الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عامين من دروس الميدان في سورية

جمعية الاشتراكيين الروحانيين في الشرق

2013 / 1 / 30
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


قطر وبيع البارود في حارة " المقاومين "

حين كانت قناة الجزيرة قبل عام تطل علينا بمحللها الاستراتيجي , اركان " حرب " صفوت الزيات ، الذي كان في تصوره ان الجيش السوري النظامي مجرد جيش كلاسيكي مثل اي جيش عربي ، يمكن هزيمته بضعضعة معنوياته وتكثيف الضربات الموجهة الى مفاصله ، كنا وعبر متابعة التقارير الاستخبارية الواردة من الميدان السوري نستغرب عدم وضوح الرؤية لدى استخبارات دول عظمى تتكلم بلسانها الجزيرة ..

فحول " الاستراتيجية " التي اتبعتها قيادة الجيش السوري في إدارة المعارك لم تكن هناك رؤية واضحة لدى الاميركان المخطط الرئيس لعمليات المسلحين ضد نظام بشار الاسد وحلفائه ، سيما و إن هذا النظام هو الحلقة الاهم في محور " المقاومة " الذي تعود على تخطيط وإدارة عمليات حرب الميليشيات ..

كان السيد " اركان الحرب " الزيات يكثر من الحديث عن " تمزيق " الجيش النظامي السوري على طول الخريطة التي تعود التاشير عليها ، خصوصاً في الفترة التي تلت ما عرف بــ " زلزال دمشق " و " عملية تحرير الشهباء " ( اي حلب ) ..

والحقيقة كانت الجزيرة في تحليلاتها ذات الغاية الاعلامية التي توحي للعرب والسورييين خاصة بان ايام النظام معدودة بعيدة جداً عن وقائع ما كان يجري على الارض , على الاقل حتى مطلع ايلول 2012 ، حيث لم يكن الجيش السوري " قطعة " متواصلة من القوات كما تصور الزيات يمكن بتنويع الضربات وتوزيعها على الخريطة ان تتحطم وتنهار ...!!

في موضوع اليوم سنوضح ولو بشكل مقتضب تفاصيل هامة في إدارة القوات المسلحة السورية للحرب في جبهات متنوعة متعددة متفرقة تديرها بمواجهة اكبر اجهزة المخابرات في العالم المزودة باحدث وسائل التصوير النائي بالاقمار الصناعية واجهزة الاعتراض التجسسية المتطورة .

جبهات العام 2012 السبعـــة

قد لا نستطيع وضع إحصاء دقيق لاعداد التكفيريين السلفيين واعضاء ميليشيا الجيش " الحر " ..

الله و " الجزيرة " اعلم بالعدد الدقيق , لكن , يمكن تخمين العدد اعتماداً على حجم القوة والتاثير الذي خلفته اعمال تلك الجماعات على واقع الدولة السورية خلال العام 2012 ، وهم تقريباً بحدود خمسين الى ستين الف مسلح ، غير معلومة اماكن تواجدهم ولا تحركاتهم وهذا ما جعلهم بموضع الهجوم " المخفي " غالباً ، وهو الوضع الذي يربك اكثر الجيوش العالمية تنظيماً ..

فالجيش السوري ذي النصف مليون منتسب ، كان من يحارب فعلياً منه مع تشكيلات الامن والقوات الساندة بحدود 130 الف عنصر موزعين على سبعة جبهات رئيسية ساخنة ، المفارقة التي لم يتنبه لها المراقبون العسكريون الغربيون إلا متاخرين هو ان استراتيجية إدارة العمليات العسكرية لدى القيادة السورية لم تكن مركزية تماماً ، وإلا كانت توقعاتهم صدقت مبكراً...!!

لماذا ؟

لان طبيعة النظام السوري الامنية في خط المواجهة مع اسرائيل تتيح له التكيف الدقيق والخاص مع مثل حرب العصابات هذه التي طالما اشترك في ادارتها مع تنظيمات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق ، فلن يكون من العسير عليه ان يفهم مثيلتها ويحسن في اختيار الآلية الانسب للتعامل معها ، فهو الاعرف من غيره من انظمة المنطقة بطرق التعامل مع حروب العصابات فكان العام 2012 هو عام " الجبهات السبعة " الرئيسية في خطوط المواجهة الساخنة ضد ميليشيات المعارضة المسلحة المدربة جيداً و المسندة باستمكان استخباري دولي عالي المستوى ، توزعت فيها اعداد الجيش السوري التقريبية حسب الآتي :

1- جبهة جنوب دمشق وصولا للحدود مع اسرائيل بحوالي عشرة الآف مقاتل للجيش النظامي
2- جبهة شمال دمشق وصولاً لحمص احد عشر الف مقاتل نظامي
3- جبهة حماه وحمص سبعة عشر الف مقاتل نظامي
4- جبهة ادلب سبعة الآف مقاتل نظامي
5- جبهة حلب وريفها عشرين الف مقاتل نظامي
6- جبهة الحسكة و ريف الرقة عشرين الف مقاتل نظامي
7- جبهة دير الزور عشرة الآف مقاتل نظامي


هذه كانت هي القوات الرئيسية المحاربة على الجبهات خارج المدن ، وقوامها يقارب التسعين الفاً ، اما في داخل المدن والعاصمة فكانت معظم التشكيلات العسكرية والامنية المتخصصة بالامن الداخلي وهي تقارب بجملتها المئة الف تقريباً .


وكما نلاحظ في الصورة , فإن جبهتي دير الزور و حلب وريفها كانت اضعف الجبهات لامتدادها الجغرافي البعيد عن خط التواجد البشري الذي توزعت عليه الجبهات الاربعـة الاولى ..

اتاحت هذه الآلية اللامركزية في الحرب من تركيز الجهد البشري والمادي لتحقيق الاهداف باقل كلفة طيلة ذلك العام بمطاردة ومتابعة المجموعات المسلحة بدقة كبيرة ، مركز المتابعة والتنسيق لكل هذه العمليات كان في طرطوس وكان يهتم بالدعم اللوجستي اكثر من تخطيطه لسير المعارك على الارض ..

لهذا السبب , خابت توقعات اغلب المتابعين و من كانوا يخططون للمسلحين عملياتهم في امكانية القضاء على الجيش السوري النظامي وتشتيته وتبديد قوته وقطع موارد امداده في غضون اسابيع او اشهر ..

كان يمكن لحلفاء النظام في سورية ارسال مقاتلين بقوام مئة الف ينتشرون على طول نهر الفرات من العراق والبوكمال فالميادين ودير الزور وصولاً الى الريف الشمالي لحلب ، ليتم الحسم العسكري بصورة نهائية خلال اسابيع ، لكن ذلك كان يمكن ان يتسبب بحرب مذهبية اقليمية ، لذا ، كان الخيار في احتمال إطالة امد الحرب رغم كل ما تحمله من كلفة اقتصادية وبشرية على الدولة و الشعب السوري ، واللجوء الى تقسيم الجبهات اكثر فاكثر لاحتواء ضربات المسلحين وامتصاصها والتكيف معها تدريجياً .


العام 2013 و الجبهات الاثني عشر


اليوم وإذ نكمل الشهر الاول من العام 2012 ، فهناك اثني عشر جبهة في سورية تعمل بقيادات عسكرية شبه مستقلة ما كانت لتبقى قوية متماسكة لولا " العقائدية " التي تميز الجيش السوري ..

كذلك قناة الجزيرة ، هي الاخرى اكتشفت جهل السيد الزيات بحقيقة الذهنية العسكرية " المقاومة " فاستبدلته بالدويري .. وهو ربما لا يقل جهلاً عن صاحبه بالرغم من انتمائه السابق للمؤسسة العسكرية السورية .

فهذه الجبهات الاثني عشر يمكن ان تتحول الى عشرين جبهة ، عشرين قيادة عمليات شبه مستقلة عن المركز يبقى مركز متابعتها من الساحل السوري ، وإدخال حمص كقاعدة دعم عامة للهذه الجبهات جميعاً خلال الاشهر القادمة بعد ان تتم اعادة تاهيلها بعد تطهيرها الكامل من المجاميع المسلحة وإحلال قوات محلية فيها ممثلة بجيش الدفاع الوطني لسد الضعف الحاصل في جبهة دير الزور ..

وقد بدات فعلياً اولى نشاطات جيش الدفاع الوطني " التجريبية " في الجبهة الجنوبية القصوى في درعا ، هذا الجيش حين يكتمل تدريبه وتشكيله خلال الاشهر القادمة ، تكون القوات الحكومية السورية قد توزعت على ما يقارب العشرين جبهة ، وهو ما يحتاج من اميركا وقطر وتركيا والسعودية مضاعفة اعداد المسلحين المتواجدين حالياً في سوريا لكي يبقى لهم نشاط فعلي على الارض دون حسم حقيقي ..

اما اذا تراجع الدعم للمسلحين ، ولم تتزايد اعدادهم بالكمية المطلوبة ، فهذا يعني بداية العد العكسي السريع لانهيار قوتهم ووجودهم على الارض السورية ، الاشهر القادمة ستكون حاسمة فعلاً في هذا الصراع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست