الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جورج اورويل ..والانتفاضة المصرية

محمد نبيل صابر

2013 / 1 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


وجورج اورويل لمن لا يعرفه هو الاسم الادبى لواحد من اهم كتاب الادب الانجليزى فى القرن العشرين "اريك ارثر بلير" (25 يونيو 1903 - 21 يناير 1950)هو صحافي وروائي بريطاني. عمله كان يشتهر بالوضوح و الذكاء وخفة الدم و التحذير من غياب العدالة الاجتماعية و معارضة الحكم الشمولي و وأيمانه في الاشتراكية الديمقراطية.-نقلا عن ويكبيديا- أكثر شيء عرف به هو عمله المأساوي و روايته الف وتسعمائة واربعة وثمانون عام (1949) وروايته المجازية مزرعة الحيوان عام (1945) والتين تم بيع نسخهم معا أكثر من اي كتاب آخر لأي من كتاب القرن الواحد والعشرون. كتابه تحية لكتالونيا في عام (1938) كان ضمن رصيد خبارته في الحرب الأهلية الأسبانية، والمشهود به على نطاق واسع على أنه مقاله الضخم في السياسية و الادب و اللغة والثقافة. في عام 2008, صحيفة التايمز وضعته في المرتبة الثانية في قائمة "أعظم 50 كاتب بريطاني منذ عام 1945"
والحقيقة ان اتجاهه اليسارى وايمانه بالاشتراكية لم يمنعه من النقد القوى والقاسى للاتحاد السوفيتى فى رواية مزرعة الحيوان بالذات ..
ولكن ما علاقة هذا الكاتب الفذ بالانتفاضة المصرية التى تحل ذكراها الثانية فى تلك الايام؟..
الحقيقة انه لفت انتباهى اعجاب كاتب سيناريو تلك الانتفاضة بجورج اورويل واعماله حتى انه يقتفى اثره فى مجريات الاحداث ..فالانتفاضة بعد نجاحها فى الاطاحة بنظام مبارك انتقلت تدريجيا الى تطبيق عملى لرواية مزرعة الحيوان -الرواية الشهيرة وباختصار شديد تتحدث عن ان الحيوانات قررت ان تتحد وتطرد صاحب المزرعة السكير وجاءت تلك الثورة فجائية كانفجارة للغضب ووضعت قوانين تمجد الحيوانات وانتقل حكم المزرعة الى الخنازير بقيادة نابليون وتدريجيا تحول نابليون والخنازير الى ديكتاتورين جدد وانتهت الرواية بتناول نابليون العشاء مع انسان جديد للتفاوض لحوم من المزرعة -
وهاهى القصة تكاد تتكرر بحذافيرها ..فالخنازير لم تشارك فى الانتفاضة ..ولكن الانتفاضة التى بدأت بطلب مجموعة من الشباب السيس القابع على اجهزة الكمبيوتر والانترنت والتى تطورت من انفجارة غضب الى انتفاضة اصدر الاخوان قبلها بيوم بيانا رسميا يدعو الرئيس مبارك باعتبار حكومته هى الوحيدة القادرة على الاصلاح الى اتخاذ اجراءات معيينة لامتصاص غضب الشباب وفقط ...ثم تحول الحكم الى المجلس العسكرى الذى اكد على دعمه للثورة وللثوار ولكن انتقل الفعل من التحية العسكرية للشهداء الى اصبع تهديد الفنجرى ضد من يطالب بالثورة ..ومن استفتاء مارس المعيب الى الاتفاق الخفى مع التيار الدينى لتسليمه البلاد تسليم اهالى ..دون التفكير فى ثورة او مطالب ثوار او حقوق شهداء ..
واعتقد ان الجميع يتذكر كيف تم تداول تشبيه حال البلاد بحال المزرعة وربطها بالقصة واعتقدنا جميعا ان القصة ستنتهى بعد تناول نابليون العشاء ..أقصد بعد تسليم السلطة للاخوان ..الا ان سيناريو الانتفاضة لا يزال يتحفنا بحالة من الادمان لروايات جورج اورويل وننتقل تدريجيا الى رواية 1984
وهى الرواية التى فطرت قلبى حقا عند قراءتها وهى تدور حول عالم خيالى ينقسم فيه العالم الى ثلاث دول كبرى اوقيانيا وايستاسيا واوراسيا وتدور الاحداث داخل اوقيانيا (العاصمة لندن) حيث يحكم حزب واحد يقوده شخص يدعى الاخ الكبير وينتمى له ايدلوجيا كافة الافراد وسياسة الحزب تنقسم الى ثلاث جمل اساسية " الحرب هى السلام ....الحرية هى العبودية.....الجهل هو القوة "..ويتم خداع بطل القصة بقسوة من جانب شخص يدعى اوبراين ينتمى الى الحلقة الضيقة فى قيادة الحزب ليتم تسليمه الى شرطة الفكر الرهيبة لينتهى بتدميره معنويا وجسديا ونفسيا وفكريا حتى تنتهى القصة باستسلام البطل لاسطورة الاخ الكبير وطلبه ان يتم اطلاق الرصاص عليه عقابا على خيانته "الفكرية" للحزب والاخ الكبير
وشاهدوا تلك القصة على مايحدث وما يتم تخطيطه ان يحدث لنا فمثلا فى القصة يتم نسبة كل شئ واى شئ الى الحزب والاخ الكبير من اختراع الطائرة والعجلة وحتى الخطط الحربية المعقدة..قارنوا هذا بكلمة "اقود العمليات الحربية بنفسى "..وانتهاءا بوزير التموين التكنوقراط المتخصص فى الهندسة الطبية ..حدثونى ان يوجد فى مصر اخ كبير يحكم حزب ايدلوجى وحيد يتكون من طبقات يمكن تقسيمها الى طبقة الحكم والحلقة الضيقة ثم بقية الاعضاء فى الحلقة الواسعة وهم ينظرون الى عامة الشعب نظرة احتقار وتعالى
قارنوا الشعارات المضطربة لدولة اوقيانيا ثم حدثونى فى مصر عن زواج القاصرات تحت اسم حقوق المرأة والجهل المستشرى حتى نظل نتحكم من منابر المساجد وبالسكر والزيت فى عقول الفقراء ..قارنوا كيف ان الحريات فى دستورنا وكما تقول دعاية الحزن الحاكم فى بلادنا قبل استفتاء الدستور المشوه سيحكمها القانون
حتى ان السجائر والقهوة والخمور تحمل اسم "النصر فى الرواية...اصبحت تحمل اسم النهضة او من اجل مصر فى بلد الاخوان
قارنوا بين فرحة الجماهير وحشدهم من اجل مشاهدة عمليات الاعدام للمعارضين الخونة واسرى الحروب وماحدث عند الاتحادية وما تفعله مليشياتهم الالكترونية وقنواتهم ..قارنوا ما ترويه الرواية عن "اسبوع الكراهية"..وما يفعله اى فرد عادى منهم من اشاعة اتهامات رخيصة فى حق المعارضين وتهم التكفير والتخوين
واليكم بعض من الجمل التى تبدو كانها تحكى عن واقعنا او تقترب منه
"وهكذا فأن الخطر الحقيقى من وجهة نظر حكامنا الحاليين يكمن فى انشطار فئة جديدة من اناس لديهم الكفاءة اللازمة وطاقة فائضة ومتعطشين الى السلطة وانتشار روح ليبرالية تحررية ونمو نوازع شكوكية بين صفوفهم ومن هنا يتبين ان الاشكالية هى اشكالية تثقفية "
"ان المجتمع فى اوقيانيا يتشكل بشكل هرمى يأتى على قمة الهرم الاخ الكبير وهو معصوم من الخطأويتمتع بقدرة مطلقة وكل نجاح وكل انجاز وكل انتصار وكل اكتشاف علمى ينسب اليه كما ان كل حكمة وكل معرفة وكل سعادة انما يعزى الفضل فيها الى قيادته الرشيده الملهمة.......ويأتى بعده الحزب الداخلى ويمثل 2% من سكان اوقيانيا ثم الحزب الخارجى وهم بقية اعضاء الحزب ..واذا جاز لنا وصف الحزب الداخلى بأنه العقل المفكر للدولة فأن الحزب الخارجى يكون بمثابة الايدى العاملة "
"يوجد قدر معين من تبادل المقاعد بين جناحى الحزب بما يضمن استبعاد الاعضاء الضعيفين من الحزب الداخلى وافساح المجال للاعضاء الطموحين من الحزب الخارجى"
"ان جوهر حكم القلة ليس وراثة الابن لابيه وانما هو استمرارية رؤية للعالم واسلوب حياة يفرضهما الموتى على الاحياء وتظل الفئة الحاكمة حاكمة مادامت قادرة على تعيين خلفائها ولا يهتم الحزب بابقاء سلالة بعينها وانما يهتم بتخليد مبادئه فليس مهما من يتولى السلطة طالما ان التركيب الهرمى للمجتمع لن يمس وسيظل على ما هو عليه ""
فارنوا تلك الجملة الاخيرة باتباع الحكام الجدد الذين اتوا بعد انتفاضة نفس خطوات الحزن الوطنى اللاديمقراطى بل وربما اسوأ فى الانبطاح ..قارنوا تلك الفكرة بالابقاء على ميزانية الجيش بالكامل غير معروفة الامر الذى اعطى لاحد قادته القدرة والجرأة ليقول "لماذا ينظر الجميع الى فلوس الجيش؟".وكأن الجيش دولة داخل الدولة واعلموا ساعتها لما قرر الجيش التخلى عن السلطة لهم
وقارنوا ..وقارنوا وقارنوا ..ثم ثوروا حتى لا نتحول الى اوقيانيا ..
ستظل العلاقة بين روايات جورج اورويل واحداث الانتفاضة لغزا كبيرا ..وكم بك يا مصر من الالغاز

الثورة قادمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاخوان و صوملة مصر,
د/سالم محمد ( 2013 / 1 / 24 - 19:12 )
الاستاذ محمد , , إسقاط رائع ، لان اورويل تمتع بعقلية نقدية و ثقافة موسوعية مكنته من رصد العوامل الموضوعية (اجتماعية و اقتصادية و ثقافية , , الخ) التى تؤدى الى تكون النظم الشمولية , و قد تحقق ذلك فى المانيا فى ثلاثينيات القرن الماضى عندما خرجت من الحرب الكبرى مهزومة و محبطة و مديونة و مقسمة مما سمح لمجرد عريف (مراسلة) ان ينقض على السلطة و حزبه النازى العنصرى الدموى و اصبح هتلر (فوهررا’) و (اخا’ كبيرا’) معصوما’ من الخطأ , و هى تقريبا’ ذات الظروف التى اسقطت مصر فى براثن الوهابيين الجدد ، فالشعب مهزوم و محبط و فقير و مسروق و مضطهد فى ظل انظمة طاردت و لاحقت قوى التقدم و الديمقراطية و الليبرالية مما مكن الاخوان الوهابيون من احتلال الساحة التى خلت لصالحهم و استكمل العسكر المهمة فتحلفوا معهم لاجهاض الثورة و تسليمها لهم بالتنسيق مع الادارة الامريكية لان هذه الاخيرة تعلم جيدا’ ان الاخوان الظلاميين سيغرقون البلد فى صراعات تنتهى بالتقسيم على النمط الصومالى و السودانى ,

اخر الافلام

.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ


.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا




.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟