنها خؤون .. لا يهمها إلا خيول الأمس
وذلك الصهيل الذي استفاق ، وهو يسبق المسافات
وغضبة الغبار التي خلفها جنون الجماح

أتذكر .. أتذكر يا عبد الأمير ..
أحلام ما قبل السبعينيات الندية التي انفرطت من بين أصابعنا
كم هي جميلة انك تقف قبالة سينما الحمراء
تنظر وجه (تراس بولبا ) وهو يحدق بنا في زوايا أربع
وتسأل عن فلم (Z) .. (كاري كوبر).. (تايرن باور)
تجول بين زحام العربات التي تحمل الكتب
المكتبات التي تغفو على الشوارع
وتغفو اعينها خلف صبوات القراء
(فرجو) ، ( المثنى) ، (فيصل حمود) ، (قدوري)
الشوارع التي تغفو قبلنا
وهي تضج بأخبار (تومان) و(علي التورنجي) و(فايز مشاري)
سوق الهنود الذي يغص بكرنفال القبعات المختلفة
تلك التي تزاحم الفضاء الممتد بالخضرة
و تتمايل على موسيقى مراكب شط العرب
تقليعاتها الذي شكلت لوحة من قوس قزح
الجموع التي استقلت ذلك الزورق الحالم ..
وهو يبعثر تسريحة الموج المتهادية على الزرقة المرتعشة
تلك اللوحة الصاخبة محفورة في ذاكرة الأمس
الهنود الذين تنبعث رائحة البهارات من أجسامهم
سواد رؤوسهم الملتمع جدا وهو يتحدى خيوط الشمس
الروس والصينيون والأرمن ...
المسيحيون الذين عادوا بعد عصر القداس
عجائزهم ذوات العصابات الزرق والحمر
.. مشيتهن المترنحة البطيئة وهن يتأبطن بعضهن
السيارات التي تجهل أبجدية الزعيق والغبار
الناس الذين يوغلون بالابتسامة
وهي تفوق حمرة ما بعد الصباح
موسيقى الجيش المسالم التي تنبعث من معسكر محمد القاسم

أتذكريا عبد الأمير ..
تلك العملة التي تراقصت مرتعشة وهي تهبط قاع نهر العشار
اختلفنا أنها (طرة) أم (كتبة) ..
اتفقنا بعد أن ضحك علينا صفاء النهر أنها (كتبة)
سمبوسة ابي عباس والشطة المعجونة بلوعة الهنود
فكل مطاعم الكون لا أعادلها بلعطة من قيمر (حريشة أم الصمون)
(الطرنبة) الباردة التي تطفئ حرارة قيظنا المؤدب
الطيور التي تعشعش حول قباب الأمير
والتي لا تفزعها دقات ساعة سورين
السنونو الخطاف المراوغ السريع الذي يداعب الوجوه المبتسمة
الخضرة المجنونة التي تخفي وجه كرينلاند والداكير
أي عذل للسنين التي لا تلتفت إلينا .. لا تعبأ بنا
كان الزمن وديعا كالحمل
لم نكن نعرف مفاجآت السرف .. ولم نسمع غضبة المجنزرات
ولا اصداء ما بعد القصف المدفعي
كنا نطرق كل الأبواب بلا تردد او خوف
كانت شوارع الجمهورية التي تؤدي إلى ملعب الإدارة المحلية ترمي إلينا بقايا الحب
والأمهات اللواتي يهدين إلينا الخبز الحار
معجونا بالآس والحناء وماء الورد

(أموري) هل تعبت من عدّ خصال الأمس
كانت سويلفاتنا شاهدة ماثلة في مقهى (منكاش )
كانت مدرجات الملعب تسمعنا همسنا
همسنا البريء قبل أن تتصاعد لفحاته لتلهب زرقة شفاهنا
وقبل أن نتأرجح بين البراءة والإثم
قبل مجيء زمن الجلادين
أي عجب ذلك الذي تغيرت فيه سحناتنا
وهي تتغضن .. تمتزج بين السمرة والزرقة
هل رفعت قبعتك ملوحا بالوداع
لا عجب سيدي فما بقي بعد مرور الخمسين سوى بعض أنين
أيامنا الباقيات وهي تنحسر بين أطلال الذكرى
سيدي .. يا لشهقة الذكرى
يا لغصتنا الجميلة التي نلوك بقايا طعمها
لا تعجب سيدي فلطالما رحت أنسى بعض تلك الذكريات
وهي عزاء روحي .. خميرته التي أعيد بها سالف أيامي
روحي التي تصعد إلى الماضي الجميل
روحي التي تخشى الغد المحمل بالــ ....










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا